الملاحظات
صفحة 23 من 29 الأولىالأولى ... 132122232425 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 221 إلى 230 من 290

الموضوع: رواية بين الأمس واليوم

  1. #221  
    المشاركات
    3,260
    الجزء 84
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    لا حول ولاقوة إلا بالله
    .
    .


    بين الأمس واليوم / الجزء الرابع والثمانون





    نايف شعر حينها أنه يريد أن يقف كل شيء حوله كما وقف قلبه انتظارا لسماع همساتها التي أرهقه التفكير في نغماتها وصداها
    فهولا يوجد لديه سوى التفكير.
    سبحان الله كيف تكون خالي البال والروح وحين ترتبط بإنسان ما تجد تفكيرك يتدفق تلقائيا نحوه ليشغلك كل ما يخصه
    لم يكن يريد الزواج ولكن ما أن ارتبط اسمه بها حتى وجدها تشغل تفكيره كما هي فطرة البشر السليمة!!

    تعالى رنين الهاتف ودقات قلبه تتعالى معه
    وهو يسب ويشتم في داخله لأن الهاتف يكاد يصمت من الرنين دون أن يرد عليه أحد

    وكاد قلبه يتوقف فعلا حين سمع الرد وهمسها يتعالى في فضاء السيارة في الثانية الأخيرة قبل أن يصمت الهاتف عن الرنين.

    همسها الرقيق الرزين الهادئ: هلا علوي!!
    غريبة متذكرتنا من عقب الدكتور وأنتي ماتعبرين حد!!

    نايف يهف على نفسه بحركة تمثيلية وهو يهمس لعالية بصوت منخفض:
    ياويل حالي هذا الصوت الأنثوي مهوب صوتش اللي تقولين مكينة سيارة خربانة!!

    عالية تشير له بيدها (زين أوريك) وهي تهمس لوضحى بمرح: أبد طريتي علي يا الدبة
    كان عبدالرحمن اليوم يحكي لي إنه درسش مرة مادة اختيارية!!

    نايف انعقد جبينه بغضب (يعني هو يدرسها وأنا حتى ما شفتها!!)
    وضحى ضحكت برقة: يا النصابة أنا سجلت المادة كانت بدون اسم دكتور
    ويوم خذها ولد عمتي. رحت وحذفتها على طول!!

    عالية تضحك: زين أنتي شكلش في السيارة!! شأخبار تجهيزاتش

    وضحى بهدوء: هذا إحنا رايحين جايين الحين رايحين أنا وأمي للسيتي سنتر!!
    توصين شيء

    عالية بعفوية: تسلمين حتى أنا بأروح للسيتي. بس بأمر السد أول

    وضحى تبتسم: كان ودي أقول أشوفش هناك. بس أنا بأنزل هناك الحين وعلى ماتجين بأكون رحت
    خلينا مرة نطلع كلنا سوا أنا وأنتي وسميرة ومزون!!

    عالية بإبتسامة: خير ليش لا

    تبادلا بضعة عبارات قبل أن ينتهي الاتصال لتتفاجأ عالية بالطريق همست باستغراب:
    وين رايحين

    نايف بثقة: للسيتي

    عالية بذات الاستغراب: بس أنا قلت لك أبي السد اول

    نايف بثقة باسمة: وأنا أبي أشوف زولها من بعيد

    عالية انفجرت بالضحك: تدري إنك استخفيت والله العظيم!!

    نايف يضحك: من عاشر القوم خمس سنين وأنا معاشر خبلة من درجة المجانين الخطرينلازم تظهر التأثيرات!!







    *********************************






    " أصب لك قهوة بعد"

    خليفة يشير بيده وهو يهمس بهدوء: ما أبي قهوة بس جيب لي أحمدوه أسلم عليه

    جاسم يضحك: الله يعين أحمدوه عليك أنت ومرتك مصيتوا عافيته
    الحين خل مرتك تخلص منه وبيتصلون علينا
    ما أدري متى بتيبون لكم واحد وتفتكون من حلق ولدي؟!!

    خليفة بسكون: الله كريم!!

    جاسم باهتمام لا يخلو من غضب : وش فيك متضايج لا يكون عشان عرس طليقتك عقب جم يوم

    خليفة قفز واقفا وهو يهتف بصدمة حقيقية: نعم عرس جميلة عقب جم يوم

    جاسم بذات النبرة الغاضبة: إيه عرسها عقب جم يوم.
    زايد اتصل في أبوي يأخذ موافقته. مسكين أبوي ما عاد خليت له ويه

    خليفة بذهول موجوع وهو مازال واقفا: جميلة بتزوج

    جاسم بعتب غاضب: وأنت وش فيك تدودهت اقعد اقعد لاينقص فيك عرج
    لا تكون تبي تروح تخرب عرسها مثل ماخربت زواجها من ولد خالتها أول مرة

    خليفة عاد للجلوس وهو يهمس بيأس عميق مثقل بالجرح: تدري زين إني ما أقدر أسوي شيء
    بس تفاجأت توها من أسبوع بس خلصت عدتها
    ماهقيتها ممكن تسويها وبذا السرعة معقولة


    جاسم بنبرة عاتبة: زين أنت تملكت عقب طلاقها بشهر وتزوجت عقب شهرين ونص
    ولا تقول أنا السبب لأنه كل شي كان خيارك بروحك!!
    مشكلتك خليفة اللي ما تتناسب مع عقلك إنك متسرع وايد ويوم تعصب تسوي مصايب
    مثل اللي سويته ثاني يوم ردتك من السفر مع جميلة
    خذتني أنا وأخوك محمد لأنك عارف إنه دم الشباب ماخذنا مثلك ومعصبين معك
    ماقلت لأبوي لأنك عارف زين إن أبوي كان بيردك
    وعقب ماحتى رضيت تقول له إلا عقب ماصار يلح عليك تراضي بنت عمتك

    يعني هو قال لزايد خلها ترد بنفسها عقب طلاقكم بأسبوع على أساس إنها في العدة وكان يبي يرد كرامتك شوي بهالكلام
    لكنه يا عندك وقال لك حتى لو أنا قلته ما أرضى على بنت عمك وتعال نراضيها مهما كان بنية يتيمة
    وأنت تتهرب منه ماتبي تقول له إنك طلقتها (بالثلاث) وأثبتها في العقد
    وإنك خلاص ماتقدر تردها
    والمشكلة إنك ندمت واحترقت وعقبها بكم يوم بس وش الفايدة

    وعقب عشان تتهرب من زايد اللي كان يبي يصلحكم وأنت تتهرب من اتصالاته
    خطبت اخت مرتي عشان ماعاد يفكرون بهالسالفةوسويت نفسم مجبور
    وحتى لو أنا جبرتك يمكن كنت أبيك مرة وحدة تسوي الخيار الصحيح.

    المشكلة إني ما أدري أنت ليه ماكنت تبي يوصلها إنك طلقتها بالثلاث.
    لدرجة أنك تتهرب من إرسال العقد لها لحد ماخذه عمها بالغصب قبل فترة بسيطة!!
    مهتم من مشاعرها يعني عقب ماطلقتها وأنت توك في المطار؟

    أنا ماعاتبتك أبد لأني كنت حاس بحسرتك وماكنت أبي أزيدها عليك
    بس خلاص الحين طلع جميلة من رأسك وعيش حياتك
    ترا مرتك ما تستاهل منك التهميش اللي أنت معيشها فيه!!


    خليفة بقهر: ليه ياجاسم مامنعتني وقتها كان قلت لي طلقة وحدة تكفي ترد كرامتك وزيادة
    أنا كنت بأموت من الويع بغيتها تدري إني بعت مرة وحدة مثل ماهي باعت
    ظنيت إني ماراح أندم حزتها الزعل والقهر أعموا كل تفكيري
    لكن بعد ماسويتها ماهان علي يوصلها الخبر موكفاية إني طلقتها
    ليه أعورها بإهانة مثل هذي
    الله ياجاسم لو الزمن يرد بس لو أقدر أرد أمس لو أقدر!!

