" عالية أمي وش أخبارها"
عالية بحذر: أنا قلت لها السالفة مثل ماطلبت مني وطبعا بهرتها بشوي مشاعر وأنا أطلعك مسكينومقهور ومظلوم
عبدالله بذات الحذر: وهي وينها الحين
عالية بحذر أشد: مسكرة على روحها في غرفتها من بعد ماقلت لها السالفة
حينها سألها بنبرة أقرب للحزن: أنا بأروح لها وأنتي الله يخليش سبحي حسون واقعدي عنده لين أجيش
حينها سألته عالية بذات الحذر: وأم حسون وش أخبارها
أجابها عبدالله باصطناع بارع: جوزا تعبانة شوي واتفقنا تقعد عند أمها ترتاح شوي
ثم أردف باهتمام: لكن أنتي اللي وجهش مهوب عاجبني
حينها كانت عالية من أجابته باصطناع بارع: مصدعة شوي وباروح أكل بنادول
عبدالله بقلق: ياكثر ماتأكلين ذا البنادول
ثم أردف باستغراب: إلا وشمعنى رأسش مايوجعش كذا إلا في الويكند
عالية كمن اُمسكت بالجرم المشهود: وش علاقة الويكند بوجع رأسي رأسي يوجعني طول الأسبوع.
عالية فرت للاعلى ودقات قلبها تتصاعد هلعا
دائما تخيفها دقة ملاحظة عبدالله كيف ربط بين صداع رأسها وإجازة نهاية الأسبوعوهي تهمس لنفسها:
" أنتي بعد ياعلوي بقرة.
حد رأسه يوجعه لأنه ماشاف حد
وإلا ماسمعنا عن ذا الإدمان إلا عند وحدة بقرة مثلش
يا الله خلاص بكرة الأحد وبأشوفه
الله يلعن شيطانك ياعبدالرحمن على كثر ماأنت حايسني
أخرتي بأطيح في مصيبة من سبتك"
بينما عبدالله غادر متجها لغرفة والدته الهم يملأ جوانحه لاقصى حد يعلم أن والدته ستسامحه فقلبها الطاهر قلب أم
ولكن جوزاء ماعاد يطمع بمسامحتها
ولكن كيف يستطيع احتمال الحياة بعيدا عنها وعن حسن
ستبقى في المستشفى ليومين أو ثلاثة لكن بعدها ستخرج وبالتأكيد ستأخذ حسن
فكيف سيحتمل الحياة الخاوية بدون وجودهما
ولكن هل باليد حيلة
يجب أن يعتاد على هذه الفكرة
فيبدو أن الحرمان سيبقى هو مصيره الذي يتجرعه طوال حياته!!
ويبدو أنه بالغ في التفاؤل حين ظن ولو لحظات أن الحال سيستقر به إلى السكينة والاستقرار والاحتواء
********************************
ركبت إلى جواره بصمت
وهل هناك شيء غير الصمت بينهما
تريد إخباره أنها لا تريد الذهاب معه
ولكنه لم يشر لها بشيء إطلاقا وهو يحرك سيارته ويمضي وتراه يخرج من المناطق السكنية للشارع العام
تبحث في حقيبتها عن ورقة وقلم ولكنها لا تجد فهذه الحقيبة خالية تماما
أخذتها لزيارة نجلاء ولا يوجد بها سوى هاتفها وعطرها ومحفظة زينتها ومفاتيحها
الأشياء التي وضعتها على عجالة قبل أن يوصلها السائق والخادمة لبيت نجلا
توترت أكثر ولا تعلم السبب
وهو لم يلتفت لها حتى وهو يكمل طريقه
رأت أنه ماعادت حتى تستطيع الاعتراض وهما يعلقان في ازدحام الشارع متجهان لداخل الدوحة
حين وقفا في الإشارة خطرت لها فكرة
تناولت ورقة من أوراق الفواتير الموضوعة بينهما وكتبت عليها بمحدد الشفاه
"وين بنروح"
أشار لها بحزم: قلت لش عازمش على العشا
والطاولة انحجزت لنا خلاص قبل ماتقولين شيء ثاني
تحركت السيارة ولم يترك الخيار لها لأي اعتراض
حتى وصلا للمطعم
مطعم هندي سبق أن أحضرها له غانم عدة مرات
وميزته بالإضافة إلى طعامه اللذيذ أن طاولات العائلات يُغلق عليها بستارة
حين دخلا أعطى للموظفة عند الباب بطاقة عليها اسمه
فقادته للطاولة المحجوزة باسمه والتي حجزها له بالهاتف أحد موظفيه
