بعد أربعة أشهر
.
.
.
" الحين يمه من أكبر فهودي وإلا غنوم"
نجلا تبتسم وتجيب ابنها خالد: غنوم أكبر بحوالي شهرين يأمك
خالد بتأفف طفولي: زين ليش فهودي أكبر من غنوم
جوزا انفجرت بالضحك: نجلا كنه ولدش يتنظل ولدي؟!!
عالية تضحك وهي تشد خالد وتحتضنه وفقا ما يسمح لها بطنها المتضخم بعد أن دخلت شهرها السابع:
هذا يا حبيب عمتك عشان أمك جابت فيران مهوب بزران
فلا تقارنهم بالبزران العاديين
جميلة تضحك وهي تشد خالد ناحيتها وتحتضنه برقة حانية: حرام عليش عالية
صدق ما عندش إحساس تقولين للبزر كذا؟!!
ثم أردفت بحنان شفاف: حبيبي خلود غنوم ومهاوي كانوا تعبانين شوي
كل ما يكبرون كل ما يصيرون أكبر!!
خالد يمد أنامله الصغيرة ويشد لفات شعر جميلة اللولبية التي طالت قليلا لتصل إلى كتفيها ويهمس بطفولته الشفافة:
خالتي جميلة لا جبتي أنتي وعمي فهد بنت أنا بأتزوجها عشان بتصير حلوة مثلش!!
عالية تضحك: الولد هذا خربان أكيد هزاع مخربه!!
نجلا تضحك: لا والله لا تتهمون هزاع ظلم هذا صالح قلبه أخضر
يقول لهم اللي من عمانكم بيجيب بنت حلوة بنأخذها
والشينة بنخليها لعيال عبدالله!!
جوزا بمرح: يا سلام عليكم واحنا يعني مسمين على فهد ببلاش
بنت فهد لنا
وأنتو خذوا بنت غانم اللي سميتوا عليه هذي مزون حامل
جميلة سكتت مشاعر متضادة اخترقت روحها
قد تكون لا تريد أن تحمل وتحمد الله أن حملها تأخر
فمشاعرها تجاه فهد مازالت تعاني البرود والضبابية والجمود رغم محاولاتها لتغيير مشاعرها تجاه شيء أكثر إيجابية
ولكنها على الجانب الآخر لا تنكر رغبتها لتصبح أم فمهما يكن هذه رغبة مغروسة في كل أنثى
أخرجها من أفكارها اتصال من فهد يطلب منها أن تحضر له
استغربت (هل يكونون قد انتهوا من غداء يوم الجمعة المعتاد)
جميلة استاذنت لتخرج مع مجموعة من التعليقات غالبها من عالية
حين وصلت للأعلى وجدت فهد قد فتح حقيبته على السرير
همست باستغراب: بتسافر مكان
فهد باستغراب أكبر: بأسافر
قايل لش قبل كم يوم إني الجمعة بأسافر عندي دورة أسبوع في الامارات!!
ثم أردف بتذكر يائس: إيه نسيت. أكيد كنتي منتي بمنتبهة معي كالعادة!!
جميلة تحاول بحرج أن تتذكر فلا تستطيع والمأساة أنه محق
فهو في أحيان كثيرة يندفع في الكلام لتسرح هي ولا تركز في شيء مما يقوله
لشعورها بالتأفف من كثرة حديثه وهي لا تريد أن تبدو أمامه غير مهتمة فتسرح!!
جميلة أجابته بإصطناع: إيه تذكرت سامحني كان لازم أرتب شنطتك قبل
صمت وهو يجلس جانبا مطرزا بحزن شفاف
يعلم أنها لم تتذكر
بل يعلم ماهو أكثر من ذلك ألما.
يعلم أنها لولا شعورها بالخجل وإلا لا كانت انفجرت أمامه الآن من الضحك لشدة سعادتها أنه يفرج عنها أخيرا!!
