قبل أربع سنوات
طرقات خافتة على باب مكتبه في بيته يرفع صوته بحنو وهو يتعرف الطارقة من رقة الطرقات: تعالي يأبيش ادخلي
رغم أنه في داخله كان يتمنى ألا يراها الآن، فلديه من الهموم الكثير هموم ولدّها خبران قصما ظهره تماما خبران كانت هي سببهما!!
تدخل بخطوات مترددة قلقة وهي تخفي وجهها المحمر عن مدى نظراته نظراته التي كانت على أوراق أمامه: اقعدي دقيقة وحدة وأفضي نفسي لش
تجلس على المقعد المقابل وهي تدعك كفيها بتوتر وتمسح بشكل متكرر أنفها المتفجر احمرارا
يرفع رأسه وهو يبتسم لتتحول ابتسامته لتجهم قلق وهو يقف ليتوجه ناحيتها ويرفع وجهها
ويهمس بقلق مبطن بالتدليل: وأشفيش يأبيش كنتي تبكين أفا ياذا العلم وش اللي مضايق حبيبة أبيها
لم يُحمل الأمر أكثر مما يحتمل فهي مدللة وكثيرا ما تستخدم دموعها للضغط عليه فهو يدلل وكساب كان يدلل وعلي يدلل وخالتها تدلل
فكونها الأصغر التي لم تتمتع بحنان أمهافجّر حنانهم كلهم عليها
ولكن قلقه كله تفجر حين انفجرت في بكاء هستيري: ما أبي الكلية خلاص ما أبيها أبي أطلع تكفى يبه خلاص
زايد يتنهد بحزم: والسبب
مزون بين عويلها: ما تشوف كسّاب أشلون تغير وأشلون يعاملني البيت ما يجيه إلا أخر الليل ولو شافني يصد ويقلب وجهه كنه شايف زبالة
تكفى يبه خلاص ما أبيها
زايد يتركها ويعود لمكتبه ليجلس ويقول بكل حزم: ماعاد هو بعلى كيفش
تحملي نتيجة قراراتش
قبل شهر يوم جيتيني وقلتي لي أبي طيران. قلت لش هذا تخصص ما يدخلونه بنات الحمايل ولا ينفع لش
حاولت أقنعش بأي تخصص ثاني بس أنتي ما رضيتي
كسّاب عصب وكسّر الدنيا وحتى علي بين لش إنه رافض نهائيا تدخلين ذا التخصص
ومع كذا أصريتي وقعدتي تبكين عندي أنت وعدتني أنت وعدتني
خليتي وعدي لش سيف على رقبتي
زعلت خلق الله عشانش
خليتيني قطيت وجهي عند الوزراء والشيوخ عشان أدخلش الكلية بشروطش
وكل واحد منهم أكلمه يقول لي: يازايد من جدك تبي تدخل بنتك طيران
لكني بديت رغبتش على كل شيء حتى على قناعاتي أنا
ثم انفجر زايد وهو يقف بعنف و براكينه المكتومة منذ أكثر من شهر تثور وتثور:
أثرش شايفة السالفة لعبة من ألعابش تلعبين فيها شوي وتقطينها
تبين تراجعين الحين عشان كسّاب وينش منه وهو مرة يترجاش ومرة يعصب عليش مرة؟!! ماكسر خاطرش؟!! هان عليش تسوين فيه كذا
وإلا يمكن قلتي لنفسش أنا دلوعتهم يوم ويومين وينسون
كنش ما تعرفين كسّاب وعناده يعني.
