اجتماع غاضب في مجلس خالد آل غيث خالد وابناءه الثلاثة
والغريب أن أكثرهم ثورة كان هزاع وحماسة الشباب تجرفه بعيدا:
أنا بنت عمي تملك من ورانا والله ما يصير ولا يكون وليتها خذت حد يستاهل
عمي مالقى يرميها إلا لأطرم ليه هي وش ناقصها
أبو صالح بغضب: ناقصها طول لسانك أنت وأخيك ذا (قالها وهو يشير لفهد)
توكم البارحة معذربين فيها في مجلسي ذا وأبيها يسمع
صدق مافي وجيهكم سحا حديتوا راشد على أقصاه ووالله لو أني مكانه لأسوي سواته.
أزوجها لكلب حتى ولا أزوجها لرخمة مثلكم
فهد يهتف بهدوء: أنت الحين وش اللي يرضيك. تبينا نروح لولد آل سيف ونقول له يطلق بنت عمنا حاضرين
هزاع بغضب: وتقولها وأنت بارد مثلج كذا أكيد هذا اللي لازم يصير.
أبو خالد بغضب كاسح: تلايط أنت وإياه هذا اللي قاصر أطلق بنت أخي من رجّالها عشان لحاكم اللي ما تسوى
ياقهري منكم. مافيكم من يبرد الخاطر. راحت عليكم بنت عمكم وش عاد الحكي فيه. قوموا فارقوني في السعة
هزاع بقهر: وأخينا الكبير ليه ساكت
صالح بهدوء: أختها عندي ما أقدر أقرع ولا أسوي شيء
والله هذي مسؤوليتكمأنتو اللي أزعلتو عمي وحديتوه يزوجها من وراكم
هزاع بذات قهره: وانا مأنا بساكت بس خل أبيك يرخص لي
أبو صالح وقف وهو ينتفض بغضب: والله لا أدري إن حد منكم تعرض لراشد وإلا بنته إن قد يشوف شي ما شافه
أنا ما جمعتكم أبي حد منكم يسوي مثل جهل أول. ويطلق مرة صارت في رأس رجّال
لكن بغيت أفضي حرتي فيكم لو أنكم حشمتم راشد وبنته ماكان ذا كله صار
فهد يتنهد: والله يبه جعلني فداك إنك كبرت السالفة وعمي زعل على غير سنع
ووالله لو أنه بلغنا بالملكة قبلها إنه ما نرخصها لأحد
بس هذا أنت قلتها وش عاد الحكي فيه البنت وصارت في رأس رجّال
أبو صالح يمنحهم ثلاثتهم نظرة غضب متزايد ويتركهم ويتجه لداخل البيت
بينما صالح يتنهد بحنين: الله يرحمك ياعبدالله ماكان حد يعرف لأبي مثله
لو أنه موجود الحين كان عرف أشلون يرضي إبي
الحين الله يعينا على زعله ذا الأيام اللي بتأتي كلها.
***************************************
في سيارة زايد التي يقودها كسّاب عائدين للبيت
زايد يهتف بعدم اهتمام احترافي: عمتك وش هي قايلة وش هي من النسوان
أربها مهيب قشراء بس
كسّاب يبتسم بخبث فهو يعلم منذ عاد من السلام على عمته أن والده كان يتحرق للاختلاء به وسؤاله
لذا أجاب بذات نبرة عدم الاهتمام المحترفة التي استخدمها والده: ماشي حالها عجوز من جيز العجايز
زايد كان بوده أن يمنحه كفين
( أ يقال عن مزنة عجوز؟!! بل ولا تختلف عن ما سواها؟!!
مزنة ليست كسواها ليست كسواها)
" وما أدراك يازايد قد يكون هذا ماحدث فعلا
ثلاثون عاما مرت تصنع المعجزات أفلا تحول الصبية لعجوز؟!!
أ ليس هذا هو المتوقع والمفروض؟!!"