توترت أكثر وهي تجلس وهي تشعر بالحرج
لم ترَ سابقا كيف يتصرف في الأماكن العامة عدا في مدرستها وكلهم هناك يتحدثون لغته
حين وصلت قائمة الطعام وضعت القائمة جانبا لم ترده أن يفرض عليها أن تطلب هي
أشار لها متسائلا: ماتبين تطلبين شيء
هزت رأسها رفضا إشارة توجه لمن يتكلم ومن لا يتكلم
هز كتفيه وهو يشير: خلاص بأطلب لش على ذوقي
حين جاءت النادلة فتح القائمة وأشار لها على صفحات القائمة بما يريد
وأحيانا كان يشير على الشيء ثم يشير بيده (اثنين)
سجلت النادلة وأخذت القوائم ومضت
بدا الأمر لسميرة أبسط بكثير مما ظنت وأكثر سلاسة
توقعت أن لن يعرف أن يتفاهم وانهم قد يضطرون أن يحضروا أحدا للتفاهم معه وأنها حينها ستضطر للتدخل
" صدق أني غبية رجّال صار له سنين في السوق
مهوب عارف يطلب أكل في مطعم يعني!!
لكن العزومة هذي بكبرها وش داعيها"
حينها أشار لها تميم بتقصد: حطي نقابش ترا مافيه حد معنا
لم ترد أن تستجب ولكنها لم ترد أن تبدو بمظهر الغبية أو من تريد افتعال مشاكل
خلعت نقابها وهي تضعه مفرودا جانبا حتى لا يتجعد
بينما كانت تريد إعادة لف الشيلة حول وجهها فوجئت به يمد يده ويعيد خصلة من شعرها خلف أذنها
انتفضت بخفة وهي تعود للخلف (هذا أش فيه مهوب صاحي اليوم)
بينما أشار لها ببساطة: أنتي شعرش لونه أشقر طبيعي وإلا مصبوغ
لم تجب على إشارته وإحساس خجل غير طبيعي يقتحمها بعنف
قد يكون سؤال طبيعي ولكنها لم تتوقعه مطلقا منه كما أنها لا تريد أن تشير له
أشار لها حينها بذات التقصد: لذا الدرجة سؤالي صعب أو ماتبين تجاوبين
حينها رغما عنها أشارت له باقتضاب: مصبوغ
أشارت كأنها تريد أن تتخلص من الإشارةومن ثقلها على روحها
لكن الغريب أنها لم تشعر بتلك المرارة التي كانت تتخيل أنها ستشعر بها حين تشير له
ظنت أنها لو حدث وأشارت له ستكون الإشارة كسكين يمزق روحها
ولكن الإشارة عبرت بسلاسة دون تعقيد دون أن تثير في نفسها التعقيد الذي ظنته !!
ولكنه لم يتركها تنعم بهدوئها وهو يشير لها مرة أخرى: زين وش لون شعرش الطبيعي
أشارت بذات الاقتضاب: بني
حينها أشار لها بذات البساطة كما لو كانا فعلا زوجين في جلسة حوار عفوية:
طيب ليش تصبغينه الطبيعي دايما أحلى!!
حينها أشارت بتوتر: عشان بشرتي فاتحة واجد الغامق علي مهوب حلو
حينها أشار بذات البساطة: ما أتوقع إنه فيه شيء ممكن يكون مهوب حلو عليش
حينها أخفضت رأسها بخجل لن تنظر لإشاراته بعد يكفيه ما أشارت به رغما عنها
لم تعلم أنه أيضا اكتفى من الإشارات وهو ينظر لها كيف أنزلت رأسها وتدعك يديها. ويبتسم بانتصار
فهو تجاوز النجاح المطلوب لمخططه الليلة ولن يثقل عليها أكثر
وليستمتعا بالطعام الذي حضر
تميم بدأ ذهنه يعمل في اتجاه مغاير
ستة أشهر مضت منذ زواجه لو أنها كانت تريد الطلاق كانت طلبته منذ زمن
إذن هي تنتظر تحركا ما منه ولكنه يجب أن يتحرك بحذر وبخطوات مدروسة ليبدأ بتفكيك التعقيدات المتراكمة بينهما
فهو لا يستطيع أن يحضر لها بشكل مباشر ويقول لها سامحيني حينها لابد أنها ستنفجر به
لابد أن يهيئها بالفعل لهذا الصلح
رغم أن الصبر أصبح في أدنى مستوياته عنده
ويخشى أن تفسد لهفته مخططاته المدروسة بدقة!!