والمأساة أنه كان محقا أيضا فجميلة كانت تغالب ابتسامتها حتى لا تظهر
فهي فعلا سعيدة أنها أخيرا ستأخذ مساحة من الحرية بعيدا عنه
فطوال الأشهر الماضية كان عمله له طبيعة معينة فلم يكن يتغير بل في وقت ثابت صباحا كدوام الموظفين
لذا لم يسمح لها أن تبات عند أمها ولا لليلة واحدة
وهو ملتصق بها بطريقة كانت تثير ضيقها ومع ذلك تحاول أن تظهر رضاها الذي كان يعلم أنه ليس أكثر من رضى مصطنع
وهو يقول لنفسه:
" (كثر الدق يفك اللحام) لو سمحت لها أن تبتعد عني ستعتاد
أريدها أن تعتاد على وجودي في حياتها
أريدها ان تشعر في قربي ببعض مما أشعر به في قربها
أريدها أن تشعر أي لهيب يحرقني وهي في حضني
بينما هي تتسربل بالصقيع الذي أحاول يائسا ألا يصل لعمق روحي!!"
جميلة أنهت الحقيبة وأغلقتها
وقف ليقترب منها وهو يهتف بسكون: تبين أوديش هلش الحين
همست برقة: لا بأتغدى مع أمي صافية والبنات
وأرتب مكاني والعصر بأخي أمي ترسل سواقتها لي!!!
تروح وترجع بالسلامة
هتف بذات السكون: من قلبش ذا الدعوة
جميلة همست بغضب عذب: فهد وش ذا الكلام
فهد هز كتفيه وهو يتناول الحقيبة وينزلها أرضا:
أحسه عادي عندش لو رحت وما رجعت!!
جميلة بذات الغضب الرقيق: إحساسك هذا أسخف إحساس ولا له معنى!!
فهد شدها ليحتضنها بقوة
رغم أن عظامها آلمتها لشدة احتضانه لها ولكنها لم تقل شيء وهو ينهي احتضانه لها بقبلة على أذنها
وهو يهمس في داخل أذنها بوجع يختفي في طيات حزم صوته: اللي موجعني إنه إحساس صدق وأنتي عارفة إني عارف!!
جميلة صمتت ماذا لديها لتضيفه وهو يحمل حقيبته ويهتف بحزم:
أنا حطيت في حسابش فلوس زيادة من أمس
سلمي لي على عمتي وخلي بالش من نفسش!!
جميلة همست برقة: زين طمني عنك أول ما توصل!!
أجابها بسكون: ما أقدر أكلمش. بيأخذون تلفوناتنا أول مانطلع الطيارة
بأرجع السبت الجاي إن شاء الله
لن يأخذوا هواتفهم لكنه قرر أن يريحها فعلا منه
ويريح نفسه من لهفته التي يعلم أنها لن يجد مقابلا لها إلا البرود أو اهتمام مصطنع سيؤلمه أكثر من برودها
وما يؤلمه أكثر وأكثر أنه يعلم أنها لن تكلف نفسها أن تتصل بهاتفه حتى
لتعلم هل هو محق أو لا.!!!
ما أن أغلق الباب خلفه حتى تنفست جميلة بعمق
وهي تشير بيدها علامة (yes) وتهمس بسعادة: يس يس يس وأخيرا أجازة لي حتى المكالمات رحمني منها
ما بغى يفارق ويفك مني شوي
كنت خلاص بانفجر من ثقل وجوده على قلبي
***************************************
يتحسس بطنها المتكور بحنانه الخاص وهو يهمس بنبرة حنانه الخاصة أيضا:
مهوب كن بطنش صغير. بطن عمتي أكبر!!
