" شعاع وش مقعدش في الصالة كذا بدري"
شعاع تجيب عالية وهي تتلهى في جهاز التحكم حتى لا تلاحظ انتفاخ وجهها من البكاء: ماجاني نوم عقب صلاة الصبح قلت بأقعد أشوف الأخبار
أنتي وش مقومش بدري لا ولابسة عباتش بعد
عالية في موقف آخر كانت لتلاحظ فورا مظهر شعاع المزري لكن لأن رأسها كان مشغولا بألف شيء لم تنتبه وهي تنهمر بالكلمات:
أبي أروح لبيت نايف أرتب كل شيء على ذوق وضحى وبأغراضها وعقب أقفله لين الزفة
خلي خالاتي يحترقون
تخيلي شعاع البيت ترتب أكثر من مرة ومفرش السرير تغير أكثر من مرة
كل وحدة تبي تحط مفرشها اللي هي اشترته
وتخيلي الأذواق عاد!!
العروس جايبة مفرش يجنن أمها حطته على السرير ورتبت كل شيء قبل أمس يوم جابت أغراضها
نايف وداني وشفت الترتيب كان خيال وراقي صدق
تخيلي البارحة في الليل متأخر يتصل علي يقول لي جاء غرفته لقا خالاتي قالبين الدنيا فوق حدر
وهو مستحي تسأل البنية عن أغراضها يقول لها ما أدري
شعاع همست بمودة رغم انشغالها بما فيها: تبين مساعدة
عالية تلبس نقابها باستعجال: تسلمين ياحلوة روحي لبيتش أكيد رجالش على وصول
أنا أساسا بأخذ خدامة من بيت هلي وخدامة من هنا وبنخلص بسرعة
حينما خرجت عالية للسيارة التي تنتظرها في البارحة كان هناك شاب طويل نحيل ينتظر خارجا يبدو شكله محرجا وهو يتصل في هاتفه ولا مجيب
عالية عرفته فورا وهو حينما رأى السيدة التي تخرج استدار بحرج ليعود لسيارته
لولا أن عالية أوقفته بطريقتها القوية في الكلام: أبو زايد تفضل داخل
الصالة مافيها إلا شعاع
علي هتف بلباقة رغم أنه ليس متيقنا من هي: صبحش الله بالخير يابنت خالد
أنا تفشلت الوقت بدري وأدق على شعاع وعبدالرحمن ماحد يرد منهم
عالية هتفت باحترام : عبدالرحمن راقد تبيه رجعت أقومه
علي يشعر بحرج متزايد: لا سلامتش جاي أسلم على عمتي وأخذ شعاع
عالية تغادر للسيارة وهي تهتف بذات نبرة الاحترام القوية: اقلط مابه حد داخل إلا شعاع بس!!
شعاع حينها كانت تمرر أناملها عبر جهاز التحكم وعيناها المغرقتان بالدموع تعبر شاشة التلفاز
وأفكارها المرة تحفر في روحها حفرا. تحاول إبعادها عنها فتجدها تعود لتحيط بها إحاطة السوار بالمعصم!!
لا تتخيل أن عليا به من الدناءة أن يخونها ثم يحتفظ أيضا بعلامة خيانته داخل صندوق مغلق كما لو كان يفتخر بها!!
لا تتصور مطلقا كيف من الممكن أن يفعل ذلك!!
رغما عنها شهقت بعنف وهي تتخيل الأخرى التي ضمها لصدرها تمنت أن يكونا كلاهما أمامها لتمزقهما تمزيقا.
" بسم الله عليش!!"
صوته الحاني كان قريبا كحلم تزايدت شهقاتها العنيفة رغما عنها
(الخاين حتى صوته ملازمني!!)
فوجئت باليدين الحانيتين تمسكان كتفيها من الخلف يتبعهما صوته الجزع:
بسم الله عليش ياقلبي اخذي نفس
شعاع قفزت بحدة لتستدير ناحيته بينما علي هتف بعتب: شعاع الله يهداش وش ذا النطة راعي اللي في بطنش!!
شعاع تنظر له بذهول وعيناها متسعتان من الألم والصدمة: مهتم من اللي في بطني عقب اللي سويته
علي يتنهد: شعاع حبيبتي امشي معي للبيت وبأفهمش كل شيء
شعاع بألم شاسع: ما ابيك تفهمني شيء ولا تقول لي شيء
لو هي وحدة غيري أصلا ماكانت طاقت تتفكر في وجهش!!