لذا كانت خطوته الأولى بهذه الإشارات العفوية حول أشياء عفوية لن تثير ريبتها بشيء وستضطر للإجابة عنها
وقبلها كانت ببحثه عن اوراق له لم يجب عن تساؤلها حولها لأنها كتبت له ولم تشر
هاهو يتحرك ببطء مدروس ويدعو الله أن يلهمه الصبر والحكمة!!
*************************************
" يا بنات ابيكم بيأتي الحين"
شعاع باستغراب: غريبة يمه بيخلي عبدالرحمن مرتين
توه كان عندنا عقب صلاة المغرب ليش يرجع بعد عقب صلاة العشاء
ثم أردفت بابتسامة وهي تنظر لجوزاء: والله الظاهر أنش غالية واجد يا الجويزي
مادرا أنش تعبانة إلا المغرب وجالش على على طول والحين جاي بعد مرة ثانية
جوزاء أخذها تفكيرها لاتجاه مرعب هل يعقل أن والدها علم بما فعله عبدالله
لذلك عاد مرة أخرى
فهو حينما زارها المرة الأولى بدا لها طبيعيا جدا
علم أنها مرهقة من الحمل وجاء للسلام والإطمئنان عليها ثم غادر
ولم يبدُ عليه أنه علم بشيء
تتذكر جيدا تغليظه بالحلف أن يؤذي عبدالله لو ضايقها بأدنى شيء
يزداد رعبها لا تريده أن يؤذي عبدالله بأي طريقة
فهي أدت الواجب بإيذائه وزيادة
بدأت أناملها وشفتاها ترتعشان بشكل ملحوظ
أمها وقفت وهي تضع يدها رأسها وتهمس بقلق: جوزا وش فيش يأمش
أجابت بارتعاش: بردانة يمه بردانة
أم عبدالرحمن همست بحنان: انسدحي يامش انسدحي خلني أسنحش
جوزاء تمددت وهي مازالت ترتعش ووالدتها غطتها جيدا
حينها كانت تسمع نحنحة والدها عند الباب ازداد ارتعاشها وبدأت عيناها تسيل بغزارة
وبالكاد وجهها يظهر وهي تخفي جسدها المرتعش تحت الغطاء
وتدعو الله أن تمضي زيارة والدها على خير
رغم أنها تعلم أن زيارته ليست طبيعية أبدا
حين دخل كادت تنفجر فعلا في البكاء
لولا أنها رأت أن وجه والدها كان هادئا تماما وهو يجلس ويدعو شعاع أن تجلس جواره
حينها انتقل احساس التوجس لشعاع ومشاعر الوجل اللذيذة التي اشتاقت لها تعاودها
مشاعر الوجل التي كانت تشعر بها كلما سمعت والدها يناديها
أرادت أن تبكي لا تعلم خوفا أم سعادة!!
أ حقا عاد والدها لها
همست باختناق: والله العظيم يبه ماسويت شيء
حينها ابتسم: لذا الدرجة أنا شراني في عينش
يعني ما أدعيش كون كني بأعصب عليش
حينها أجابت شعاع بخجل عميق: محشوم فديتك
بس جيتك كذا خوفتني
أجابها حينها ببساطة حازمة مباشرة: جايش خطاطيب
حينها كانت أم عبدالرحمن هي من قاطعت الحوار بتردد:
فاضل الله يهداك وش خطاطيبه وعبدالرحمن كذا!!