ابتسمت كاسرة وهي تضع يدها فوق يده برقة: أنا في السابع وأمي في الثامن
يا أخي خل غيرك هو اللي يراقب بطن أمي
كساب ابتسم: غيري راقب لين أحولت عيونه
شوفيه بس لا مرت عليه يحط نفسه مهوب منتبه وهو ماباقي إلا ينط من مكانه
حركات عاجنينها وخابزينها
كاسرة تنهدت: والله طولوا واجد وحالهم مايسر والمشكلة رأسهم يابس اثنينهم
كساب بثقة: خلينا منهم تعبونا معهم كنهم بزران
أنا عندي اقتراح اشرايش أروح أنا وأنتي للمزرعة يومين
الجو الحين يجنن وخاطري اقعد انا وانتي بروحنا لا شغل ولا دوشة
كاسرة بتردد: وأمي أخليها بروحها
ثم أردفت بابتسامة لا تخلو من خبث: أخاف عليها من إبيك وهم بروحهم في البيت
كساب بابتسامة محملة بالخبث: ياحرام مساكين قاعدين بريحاتهم لا أنيس ولا ونيس والشوق ذبّاح والشيطان شاطر!! و
كاسرة احتضنت رأسه وهي تضحك برقة: بس كساب الله يقطع ابليسك!!
اسند رأسه لصدرها وصمت
مكتفيا بسماع دقات قلبها وأناملها تعبر خصلاته بحنان
طوال الأشهر الماضية تبادلا سعادة صافية حقيقية
لا يخلو الأمر من مشاحناتهما المعتادة وحدة شخصياتهما
ولكن كل منهما بدأ بتقبل ذلك كجزء من بهارات الحياة
كاسرة تمرر أناملها بين خصلاته بولع حقيقي
قد يكون مطلقا لم يقل لها أنه (يحبها ) ككلمة ولكنها ماعادت بحاجة لسماعها لتعلم كم يحبها!!
أصبحت تعلم يقينا أن الحب ليس مجرد كلمة تُقال بل هو موقف ومسؤولية وإحساس
وكلها منحها إياها كساب كما منحته هي إياها
تنهدت وهي تشعر بالندم على كل لحظة أضاعتها في انتظار هذه الكلمة وكساب أمامها وبين يديها
شدت رأسه لتحتضنه بقوة أكبر (أنت أكبر من كلمات الحب التي قيلت والتي لم تُقال!!)
لا تنكر أنها تتمنى سماعها من بين شفتيه لأنها تشعر أنها ستنفجر لتقولها له
تشعر أنها من بين شفتيه ستكون كقنبلة لا مثيل لقوتها بين حناياها
ستفجر كل مشاعرها المكبوتة والتي تحاول إظهارها وتجد نفسها عاجزة ولا تعلم السبب
****************************************
كم هو محق ابنه اللئيم!!
يراقبها بوجع بل بما هو أشد من الوجع!!
يراقب تغيراتها بدقة بطنها التي تكبر وهو يشعر أنه سيذوي لمجرد أن يتحسسها بيدها!!
تتحاشى أن تتصادف معه وقد يمر يومين أو ثلاثة لا يراها
يشعر حينها أنه أوشك على أن ينضج تماما
ويحاول أن يصتادها حينها بأي طريقة يرابط في الصالة السفلية قريبا من الدرج
وهو يدعي مشاهدة الأخبار!!
أو يذهب لزيارة والدها في غرفته!!
حينا تنجح محاولاته وأحيانا تفشل
وكل ما يناله منها حديث رسمي مقتضب
والمؤلم أكثر من كل شيء!! والجارح لأبعد مدى!!
أنه لم يرى وجهها منذ آخر مرة رآها في المستشفى!!
فهي تنزل وتصعد ببرقعها على وجهها كعادتها!!
سيموت ليرى ابتسامتها فقط!!
وما يؤلمه أيضا (ويا لا كثرة مابات يؤلمه!!)
أنه منذ أشهر منذ تحسنت حالتها الصحية وهو يعلم أنها من ترتب جناحه وملابسه
يعرف لمساتها يشعر بها!!