    جاسم وقف وهو يهتف بحزم: وأمس ماراح يرد وأنت ولد اليوم
    بأروح أييب لك أحمدوه
    وانتبه على مرتك لا تضيعها من إيدك بعد!!
    ترا مافيه مرة ترضى تبات في حضن ريال وهو يفكر في غيرها






    **********************************





    " ها زيودي الحلو
    نبدل ملابسك أول وإلا نشرب حليبة أول"


    كانت كاسرة تناغي زايد الصغير وهي تحمله بين ذراعيها وتفتح باب جناحها متجهة للداخل وهي تحمل حقيبته على كتفها

    كانت تريد أن تضعه على السرير حتى تعد الحليب له

    لولا الصدمة الكاسحة التي وجدتها في الغرفة والتي جعلت تفكيرها كله يُنسف وهي تضع الصغير على السرير دون أن تشعر حتى
    وهي تتجه لما رأته لتتأكد بنفسها !!


    كان دولاب كساب المغلق مفتوحا كاسرة شعرت بالتوتر أن يكون هناك من دخل للسرقة
    ولكنها تشجعت من سيسرق في وضح النهار وهم مازالوا بعد صلاة العصر بقليل؟!!

    ولكنها عادت للتساؤل: من سيفتح خزانة كساب إذن

    حين أطلت في الخزانة صُعقت تماما مما رأته داخلها!!


    " كيف يستحيل
    شيء غير معقول!!
    وكيف يخفي عليها شيء كهذا
    ولماذا يخفيه أساسا فلا داعي أبدا لإخفاءه"


    كانت مصدومة تماما مما تراه أمامه وزادت صدمتها صدمات وهي تسمع الصرخة العالية الغاضبة:

    "كاسرة!! "

    استدارت للخلف كما لو كانت مغيبة الشعور في حلم عذب
    أحقا ستراه الآن؟!!
    وبعد أسبوعين فقط من غيابه وهو من قال لها شهر
    إن كانت بالكاد احتملت الاسبوعين فكيف ستحتمل الشهر إذن


    حين رأته واقفا أمامها
    ما رأته فيه جعلها تنسى كل شيء وجزعها عليه ينسيها لهفتها له وصدمتها لما رأته في خزانته

    بينما هو حين خرج من الحمام ورأى ظهرها كاد يركض نحوها لشدة لهفته لها
    فهو كان اتصل بهاتفها ولم ترد لأنه كان بداخل حقيبتها في غرفتها
    وحين سأل والده عنها قال له أن الجميع خارج البيت لذا حين رأها هنا شعر أن أسرابا من حمائم البهجة حلقت في روحه!!

    ولكن حين رأى أنها رأت مابداخل الخزانة تحولت لهفته لغضب شديد أعماه عن كل شيء
    أعماه حتى عن رؤية التماعة الدموع والقلق والخوف عليه في عينيها!!

    وهو يتجاوزها دون أن يلمسها حتى دون أن يسمح لها أن تعبر عن جزعها ورعبها وهي من كانت تمد يديها له!!

    وكأن كل همه أن يغلق الخزانة وتفكيره يتوقف حتى أغلقها
    ثم وهو يصرخ بها بصرامة: أنت أشلون تفتحين الدولاب وتطلين فيه وأنا ماني بموجود

    كاسرة بصدمة حقيقية مؤلمة وهي تنزل يديها بتحسر: نعم أنا لقيته أساسا مفتوح

    كساب بغضب حقيقي ليس منها ولكن من شيء آخر آخر أثقله بالحزن:
    ولو لقيتيه مفتوح ليش تطلين فيه

    كاسرة تتاخر وهي تمنع نفسها أن تظهر عبرتها المختنقة في صوتها وهي تهمس بحزم:
    آسفة السموحة فرقت على إني عرفت ذا الشيء بنفسي مهوب منك
    لا تحاتي ومتى كنت أطلع اسرارك؟!!

    كساب تنهد بألم وهو يقترب ليقبل جبينها فهو للتو شعر بنفسه وبما فعله فيها لكنها تأخرت ولم تسمح له بذلك
    جلس حينها على أحد المقاعد وهو يهتف بثقة يخفي خلفها خيبة أمله:
    أشلونش وأشلون هلي وهلش

    كاسرة بصدمة: أشلوني واشلون هلي وهلك
    هذا اللي عندك
    ثم أردفت بتهكم موجوع: حن طيبين أنت اللي أشلونك وسلامات!!


    كانت موجوعة تماما وتريد أن تنفجر في البكاء وهي ترى يده المغمورة في الجبس.
    ووجهه الممزق بعشرات الجروح الصغيرة التي لم تستطع إخفاءها عشرات اللصقات الصغيرة.
    كانت تريد أن تقترب لتغمر كل جرح صغير بعشرات من قبلاتها الجزعة المشتاقة الوالهة
    ولكنه نحر مشاعرها وخوفها وهو يجبرها على تنحية كل شيء جانبا وتمثيل البرود حفاظا على كرامتها التي صفعها دون رحمة


    من جانبه شعر بضيق عميق أن يكون مصابا بكل هذه الإصابات ولا تجامله حتى بإظهار بعض الجزع أو حتى بقبلة باردة على جبينه!!
    بأي شيء يظهر أن هناك نوعا من الإحساس بين جوانحها الصقيعية!!

    وهو لا يعلم كم جرحها تجاوزه البارد ليديها المدودتين نحوه بجزع والتي لم يبصرها أساسا
    بينما تظن هي أنه أبصرها ولكنه تجاوزها عمدا!!


    هتف لها حينها بتهكم كتهكمها: الله يسلمش بسيطة

    همست له بوجعها العميق المخفي خلف حزم صوتها: أدري إنها بسيطة
    مهوب أنا متزوجة جيمس بوند على غفلة

    هتف لها بوجعه الأعمق الأعمق بكثير المخفي خلف حزم أشد:
    ماقصرتي يأتي منش أكثر يا بنت ناصر

    صمتت لأنها كانت تعلم أنها لو همست بكلمة واحدة فقط فستنفجر باكية ولن يسكتها شيء.

    وصمت لأنه موجوع بشدة منها وموجوع أكثر من قبلها

    الصمت يحل بينهما وهما يتبادلان النظرات نظرات ماعادت تحمل أي معنى لشدة ماحملت من المعاني وتفجرت!!!

    لم يخرجهما من جوهما الغريب سوى صراخ طفل باك

    كساب انتفض بصدمة: وش ذا

    بينما كاسرة مالت بجزع على زايد الصغير وهي تهمس بحنان جزع عفوي إلى درجة الوجع:
    سامحني ياقلبي آسفة نسيت أسوي لك الحليب
    الشرهة مهيب عليك الشرهة على الكبار اللي مافي رووسهم عقل!!

    كساب للحظات ظل مصدوما غير قادر على استيعاب وجود هذا المخلوق الصغير في غرفته

    " تقول لولد عمي ذا النتفة ياقلبي
    وحن كملنا سنة وزيادة من يوم تزوجنا ماسمعتها من ثمها؟!!
    يعني هذي هي تعرف تقولها وأنا كنت أظن الكلام الحلو ممسوح من قاموسها!! "



    كساب جلس على المقعد وهو يتألم بشكل كبير كبير من ملامسة أطراف المقعد للجروح العميقة المنتشرة في أنحاء مختلفة من جسده
    ولكنه كان مشغول تماما بمراقبة كاسرة!!


    كاسرة رغم إحساس المرارة الذي يخنقها ولكنها حاولت تنحية كل مشاعرها السلبية جانبا وهي تضم زايد الصغير لصدرها وتحاول تهدئته

    رغما عنه تصاعد في داخله إحساس غريب بالغيرة

    " أ يتنفس هذا المخلوق الصغير المغبر عبق أريجها وهو يتمدد كملك في حضنها
    بينما أنا أذوي شوقا لمجرد ملامسة أناملها"

    ثم حين رأى انشغالها به وهي ترضعه ثم تغير ملابسه تصاعد في روحه إحساس مختلف بالمرارة وهو يتذكر رغبتها في طفل لم يرزقهما الله به
    وزادها هو عليها بقوله أنهما لا يصلحان أبوين
    كان يراها أمامه تتدفق حنانا غامرا عفويا لطفل ليس طفلها بل حتى لا يمت لها بصلة قرابة مباشرة!!

    يتمنى في أحيان كثيرة لو عاد به الزمن حتى لا يجرحها بهكذا اتهام يعلم أنه آلمها به كثيرا
    ولكن الزمن لا يعود وتأثير ماحدث فيه سيبقى.
    والكلمة حين نقولها لا نستطيع استطاعتها!! وتأثير وجعها سيبقى كذلك!!!!







    *********************************







    رد مع اقتباس  

  2. #222  
    المشاركات
    3,260


    " يأبيش ماشريتي شيء!!"