لو سمحت اطلع
علي اقترب منها أكثر ليشد كفها ليجلسها لكنها شدت يدها بعنف منه وهي تهمس بحدة: لا تقرب مني!!
علي يتنهد: شعاع تكفين المكان مهوب مناسب للكلام تعالي زين مجلس الحريم
شعاع تدير وجهها جانبا: علي لو سمحت اطلع برا ما أبي أسمع شيء!!
أشلون قادر تحط عينك في عيني وأنت خايني!!
علي يحاول أن يبعث أكبر قدر من الهدوء في صوته حتى شجارهما مثلهما هادئ شفاف راق:
ياقلبي ياحبيبتي والله العظيم ثم والله العظيم ثم والله العظيم. إن هذا ثوبي يوم تسكر علينا الأسنصير
شعاع مازالت لم تستوعب: وهو كل شيء في حياتنا بتعلقه على سالفة الأصنصير!!
ثم شهقت وهي تتراجع أكثر: وبعد خايني في يوم ملكتنا بعد وتكذب علي إنك تعلقت فيني من ذاك اليوم
علي هز رأسه بيأس: شعاع ما تذكرين لون الروج اللي أنتي كنتي حاطته ذاك اليوم
وقبل ماتعصبين حطي نفسش مكانش ودوري لي عذر
ولو مالي عذر أنا رجّالش وأب ولدش.
لو حتى ذنبي كبير قلبش أكبر
وأنا معترف إني غلطان وطالب السماح ومافيه حياة زوجية تخلى من المشاكل
شعاع كانت تسمع انهماره والطعنات تتعمق في قلبها همست باختناق حقيقي:
وهذي تسميها مشكلة زوجية.
علي لو سمحت لو ما طلعت أنا اللي بأروح وبأخلي المكان كله لك
علي تنهد ليزفر بحرارة: أنا بغيت أشرح لش كل شيء ماهان علي تقعدين تحترقين كذا بروحش
خلش وارتاحي وفكري زين وبكرة عقب العرس باجي أخذش
شعاع لم تستطع حتى أن ترد عليه وهي تنهار جالسة!!
بينما علي كان يشعر أنه يتمزق فعلا وهو يتركها خلفه ويخرج رغما عنه!!
ليشعر بالتمزق بأقصى معانيها وأشدها قسوة ووحشية وهو يصل لسيارته لتصله رسالة منها:
" علي لو سمحت لا تحرج نفسك ولا تحرجني!!
لا تجي بكرة ولا بعده.
وأنا لو حد سألني بأقول وحامي جا في البيت وفيك
مهوب يقولون اللي تحب رجالها يجي وحامها فيه.؟!!
انبسط بالغلا !!"
******************************
نايف يعيد عالية لبيتها بعد صلاة الظهر حتى يتوجه للحلاق
يهتف بقلق: علوي أخاف خواتي يزعلون
عالية بحزم: لا والله معطي كل وحدة منهم نسخة من مفاتيح بيتك عشان ماتزعلهم
وأنا أقول أشلون يقدرون يدخلون ويخربون على كيفهم
نايف يزفر بضيق: بس تروحين تغيرين مفاتيح البيت كلها!!
عالية بذات الحزم الأقرب للغضب: إيه بأغيرها ولو وحدة منهم عندها نص كلمة خلها تكلمني
أصلا أنا أبيهم يكلموني
نعنبو دار عدوك. هذا بيتك بروحك. ما لوحدة منهم فيه ريال.
كل وحدة منهم خذت حقها وزيادة في بيت إبيها وش يبون ببيتك
اللي طفشت بنت الناس ماحتى بتقعد أسبوع على ذا الحالة
حينها هتف نايف بنبرة مقصودة: مهوب أنتي تقولين إنها مرنة وبتحط خواتي على رأسها؟!!
عالية بنبرة جدية تماما: فيه فرق بين مرنة وتحط خواتك على رأسها
وبين هبلة ورقلة وماعندها شخصية وخواتك يركبون على رقبتها!!
أصلا لو مرتك ماحطتهم عند حدهم والله ماحد يأكلها غيرك وتعيش حياتك كلها بين ثمان طباين
يعني الواحد يكون عنده زوجتين يطلعون روحه. أشلون واحد عنده ثمان!!
نايف تنهد بعمق وهو يسند ظهره للخلف ويتمسك بالمقود
أي هموم تشغل بال شاب مثله وفي ليلة زفافه التي من المفترض أن تكون أسعد ليلة في حياته.!!
ممزق بين شقيقاته وبين زوجة يخشى أنها ليست مرنة حتى!!