بعدها هتف زايد ببروده المحترف: المهم بنتها إذا قد جازت لك البنت ماعليك من حد
كساب قطب جبينه قليلا يبدو أن الحوار سينحدر لختامه وليس هذا ما هدف له يريد اللعب قليلا مع والده
فمؤخرا لا يعلم أي تغيير اجتاحه فهو بات يستمتع بهذا اللعب المغطى فلا ند لذكائه إلا ذكاء والده
حينها هتف كسّاب بهدوء مدروس: بس يبه المثل يقول (اقلب القدر على ثمها تطلع البنت لأمها)
يعني عمتي الحين تمثل لي مرتي أشلون بتكون في كبرها
رد عليه حينها زايد بذكاء: يعني عجوز من جيز العجايز
ابتسم كسّاب: بس العجايز أشكال وألوان
ابتسم زايد ابتسامة مشابهة: وعمتك من أي لون
كسّاب لا يجيبه لكن يسأله: يبه دامهم كانوا جيرانكم أول أشلون كانت عمتي في شبابها
عشان أحاول أتخيل شكل مرتي الحين
زايد يبتسم غصبا عنه وذاكرته تحلق للبعيد: والله لو كانت مرتك الحين تشبه أمها في شبابها إنه ربي عطاك من أوسع أبوابه
كساب يستدرجه بنبرة مقصودة: لذا الدرجة؟!!
زايد ينتبه لمقصد كسّاب في استدراجه يبتسم وهو يقطع عليه مقصده: أشوفك مشغول بعمتك زيادة عن اللزوم
حينها أنتقى كسّاب عبارته بعناية: والله عمتي شكلها تشغل البال أول وتالي
زايد يتنهد دون أن يريح كسّاب أويسمعه اعترافا ما: خلك من الأول والتالي وركز في حياتك أنت
الله الله في مرتك عقب وأتمنى أنك توقف التعامل مع حياتك كأنك في ساحة حرب لازم تكون أنت الربحان فيها
*********************************
"من وين جاية ذا الحزة"
صراخه الغاضب تعالى من مكان قريب انتفضت بعنف وهي تراه يقترب جفت الكلمات على لسانها
كانت تريد أن تتكلم تبرر تخبره لكنها لم تستطع وكل الكلمات تموت وتتخشب وهي ترى عيناه تطلقان شررا ناريا غاضبا
انكمشت وغاص رأسها بين كتفيها وهو ينشب كفه في عضدها النحيل ويصرخ بغضب كاسح:
أقول لش من وين جايه ذا الحزة؟ مالش والي أنتي أشلون تطلعين ذا الحزة
"طالعة معي أنا جعلني فداك" هتافه الهادئ العميق.
وهو يخلص عضد شعاع الهزيل من قبضة والده ويشدها ليخفيها خلف ظهره العريض
وشعاع تلتصق بظهره تماما وهي ترتجف
توقع أن والده سيهدأ فورا كالعادة حين يكون هو من يواجهه ولكن هذا لم يحدث فوالده استمر بصراخه الغاضب:
طالعة معك على رأسي وعيني بس تبلغني بنتي ما تكون برا البيت لذا الحزة وأنا ما أدري وينها
ما فكرتو فيني ولا حتى جا على بالكم تعلموني؟!!
تدري إني بغيت أستخف يوم طليت في غرفتها ومالقيتها نايمة في سريرها وأدق على جوالها ما ترد علي
ومابغيت أروع أمك وإلا جوزاء أنشدهم منها وانا أدور في البيت كني مسكون. وكل الطواري الشينة تطري علي
فاضل أنهى صراخه الغاضب وانسحب فورا لغرفته دون أن يسمح لهما أن يردا عليه
بينما عبدالرحمن وشعاع تبادلا نظرات مدهوشة
تبعتها أنامل عبدالرحمن الحانية وهو يمسح دمعة تعلقت على أهداف شعاع ومن شدة خوفها لم تنزل حتى
وعبدالرحمن يهمس لها بابتسامة: ابيش الليلة ياجايه انفصام في الشخصية وإلا شكله بدأ يشيب وقلبه يصير رقيق
***********************************
يشعر بتوتر عارم وهو يصعد بخطوات هادئة لغرفته. عاد قبل أكثر من ساعتين بأولاده
الولدان كانا سعيدان جدا بعودتهما لبيتهما وكانا يريدان البقاء معهلكنه طلب منهما التوجه للداخل لأمهما
بينما توجه هو للمجلس لمقابلة والده الغاضب بعد أن فتح هاتفه وتلقى اتصالاته
ثم بقي بعد ذلك مع شقيقيه محاولا امتصاص غضب هزاع وتهدئته
فأخر مايريده شيء يشغل بال هزاع وهو في فترة امتحانات
بينما فهد كان لا مباليا بصورة غريبة
" أ يعقل أن الأمر برمته لم يحرك فيه شيئا؟!!