    جميلة باستنكار رقيق: ماشريت شيء!! أظني مابقى شيء في لبنان ماشريته
    أحاتي الوزن أصلا اللي بيكون معنا في الطيارة

    منصور بجدية: أنا ما أشوفش شريتي شيء

    جميلة تبتسم : فديتك والله اشتريت كل اللي أبيه وزيادة
    وأنت حتى ماخليتني أصرف شيء من مهري غير إني عندي فلوس والله العظيم
    وحتى سماوة زايد حطيتها أنت في حسابي بعد!!

    منصور بغضب: شكلش تبين تزعليني

    جميلة قفزت لتقبل رأسه وهي تهمس بمودة: فديت عينك كله ولا زعلك!!

    منصور بمودة وحنان: ليه يأبيش حاس إن خاطرش حكي تبين تقولين شي قوليه

    جميلة بتردد: والله العظيم إني ما أحس إن لي إب غيرك أنت وعمي زايد
    بس مهما كان عمي أحمد هو الوحيد الباقي من هل إبي
    أنا كنت أبي أقول لك تأخذ موافقته بس خفت من ردة فعلك

    ابتسم منصور: لا تحاتين يأبيش عمش أحمد يدري وموافق

    جميلة بيأس: تدري عمي يمكن هو حكي ماله فايدة ولا حتى قيمة
    بس أنا أستوجعت واجد إنه عمي أحمد ماحاول أبد يراضيني عقب طلاقي من خليفة
    حتى لو ما تراضينا كانت تكفيني محاولته!!


    منصور ابتسم: أنا عكسش كنت خايف إنه يحاول يراضيكم وترجعين لخليفة
    وذا الشيء أنا مستحيل كنت أوافق عليه. واحد سوى فيش كذا والله ما أخليش ترجعين له حتى لو حفا وراش!!
    بس أحمد أساسا ماكان يقدر حتى لو كان يبي!!

    جميلة عقدت حاجبيها باستغراب بينما منصور أكمل بثقة وهو يخشى من أثر ماسيقوله عليها ولكنها يجب أن تعلم :
    وأنا أساسا ماعرفت ذا الشيء إلا قبل 3 أسابيع لأني من فترة ألح على خليفة يرسل لي عقد طلاقش
    ويوم شفته يماطل قلت له بأروح أطلع نسخة من المحكمة فهو أرسل لي نسختش من العقد

    جميلة بتوجس مرعوب: ليه العقد وش فيه

    منصور شد له نفسا عميقا: خليفة طلقش بالثلاث!! وواجد تضايقت أنا وزايد من الموضوع


    جميلة انهارت على المقعد وهي تهمس بذهول بكلمات مبتورة: بالثلاث!!
    ليه أنا وش مسوية فيه ذابحة أمه وإلا إبيه
    يعني حتى ماكان يبي يفكر مجرد تفكير إنه ممكن يستخف ويرجعني!!
    ليه يجرحني بذا الطريقة؟!! ليه

    منصور كان يعلم أنها ستتأثر لكن ليس لهذه الدرجة وهو يرى جسدها يرتعش وعيناها تغيمان بالدموع
    منصور اقترب منها وهو يهمس لها بحنان: يأبيش أنا ماخليتش تشوفين عقد زواجش أول ماخذته
    عشان مابغيتش تأثرين وتوافقين على فهد من الحرة على خليفةبغيتش توافقين بدون ضغط

    بس الحين قلت لازم تدرين عشان تطوين ذا الصفحة من حياتش
    أنا ما أعيب أبد على خليفة خليفة رجّال فيه خير بس ماصار بينكم توفيق وهو ماعرف يتصرف
    وإن شاء الله إن توفيقش مع فهد أدري إنه بيتعبش أول الأيام مثل ماتعبت أمش بس أنتي قدها!!

    جميلة استدارات لتدفن رأسها في صدر منصور وهي تنتحب بشفافية
    مجروحة مجروحة بالفعل!!
    ثلاثة أشهر مضت وهي رغما عنها ينتابها أمل شفاف أن خليفة سيعيدها له تمنت أن تواتيها الفرصة لتشكره على كل ماقدمه لها
    لم تعلم أن كل مابينهما قد انقطع منذ اللحظة الأولى وانها كانت تبني آمالا على سراب
    وأن الحياة دائما ترسم لنا خطوط متباعدة شديدة التباعد لا نعلم إلى ين تقودنا!!

    وهي لا تعفي نفسها أبدا من الخطأ فهي كانت أول من اتخذ قرارا خاطئا تلاه خليفة بقرار خطأه أعظم وأفدح!!

    فالقرار الذي نتخذه في الحياة لابد أن نعلم يقينا قبل اتخاذه أن فرصة الأمس لن تتكرر لنا اليوم. أبدا !!!!





    ******************************************





    " أص ولا تقولين ولا كلمة الثنتين كلهم حلالي
    وحدة مرتي والثانية عمتي خلني أتمقل"

    عالية تضحك بخفوت: الله يفضح عدوك بتفضحناتمقل في ويش في سواد خلصني لا ينتبهون لنا

    نايف بتساؤل مهتم: على الأقل أعرف طولها
    هي الطويلة الرزة الي فيهم صح

    عالية ضحكت: لا والله آمالك شاسعة صراحة!! هذي عمتك يابعدي مرتك الثانية!!

    ضحك نايف: والله مهوب هين أبوكساب مايطيح إلا واقف
    خلاص خلينا نمشي وش أنا مستفيد كون وجع قلبي على الفاضي!!

    نايف وعالية غادرا مكان العبايات في السيتي سنتر حيث كانت وضحى وأمها مشغولتان بالإتفاق مع البائع وهما توليان ظهرهما للباب
    ولم تنتبها للعيون التي كانت تتبعهم بعد أن أخبروا عالية بمكانهم

    بينما عالية أكملت جولتها في مكان آخر ونايف يهتف لها بحزم:
    علوي عطيني رقمها!!

    عالية وقفت بصدمة: منت بصاحي أنت الحين غسلت شراعي عشان كلمت عبدالرحمن تبي تكلمها

    نايف بثقة: أنا ماكنت رافض المبدأ بس كنت رافض طريقتش وإنش دسيتي علي وحن كل واحد منا أسراره عند الثاني
    وهذا أنا أقول لش أبي اكلمها لا هو حرام ولا عيب!!

    عالية هزت كتفيها ببساطة: أنا بأعطيك رقمها مهما كان هذي مرتك
    وأنا أقول لك من الحين تراها بتغسل شراعك وتخليك ماتسوى بيزة
    وقد أعذر من أنذر!!

    نايف بإبتسامة واثقة: مهيب غاسلة شراعي تلاقينها بتموت من الوناسة
    يعني مستحيل أكون أنا مشغول أفكر فيها
    وأنا ماطريت على بالها. أكيد عندها فضول تعرف شوي عن شخصيتي

    عالية بمرح: زين خلك على ذا الثقة يا أبو شخصية لين يطيح وجهك وتلقطه
    وعقبه قول علوي قالت!!
    أنت استلمت شغلك وشكلك صدقت روحك ويا أرض اتهدي ماعليكي أدي!!






    **********************************





    " عسى زايد ماتعبش
    والله إني كنت أحاتي إنه يجننش بالصياح!!"

    كاسرة بعذوبة وهي تناول زايد الصغير لأمه: لا جنني ولاشيء فديت قلبه
    وأدري إنش الأيام الجاية مشغولة مع بنتش
    متى مابغيتي تجيبينه جيبيه وأي وقت وخصوصا إني مقدمة على إجازة من مدة وبتبدأ من بكرة!!

    كاسرة لم تقل لها مطلقا أنه بالفعل أتعبها لأنه مدلل ويريد من يحمله على الدوام
    فهو كان نجدة لها من السماء تشاغلت به عن كساب الذي لم يفارق مقعده إلا لصلاة المغرب ثم عاد
    لم تعلم أنه كان عاجزا حتى عن التمدد لأن جسده كله يصرخ بالألم جراء الجروح الغائرة في نواحي جسده المختبئة تحت ملابسه
    وأنه كان يجب ألا يخرج من المستشفى لولا إصراره لأنه لم يكن يريد أن ينتشر خبر إصابته وهو في المستشفى!!

    وبالتأكيد لم تقل لكساب أنها اتصلت بفاطمة وطلبت منها أن تقدم لها إجازة تبدأ في الغد للضرورة
    فهي يستحيل أن تغادر البيت وكساب على هذا الحال!!