كسّاب لو مابعد دريتي سجل في جامعة في أمريكا خلاص وبيروح عقب شهر بالكثير
وعلي طلب نقله لمكاتب التمثيل الدبلوماسي الخارجي
خلاص يامزون اللي انكسر ما يتصلح.وطريقش بتكملينه لين آخره برضاش، غصبا عنش بتكملينه
أنا ما خسرت ذا كله عشان لحظة طيش منش وعناد. مثل ما أتخذتي ذا القرار وأنتي تقولين مقتنعة. تحملي نتيجة اقتناعش
ويا ويلش لو ما نجحتي وتفوقتي بعد والله لا تشوفين شيء عمرش ماشفتيه
وإن قد تشوفين وجه زايد الثاني اللي مابعد شفتيه
زايد أنهي سيل كلماته المتفجر وخرج
كان يريد الاختلاء بنفسه لأول مرة ينفجر في صغيرته هكذا ولكنه وصل منتهاه بل أقصى منتهاه
أ هكذا تفعل به وبإبنائه ثم تقول تراجعت لا أريد
" ماعاد الأمر بيدك يا مزون ماعاد بيدك
فكل شيء خرج عن السيطرة من أجل تحقيق رغبتك المجنونة
حققيها إذن!!
حققيها
تذوقي ما كسرنا بقلوب أخوتكِ من أجله
اجعلي تضحيتي بهم من أجلك تستحق"
انهارت مزون في بكاء أعمق وكلمات والدها تنزل فوق رأسها كالصواعق.
كيف تعيش من غيرهم كيف يرحلون ويتركونها كيف!!
كيف تصمد من دون فوضاهم المرحة المليئة بالحياة حولها؟!!
كيف تعيش دون عبق رجولتهم الحانية يحتويها؟!
كيف ستعيش في هذا القصر الضخم مع الأطلال والخيالات الموحشة؟!!
أ تهجر البيت لتسكن مع خالتها؟! وزايد زايد الذي ضحى بكل شيء من أجلها لمن تتركه لمن
ستبقى من أجله ليتجرعا الحزن والوحدة سويا!!
كان هذا قبل أربع سنوات
وكم تغيرت خلال هذه السنوات الأربع
من فتاة عنيدة مدللة خالية من الهم لأنثى مكسورة على كتفيها أطنان من الهموم
قبل ذلك لم تكن حتى تلحظ تواضع جمالها كانت ترى نفسها جميلة
فروحها محاطة بالاحتواء والود وكل ذلك كان ينعكس على نفسيتها وصفاء روحها
ولكنها الآن أصبحت ترى نفسها خالية من أي حسن وكأن تمّزق روحها ويأس مشاعرها انعكس على صفحة وجهها البائس
وكانت كلما ازدادت حزنا كلما ازدادت في دراستها تفوقا
مثل بعض ممن يعانون من السمنة كلما إزداد تاثره من سمنته كلما ازداد أكله وكانه بذلك يعاقب نفسه
وهي كانت تعاقب نفسها.
كانت تدرس وهي تكره الكتب وتود لو تمزقها بأسنانها
كانت تتدرب على قمرة القيادة وهي تود لو تحطم كل هذه الأزرار والأضاءات وتنتزع كل هذه الأسلاك
كانت تؤدي الامتحانات كأفضل ما يكون وهي تشعر أنها على وشك التقيء على ورقة الامتحان
" أ لم أضحي بالجميع من أجل هذه الدراسة التي أصبحت تثير غثياني؟!!
إذن لأزدد غثيانا
لأزدد غثيانا!!"
************************
اليوم التالي يوم أحد
بيت آخر في الدوحة
العصر
في صالة البيت السفلية تجلس بعد أن صلت العصر قبل أكثر من نصف ساعة وأمامها قهوة وفوالة العصر المعتادة
تحكم لف جلالها حول وجهها فهي وإن كانت لا تلبس برقعها في بيتها حين لا يكون عندها زائرات
فإنها اعتادت ألا تكشف شعرها مطلقا ودائما جلالها ملفوف حول رأسها بإحكام
رغم أنها وهي في الخامسة والأربعين مازال شعرها جميلا بلونه الكستنائي الذي ناسب الحناء التي لا تستغني عن وضعها
ولم يكن شعرها هو الشيء الوحيد الذي مازال جميلا فهي بمجمل تفاصيلها مازالت رائعة الجمال
ولكن لم يعد لملامحها ذات التحدي الموجع الذي كان يلسع القلوب ، فالأمومة ومرور السنوات أكسبا ملامحها رقة دافئة
وإن كانت روح التحدي مازالت تقبع داخل تلك المهرة التي ما أخضعها رجل يوما حتى مع زواجها مرتين
ولكن روح التحدي الشرسة الوثابة أورثتها مضاعفة أضعافا كثيرة لسواها!!!!!