حين يدخل يكاد يقسم أنها كانت هنا قبل ثوان.
فمازالت رائحة عبقها تعطر الجو وتعتصر قلبه بلا رحمة
حاول جاهدا أيضا أن يصتادها ولو لمرة واحدة في جناحه
فقد يرى وجهها حينها
ولكنه في هذا الأمر لم ينجح ولا لمرة واحدة!!
منذ ماحدث بينهما في المرة الأخيرة وهو يراجع طبيبا نفسيا
الطبيب يقول له منذ عدة أسابيع أنه ماعاد فيه ما يستدعي الزيارة!!
فكل ماهنالك أنه رجل عاشق عجز عن السيطرة على مشاعره
وأظهر عقله الباطن هذه المشاعر سواء بمناداته له أو بإمساكه القوي له
كل ما يحتاجه هو تقنية السيطرة على مشاعره وتوجيهها التوجيه الصحيح
فهو كان يناديها واستمر في منادتها لأنه لم يخبرها بمشاعره كما يجب!!
لو أنه لم يسكت عن إخبارها بمشاعره بعد أيام من زواجهما
لكان كبت السنوات كله ليخفف رويدا رويدا لتتحول مشاعره لاتجاه إيجابي
لكنه عاود كتم مشاعره لذا استمر في مناداتها كما كان
وحين شعر أنه ماعاد قادرا على مزيد من الكتمان ومشاعره تتحول نحوها لاتجاه أكثر قوة وتجذرا هو كان يرفضه
كان تمسكه بها بهذه الطريقة لدرجة أن تغوص أنامله في جسدها!!
هكذا فسر له الطبيب حاله وعلمه على تقنية السيطرة على المشاعر
ولكنه مازال يخشى عليها هي من مشاعره التي يشعر بها تتضخم كل يوم أضعافا مضاعفة عن اليوم الذي قبله
يخشى عليها من حبه الذي يخشى أن يكون خطرا عليها!!
***************************************
اليوم التالي
.
.
" جميلة يأمش وجهش كلش مهوب زين من صبح
جميلة بإرهاق: مارقدت من أمس يمه تعبانة باموت أبي أرقد
تكفين يمه خلني أكل بنادول نايت
عفراء بإصرار غاضب: أنا حالفة عليش من زمان إن ذا البنادول ماعاد يطب حلقش!!
جميلة بإرهاق عميق: يمه صرنا عقب الظهر وأنا مارقدت أنا ما أصلي خلني أكل بنادول وأنام
تكفين يمه
عفراء برفض: إذا فيش نوم بترقدين بدون حبوب
ثم أردفت عفرا بإبتسامة: ترا ذا الطبع أنتي خذتيه مني أنا عقب ما تعودت على النوم جنب منصور
اليوم اللي عنده زام في الليل ما أقدر أنام!!
جميلة بحرج جازع: يمه وش دخل
ضحكت عفرا: وش دخل كل السالفة إنش مشتاقة لفهد وعشان كذا منتي بقادرة تنامين
لا تعبتي بتنامين!! وماوراش شي حن في إجازة الربيع ذا الحين
جميلة زفرت بغضب: غلطانة يمه أساسا أنا أبيه يفك مني شوي عشان أرتاح
عفراء بإبتسامة عذبة: على أمش ياجمول؟! الحين انتي البارحة أو قبل البارحة أو الشهر اللي فاتجاش ذا الأرق
جميلة تحاول أن تتذكر وتتمنى أن تكون شعرت بهذا الأرق تعتصر ذاكرتها فلا تجد شيئا
ما تتذكره أن فهدا يمد ذراعه لها لتضع رأسها على كتفهوتدفن وجهها في عنقه
وهو يهمس لها بدفء موجع بالكثير من الكلمات التي تعي بعضها ولا تعي البعض الآخر لأنها تكون غرقت في النوم!!