    مزون همست بمرح: يا بنت الحلال مافيه داعي تجاملين خالتي أدري إنه يجنن بــلــ

    مزون بترت عبارتها وابتسامتها تنطفئ والدموع تقفز لعينيها وهي ترى من كان في تلك اللحظات ينزل الدرج

    ركضت ناحيته وهي تتحسسه بجزع متفجر بالشهقات: وش فيك وش فيك

    كساب مال ليقبل جبينها وهو يبتسم: مافيني شيء تعويرة بسيطة من حادث سيارة وأنا مسافر وهذا أنا قدامش طيب ومافيني إلا العافية

    مزون انفجرت فعلا في البكاء: هذا كله وتقول مافيك شيء يدك مكسورة ووجهك كله ملزق وتقول مافيك شيء!!

    خالته ركضت ناحيته وهي تهمس بجزع حقيقي مثقل بالحنان وهي تحاول جاهدة منع نفسها من البكاء: سلامات يأمك سلامات

    مال كساب على رأسها ثم كتفها مقبلا وهو يهتف بإبتسامة يخفي خلفها ألمه المريع: الله يسلمش ولا تسوونها سالفة هذا أنا قدامكم طيب

    مزون كانت تنتحب بوجع حقيقي وهي مازالت تتحسسه بينما خالته شدته لتجلسه وتجلس جواره حتى تسأله عن حاله



    وهــــــي
    تقف في البعيد كما لو كانت على ضفة أخرى
    لا تنتمي أبدأ إلى المشهد إلا . بوجعها اللا نهائي!!

    لماذا كان لهم الحق في التعبير عن ألمهم وجزعهم وخوفهم وانفعالهم وهي لا
    لماذا كان لهم حق الاطمئنان عليه وتلمسه. وهي لا
    لماذا لهم الحق في القرب هكذا. وهي لا


    كانت تقف في مكانها أشبه بتمثال حجري مجرد من الحركة والإحساس
    ليرفع حينها نظره إليها

    لا تعلم حينها لماذا بهت كل شيء حولها لتصبح هذه النظرات هي بؤرة الضوء!!

    هل هو عاتب!! حزين !! غاضب!! شامت!! مستهزئ!!
    أ يقول لها : انظري إلى مالم تقدميه لي ؟!!
    أم يقول لها : حولي من المشاعر مايغنيني عن بخل مشاعرك

    شعرت في هذه اللحظات أنها تريد أن تختلي بنفسها أنها تريد أن تستغل ذهابه لصلاة العشاء لتنزف هذا الوجع الذي ماعاد بالاحتمال!!

    لولا أن عفرا التفتت لها بعتب: ليش ماقلتي لنا إن كساب جا وتعبان كذا
    كان رجعنا على طول!!

    كان هو من أجاب وهو يقف ويهتف بحزم: أنا اللي قلت لها ماتقول لها أحد
    والحين رخصوا لي بأروح للصلاة.





    ***********************************





    " هلا يمه عندش حد"

    أم صالح بمودة: خالاتك بس بيتعشون عندي.
    وتراهم ينشدون منك يقولون قد لهم زمان ماشافوك

    فهد يضحك: قصدش لهم زمان ماحشوا فيني. بأبدل ثيابي وأنزل أقعد معهم شوي
    إلا خالاتي رقية وسبيكة هنا

    أم صالح تكاد تضحك ولكنها تضربه على كتفه وهي تهتف بغضب مصطنع: عيب عليك احترم خالاتك ياولد

    فهد يضحك: أصلا حتى رقية وسبيكة حرام فيهم هذولا ريا وسكينة!!

    أم صالح حينها ضحكت: دواك إذا مسكوك ذا الحين
    ثم أردفت وهي تتذكر شيئا فهمست بتردد: ولا تزعل عاد لا حاشوا مرتك بالحكي!!

    تغير وجه فهد للغضب: وليه مرتي وش دخلهم فيها
    ماعليه أنا ولد أختهم وحلالهم بس مرتي مالهم شغل فيها!!

    أم صالح بمهادنة: بعد يأمك أنت تعرف خالاتك

    حينها هتف فهد بصرامة: يمه أنا ما أنا بعبدالله يتوطون في بطن مرتي وهي ماسوت لهم شيء وأسكت

    أم صالح بعتب: تبي تلاغي خالاتك عشان مرتك

    فهد بذات الصرامة: إذا مرتي غلطت عليهم حقهم فوق رأسي
    بس إنهم يظنون إني بأسمح لهم يجرحونها وإلا يوجعونها بالحكي مثل ما كانوا يسوون في مرت عبدالله فأنا آسف
    وخلي كل وحدة منهم تلم لسانها وتقعد بحشيمتها!! وهذا أنا أقوله من الحين وقبل تجي بيتي!!


    ليس اهتمام فهد بالدفاع عن جميلة هو اهتمام بشخصها
    ولكنه ناتج من طبيعته المستقيمة بطريقة شديدة الحدة!!
    فهو من النوع الذي لا يتنازل عن مبادئه ولا يرضى (بالحال المايل)!!
    وإن كان قد تشاجر مع خالاته عدة مرات من أجل كلامهن عن جوزاء
    فكيف يسمح لهم أن يجرحن في زوجته؟!!





    ***************************************






    " كساب ماكلت شيء من عشاك"

    كساب يتمزق فعلا من الألم ومع ذلك مازال متماسكا تماما وهو يهتف بإرهاق:
    ماني بمشتهي اتصلي بس في إبي خليه يجيني!!

    كاسرة همست بقلق: ليه حاس بشيء؟ يوجعك شيء

    كساب بحدة: اتصلي بدون ماتسألين أو عطيني تلفوني وأنا باتصل

    كاسرة تراجعت وهي تهمس بجمود: حاضر إن شاء الله

    ربما في موقف آخر كانت لتخرج خارج الغرفة ولا تستجيب لطلبه ولكنها لا تستطيع فعل ذلك فحالته تربط يديها
    كانت على وشك الاتصال لولا الطرقات القوية التي تعالت على باب الجناح
    تلاها دخول زايد ومزنة.

    كساب وقف للسلام عليهم بينما الاثنان يرتسم على وجيهما علائم الجزع والقلق الشديد

    زايد هتف بعتب فور أن قبل كساب رأسه: ليش ماقلت لي إنك تعبان يوم كلمتني

    ومزنة تهتف بقلق أمومي: سلامتك يأمك عسى ماشر

    كساب بإرهاق: تعويرة بسيطة وأبيك يبه تجيب لي دكتور مستوجع شوي وأبيه يغير لي ويعطيني إبرة!!

    لم تغب على نظرة زايد أن هذا الألم ليس مصدره الكسر ولا الجروح التي في وجهه
    لذا اقترب من كساب وهو يفتح جيبه
    كساب أزال يد والده برفق واحترام وهو يهتف: يبه وش تسوي

    زايد بحزم: ولا كلمة خلني أحط ثوبكشكلك تبي مستشفى مهوب دكتور

    مزنة غادرت المكان بحرج وهي ترى زايد يصر على انتزاع ملابس كساب
    بينما كاسرة وقفت ودقات قلبها تتصاعد بعنف
    أ يكون محتاجا لمن يساعده على خلع ملابسه وهي حتى لم تعرض عليه المساعدة؟


    " وهو خلا لي مجال أساعده حتى لو بغيت!!"


    كساب رضخ لوالده فهو على كل الأحوال كان سينزع ثوبه أمام والده حين يأتي الطبيب!!

    كاسرة شعرت أنها ستنفجر من البكاء وهي ترى جسده بالكامل ملفوف بطيات من الشاش السميك التي بدأت نقاط صغيرة من الدم تبرز خلفها
    لم تستطع حتى أن تبقى واقفة وهي تدخل إلى الحمام وتنفجر من البكاء فيه!!

    بينما كان زايد يهتف بغضب حقيقي: أنت وش مسوي في روحك وليه أساسا تجي البيت ليه مارحت للمستشفى وكلمتني أجيك!!

    كساب بذات النبرة المرهقة: والله إنه بسيطة يبه!!

    زايد بغضب: دقيقة خلني أجيب لك ثوب نظيف ونمشي للمستشفى!!