"يمه يمه شفتي جوالي؟!!"
همست بهدوء وهي ترفع عينيها للشابة التي تنزل الدرج في غلالة جلابية من حرير سماوي:
زين قولي السلام عليكم أول داخلة على مسلمين مهوب يهود
ابتسمت الشابة وهي تصل وتطبع قبلتها على رأس والدتها وتهمس من قرب بصوتها الحريري ببحته المستحيلة: السلام على أحلى مزنة في تاريخ البشرية
كان صوتها خليطا مستحيلا من برودة الفولاذ وقسوته ونعومة الحرير وانسيابيته
صوت تعجز عن تصنيفه هل هو أشبه بتغريد العصافير؟!! أم بطبول الحرب؟!!
ولكن المؤكد أن تأثيره هو خليط منهما سكون العصافير وتدمير الحروب
حين تتكلم العيون والآذان تتجه فورا لهمسها وكأن به سحرا يجبر الآذان على البحث عنه للاستزادة منه أو الهرب منه!!
همست مزنة بذات الهدوء: جوالش أنا خذته أكلم فيه امهاب عشان شحني فضا وحطيت تلفوني على الشاحن
الشابة بعذوبة صوتها المستحيل: الجوال وراعيته فدوتن لعيون أم امهاب
ابتسمت مزنة : ماذا بعندش وأنتي نازلة تصايحين كنش مفلوجة
الشابة بابتسامة: خلاص عديها يا مزنة
ثم أردفت وهي تتلفت: وين جدي مابعد جابه سليم من المسجد؟!!
مزنة بحزم هادئ: جاء قبل شوي ودخل ينسدح
الحين اقعدي خل أتكلم معش وعقب روحي جيبيه من غرفته
الشابة تعقد حاجبيها مستفسرة: عسى ماشر
مزنة بذات الحزم الهادئ: الناس اللي يتنون ردنا وش أقول لهم
الشابة برنة سخرية: ليه أنتي مابعد رديتي عليهم؟!!
مزنة بنبرة بها بعض غضب: ليه أنتي رديتي علي عشان أرد عليهم
تقف وتهز كتفيها باستهزاء: طبعا مرفوض وخلني أروح أجيب جدي أحسن من ذا السيرة
حينها وقفت مزنة وأمسكت عضد ابنتها بقوة وهمست بغضب حازم:
اقعدي لين أكمل كلامي ياقليلة الحيا
بتروحين وأنا عادني أحكي يا للي ما تستحين؟!!
حينها التفتت الشابة لوالداتها بحدة ولهيب آسر يشتعل في موج العينين الأسطوريتين
الليل الموغل في السواد والسحر والتعذيب الذي تقف أهدابها حوله كرماح متراصّة من سواد صقيل :
أنا يمه اللي ما أستحي؟!!
تنهدت مزنة وهي تحاول السيطرة على غضبها فهي تعرف أن ابنتها تشبهها
ولو غضبت فيستحيل أن تكمل معها الحديث الذي لابد من انهاءه
وبما أنها الأم ومن يجب أن يمسك بزمام الأمور خففت حدة صوتها وهي تدفع في صوتها بعض الحنان المدروس:
يأمش ما يصير يشب شبيبش كل ما جبنا ذا الطاري
اقعدي يأمش اقعدي الله يهداش
تنهدت الشابة وهي تعاود الجلوس رغم أنها لا تريد الجلوس إطلاقا:
يايمه قلت لش من أول يوم ما أبيه
تنهدت مزنة: وأنا قلت لش فكري
أجابت بنفاذ صبر: وأنا قلت لش ما أبي أفكر وحسبت الموضوع انتهى خلاص
مزنة تعاود التنهد للمرة الالف حتى لا يتفجر غضبها الذي تحاول كتمه:
أنتي يا بنتي ماعادش بصغيرة قدش بتكملين 26 سنة
احمدي ربش عاده يجيش خطّاب
حينها رفعت الشابة حاجبا وأنزلت الآخر وهي تهمس بغرور حقيقي غير مصطنع إطلاقا:
هم اللي يحمدون ربهم إنه كان لهم شرف المحاولة
يمه من هي مثلي المفروض تاخذ ملك مهوب ذا البزارين التافهين اللي الواحد منهم مايستاهل ظفر رجلي
والدتها بغيظ: تراش مسختيها إذا على شوي الزين اللي عندش ترا المزايين واجد
الشابة بسخرية: شوي الزين؟!!!