جميلة زفرت وهي تحاول أن تهمس بطبيعية: زين عمي منصور ماقال لش إن فهد كلمه
عفراء هزت رأسها بلا وهي تتلقى بإبتسامة حنونة زايد الذي بدأ يخطو خطواته الأولى منذ أيام!!
************************************
تعبر أمامه بتوتر
وهي عائدة للتو من بيت ابنها
وتعلم أنه لا يوجد في البيت سواهما بعد ذهاب كاسرة وكساب منذ الصباح للمزرعة
لأول مرة يخلو عليهما البيت منذ عودتها من المستشفى!!
حتى لو سافر كساب لعمل فكاسرة موجودة معها
ولا تستطيع أن تبقى في بيت ابنها وهم يعلمون أن زايدا في البيت!!
همست بالسلام وهي تعبر من أمامه متجهة للأعلى!!
رد عليها السلام وهو يهتف بحزم قبل أن تهرب:
زين تعالي اقعدي معي شوي أنا ما تعشيت وخاطري أشوف حد قدامي وأنا أكل!!
توترت بشدة
فهي لا تضطر للجلوس معه إلا في وجود مزون أو شعاع وكلاهما يمثلان الطبيعية رغم أنهما يجلسان متباعدين
وعلى كل حال لم تجلس معه وحيدة مطلقا!!
وهــــي
في غيابه الحقيقي/ وجوده الظاهري
متوترة ويائسة ومرهقة
تعبر شهور حملها الثقيلة وحيدة تئن طوال الليل من الألم
وأقصى ما تحلم به هو يده تشد عليها كلما اعتصرتها الآلام!!!
تدعي أنها بخير أمام الجميع بلا استثناء
رغم أن حملها منهك جدا لا تكاد تتنفس من الثقل الذي تشعر به
وتعاني من الزلال وقدماها منتفختان على الدواموالمشي بات أشبه بمأساة لها
ومع ذلك تمشي وتمشي وهي تقوم بمهامها للجميع دون أن تشتكي
بنتا لجابر
وأما لأبنائها وأبناء زايد ولسميرة ونايف معهم
وربة لبيت زايد وهي تهتم بترتيب أغراضه وعزائم ضيوفه
هي كل شيء. إلا امـــرأة
تفتقد لشريك حياتها ووجوده جوارها إلى حد الوجع المضني!!!
وقفت أمامه دون تجلس وصحن العشاء الليلي الخفيف مغطى أمامه منذ وقت طويل
همست بسكون: العشا شكله برد خلني أسوي لك غيره
أجابها بثقة: هو أساسا بارد سلطة وسندوتش وعصير بأكل الحين
بس اقعدي
جلست وهي ترخي ثوبها الطويل على قدميها حتى تخفيها
حينما يجلس شخصان وحيدان
ملاحظة كل منهما للآخر تقفز للذروةلأن تركيز كل منهما على الآخر
فكيف بمن هما في حالهما
كل منهما سيموت ليحضى بنظرة من الآخر!!
خشيت فعلا أن يرى قدميها ولو كان معهما أحد ثالث ربما لم تكن لتخشى أن يلاحظ
وهو أيضا بدت له حركتها في إخفاء قدميها غير عفوية إطلاقا
لذا هتف بحزم مباشر: مزنة رجلش وش فيها
مزنة همست بحزم مشابه: مافيها شيء
زايد بذات الحزم: زين ليش تدسينها
ردت بذات المستوى الذي لا يتذبذب من الحزم: مادسيتها واسمح لي تبي تتعشى أو أقوم أروح لغرفتي
زايد بأمر صريح: خلني أشوفها
مزنة وقفت وهي تهتف بثقة: اسمح لي
أجابها بنبرة حادة أقرب للغضب: تعصيني قلت لش خلني أشوف رجلش
تنفذين
واقعدي أنا ماقلت لش قومي!!
مزنة تنهدت وهي تجلس: زايد هذا مهوب أسلوب تكلمني فيه
زايد شد له نفسا عميقا
يتمنى لو قال الكثير وبأسلوب مختلف مختلف!!