    كساب طاوع والده فهو بالفعل محتاج للمستشفى
    وإن كان أصر على الخروج منه فهو لأنه دخله بدون اسم وكان يخشى أن يراه أحد فيعرفه حتى مع وجود الحراسة على باب غرفته والوضع الذي حدثت فيه إصابته!!
    ثم أن ماحدث بعد ذلك هزه بعنف وجعله يقرر الخروج حتى يعلم الجميع بعودته ويستطيع أن يفعل ماقرره!!


    والآن الآن سيدخل المستشفى باسمه وبقصته الجديدة إنه حادث سيارة في الخارج وأتى ليكمل علاجه هنا
    وجواز سفره يثبت فعلا دخوله البلاد من ساعات فقط!!
    حتى يستطيع أن يخرج في الغد ليفعل ماقرره!!






    ***********************************







    رد مع اقتباس  

  3. #223  
    المشاركات
    3,260

    " عمي وش فيك
    ليه وجهك تغير كذا
    حد قال لك شيء في المكالمة اللي قبل شوي "


    منصور بضيق كبير: يضايقش يأبيش لو نحجز على بكرة الصبح عشان الظهر لازم نكون في الدوحة

    جميلة بأريحية: لا يضايقني ولا شيء أنا أساسا كنت أقول لك خلصت وخلنا نرجع
    ثم اردفت بقلق عميق مفاجئ: حد من هل الدوحة فيه شيء

    منصور بأسى كبير: المصاب اللي قلت لش عنه اللي تأخرت عشان حادثهم.
    الله يرحمه بواسع رحمته وأبي أحضر الدفن والعزاء بكرة

    جميلة بصدمة: لا إله إلا الله إنا لله وإنا إليه راجعون!! من هو فيهم الولد وإلا المدرب

    منصور بذات أساه المتعاظم: لا الولد. المدرب ماحد يدري عن إصاباته حتى ولا يدرون أي مستشفى راح.

    جميلة بأسى: سبحان الله أعمار ذا الأجانب طويلة

    منصور باستغراب: من الأجانب

    جميلة بعفوية: المدرب أعرف إنهم غالبا فرنسيين وأحيانا أمريكان

    منصور يتنهد: لا هذا قطري بس عمري ماصدفته ماعمره درب فرقتي!!
    أسمع به ولا عمري شفته ولاحتى أعرف اسمه
    مع إنه المدرب لازم يكون رتبة كبيرة وكل الرتب الكبيرة اللي في الجيش أعرفهم






    **********************************





    حين خرجت من الحمام لم تجدهما
    حينها انهارت فعلا في كل البكاء الذي لم تجد له الوقت ولا المكان.

    يا الله. أ يوجد مخلوقين معقدين مثلهما في كل هذا العالم؟!!
    هي تذوي قلقا وجزعا وتأثرا ويأسا بأقصى المعاني والحدود ومع ذلك تعجز عن التعبير عن هذا أي من أحاسيسها كما تتمنى!!



    هو هناك في المستشفى وذهب إلى مستشفى خاص ليتلافى كثرة الأسئلة
    الطبيب غاضب من استعجاله على العودة
    فالجروح ملتهبة وكان يحتاج منذ ساعات أن يعلق مضاد حيوي في الوريد!!


    " يبه!!"

    زايد انتفض بحنانه القخم: لبيك يأبيك!!

    كساب بإرهاق وهو يوشك على أن ينام بعد أن ارتاح قليلا من آلامه:
    يبه لو سمحت بكرة الظهر فيه ناس أعرفهم عندهم دفن نبي نحضر الدفن والصلاة والعزاء إن شاء الله

    زايد برفض: الله يهداك أنت معذور من اللي بيشره عليك إذا ماجيت الدفن

    كساب بإصرار: مهوب عشان حد بيشره علي أو غيره أنا أبي أروح!!


    إحساسه بالذنب يخنقه يخنقه تماما يشعر أنه المسؤول عن هذه الروح الشابة التي ذهبت

    كان أول من صعد
    وحين شعر ببوادر انهيار المبنى انتزع الاثنين اللذين كانا يتبعانه من أحزمتهما وألقى بهما بعيدا
    فمهما يكن سقوطهما على الأرض من مسافة قريبةأهون من انهيار المبنى فوق رؤوسهم
    لم يعلم أنه هناك ثالث تبعهما إلا وهو ينزل بسرعة بعد أن فك حزامه وألقى بنفسه أرضا
    كان قد وصل للأرض قبل انهيار المبنىولكنه كان يحاول فك حزام الثالث
    لينهار عليهما حينها المبنى!!

    الشاب الآخر كانت إصابته في إجهزة أحيوية عدا أن بنيته كانت أضعف من بنية كساب
    مازال كساب يتذكر ارتفاع تشهداتهما كلاهما وهما يريان الموت قريبا هكذا!!

    وكم تصبح الحياة تافهة/ ثمينة في هذه اللحظات
    شريط حياته كله كان يمر أمامه في لحظة أخطاءه المتتالية مشاعره المعقدة وجوه أحباءه
    ماعاد قلقا من هذه الناحية فهو راض عن علاقته بالجميع إلا علاقته بها !!

    أ يذهب قبل أن يخبرها كم يحبها؟!!
    أ ينتهي كل مابينهما وكأنه لم يكن!!


    وهذا الذي يرافقه إلى رحلة الموت وكل منهما يشد على الآخر
    أ له زوجة أبناء أم تنتظر عودته
    أ هو يستعيد شريط حياته الآن؟!!

    رغم أن كلاهما لم يرَ وجه الآخر فكلاهما يرتديان الأقنعة اللازمة لتدريبات الصاعقة
    ولكن بدا في هذه اللحظة كما لو كانا يعرفان بعضهما منذ الأزل فليس هناك كالموت هادما للحواجز وملغيا للمسافات.!!


    حين صحا كساب بعد الحادث بعد مرور يومين كان سؤاله الأول هو عن رفيقه الذي كان معه
    وكم تضايق حين علم بصعوبة حالته. وكم تفجر حزنه أمواجا متتالية وهو يعلم بوفاته اليوم ويقرر أن يخرج المستشفى
    حتى يستطيع الذهاب لدفنه والصلاة عليه
    مازال صوت تشهده يخترق أذنه هادرا شجاعا لا يهاب
    روحه مغمورة بالذنب أنه لم يستطع إنقاذه وبذنب أعظم أنه نجا بينما هو لم ينجُ.



    غفا وهذه الأفكار هي ماتستولي على روحه حتى أبعد مدى ليرن هاتف زايد

    زايد رد بمودة: هلا يأبيش

    كاسرة بقلق ظهر فيه أثر صوتها المبحوح من البكاء: يبه كساب أشلونه

    زايد بتأثر: أفا عليش يأبيش ليه تبكين ترا كساب طيب ومافيه إلا العافية!!

    كاسرة كانت تريد أن تنفجر في البكاء مرة أخرى أ يكتشف عمها أنها كانت تبكي من رائحة صوتها بينما زوجها لم يشعر يوما بوجع روحها!!

    همست باختناق: أبي أجي يبه ممكن

    زايد برفض اختلط حزمه بحنانه: لا يابيش مايصير جماعتنا دروا بالخبر وأكيد بيأتي رياجيل واجد الحين!!
    بكرة الضحى بدري تعالي!!





    ***********************************





    كانت ترتب بعض الأغراض في دولابها حين رن هاتفها
    نظرت للساعة. الحادية عشرة!!

    " من اللي بيدق ذا الحزة ؟
    يا أمي ياكاسرة!! "

    التقطت الهاتف رقم غريب أعادت الهاتف مكانه الرنين تكرر عدة مرات!!
    ظنتها إحدى صديقاتها قد غيرت الرقم. فأرسلت رسالة:

    " من أنتي"

    وصلها الرد بعد ثوان:

    " التصحيح: من أنت
    أنا نايف
    تكرمي وردي علي لو سمحتي!!"

    وضحى تفجر غضبها عارما. ماذا يظن هذا نفسه أو يظنها وهو يتصل بها وفي هذا الوقت المتأخر!!

    تعالى الرنين مرة أخرى فلم ترد!!

    وصلتها رسالته الثانية:
    "حني علينا وردي
    ترا السالفة كلها كلمتين
    وأنا ترا رجالش ماني بحد غريب!!"