ثم أردفت بثقة: يمه حلفتش بالله قد شفتي من هي أحلى مني في الحقيقة وإلا حتى في التلفزيون
يمه ذا الزين كله حرام يضيع على واحد تافه إمعه
أكيد الله سبحانه ماعطاني ذا الزين وذا الذكاء كله عبث أكيد له حكمة
تنهدت مزنة للمرة المليون: يأمش الزين من زانت أفعاله
والرجّال اللي جايش رجّال فيه خير نقيب في الجيش ومن ناس معروفين وعندهم خير
ومهوب صغير في السن عدا الثلاثين
الشابة بذات السخرية: يعني آخرته طار وإلا وقع جندي
وخير ياطير 30 سنة؟!! بزر بعد
ويوم إنه عاجبش كذا عطيه بنتش اللي ما منها فود
مزنة بغضب: عيب عليش ذا الكلام
وضحى مهيب بايرةتقطين عليها اللي ماتبينهم بيجيها نصيبهالكن أنتي الكبيرة
وأم الرجّال جايتش أنتي على الوصف جعل أمحق وصف وزين ماعينا من وراه إلا يباس رأسش
الشابة وقفت وهي تتنهد لتنهي الموضوع: يمه فديتش خلاص جعلني الأولة
تأخرت على جدي
ثم تركت والدتها غارقة في غضبها وابتعدت لناحية أخرى من البيت حتى وصلت لغرفة لها بابان
باب لداخل البيت وباب يفتح على حوش المنزل من ناحية مجلس الرجال
حركت مزلاجا يقفل الباب من ناحيتهم وفتحت الباب فتحة صغيرة جدا وهتفت بأمر حازم: سليم اطلع روح المجلس
بقيت واقفة خارج الباب حتى سمعت صوت الباب الآخر يقفل
حينها دخلت وأغلقت الباب المتوجه للخارج
ثم توجهت لسرير جدها النائم
جلست بجواره وهي تنظر لوجهه الأسمر المتغضن بحنان بالغ
جدها هو الوحيد الذي يذيب خلايا قلبها معه تتحلل من عنادها وتسلطها وغرورها
مدت يدها تمسح على جبينه المحفور بتجاعيد غائرة
تتمنى لو أستطاعت أن تمسح هذه التجاعيد علها حين تمسحها تطيل في عمره
فأكثر ما تخشاه في هذه الحياة أن تكون حياة خالية من وجود هذا الشيخ
" ريحة يدش المعطرة ما تخفاني"
همسه الموغل في الشيخوخة وصل طيات روحها قبل أن يصل أذنيها
ابتسمت بحنان ومرح: ماشاء الله عليك يبه عديت التسعين وعادك تشم كذا
ابتسم وهو يفتح عينيه الغائرتين في تجاويفهما ليكشف عن فم شبه خال من الأسنان: ول عليش كلمة نضول
انحنت لتقبل يده الممددة على صدره وتهمس من قرب: جعل عمرك طويل وجعلني ما أذوق حزنك
مد يده لتساعده على الجلوس وهو يهمس بما يشبه اليقين: اللي بتذوقينه يأبيش
انتفضت بجزع حقيقي وهي تمد يدها لتعدل من جلوسه وتحتضن كتفيه ثم تقبل عضده وتهمس:
تكفى ما تقول كذا ما تدري يمكن يكون عمرك أطول من عمري
شبكة ليلاس الثقافية
حينها كان هو من انتفض بجزع بعمق شيخوخته: جعل ربي ما يفجعني في حدن منكم مثلي يا أبيش يقول يالله حسن الخاتمة
قد الموت أحسن لي من الحياة
ماعاد باقن من صفتي حد (أي أن أبناء جيلي كلهم ماتوا)