حينها قاطعها بصرامة: وعبدالرحمن وش فيه هذا هو حالته مستقرة
يعني بنوقف نصيب البنية عشان عبدالرحمن في غيبوبة
زين لو طوّل وهو كذا نقطع نصيب البنية
خلاص ماعاد باقي عليها شيء وتتخرج عقب تخرجها خلها تعرس وتوفق
شعاع بدأ جسدها يرتعش فعلا من شدة الحرج دقات قلبها تتزايد ودموعها تبدأ بالتقافز
تعلم أنه جاءه خطاب من قبل أحيانا والدها من يرفض
وفي بعض أحيان والدتها تخبرها لكنها لا تشجعها على الموافقة لأنها ترى الشخص غير مناسب
فما الذي تغير هذه المرة ليضعها والدها في هذا الموقف
همست أم عبدالرحمن بذات التردد: بس أنت كنت دايم تعيي
وش معنى ذا المرة جاي لنا وكل واحد من عيالنا في مستشفى
أجابها فاضل بنبرة صارمة: لأنه رجّال مايعيي منه إلا خبل وأنا ماني بخبل
وأبي مصلحة بنتي
ثم أردف وهو يوجه خطابه لشعاع بحزم مرهق: ها يأبيش وش رايش
اللي جايش علي ولد زايد آل كساب
الصبي أنا أعرفه زين مصلي ومنصبه زين
ومايجهلش ولد زايد آل كسابناس فيهم خير وخيرهم واجد
وأنا يا أبيش وافقت عليهم وأبي أملكش في أسرع وقت
ما ظنتي إنش بتفشليني في الرياجيل
حينها انفجرت شعاع في بكاء خافت وهي تخفي وجهها في كتف والدتها التي تجلس جوارها من الناحية الأخرى
والدتها ربتت على رأسها وهي تهمس لفاضل بحزم رقيق:
تم يا أبو عبدالرحمن قل لهم البنت موافقة
فاضل وقف وهو يقول بحزم: خلاص بكرة الساعة سبع ونص خلها تجهز أوراقها أوديها تسوي الفحص الطبي
ازدادت شهقات شعاع ارتفاعا وهي تخفي وجهها أكثر في كتف والدتها
ليقف والدها قريبا منها وهو يربت على كتفها ويهتف بحنان عميق:
لا تظنين أبيش بيوافق على حد مايستاهلش تراش غاليةغالية!!
ولو أني داري أنش ماشفتي مني كلمة طيبةبس الله وحده أعلم بغلاش اللي خالط النسم
حينها أفلتت والدتها لتحتضن خصر والدها وهي تدفن وجهها أسفل صدره وتزداد شهقاتها تتابعا
بينما احتضنها هو بحنان وهو يربت على رأسها
يا الله كم تمنت أن تفعلها يوما وهي تظنه حلما بعيدا المنال!!
كم تمنت أن تدفن وجهها في صدره وهي تشعر بقربه من روحها كما هو الآن!!
لو أرادها حتى أن تتزوج أسوأ رجل في العالم ستكون راضية إن كان هو راضيا!!
جوزاء كانت تنظر بتأثر وسعادة للمشهد أمامها وهي تعتدل جالسة
سعيدة جدا من أجل شعاع
ولكنها في داخلها تعلم أنها أكثر سعادة أن عبدالله بعيد عن غضب والدها
الذي تعلم كم يصبح مرعبا حين يغضب!!
***********************************
" متى تبينا نمشي"
كانت كاسرة توجه الخطاب لكساب الذي يضع رأسه في حضنها وهما يجلسان على الأرجوحة الخشبية الضخمة
أو بمعنى أصح هي من كانت تجلس على الطرف تماما بينما هو يتمدد على طول الأرجوحة
هتف لها بهدوء: بنتعشى أول وعقب بنمشي
ثم أردف بخبث باسم: لا تخافين ياحضرة المديرة بتروحين بكرة الشغل وتنكدين على الموظفينوتنبسطين
شدت شعره بخفة حانية وهمست بابتسام: دامني مانكدت عليك ماني بمستانسة
شد أناملها من فوق رأسها وهو يتحسسها بحنو :
تدرين أصابعش على رقتها لو أعصرها شوية شوية بس بتنكسر
أجابته بذات الابتسام: حشا مهوب أصابع لا تكون بسكوت
قبّل جانب سبابتها وهو يهتف بابتسامة: بسكوت وأحلى من البسكوت
صمتت وهي تشد أناملها برقة لتعبث في شعره بذات الرقة تنهدت
كيف يكون تأثيره عليها بهذا الحجم والضخامة بينما هو لا يشعر بها
همست كأنها تريد إبعاد ذهنها عن التفكير: كسّاب عمرك انضربت
كساب اعتدل جالسا وهو يهتف باستنكار باسم: نعم
ابتسمت: سمعتني عدل عمرك تهاديت مع حد وانضربت
ابتسم: أنتي شايفتني جيمس بوند وطايح في خلق الله وإلا تبين تشمتين فيني