لا حمية ولا غيرة ولا حتى أدنى شعور بالغضب."
تنهد صالح وهو ينفض كل هذا عن رأسه فهناك مشكلة أكبر تنتظره في الأعلى
لا يعلم لماذا ربط بين ملكة سميرة وعودتها
ربما لأن المنطق يقول هذا فلم يحدث شيء الليلة عداها
هل يعقل أنها كانت رافضة أن يكون تميم زوجا لأختها أو ما الذي حدث
فهي لم تخبره ويعلم أنها لن تخبره
توجه أولا لغرفة ابنيه وجدهما نائمين تنهد بعمق أكبر وهو يعود لغرفته.ليصدم بمنظر الغرفة
فالغرفة يبدو كما لو كان عبرها إعصار ما فكل الأثاث مقلوب ونجلاء تدعك وتنظف
صالح بدهشة: نجلا شتسوين
نجلاء دون أن تنظر ناحيته: شوفت عينك أنظف
صالح بدهشة أكبر: أدري تنظفين بس حد ينظف ذا الحزة انتظري لبكرة وخلي الخدامات يساعدونش
نجلاء مازالت تنظف بحركة سريعة وهي تدعك الأرض بقوة: ما فيني نوم وأبي أنظف
صالح تنهد بعمق يعرف الآن أنها غاضبة بشدة فهذه عادتها حين تكون غاضبة
تشغل نفسها بعمل شاق تدفن فيه غضبها وحزنها وضيقها
صالح أمسك بعضديها من الخلف وهو يديرها ناحيته ويهتف بحزم: بسش تنظيف
نجلا حطي عينش في عيني وقولي لي وش اللي مضايقش
حينها انهارت نجلاء جالسة على الأرض المبلولة وشهقاتها ترتفع فكل القوة التي تسلحت بها انهارت
وكل الدموع التي حاولت حبسها وهي تنظف انسكبت بدون مقياس
صالح فُجع من بكائها حاول أن يشدها إليهيأخذها في حضنه
ولكنها منعته وهي تدفعه عنها وتهمس بين عويلها:
تكفى صالح تكفى انسى إني موجودة اعتبر إني مارجعت
تكفى لا تزيدها علي
*****************************
صباح اليوم التالي
نهار جديد أي شيء يخبئه بين ثناياه
.
.
"أصب لك كأس بعد"
كسّاب يشير بيده علامته الرفض: لا خالتي خلاص قومي أوصلش المدرسة وعقبه أروح لشغلي
عفراء بمودة: لا فديت عينك أنا مابعد خلصت بألبس وعقب سواقتي توديني
إلا أنت اللي ماشاء قايم بدري
البارحة أنا نمت وأنت عادك سهران وعقب جيت أصحيك لصلاة الفجر لقيتك قدك متوضي خالص
وعقبه خذت لك كم دورة ركض حوالين البيت العود
متى تريح جسمك يأمك
كسّاب يبتسم: إذا نمت ساعتين تكفيني
وأنا نمت أكثر من ساعتين
ثم أردف بنبرة مقصودة: خلينا مني ومن نومي أنتي وش مسوية في عمي. كلمته البارحة لقيته مفول منش
تقولين نار شابه حمدت ربي إني مكلمه تلفون ماشفته وجه لوجه وإلا كان كلني بقشوري
عفراء ابتسمت: الظاهر عمك على أقل سبب يولع ما قلت له إلا أني ما أبيه
هذا سبب يخليه يولع يعني؟
كساب بابتسامة: طبعا سبب يخليه يولع. واحد صار له أكثر من 10 سنين وهو معترض على فكرة الزواج
ويوم ربي هداه وخطب تردينه.