حينها ابتسمت بشفافية: لأنه أنت نادر يبه والنادر ما يقارن نفسه بصفته ولا غيرهم
همس بهدوء عميق: ماعلى الموت نادر
يضايقها هذا الموضوع كثيرا تكره مجرد التفكير فيه ولكنه بات موضوعه المفضل مشغول بالموت وانتظاره بل وتمنيه
مشتاق للقاء ربه وإنهاء رحلة هذه الحياة التي طالت كثيرا
ولكنها تريده جوارها ولا تعرف للحياة معنى بدونه هو الأحب إلى قلبها
تحبه أكثر حتى من والدتها وأشقائها بل حبها له لا حدود له تفضله على كل شيء في العالم
ومستعدة للتضحية بكل شيء وأي شيء من أجله وحده
همست بشبح ابتسامة: أفا ياجابر تبي تروح ما زوجتنيلازم تزوجني أول
همس بضعف باسم: والله يأبيش مابقى من هل ذا المقطر حد ماخطبش صبيهم وشيبتهم صاحيهم وخبلهم (المقطر: كلمة تستخدم لحي متجاور من الخيام)
ابتسمت بعذوبة لتكشف الشفتان المتوردتان المثيرتان عن صف أسنان استثنائي في صفائه وصفوفه: شأسوي يبه لحد الحين ماجاء الرجّال اللي في بالي
ابتسم الجد جابر ثم قال بجدية: أنتي يأبيش ما تأخذين رجّال تأخذين خروف
قطبت حاجبيها بغضب عاتب: هذا قدري عندك يبه؟!! تزوجني خروف؟!!
عاود الابتسام: يأبيش أنتي أصلا رجّال واللي مثلش مايقدر يعيش معها إلا خروف تعقد حبلها في رقبته وتقوده
هذه المرة قطبت حاجبيها بحزن لو كان من قال لها هذا الكلام أحد سواه لم تكن لتقبل حتى حرفا واحدا وكانت أشعلتها حربا شعواء:
كذا يبه هذا وأنت الغالي عندي!!!
لم يعلق على كلامها بل واصل كلامه بنبرة منطقية: تدرين يأبيش أنتي كنش أمش
من غير حقران في أبيش ولا في أب امهاب الله يرحمهم اثنينتهم لكن أمش كانت أرجل منهم والثنين كانت مزنة شايخة عليهم
والواحد منهم مايقدر يخطي لها كلمة ولولا أنهم كذا أو ماكانوا صبروا عليها وأنتي مثلها اللي بتأخذينه إذا ماشختي عليه منتو بعايشين سوا
قطبت جبينها: مابي واحد أشيخ عليه أبي لي رجّال صدق رجّال يهز المجالس
وأمي لو كان لقت رجّال مثله ماكان عيّت منهالله يرحم أبي وعمي أبو امهاب
تناول غترته من جواره بيد مرتعشة ليضعها على رأسه ويلفها حول وجهه ويهمس بهدوء:
أمش جاها الرجال اللي يهز المجالس بدل المرة مرتين وعيت منه وأنتي كنش إياها
والرجّال اللي جايش ذا الحين مافيه قصور
همست بغضب: يبه لا تقارنني كل شوي بأمي والرجّال اللي جايني ما أبيه مايملأ عيني
مد يده يبحث عن عصاه ليتوكأ عليها وهمس بذات الهدوء العميق: وش اللي يملأ عينش يا بنت مزنة
همست وهي تمد يدها لتسنده وتقوده لصالة البيت ليتناول قهوته مع والدتها همست بما يشبه الحلم: أبي رجّال صدق رجّال بمعنى الكلمة
ولو مالقيته الأحسن أقعد في بيت هلي
*******************************