أجابته بذات الابتسامة الرقيقة: جاوب بدون ماتتهرب
أجابها بعفوية: ترا أنا لين قبل كم سنة يمكن جسمي يقرب من جسم تميم
ويمكن تميم أعرض مني بعد
بس أعترف أني من صغري فتّون
ما أعيل على حد بس لا هديت ما أنمسك( الفتّون=الذي يتحمس في العراك بجدية)
بس من حيث أني قد انضربت في هدة إيه انضربت ضرب الكلاب رفسوني لين قلت بس
حينها ضحك: ولو تعرفين عشان من
يا عشانش ياعشان أمش يا عشان خدامتكميا عشان حد جاي يزوركم
همست كاسرة باستغراب باسم: من جدك
هتف بذات الابتسامة: كنت يا أولى ياثانية جامعة
وإبي طلب أوصله بيتكم يبي يزور جدش
سيارته في التشييك وسيارته الثانية كان رايح عليها علي
المهم نزلته وهو دخل وأنا بأمشي إلا أشوف سيارة داخلة في حوشكم وتتبعها سيارة ثانية
لا ويقط الرقم عند الباب وهو يشوفني واقف
أنا عاد ولعت ورحت أتبعه لين وصل بيتهم
يوم نزل نزلت وراه وهديت عليه ووين يوجعك
بس عقبها طلعوا علي اللي كانوا في مجلسهم كلهم ورقوني لين حبيت القاع
بس كان عادي عندي لأني أصلا بردت خاطري فيه قبل يطلعون علي
ابتسمت كاسرة: كذاب تراني ماصدقت ولا كلمة ياجيمس بوند على قولتك
هز كتفيه باسما: لا تصدقين المهم تعجبش السالفة!!
ابتسمت كاسرة: كسالفة عجبتني
ثم أردفت بنبرة مقصودة: وخاطري نتكلم في سالفة ثانية
اجابها بجدية: قولي
همست بذات جديته: سالفة أنك ماتشوفنا نصلح أباء
حينها هتف بغضب: أنتي صدق غاوية نكد شايفتنا رايقين إلا لازم تجيبين طاري ينكد علينا
أجابته ببرود متحكم: ينكد عليك بروحك
أنا شفتك رايق قلت وقت مناسب نتفاهم فيه مادريت أنك بتشب كذا
كساب يتنهد وهو يهتف بحزم: وأنا ما اعترضت على أنش تصيرين أم لو الله بغى لنا
بس أنتي لازم تنتزعين مني اعتراف غصبا عني إنه حن أباء مافيه مثلنا
خلاص لا تزعلين ماراح أدخلش معي
أنا واحد بأكون أفشل أب في العالم
وأنتي مالش شغل في رأيي
ويا الله امشي خلينا نرجع الدوحة!!
***************************************
" خالتي وش اللي صار لها "
جميلة ارتمت في حضن مزون وهي تنتحب: كله مني كله مني
منصور بحزم رغم القلق المتصاعد في روحه: بس يا جميلة أمش دخلت شهرها وكان متوقع تولد في أي وقت
مزون التي وصلت للتو وهي تركض وأنفاسها مقطوعة همست لعمها وهي تحتضن جميلة:
خالتي طيب وش أخبارها الحين
منصور بإرهاق متوتر: يأبيش كلام أنا ما أفهم له بس الولادة متعسرة شوي
مزون بمودة: خلاص عمي أنت روح البيت أنا وجميلة موجودين روح للبيت أول ماتولد بنتصل لك
منصور بحزم: مستحيل أنا قاعد في استراحة الرجال أي شيء تبونه دقوا علي
منصور غادر لاستراحة الرجال وهو يحاول إخفاء عظم توتره وقلقه
يقتله القلق على عفرا أكثر من الجنين بكثير بكثير
فهذا الجنين يمكن تعويضه لو أراد الله ولكن عفراء لا تعويض عنها
لم يستطع حتى الجلوس وهو يظل واقفا
بينما مزون جلست مع جميلة وهي تحتضن كتفيها
وجميلة تخفي وجهها في كتف مزون وتنتحب
ومزون تهمس لها بحنان: جميلة شا اللي صار
جميلة بين شهقاتها: زعلت مني واجد عشان خليفة طلقني
وتقول أنا السبب وظلت تصارخ وتصارخ وعقبه نزل معها الماي
جبناها هنا وقبل شوي طلعت علينا الدكتورة
تقول توها ما انفتح إلا ثلاثة ونص سانتي والطلق ضعيف والجنين أصلا مابعد نزل في الحوض
قالت بيعطونها طلق صناعي ولا ماتيسرت بيسون لها عملية
حينها انفجرت جميلة في بكاء هستيري: والله العظيم لو صار لأمي أو جنينها شيء أشلون بأقدر أعيش
مزون تهدئها وهي تربت على ظهرها: بس حبيبتي ادعي لها
ولا تحملين نفسش شيء مهوب ذنبش!!