هتف بمهادنة راقية: الله يهداش أقول لش أبي أشوف رجلش تعاندين
مزنة تنهدت بيأس: ما أبيك تشوفها من حقي تحترم رغبتي.
زايد بإصرار: ومن حقي تطيعين أمري
قالها وهو يقف ليجلس جوارها ويرفع طرف ثوبها بنفسه ليكشف عن ساقيها وقدميها
مزنة تمنت أن تمنعه فالموقف كله محرج ومؤثر وموجع لأول مرة يجلس جوارها منذ أشهر ليتصرف هذا التصرف!!
وتعم أنها لو حاولت منعه سيعاند أكثر وهي مرهقة تماما نفسيا جسديا!!
تتمنى لو كانت لبست حذاء رياضيا كما كانت تفعل طوال الفترة الماضية حتى لا يلاحظ أحدا ساقيها
لكنها اليوم تهورت ولبست صندلا لأن كل شيء بات يضايقها فيها
وهي تعلم أن لا أحد في بيت تميم إلا والدها
لأن تميم دعا وضحى وسميرة للعشاء خارجا الليلة!!
زايد حين رأى قدميها تراجع بجزع وهو يكاد يئنيئن فعلا!!
يكاد يقسم أن صندلها الذي تلبسه أكبر بخمس مقاسات عن مقاسها السابق
كان شكل قدميها مرعباكانتا متضخمتان وخطوط الصندل تغوص فيها بشكل واضح
وساقاها متضخمتان بشكل أكبر والضربات واضحة فيهما لأن من يعاني من الزلال أي ضربة حتى لو كانت بسيطة تترك أثرا واضحا!!
همست بسكون موجوع: ارتحت الحين
بينما زايد هتف برعب مثقل بالرجولة: أنتي صاحية تدرين إنش المفروض ما تمشين كلش
أشلون وأنتي أساسا ما تقعدين على حيلش
مزنة تنهدت: خلاص هانت بأدخل شهري قريب
زايد يشعر أنه لشدة الألم يريد أن يبكي فعلا
أ تكون تعاني هكذا وهي تعبر أمامه بخطاها الثقيلة وهو لا يشعر بها حتى!!
هتف بحزم موجوع: والكلى عندش أشلونها
مزنة هي من تريد أن تبكي فعلا الآن تأثرها يقفز للذروة وهي تحاول أن تجيب بثبات:
زينة!!
أجابها بغضب حقيقي: كذابة مستحيل يكون الزلال معش كذا ومايكون متعب الكلى
تنهدت مزنة بيأس: تعب وقتي بيروح لا ولدت
زايد غضبه يتزايد ويتزايد: والبهايم اللي عايشين معنا مايشوفون حالتش
أشلون ساكتين ومخلينش طالعة نازلة الدرج وأرجيلش كذا
وإلا عادي كل واحد ماهمه إلا نفسه
مزنة بسكون: الزلال في أرجيلي بس وأنا على طول لابسة جوتي رياضة
ماحد يدري
كل واحد مشغول بهمه ليش أشغلهم بنفسي بعد
يا الله أتكون تعاني كل هذا
وهو لا يخفف عنها حتى بكلمة والكل لاه عنها هكذا!!
زايد هتف بحزم بالغ: خلاص فوق والله ماعاد تطلعين بتنامين تحت
مزنة بحزع حقيقي: وين تبيني أنام
زايد تأفف: لا تخافين ما أبيش تنامين عندي
الجناح اللي جنبي فاضي من الليلة بتنامين فيه
مزنة تنهدت تعلم أنه لن يتراجع مادام قد حلف: زين خلني لين بكرة
لين أجيب أغراضي
زايد بصرامة: أنا حلفت وانتهينا
الليلة أنا بأجيب لش اللي تحتاجينه ومن بكرة الخدامات ينزلون أغراضش والله ما تحطين يدش في شيء
مزنة حرجها يتزايد: زايد الله يهداك منت بعارف تجيب لي أغراضي بأطلع أجيبها وبأنزل
زايد تنهد بحزم أشبه بتنهيدة الوجع: تراني كنت معش في غرفة وحدة لشهور
يعني مالحقت أنسى وش تستخدمين وش تلبسين
" ليتكِ تعلمين كم استعدت في ذاكرتي
كل عاداتك اليومية كشريط لا أمل من إعادته وتكراره!!
