بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس والعشرون
كفاه يسكنان طوفان شعرها وهو يهمس بصوت خافت عميق النبرات: كلنا بنقوم نتوضأ ونصلي مع بعض ركعتين الحين
بس أول شيء أنا كنت وعدت نفسي بشي صغير من زمان
ولحد الحين ماصار
عفراء جفت الكلمات في حنجرتها مع تلميحاته الغامضة التي لم تفهمها
منصور أكمل بعمق: تدرين وش وعدت نفسي
أشوف عيونش
عفراء بحرج: تشوف عيوني
منصور يبتسم: من أول ماخذ زايد أختش وأنتي عمرش 7 سنين وعقبها بسنة ماتوا هلش الله يرحمهموجيتي بيت زايد
وأنا خاطري أشوف عيونش
عفراء عاجزة عن رفع عينيها وهي تهمس باختناق خجول: وأنت شفتهم وواجد مهوب شوي
منصور بابتسامة ذات مغزى: مثل ما أنا شايفهم الحين يعني
عفراء صمتت بحرج بينما منصور مد يده ليرفع وجهها له وهو يهمس بثقل فخم:
تدرين إنش من يوم أنتي بزر عمرش ما حطيتي عينش في عيني كان خاطري أشوف عيونش عدل
حينها نظرت عفراء له ثم عادت لتنزل عينيها وهي تهمس بخجل عميق:
أمي الله يرحمها كانت دايما تقول لي البنت ما تكاسر الرجّال حتى لو هو إبيها وإلا أخيها
وذا الشي عمره ما راح من بالي
(تكاسر= تنظر إلى العين بشكل مباشر)
منصور همس لها بتلاعب: زين أنا أبيش تكاسرينيارفعي عيونش خلني أشوفها يا بنت الحلال
عفراء لم ترد عليه وارتباكها يتزايد
ولكنها أدخلت يديها في شعرها وهي تمسك بيدي منصور الاثنتين وتبعدها عن شعرها
بدت لها ضخامة كفيه لصغر كفيها مرعبة ومع ذلك أبعدتها وهي تقف مبتعدة
وتهمس بخجل: أبو زايد خلنا نصلي
منصور وقف وهو يردد في داخله (زين يا عفرا وين بتروحين مني)
رد عليها وهو بتسم: نصلي أول
أنا على وضي العشا توضي أنتي
عفراء همست بحرج: أبي لي ربع ساعة عادي
منصور جلس: خذي راحتش
عفراء متوترة بالفعل هذا القرب الرجولي الباذخ يشعرها بالارتباك لا تعرف حتى كيف تتعامل معه
اعتادت التعامل مع كساب وعلي كابناء ولا تعرف كيف يكون التصرف مع رجل من هذا القرب خارج إطار دورها كأم
مسحت مكياجها وخلعت ملابسها توضأت ثم بقيت محتارة ماذا ترتدي لتستقر لها جلابية حرير مغربية بما أنها تريد أن تصلي أولا
تناولت سجادتها وجلال الصلاة من دولاب الملابس ثم خرجت
منصور وقف حين رآها وهتف بحزم :نصلي
اجابته بخفوت: نصلي
وقفت خلفه وصليا وحينما أنهى الصلاة التفت لها ووضع يده فوق راسها ودعا بالدعاء المأثور
"اللهم أني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ماجبلتها عليه"
ثم ردد في داخله بعمق شفاف( صليت ودعيت الدعاء مع كل وحدة تزوجتها وما الله كتب لي التوفيق
يا الله أنك تكتبه لي ذا المرة)
حينما أنهى الدعاء رفع وجهها ثم ابتسم: تدرين لا عاد تحطين مكياج أبد ما تحتاجينه وانا أحب أشوف شكلش طبيعي قدامي
عفراء وقفت بخجل همست وهي تخلع جلالها: إن شاء الله
كانت توشك على الاتجاه لأي مكان بعيدا عنه ولكنه شدها ناحيته: وين بتروحين
عفراء بخجل عميق: ولا مكان بقعد
وكانت بالفعل بحاجة إلى أن تجلس فطوله جوارها أشعرها بالضآلة
وإحساسها بقربه يوترها ويجعلها عاجزة عن التفكير
شدها وأجلسها وجلس جوارها ثم هتف بثقة وهو يسند كتفيه للخلف:
حاسة إني استعجلت عليش في موضوع العرس
عفراء ابتلعت ريقها الجاف ولم ترد منصور أكمل بذات الثقة: من يوم دخلنا هنا حتى كلمتين على بعض ما قلتيها
أدري إني استعجلت عليش وانش أكيد متوترة ومستحية
بس تدرين عفرا ماعاد حد منا بصغير وإلا يمكن يأخذ قرار مهوب عقلاني
يعني ما اعتقد إنش وافقتي علي وأنتي مترددة لو واحد في المية
صح وإلا أنا غلطان
عفراء تهمس بصوت مبحوح: أكيد إني ما وافقت إلا وانا مقتنعة
أنا يا ابو زايد محتاجة بالفعل لشريك حياة
منصور قاطعها بفخامة: قلنا منصور
ولكن عفراء لم تستطع أن تنطق اسمه مجردا لذا أكملت حديثها بذات صوتها المبحوح الجاف:
بس أنا طول عمري ويمكن من طفولتي وأنا أم ربيت مع وسمية الله يرحمها عيالها كلهم من أول واحد كساب وأنا عمري 8 سنين
وأنا حاسة إني أمه مهوب خالته لين علي ومزون ثم بنتي عمري ما كنت أنثى بمعنى أنثى
فسامحني لو ماعرفت أتصرف معك في البداية بالطريقة اللي ترضيك
حينها مد منصور اصبعه ومسح على طرف خدها نزولا لعنقها وهو يهمس بثقل خافت: هذا كله ومنتي بأنثى أجل الأنثى من تكون