**************************************
"شعاع ليش مارحتي مع أمي الخدامة كان نامت عندي
أنتي وراش بكرة مشوار وعقبه الجامعة"
شعاع بتوتر: أصلا لو رحت البيت كان استخفيت من التفكير
متوترة وخايفة بأموت من الخوف
جوزاء بمودة باسمة: ترا الفحص مايحتاج ذا التوتر إلا لو أنتي متوترة من اللي ورا الفحص
وإلا قولي من كثر منتي شفقانة على بكرة تبين تكونين قريب من ابي
هذا هو حذفة عصا في المستشفى اللي جنبنا يعني ماراح يطول لين يجيش بكرة
شعاع تكاد تبكي: تدرين أنش سخيفة
ثم حاولت أن تردف بتماسك: تكفين جوزا لا تكلميني عن بكرة
قولي لي وش صار بينش وبين عبدالله يوم جا ماعلمتيني
جوزاء بتوتر أخفته خلف ثقة مصطنعة:
ماصار شيء شرح لي السالفة كلها
واتفقنا أقعد عندكم في البيت شوي لين ارتاح من الوحم
شعاع بتساؤل: أي سالفة
جوزاء ابتسمت: سالفة خاصة بيني وبين رجّالي وش عليش أنتي يا الملقوفة
خلينا نتكلم عن مسيو علي أحسن
شعاع تفتح الكرسي الذي يتحول لسرير وتتمدد عليه وهي تهتف بغيظ:
قلت لش أنش سخيفة ولا عليش مردود!!
************************************
" خطبة ومن وراي
ماكني بأخ هذا الكبير ولا ولدك الكبير"
زايد بحزم: مافيه داعي تسويها سالفة حن كنا رايحين نجس نبض الرجّال بس
والرجّال الله يكبر قدره كبّر قدرنا ووافق على طول
كسّاب بغضب: زين بلغوني عطوني خبر
علي بتهدئة: كساب الله يهداك أنت كنت رايح المزرعة
وأنا والله العظيم دقيت على جوالك ولقيته مسكر
وشاهد العقد على خير أنت
كساب تنهد: على العموم ألف مبروك مقدما أنا وش أبي إلا توفيقك
ابتسم علي: زين وعشان ماتعصب بعد وتقول ماعلمتوني
خالتي في الولادة ووديت مزون لهم قبل شوي
يعني لا جات بشارة الولد لي نصها
حينها ابتسم كسّاب: الله يقومها بالسلامة
ولك بشارتين مهيب وحدة. بشارة دخولك السجن معي
وبشارة ولد عمي إن شاء الله وإلا بنته
**********************************
صعدت لغرفتها بينما بقي هو مع والدته في الأسفل
لا تنكر أنها متوترة
بما أنه بدا لطيفا وودودا هكذا فلابد أنه يريد ثمنا لهذا
استحمت واستبدلت ملابسها والهواجس تأخذها للبعيد:
" زين سمور مهوب أنتي اللي تقولين لروحش
لو بغانا نكون أسرة طبيعية ماعندي مانع
شكلش كنتي تقولين كلام في الهوا لأنش كنتي عارفة إنه عايفش
الحين شفتي الرجّال تلحلح جاتش حالة رعب!!
يا الله ياكريم تعدي ذا الليلة على خير
اليوم من أوله ما أدري أشلون جاي"
كانت تمشط شعرها أمام المرآة حين دخل
توترت أكثر بينما سلم هو ثم توجه لمكتبه وجد أنها أعادت ترتيب كل شيء بتنظيم جديد
أشار لها بتساؤل: أنتي رتبتي كل شيء من جديد.
وقفت لتتجه للحاسوب لكنه أوقفها وهو يشير بتقصد:
لا تصيرين سخيفة توش في المطعم أشرتي لي
تبين ترجعين تطبيعين الحين؟!!