حتى حفظت كل شيء كمقرر سيمتحنونني فيه!!
أنا الآن أكثر معرفة مما مضى!!"
مزنة لا تنكر تأثرها المتعاظم
ففي خضم كل هذا الإرهاق يكون الإنسان بحاجة للمسة حانية مهما يكن
فكيف واللمسة الحانية منه
كيف استطاع اكتشاف كل آلامها من أول جلسة معها
بينما الجميع يمرون عليها وكأنهم لا يبصرونها!!
قد يكون أبنائها مهتمون لأبعد حد بها لا تنكر لكن لا أحد منهم لاحظ ما تخفيه!!
لا أحد منهم كلف نفسه أن يفتش خلف ماتخفيه أمه القوية التي يريدها قوية على الدوام
لكن هــــو بحث عن ضعف الأنثى فيها. ووجـــده!!
صعد بالفعل وأحضر أغراضها ووضعها في كيس
وهي مازالت تجلس في الصالة السفلية ممزقة بين حرجها وتأثرها
هتف لها بحزم: عطيني يدش أقومش
مزنة بحرج: زايد الله يهداك أنا جاية من عند إبي أمشي مافيني شي
تبي تمشيني ذا الخطوتين!!
زايد تنهد قد تكون محقة ربما هو يبحث عن أي سبب ليلمسها!!
ليشعر بملمس أناملها بين أنامله من جديد
أو ربما هو فعلا يشعر بالذنب تجاه تركه لها تعاني كل هذا دون أن يبدي أي اهتمام بها!!
**************************************
" ها يامش الساعة صارت تسع ماتبين تنامين"
جميلة بنبرة مرهقة تماما: مافيني نوم
منصور بنبرة رجولية حنونة: خلها لين تعشى وعقبه تنام
جميلة تتجه بالحوار لمنصور وهي تهمس بخجل: يبه فديتك فهد كلمك
منصور بأبوية: لا يأبيش كلميه خلصوا تدريب أكيد من زمان
جميلة شعرت بتشوش ما كيف يقول لها أن تهاتفه وهاتفه ليس معه
همست بحذر: أخاف تلفونه مهوب معه!!
ابتسم منصور: دام طلع من التدريب أكيد معه وين بيروح
ليه أنتي ما كلمتيه تطمنين عليه البارحة
جميلة بحرج: بلى كلمته بس اليوم ماكلمته!!
جميلة حملت هاتفها وخرجت
" معقولة يكذب علي وماخذوا تلفونه
زين ليش
ليش يافهد"
جميلة تنهدت وهي تتصل بعمتها أم صالح
بعد السلامات المعتادة همست بطبيعية: يمه فهد كلمش الليلة لأني أكلمه تلفونه مسكر
أم صالح بعفوية حنونة: توه مكلمني من شوي فديته
جميلة سألت بحذر وهي تشعر بتوجس عميق من الإجابة : كلمش من تلفونه
أو تلفون ثاني
أم صالح تستطيع أن تقرأ قليلا وإن كانت لا تكتب وهي تحفظ الأرقام والاسماء المخزنة في هاتفها
فجرت الإجابة تأثرا عميقا في نفس جميلة وهي تسمع جواب أم صالح القاطع:
من تلفونه يأمش
جميلة ألقت الهاتف جوارها وهي تنفجر في بكاء غير مفهوم
بكت بعمق شفاف كما لو كانت تكتم وجعا عميقا منذ زمن وتشعر الآن برغبة في تحريره!!