عفراء بهدوء: والله الشغلة كلها قسمة ونصيب وإذا عمك له خاطر في العرس أنا من عيوني أخطب له أحسنها وحدة
أصغر وأحلى مني
كساب بذات الإبتسامة: والله أنش عجيبة ياخالتي حد يقول عن نفسه كذا أصغر وأحلى
خالتي انت وش قاصرش عادش صغيرة وحلوة
عفراء بذات الهدوء العميق: يامك السالفة مهيب صغر ولا حلاة أنا خلاص مالي نفس أتزوج مهوب جبرية يأمك
كساب بهدوء ساكن: والله يا خالتي لو بغيتيها غصيبة خليناها غصيبة
لأنه مستحيل أخليش ترجعين تقعدين بروحش عقب اللي صار
عفراء تنهدت لترد بعدها بحزم: إذا شايفني ثقيلة عليك يأمك سافرت لبنتي ورجّالها لكن إنك بتغصبني بتبطي يأمك بتبطي
كسّاب تنهد وهو يعاود تغيير الاستراتيجية: يا خالتي لو ما تبين عمي اخذي أبي
تكفين لا تحرقين قلبي كذا توش يا خالتي على إنش تسكرين حياتش بذا الطريقة
جميلة تزوجت وبكرة لا تشافت بتجيب عيال وتلهى فيهم تبين تقعدين عالة على رجال بنتش
الحياة قدامش ومن حقش تزوجين أنتي عبارة ما تزوجتي كل اللي قعدهم عمي خليفة الله يرحمه كم شهر عقب الزواج
ويمكن لو علي أنا بأقول يا ليت تأخذين ابي عشان تقعدين عندي في البيت. بس عمي منصور فرصة ما تنتفوت
وسامحيني خالتي إذا على سالفة العيال صدقيني عقب ما يعرفش بتضيع علومه وقتها اقنعيه باللي تبينه واقنعيه يتعالج
عفراء تقاطع كلامه بوقوفها لتجمع الأطباق وهي تهتف بنبرة هدوء مقصودة:
تأخرت واخرتني. توكل على الله يا ولد أختي وانسى ذا السالفة الغثيثة.
***************************
" يبه أشلون تسوي كذا؟!!
حتى أنا مالي احترام ماكني باخيها الكبير يعني وش ضرك لو انتظرت يوم واحد لين أرجع"
أبو غانم ينظر لغانم الذي كان يصرخ بغضب عارم ليرد عليه بحزم: قصر حسك يا ولد بنتي وكيفي أنا وياها
إذا مت تيك الساعة حلل وحرم على كيفك
غانم موجوع بالفعل موجوع: يبه العمر الطويل لك
بس ترمي سميرة ذا الرمية أدري إن تميم ماعليه قاصر أخلاق ولا دين ولا فلوس
بس يبه ما يسمع ولا يتكلم. أشلون بتتفاهم معه
هذي عشرة عمر عشرة عمر حرام عليك يبه سواتك فيها
أبو غانم يسترخي في جلسته ويمد يده ليرتشف فنجان قهوته التي بردت وبدت له شديدة المرارة كمرارة روحه وهو يهتف بذات الحزم:
سميرة موافقة عليه وصلت استخارة كم مرة اسألها بنفسك
غانم المنهك العائد لتوه من المطار يتجه لداخل المنزل وهو يحمل حقيبته الصغيرة ويهتف لوالده بحزم موجوع:
والله العظيم لو كانت سميرة مهيب مقتنعة لو واحد في المية إني ما أخليها على ذمته لو على قص رقبتي
#أنفاس_قطر#
.
.
.