حينها وجدت بالفعل ان حركتها ستبدو سخيفة أشارت له بتوتر:
إيه رتبتهم من جديد
عشان اليوم مادريت أنت وش تبي قلت يمكن ترتيبهم معفوس
حينها أشار لها ببساطة : لو سألتيني بشكل مباشر كان جاوبتش
لأني خلاص أي سؤال تطبعينه لي ماراح أرد عليه
يعني دامش تعرفين الإشارة ليش تبين تعذبيني كذا
أجابت بتوتر: توني باقي إشارات كثيرة ما أعرفها
أجابها بذات البساطة وهو يتوجه للحمام: اللي ماتعرفينه بنتعلمه سوا ونعلمه عقب لعيالنا
حينها شعرت سميرة كما لو كانت ضُربت على رأسها بقوة ارتعشت بتوتر:
" والله أنك منت بخالي يا تميم!!
عيالنا مرة وحدة!! "
سميرة أنهت قيامها ووردها بسرعة وهي ترتعش واندست في داخل السرير وهي تغطي جسدها كاملا
كان حينها هو من يصلي قيامه
كانت تحسب في ذهنها من معرفتها لوقت صلاته وورده أنه الآن انتهى
بدأ جسدها يرتعش بعنف ماذا لو قرر أن ينام جوارها
لم تستطع أن تنام وتوجسها ورعبها يزددان وهو لم يحضر
لم تستطع أن تبقى في هذا التوجس أكثر لابد أن تقطع الشك باليقين!!
حينها رفعت عينيها ولم تجده في غرفة النوم أساسا
اعتدلت جالسة لتطل ببصرها على غرفة الجلوس المفتوحة على غرفتهما
لتجده قد نام فعلا على أريكته
حينها لم تعلم أتشعر بالراحة أو الإهانة
الراحة لأن هذا فعلا ماتمنته أن ينام لتمضي الليلة بسلام
والإهانة لأنها شعرت أنه يستهين بها وبأنوثتها المفترضة
***************************************
" تدري أني اشتقت لك يا الخايس!!
يومين ماشفتك كنهم سنتين
شكله لا تزوجنا على خير بأخليك تقدم استقالتك من الجامعة
وأنا من المستشفى عشان أقعد مقابلتك بس"
كانت عالية تقف أمام سرير عبدالرحمن وهي مطمئنة تماما
فهي مرت جوزا صباحا قبل دوامها لتحضر لها فطورا أصرت والدتها أن تذهب به معها
حينها رأت شعاع تستعد للخروج وعلمت من جوزاء أن والدها سيأخذها للفحص
أغرقت شعاع بالكثير من التعليقات التي جعلت شعاع تبكي
ولكن سبب روح المرح المتدفقة أنها كانت سعيدة جدا لأنها ستذهب لرؤية عبدالرحمن فورا ولن تنتظر حتى صلاة الظهر
بل وستراه مرتين أخريين اليوم
لم تهتم أن الخادم كان موجودا. فهي لا صبر بها
وعلى العموم هي كانت ترتدي البالطو الأبيض هل سيميز الخادم من تكون
لكنها لم تستطع أن تطيل لأن الخادم سألها بأنجليزية سليمة: من أنتِ
هل أنتِ من الطاقم الطبي المهتم بحالة عبدالرحمن
عالية في داخلها: " الدب مهوب هين طلع هندي مثقف!!"
أجابته بالإنجليزية: نعم وهي تسجل ملاحظات على ورقة كانت معها
ثم تغادر وهي تدعو على الخادم الذي كدّر على زيارتها التي تمنت أن تكون طويلة قليلا
***************************************
" يا الله يا مزون طولت واجد!!
من البارحة لين اليوم وهي تتعذب
خلاص ليش ما يولدونها بعملية ويريحونها
من البارحة والماي نازل عليها خايفة البيبي يصير له شيء"
مزون تربت على كف جميلة وتهمس بإرهاق: خلاص الممرضة قالت لي إنه الجنين نزل طبيعي في الحوض وبتولد طبيعي
والماي اللي نزل معها ترا مهوب كله نزل شوي بس
جميلة بتأثر: ياربي يهونها عليها خلاص ماعاد فيني صبر
بعد دقائق خرجت الممرضة وجهها يتهلل بشرا: ولد ولد بوي
وماما زين
مزون وجميلة كلتاهما قفزتا
جميلة انخرطت في بكاء حاد بينما مزون فتحت حقيبتها وهي تمد الممرضة بما معها وتهمس بسعادة حقيقية:
الله يبشرش بالخير
الممرضة بابتسامة: وين بابا
مزون تضحك بسعادة: لا بابا مالش شغل فيه جاش اللي يكفيش
بابا خليه علينا
جميلة لم تستطع الوقوف وهي تدفن وجهها بين كفيها وتستمر في البكاء
بينما مزون تناولت هاتفها وهي تتصل بعمها وتحاول إخفاء فرحة صوتها:
عمي تعال برا أبيك شوي
منصور خرج لها كان وجهه مسودا من القلق الذي بدا يتحول لرعب مع طول الوقت الذي قضته عفراء في الولادة
لشدة ارهاقه لم ينتبه لألق الفرحة في عيني مزون بل كل ماخطر له مزيدا من الرعب. هتف بجزع: خالتش فيها شيء
ابتسمت مزون بسعادة حقيقية: فيها إنها صارت أم زايد رسميا
ويدك على البشارة!!