    شعر بغضب ما يتصاعد في روحه حين وصله ردها:

    " رجالي عقب شهر وعشر أيام مهوب ذا الحين
    وذا الحين اهجد وأمس علينا بلا قلة حيا!!
    ولو أنت صدق معتبرني مرتك ومحترمني
    ماكان تجرأت تتصل فيني وذا الحزة!! "


    نايف شعر أنه غضبه يتزايد كلما قرأ الرسالة أكثرأرسل لها بغضبه المتزايد :

    " لا والله أنتي اللي تعرفين الاحترام ومحترمة رجالش
    أنا تقولين لي قلة حيا
    تتصلين الحين وتعتذرين لي وإلا والله لا تشوفين شيء مايرضيش"

    لم يصله رد منها أبدا تزايد غضبه عليها
    ليتفجر تماما والرد يصله لكن من هاتف تميم:

    " عندك كلام تبي تقوله لأختي؟
    المفروض يكون عن طريقي يا ولد الأصل
    تعال الحين لمجلسي نتفاهم!! "




    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .
    .






    رد مع اقتباس  

  4. #224  
    المشاركات
    3,260
    الجزء 85
    توقفنا عن رسالة تميم لنايف. ودخول كساب للمستشفى
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    .
    بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس والثمانون






    مضى له نصف ساعة وهو يجلس في مجلس تميم الخالي الساعة تجاوزت الثانية عشرة
    وحتى المقهوي يبدو أنه نائم.


    حرج خانق خانق وجارح يتعاظم في روح نايف ولكنه لم ولن يهرب من المواجهة
    مادام قد تصرف هذا التصرف فلابد أن يحتمل نتائجه!!

    مشاعر عميقة ومتضادة ومشوشة تصطخب في روحه
    غضب عارم منها وإعجاب ملتبس لا معنى له بها!! وضيق عميق من رعونتها!!


    غاضب منها لأنها وضعته في هكذا موقف محرج وهو في الختام يبقى زوجها
    فكيف هان عليها أن تبعثر كرامته بهكذا موقف؟!!

    معجب بغرابة مخفية باستقامتها التي هي مطلب كل رجل في زوجته!!

    ولكنه متضايق تماما ولأبعد حد من رعونتها!!
    فهذا التصرف الذي تصرفته مطلقا لا يدل على الدبلوماسية التي كان يجب أن تتصرف بها في هكذا موقف
    فهو ختاما زوجها وإن ارتكب شيئا ضايقها كان لابد أن يكون التصرف بينهما
    فإدخال شقيقها الآن سيجعل الموضوع يكبر. ومايخشاه نايف هو تبعات هذا التدخل

    مازال لا يتخيل ما الذي سيعاتبه به تميم وإلى أي مدى سيصل العتاب؟!!


    كان مشغول التفكير تماما بالذي سيحدث وهو يضع سيناريوهات لحضور تميم وكيف سيكون العتاب ومامداه
    وكل الصور بدت له مؤذية جارحة وهو يقف أمام تميم كطفل مذنب بذنب لا يراه ذنبا أكثر من رغبة مشروعة لكنها مكروهة!!
    أمر لم يكن يستحق كل هذا الشد وكان يمكن حله بينهما فقط!!

    كانت هذه أفكاره التي غرق فيها حتى وصلته الرسالة الثانية من تميم التي بعثرت تفكيره تماما:

    " توكل على الله وروح لبيتكم
    أنا بأعدي الموضوع ذا المرة عشان خاطر وضحى واحترام إنك رجالها
    الاحترام اللي هي مالقته منك"


    نايف اتسعت عيناه غيظا وكان سينفجر غضبا بكل معنى الكلمة
    أ يحضره لمجلسه لإحراجه فقط؟!!
    ا يجعله لعبة له وهو يحضره بهذه الطريقة المحرجة ويصرفه بطريقة أكثر إحراجا؟!!

    نايف تنهد بعمق وهو يحاول السيطرة على غضبه وتحكيم العقل!!
    فمهما كان تميم قرر ألا يكبر الموضوع ولو أنه نزل له وعاتبه وجها لوجه كان الإحراج الشديد سيتوجه إلى مشكلة لا يعلم أين سيكون مداها الختامي!!

    لذا تحامل نايف على نفسه لأقصى حد وهو يرسل لتميم رسالة:

    " أنت ووضحى على رأسي
    وتأكد إنه لها الحشمة والتقدير!! "







    ***********************************







    " حبيبتي أنتي وين خذتي تلفوني ورحتي فيه"

    سميرة تخفي ابتسامتها وهي تضع الهاتف أمامه ثم تشير له: أنت كنت لاهي مع تصليح ذا الكمبيوتر
    وأنا كنت أبي أوري وضحى البرنامج الجديد اللي نزلته فيه
    وعقب قعدنا نسولف شوي وهذا أنا ما أبطيت


    .
    .


    قبل أقل من ساعة



    اتصال مستعجل يصل لسميرة من وضحى
    سميرة تدخل باستعجال على وضحى وهي تهتف بأنفاسها المتطايرة:
    وش فيش روعتيني


    وضحى تنتفض بشدة من الخجل والغضب همست باختناق وهي تمد سميرة بهاتفها:
    شوفي قليل الحيا وش مطرش لي وش يفكرني ذا وحدة من رفيقاته

    سميرة قرأت الرسائل ثم انفجرت في الضحك: والله مهوب هين نايف تأثيرات بنت عمي أكيد!!

    وضحى تكاد تبكي: أحر ماعندي أبرد ماعندش وش أسوي فيه
    أقول لتميم

    سميرة باستنكار: لا يا الخبلة وش تقولين لتميم

    وضحة بذات الاختنتاق: سميرة أخاف تميم يدري بأي طريقة إن هذا أرسل لي ويزعل وأنا ماصدقت إنه رضى علي!!


    مع أن سميرة كانت لا تعلم مطلقا سبب غضب تميم من وضحى لكنها كانت تلاحظه وكانت سعيدة جدا بالصلح

    ووضحى متحسسة جدا من الموضوع لأنها تخشى أن يكتشف تميم الموقف وهو للتو صالحها بعد أن كادت روحها تذوي من اليأس
    وحينها ستسقط من عينه ولن يُصلح بينهما شيء وتميم أهم لديها من كل شيء!!
    من كل شيء حرفيا!!



    سميرة همست بتحذير: أدري إنش متحسسة من الموضوع بس ترا تميم بيتحسس أكثر
    لأنه على طول بينط في رأسه إن نايف مايحترمه وإنه لو إنه امهاب عايش ماكان تجرأ يسوي كذا
    وأتوقع إن تميم بتكون ردة فعله عنيفة وزيادة عن اللزوم
    ونايف ترا غلطته تبي قرصة أذن ليس إلا!!

    وضحى بيأس: وأشلون نقرص إذنه زين؟!!

    سميرة حكت مقترحها بسرعة لوضحى فردت وضحى بحزم:
    وعلى فرض إنه تميم درا عقب أشلون بأحط عيني في عينه؟

    سميرة بثقة باسمة: لا تحاتين بأقول إنها فكرتي وإنش أساسا ماكنتي تبين وكنتي تبين تقولين له!!

    وضحى بجزع حازم: لا سميرة لاتكفين. أنا ما أبيش تدخلين ويصير شيء بينش وبين تميم بسبتي
    كفاية اللي صار بينكم أول بسبتي وبغيت أموت من الحسافة
    والله ما أستحمل موقف ثاني!!

    سميرة رقصت حاجبيها: لا ياحبيتي أول غير والحين غير!!



    سميرة عادت لغرفة تميم ووجدته مازال منهمكا في الحاسوب استاذنته أنها تريد هاتفه فأشار لها بين إنشغاله أن تاخذه


    الاثنتان أرسلتا الرسالة لنايف وهما تراقبان مع نافذة الصالة العلوية.
    حتى تراقبا المجلس. وفي ذات الوقت تريان تميم لو خرج من غرفته.

    حين رأتا سيارة نايف بعد دقائق تصاعدت دقات قلب وضحى بعنف وهي تهمس لسميرة بخفوت مختنق تماما:
    يمه ياسميرة ماتوقعت إنه بيسويها ويجي وبذا السرعة الحين وش بنسوي فيه

    سميرة تضحك: خليه ينقع نص ساعة. وعقبه أوريش فيه.

    بعد الرسالة الثانية والرد وهما تريان السيارة تغادر همست وضحى بذات الاختناق:
    والحين أنا قلبي منغوز منه ماني بمرتاحة لنايف ذا
    والشيء الثاني أشلون أحط عيني في عينه عقب ذا الموقف.
    لا وأنا بعد خذتني العزة بالأثم وسبيته من زود الخير!!