****************************
قبل ذلك بساعتين
" عالية حبيبتي فيه عجوز تحت تقول لش عمتي أم صالح تقهوينها لين تجيش"
عالية تلتفت لباب غرفتها حيث تقف نجلاء وهي تخلع عباءتها بعد عودتها للتو مع نايف:
الحين أنتو منتظريني أرجع عشان تنطون في حلقي أقهوي عجوز النار قهويها يا بنت الحلال لين أخذ شاور وعقب يصير خير
نجلاء تغمز وتبتسم : عجوز النار ذي جايه تخطب تعدلي بسرعة وانزلي سلمي وخلش ذوق معها
أمش مادرت أنها بتجي ذا الحزة.وهي رايحة مع أمي يسلمون على جارتنا الوالدة
فقالت لي خل عالية تقويها لين أجي
حينها قفزت عالية بمرح: والله فلة وأخيرا حد تذكر يخطبني
خلني أروح أشوف أم المعرس لا بارك الله فيه ولا في أمهوش فيه أبطأ الخايس
ومهوب لازم أتعدل واجد عليها شوف خشتي
عالية تقفز الدرج وهي ترى الموضوع كله من زاوية مرحة بينما نجلاء تهتف وراءها: لا تفضحينا في المرة تراها غريبة شوي
عالية تكاد تصل أسفل الدرج: أشلون غريبة لها قرون يعني. القرون أنا الحين بأطلعها لها هي وولدها
عالية دخلت مجلس الحريم وهي ترحب بالطريقة المعتادة: ياهلا والله ومرحباحياش الله أمي على وصول مهيب مبطية
اقتربت من الطاولة التي وضعت دلال القهوة عليها وهي تتمعن في العجوز التي لا يكاد يظهر منها شيء
وهي ترتدي قفازات سوداء وتلبس نظارات عريضة وسميكة جدا فوق برقعها
عالية همست لنفسها بصوت خافت: شكلها عميا مرة وحدة الله يستر لا يكون ولدها مثلها
ثم أردفت بصوت عال: أشلونش يمه أشلون صحتش
ولكن العجوز لم ترد عليها مطلقاعالية صبت لها فنجان قهوة ومدته لها وهي تستغرب أن العجوز لم تتحدث مطلقا
العجوز وضعت الفنجان على الطاولة الصغيرة أمامها
ثم شدت عالية لتجلسها جوارها عالية اُحرجت من تصرف العجوز ومع ذلك بقيت جالسة جوارها
ولكن ما لم تحتمله مطلقا أن العجوز بدئت في تحسس جسدها بطريقة محرجة
حينها تفجر غضبها وقفزت وهي تصرخ بغضب:
أنتي شتسوين لا تكونين قاعدة تستكشفيني لولدش
برا يا الله اطلعي برا لا بارك الله فيش من عجوز
العجوز مدت عصاها وضربت عالية بخفة على فخذها عالية حينها صرخت بغضب:
لولا إنش عجوز كبر جدتي وفي بيتنا و إلا والله لا تشوفين شي عمرش ماشفتيه
أنهت جملتها واتجهت للباب لتفجع أن الباب انغلق عليهما
التفتت ناحية العجوز لتجد العجوز تتقدم ناحيتها بظهرها المنحني تلوح بعصاها
عالية صرخت: قسما بالله منتي بصاحية ياعجوز روحي وراش تراش منتي بمستحملة كفين خايفة من الله تموتين في يدي
ولكن العجوز استمرت في التقدم لتهرب عالية منها ورعبها بدأ يتصاعد لأنها ايقنت العجوز يستحيل أن تكون طبيعية
بدأت سلسلة من المطاردات عالية تركض والعجوز خلفها وهي تضربها بالعصا كلما تمكنت منها
وعالية تصرخ برعب حقيقي: يمه نجلا افزعوا لي
كانت عالية على وشك أن تصعد فوق طرف الأريكة حتى تصعب على العجوز الوصول لها
لكن حينها لمحت ساقي العجوز التي رفعت عباءتها لتصعد خلف عالية
كانتا ساقين ناعمتين مصقولتين ناصعتي البياض
حينها نزلت وهي تغافل العجوز لتشد البرقع عن وجهها
لتنفجر سميرة ضاحكة وهي تهتف بين ضحكاتها الهستيرية: عادي يا بنت الحلال تكفير عن مقالبش فيني أنا واختي طول ذا السنين
وعلى إنش طولتي لسانش علي أنا ورجالي
عالية بدأت تضربها وهي تضحك بصوت عال: صبيتي قلبي جعل رجالش يطلقش
وحينها فُتح الباب لتظهر نجلاء التي كانت تسمع عبر الباب وهي تضحك أيضا بشكل هستيري: ها أكيد انبسطتوا خوش مقلب ياهل المقالب
عالية تضحك ووجهها احمر من كثرة الضحك: أنا التالية ما تقعد فيني إذا مارديتها دبل فأنا ما أنا بنت خالد آل ليث
سميرة مازالت تضحك : لا تكفين مافيه دبل لذي إلا لو أنتي ناوية تذبحيننا
حينها التفتت عالية لسميرة وهمست برجاء لطيف شفاف: منتي بزعلانة علي صح
سميرة ابتسمت: لا خلاص تعرفينني أنسى بسرعة
عالية حينها همست بضيق عميق: بس أنا زودتهازودتها واجد بعد بس والله من غلاش عندي آجعني الموقف كله
نجلاء تهمس بمودة: خلاص من غير عتب يالله اطلعوا لغرفة عالية وأنا بأروح أسوي لكم خوش عشا
المهم لاعبوا عيالي وونسوهم معكم
*******************************