لم يهتم أنه كان في الممر وهو يخنق مزون باحتضانها ويهتف بسعادة حقيقية مجنونة:
أبشري بالبشارة. أبشري بها
أقدر أشوف عفرا الحين
مزون تخلصت من حضنه بحرج وهي تهمس بسعادة:
عمي اللي يهداك وش تشوفها ممنوع تدخل
أنا بأدخل الحين عندها وبأطمنك عليها
***************************************
" ها وش الأخبار البارحة عقب ماجا حبيب القلب عند الدكتورة
بصراحة حركته خــــــطـــــــيـــرة!!
وأتصل لش عقب جوالش مسكر وين رحتي"
كاسرة همست وهي تنظر للأوراق أمامها باهتمام: رحنا عقب للمزرعة!!
فاطمة تتناول الأوراق من كاسرة وتعطيها أوراق أخرى وتهمس بمرح:
يا أختي يأختي على الحركات الرومانسية!!
كاسر بحزم لم يتبدَ فيه ضيقها الواضح: أنا مثلش غبية حسبتها حركات رومانسية
أثاري الأخ يبي يطق من الدوحة بكبرها عشان بنت خالته راجعة البارحة مع رجالها
وأنا أقول غريبة وش طرا عليه ذا العزومة
فاطمة باستنكار: عيب عليش كاسرة وش ذا الكلام عمر عقلش ماكان صغير كذا
كاسرة تقف وهي تتناول ملف من الخزانة المجاورة وتعود لتفتحه
وتهمس حينها بضيق فعلي لا يعبر حتى عن مدى الضيق الذي تغلغل في روحها:
أحاول فاطمة مايكون عقلي صغير
وأنتي عارفة إن ذا الكلام مستحيل أقوله عند حد غيرش
بس صُغر العقل غصبا عني يحضر يعني مالقى يعزمني بروحنا إلا اليوم اللي هي جاية فيه!!!
لا وأزيدش من الشعر بيت تطلقت وهي عادها في المطار
يعني صارت حرة
فاطمة لو شفتي بس الساعة اللي كان جايبها لها
على كثر الهدايا اللي يبجيبها ليمافيه هدية جات نص قيمتها
أنا والله ثم والله مايهمني الشيء كشيء مادي
لكن اللي موجعني إن غلا الهدية من غلا راعيها
**********************************
" ها وش الأخبار ياعروستنا"
كانت جوزا تسأل شعاع التي دخلت للتو وأنفاسها مقطوعة
شعاع تجلس وهي تزفر بصوت عال وكلماتها تتبعثر من الجهد المبذول:
يعني مالقوا يحطونش غير في آخر طابق ست طوابق على الدرج طالعة نازلة
يا ربي بأموت وين الماي زينب عطيني ماي
جوزا تنهرها وهي تشير للخادمة ألا تحضر شيئا:
لا تشربين ماي وأنتي كذا خذي نفسش أول وارتاحي وعقب اشربي!!
شعاع تاخذ أنفاسها المتطايرة: ياربي يا جوزا إحراج إحراج
لا وتخيلي كان معي في نفس المكان سمعت أبي يكلمه
وهو الظاهر يقول لابي يروح وهو بيكمل كل الإجراءات بروحه
حسيت وجهي ولع من معرفتي إنه قريب مع أني ما أدري وينه ولو حتى شفته ماعرفته!!
ثم أردفت وهي تنظر حولها: حسون ماجاء
جوزا تنهدت: عالية عقب ماطلعتي كانت تقول لي إنه راح للروضة فديت قلبه
وعقب إبيه بيجيبه هنا
ياربي بأموت اشتقت له فديت عويناته
*********************************