    سميرة هزت كتفيها وهي تمسك بهاتف تميم لتعود لعرفتها وتهمس بخبث باسم:
    والله عاد هذي أنتي وشطارتش مالي دعوة!! أنتي تصرفي!!



    .
    .




    نايف في سيارته المغادرة يكاد يتميز من الغيظ فعلا
    لولا أنه يحكم عقله لأبعد أبعد حد وإلا كان طلقها فورا لشدة غيظه

    لا يريد أن يحكم عليها من موقف. ولكنها وضعته بالفعل في موقف لا يحسد عليه.
    ويتخيل موقفه لو أنه وقف أمام تميم كالمذنب ليحاسبه وهو من يقف أمامه المذنبين ليحاسبهم!!


    مشاعر كثيفة ومتشابكة تتصاعد في داخله تجاه زوجته التي يجهلها تماما!!
    بدا له تصرفها حادا وشديدا لأبعد حد

    بدا يفكر تفكيرا بعيدا في شخصيتها وكيف هي
    هذه المرأة ستعاشره عمره كله وعالية أكدت له إنها مرنة جدا وغاية في اللطف
    فهل كانت عالية تدعي ذلك حتى تزيحها من طريقها فقط!!

    يفكر في شقيقاته الهم الأول له فهو يستطيع أن يستغني عن زوجته
    ولكنه لا يمكن أن يستغني عن شقيقاته!!
    يتخيل أن من تصرفت معه هكذا ومن أجل موقف لا يستحق
    كيف ستتصرف مع شقيقاته كيف ستحتملهن

    يخشى من ردات فعلها تجاههن
    الشيء الذي يستحيل أن يتغاضى عنه أو يتسامح فيه!!!
    والشيء الذي يقلقه وبشدة!!





    **************************************






    كان كساب يعود لفراشه بعد أن صلى قيامه وهو يهتف لوالده بإرهاق:
    يبه خلهم يجون يعطوني إبرة مستوجع شوي!!

    زايد يضغط جرس الاستدعاء وهو يتنهد بتأثر وشجن عميقين: دامك تقول مستوجع فأكيد أنت مستوجع واجد
    مابعد سمعتك تقول مستوجع قدام اليوم!!

    كساب يتنهد : بسيطة يبه يومين وبأكون زين!!

    زايد بحزم وبنبرة مقصودة: يأبيك أنت وش سببك جروحك مستحيل سبتها حادث سيارة
    أنا يأبيك ما أنا بولد أمس!!
    ومرت علي الدنيا أشكال وألوان!!

    كساب صمت ولم يجبه. حتى جاء الممرض وأعطاه الأبرة ومضى وهو مازال صامتا!!


    حينها هتف زايد بحزم وبنبرة مقصودة جدا: يأبيك ترا الواحد يخدم بلده كل واحد في مجاله
    وحن نخدمه بالمصادر اللي ندخلها على البلد وحن تجار ورجال أعمال وهذا مجالنا ماله داعي يكون لنا مجال ثاني!!

    كساب توتر (ماذا يقصد من هذا الكلام) بينما زايد أكمل بذات الثقة والنبرة المقصودة:
    أنا ما أدري يأبيك أنت تحسبني غبي إنك بتغيب بالأسابيع بدون ماتكلم وإني بأسكت
    ليه أنا لقيتك في الشارع
    يا أبيك خلاص. خلصنا من ذا السالفة ولو تبي أنا أكلم لك يعفونك كلمتهم!!

    كساب قاطعه بحزم: يبه وش داعي ذا الكلام المحور إذا أنت تبي تقول شيء قوله!!

    زايد تنهد وهو يكمل بذات حزمه: قبل كم سنة يوم بديت تغط ذا الغطات
    قلبي قرصني لا تكون منظم لذا الخرابيط اللي نسمع عنها
    فبديت أحوس وراك وأراقبك وكلفت لي واحد يتبعك


    كساب مبهوت تماما كيف غاب عن ذكاءه ذكاء والده.
    اعتمد أن البرود بينه وبين والده بعد حكاية مزون سيكون غطاء حماية له.
    كيف غاب عنه أن مبرراته لن ترقى مطلقا لذكاء والده!!

    زايد أكمل بثقة: عقبه جاني استدعاء من فوق إنه مافيه داعي أحوس وراك
    وأخلي الناس ينتبهون لك وإنك تشتغل تبع الدولة ومافي داعي أسأل عن شيء
    تطمن قلبي من ناحية بس قلبي قعد يغلي من ناحية

    الحين لا قدر الله لو صار لك شيء في مهمة من مهماتك ماحتى أنا بقادر أفتخر فيك وأقول ولدي شهيد
    يأبيك خلاص كفيت ووفيت وكفاية شغلك في التجارة
    ماجعل الله لرجل من قلبين في جوفه

    كساب تنهد بحزم وهو يغفو في نوم عميق إجباري نتيجة للمهدئات:
    يبه وأنا ما انتظر حد يشكرني وإلا يقول كساب سوى وسوى!!






    **************************************







    رد مع اقتباس  

  5. #225  
    المشاركات
    3,260
    " يأبيش لا تكونين جاية ذا الحزة مع السواق والخدامة"


    كاسرة ترفع نقابها ليظهر وجهها الذابل من الإرهاق وهي تقبل رأس عمها وتهمس بإرهاق:
    لا فديتك تميم جايبني بيصفط سيارته وبيأتي قلت أبي أجي بدري قبل يجيكم حد من الرياجيل

    زايد ابتسم بمودة: توه رقد من عقب صلاة الصبح بس قوميه
    على كل حال أكيد شيباننا على وصول

    كاسرة تنهدت بشجن : لا خله يرتاح لين يجيه الزوار أنا بس كنت أبي أتطمن عليه

    زايد هتف بأريحية وهو يخرج: خلاص اقعدي عنده براحتش أنا بأنتظر تميم برا!!

    كاسرة شعرت بخجل لم يظهر في مودة صوتها: عمي تعال الله يهداك



    ولكنه كان قد خرج وأغلق الباب
    حينها اقتربت كاسرة برفق من كساب
    يا الله لم تتخيل كيف مر عليها الليل حتى. لتتمكن من الحضور!!
    وهي تتصل بتميم فور خروجه من صلاة الصبح وتطلب منه أن يأتي لتوصيلها
    قضت ليلها ساهرةوالدقائق تمر بطيئة متثاقلة!!
    وهي حينا تعاتب نفسها وحينا تعاتبه!!

    كانت ليلتها سيئة بين الهواجس واليأس والألم والقلق. والأسوأ كونه مصابا بكل هذه الأصابات وهي لم تعلم حتى!!

    مالت عليه بألم وهي تتأمله بشجن روحها الممزقة.
    وجهه الوسيم الشامخ غارق في عشرات اللاصقات التي لم تخفِ جروحه المزرقة!!
    رجولته الهادرة الماكنة في روحها كالوسم لم يهزها في نظرها إرهاقه الظاهر والأسلاك الموصلة لجسده

    مالت بحنان يائس على معصم يده الحرة من الجبس المقيدة بالأسلاك
    لتقبله قبلة بللتها بدموعها

    لم ترد أن تقترب من شيء قد يولمه وجهه يديه أسلاك التغذية!!

    تمنت بيأس أن تميل على شفتيه لتتنفس أنفاسه من قرب ولكن حتى شفتيه لم تخلو من الإصابات
    فشفته السفلى كانت ممزقة من طرفها ومازال الدم المتخثر عليها!!


    همست بيأس قريبا من أذنه ودموعها الصامتة تسيل بصمت كصمت روحها المهجورة: أنت وش مسوي في روحك يالمتوحش!!
    باقي شي فيك ماقطعته!!

    تنهدت بألم عميق لأنه لم يصحو تمنت أن ترى عينيه مفتوحتين قبل أن تغادر!!

    "إلى هذه الدرجة أنت متعب أو لا تريد أن تراني"

    فهي اعتادت على كساب أن نومه خفيف لأبعد حد أقل حركة أو همسة تجعله يقفز متحفزا.
    فأي آلام هذه التي جعلته خادرا هكذا

    كانت تتحسسه برفق وقلبها يذوي كلما اكتشفت جرحا جديدا في جسده
    حتى سمعت الطرقات على الباب.