بل يخشى أن تكون حادة ومتصلبة لدرجة الصدام المشترك مع شقيقاته!!
********************************
" ياعزتي لخالي عزاه
اللي راح فيها نويف وين كانت وضيحى داسة ذا الحلا كله
صدق صراحة طلتها إبهار عرفت أشلون تبرز نفسها!!"
سميرة بمرح مشابه لمرح ابنة عمها: خلي خالاتش يحترقون
سامعتهم بأذني يقولون أخينا الوحيد مالقى له إلا ذي وش الزود اللي فيها!!
عالية تضحك: خلش من خالاتي لو مالقوا شيء يحشون فيه حشو في أنفسهم
التفتي عليهم وشوفيهم وهم متزاحمين عند الاستقبال كل وحدة منهم كأنها تبي تقول أنا الكل في الكل
ثم أردفت بخفوت: إلا عمتش وش فيها مهوب عوايدها بالعادة منورة وتهلي وترحب الحين ماتبي تبعد من جنب وضحى
سميرة بتأثر: حتى أنا ماهقيتها بتتأثر كذا تدرين وضحى أخر العنقود وفراقها صعب
بالفعل كانت مزنة لا تكاد تبتعد خطوة من جنب وضحى لأنها ما ان تفكر أن تبتعد حتى للسلام على إحداهن
حتى ترى عيني وضحى تبحث عنها بوجع يزيدها وجعا!!
تنظر لها. فلا ترى كل الهالة حولها كل ماتراه هو ظفيرتين مجدلتين في أسفلهما شريطة بيضاء وهي في يومها المدرسي الأول
كانت في ذلك اليوم تماما مثل ما هي اليوم طهر مجلل بالنقاء وعيناها تبحثان عن أنامل والدتها وتفيضان بدمع يأبى الإنسكاب
تزيدها ذكريات ذلك اليوم وجعا. كلما تذكرت كيف أصر مهاب على أن يذهب معهما بنفسه.
وهو يشد على أناملها الصغيرة حتى أدخلها باب المدرسة ويرجو أمه أن تبقى معها قليلا.
تنظر لها فلا ترى عروسا بل ترى طفلتها هي أصغر الأبناء
وككل الأمهات يظنون أن هؤلاء الصغار لن يكبروا
سيبقون صغارا نرتشف معهم خربشات طفولتهم!!
كاسرة قاطعت أفكار أمها وهي تربت على كتفها برجاء خافت: يمه طالبتش اقعدي شوي
اقعدي جنبها لو تبين بس بلاها ذا الوقفة!!
مزنة لم ترد عليها حتى لا تريد أن تجلس لأنها لا تريد أن يفوتها لفتة من لفتاتها ولا نظرة من نظراتها
تريد أن تطرز ناظرها برؤيتها طفلتها وحدها قبل أن تذهب بأخر ذكريات طفولتها إلى عالم النضج!!
**************************************
" أنت صدق طالع المطار الحين"
فهد باحترام: إيه طال عمرك يا الله الحق
منصور بتساؤل مهتم: والوضع بينك وبين مرتك أشلونه
أنا سألتها تقول كل شيء زين
فهد هتف بشجن مخفي خلف حزم صوته: زين إن شاء الله!!
ثم أردف بثقة: وعلى طاري جميلة أبيك توصل لها ذا الظرف طال عمرك
لأني مالحقت أشوفها اليوم
(كنت أتمنى أشوفها
بس هي ماردت على تلفوناتي!!)
منصور أعاد الظرف لفهد بغضب: تبي تصرف على بنتي وهي في بيتي!!
فهد أعاد الظرف بإصرار أكبر: والله ماتقول شي إلا أنت ترضاها علي؟!!
ترضى إن حد غيري يصرف على مرتي حتى لو كان إبيها؟!!
منصور ابتسم فهذا الشاب غال جدا على قلبه لأنه لطالما عرف كيف أن له قلبا لا يعرف التلون :
باعطيها الظرف عشان خاطرك بس ياويلها تصرف منه وهي عندي!!
ابتسم فهد ردا على ابتسامته: وياويلها تصرف من غيره حتى لو هي عندك!!
ثم أردف بمودة: خلني أقوم أسلم على خالي لأنهم بيزفونه الحين وأنا بأطلع للمطار
منصور بأريحية: أنا بأوصلك
فهد بإصرار حازم: لا والله ماتوصلني حتى أخواني عييت حد منهم يخلي العرس عشان يوصلني
سواق البيت ينتظرني برا وهو اللي بيوصلني!!
*******************************