لم يخرجها من دوامة البكاء سوى رنين هاتفها
لم تكن تشعر برغبة لسماع صوت أي أحد أو الرد على أي اتصال
سوى اتصال شخص واحد تريد أن تفرغ فيه غضبها الذي تشعر به الآن
تريده أن يتصل فيها الآن لتصرخ فيه وتعاتبه وتسبه
تركت الرقم الذي لم تعرفه يرن حتى انقطع!!
ثم انتفضت بجزع وشيء مرعب وجارح يخطر ببالها
"الخاين النذل الخسيس يمكن أساسا ما يكون عنده دورة
ويمكن أساسا ماراح الامارات!!
الله أعلم وين راح ووش يسوي
الخاين والله لأسود عيشتك والله لأسود عيشتك!!"
تناولت الهاتف من فورها لتتصل بفهد بأنامل مرتجفة وغضب عارم يجتاح روحها
فور تناولها للهاتف. وردها اتصال من ذات الرقم الغريب
فتحت الاتصال دون أن تقصد
لتتفاجئ بالصوت الرجولي غير الغريب أبدا وهي تهمس بصدمة كاسحة:
خــــلــــيــــفـــــة!!!
**************************************
" كاسرة تعالي بس
حن جايين هنا عشان تقعدين في المطبخ"
كاسرة بمودة: بأسوي لك عشا بس
كساب بمودة أعمق: العشا تلاقين الطباخ سواه أساسا
وأنا ما أبي عشا
شوفتش قدامي مثل الحلى اللي عقب العشا
خبرتي حد يتعشا عقب ما يأكل الحلى ؟!!
ابتسمت برقة: لا ماخبرت مثل إني ماخبرت إنه حد يشبع من كلام
ومع كذا أنا شبعت مع أني كنت جوعانة
ابتسم كساب وهو يشدها لتجلس جواره: بنتعشى بس بعد شوي
لو مهوب عشاننا. عشان ولدنا مايموت من الجوع
ثم أردف باهتمام: إلا أنتي ماقلتي لي عجبتش المزرعة عقب التغييرات اللي سويتها فيها
كاسرة احتضنت عضده برقة وهي تهمس بعفوية حانية: تجنن والله
أصلا أنت كل اللي تسويه يجنن
ليتك بس تدري وش كثر
بترت عبارتها شعرت لثقل ما ستقول أنها عاجزة عن إخراجه كما تشعر به
بينما هو شعر لحظتها كما لو أن دقات قلبه توقفت انتظارا لما ستقوله
أنفاسه أصبحت ثقيلة لأبعد حد وهو يهمس بهذا الثقل كما لو أن خروج الكلمات يمزق حنجرته: وش كثر ويش ليه سكتي
همست بإبتسامة تخفي خلفها أنفاسها اللاهثة المتقطعة: وش كثر خاطري أسمع منك سالفة دخلتك السجن واللي صار عقبها
كساب بإصرار موجوع ( أحقا كانت ستقولها؟!!) : لا ماكانت كذا أنا متأكد
همست كاسرة بابتسامة عذبة مثقلة بالولع: إذا قلت لي السالفة كملت لك العبارة اللي أنت صرت عارف تاليها
حينها ابتسم كساب بأمل شفاف: وعد اسمع الجملة كاملة لو قلت لش السالفة كاملة
بس تجمدين لي قلبش
ابتسمت بحماس: قلبي حديد وجامد والجملة تبيها مقدم قلناها
شد كفها بولع حقيقي: خليها في الآخر عشان الكلام يجر كلام أكبر!!
وخلينا في سالفتي أخلص منها ومن همها
وعشان تفهمينها عدل لازم نرجع بالزمن ورا خمس سنين ونص بالضبط.
#أنفاس_قطر#
.
.