    تأخرت بخجل وهي تنزل نقابها على وجهها كان عمها زايد يهتف لها بحنان حازم:
    خلاص يأبيش اطلعي وانتظري تميم في الاستراحة
    فيه رياجيل جايين الحين وتميم بيسلم على كساب وبيجيش!!






    ********************************






    " يادكتور هو يبي يطلع شوي فيه مجال"


    الطبيب ينظر لكساب النائم ويهتف برفض قاطع : ولا حتى دئيئة وحدة الأنتي بايوتيك لازم كل 6 ساعات يتجدد
    الجروح ملتهبة خالص دا خطر عليه الغرغرينة أنا مش عارف الدكتور الأهبل اللي سابه يرجع وهو حالته كده!!


    حينها هتف زايد بحزم: زين عطه منوم لو سمحت يرقده لين بكرة
    لو قام أدري إني ما أقدر أرده
    مهوب لازم يحضر الدفن. يحضر العزاء ثاني وإلا ثالث يوم!!


    زايد تنهد وهو يميل على كساب النائم: الله يعيني على زعلك إذا قمت
    بس أنت داري إني ما أبغي إلا مصلحتك!!





    ********************************







    " يمه الله يهداش وش ذا المناحة اللي مسويتها
    أنتي ماتقولين إنه طيب!!"


    عفراء تمسح دموعها وهي تهمس باختناق: يامش ماشفتيه ماحتى حس فيني
    ومركبين عليه سلكين في يده السليمة
    واللي موجعني إني شفته البارحة في البيت ويقول أنا مافيني شيء
    والممرض اللي عند الباب يوم سألته عنه يقول لي مافيه نتفة في جسمه مافيها جرح وإلا قطع
    وأشلون كان مستحمل ذا الوجع كله ياقلب أمه بدون مايحكي!!
    وش اللي حده على ذا كله


    جميلة تهدئ أمها برقة: يمه فديتش أنتي عارفة كساب من صغره وبروحش كنتي تقولين لو مهما صار له مستحيل يشتكي!!

    عفراء بتمزق حقيقي: ماحتى لحقت أتطمن عليه زايد ماخلاني عنده إلا دقيقة وطلعني قال بيجيهم رياجيل


    جميلة تربت على كتف أمها: عمي منصور مابعد درا راح للعزاء دايركت
    وأكيد لا درا بيروح روحي معه






    *******************************************






    " كان ودي أحضر الدفن بس الطيارة تأخرت شوي!!
    أ رب الباقيين كلهم حضروا يا أبو محمد"


    أبو محمد يتنهد: مابقى حد ماحضر اللي نعرفهم واللي مانعرفهم!!

    منصور بحزم: زين عقب العزا أبيك تروح معي نزور المدرب اللي تصاوب
    أكيد أنك عرفته وعرفت مكانه الحين
    لله دره سمعت إنه تصاوب وهو يبي ينقذ الشهيد اللي راح
    ولولا إنه تأخر معه وإلا كان يقدر يبعد عن المبنى قبل أن ينهار

    أبو محمد بحزم شبيه: كلامك صحيح وإصاباته بعد والله مهيب زينة.
    بس مانقدر نزوره لأني لحد الحين مثل ماقلت لك في التلفون
    ما أدري وين خذوه ولا حتى أعرف من هو

    منصور باستغراب: أشلون ماتعرفه هو ماكان يدرب فرقتك

    أبو محمد بثقة: بلى بس أنا ما أعرفه
    خبرك تدريبات الصاعقة يجينا أمر من فوق عندكم التدريبات الفلانية في الوقت الفلاني
    ويجينا المدرب بلبس الصاعقة والقناع وممنوع أمنيا نسأل عن الأسماء في خلال التدريبات وأنت عارف ذا الشيء
    وهو يخلص تدريب ويطلع. مايعطي مجال لأحد يأخذ ويعطي معه!!
    أصلا حتى في التدريب كلامه قليل يا الله كلمة كلمتين!!
    وأنت عارف إني أساسا أكون بعيد ما أشترك في التدريب

    منصور باستغراب شديد: وش ذا الكلام الخربوطي. إذا المدربين الأجانب نعرفهم ونعزمهم على عزايمنا وأشلون ولد ديرتنا
    إلا هو وش رتبته

    أبو محمد بذات الثقة: ملابسه ماعليها رتبة أبد

    منصور تفجرت دهشته: صراحة حكي ماسمعت أغرب منه أنت عارف إنه كلنا ندرب فرقنا
    بس مهوب أي حد يصير مدرب جيش بالمعنى العالمي اللي أنت عارفه
    حتى أنا وأنت عجزنا نوصلها

    أبو محمد يهمس لمنصور من قرب: أنت بس لو شفت ذا المدرب أشلون يتحرك. لياقة وخفة وفوة عمري ماشفتها في حياتي
    وأنت عارفمن اللي يقدر على التدريبات اللي يأخذونها المدربين
    أول شيء مهيب إجبارية وثاني شيء ماحد يقدر عليها إلا واحد بايع عمره!!


    منصور بتساؤل مهتم: ومن ذا اللي قدر عليها وحن ماعرفناه








    ************************************






    " ها نايف وينك اليوم كلش ماكلمتني وش صار على موضوع البارحة"


    نايف بتحكم: أول شيء اليوم مالي خلق أسمع صوتش
    ثاني شيء البارحة مشغول ونسيت الموضوع !!

    عالية بمرح: أفا أفا. وش فيك مخيس النفس نويف!!
    شكلك كلمت وعطوك أشكل وأنت تعزز وتقول نسيت!!

    نايف بذات نبرة التحكم: قلت لش ماكلمت
    ولو كلمت مالش شغل في شي!!

    عالية ضحكت: يه يه ياخال وين اللي أسرارانا عند بعض والبطيخ واحد

    نايف بحزم: عالية أنا الحين مشغول عقب بأكلمش!!


    نايف أنهى الاتصال وألقى هاتفه جواره بقوة
    أين مشغول وهو بالكاد ذهب لعمله صباحا وعاد لبيته!! ولم يخرج إلا لصلاة العصر ثم المغرب وعاد!!

    شقيقاته أصبنه بالصداع لكثرة ما اتصلن وكل واحدة تطلب منه أن يأتي للغداء عندها وبعد ذلك لقهوة العصر
    ولم يستجب لواحدة منهن

    وحتى فهد اتصل به ليذهبا لزيارة كساب عديله!!
    فرفض لأنه خشي أن يقابل تميم هناك ومازال الموقف طازجا
    فقال له أنه قد يذهب معه في الغد صباحا قبل التوجه لعمله على أمل أن تميم لن يكون موجودا.


    فأي موقف سخيف وضعته فيه من تسمى زوجته وهي تحرجه بهذه الطريقة
    وتجعله محرجا عاجزا عن المواجهة هكذا!!
    غيظ عظيم يتصاعد في روحه عليها!!
    وغيظ كذلك على عالية التي ورطته في هكذا زوجة!!
    روحه مثقلة بالغيظ لأبعد حد!!
    وكلما فكر في الموضوع أكثر تزايد غيظه أكثر!!
    الغيظ يأكل روحه شيئا فشيئا وليس بيده شيئا يفعله الآن!!






    **************************************






    " زايد
    كساب وش فيه
    صار لي 3 ساعات قاعد أنتظره يقوم بدون فايدة!!
    وأم زايد جننتني تسأل عنه وتبيني أجيبها وأنا أقول عندنا زوار!!"


    زايد تنهد بحزم: منصور قوم روح لبيتك لأنه كساب الدكتور معطيه منوم لأنه تعبان ويبي راحة
    وأنت بعد تبي راحة جاي من المطار على العزا على المستشفى حتى مالحقت تقعد مع ولدك
    روح لبيتك وطمن عفرا عليه وقل لها مافيه إلا ذا العافية


    منصور بغضب: وذا الخبل مايخلي خباله يسوي حادث سيارة ويرجع ماكمل علاجه!!
    كان كلمنا وجيناه هناك

    زايد بثقة موجوعة: أنت عارفه وعارف طبايعه

    منصور يهز رأسه بحزم: أمحق طبايع ما أدري متى هو بيعقل
    ثم أردف بحزم أشد: أنت قوم يا أبو كساب لبيتك كفاية عليك البارحة واليوم كله
    أنا بأمسي عنده

    زايد بإصرار حازم: وقدام تحلف والله ما أروح لين نطلع أنا وإياه سوا توكل لبيتك تريح أنت اللي تعبان!!





    **********************************





    " يأمش بتروحين ذا الحزة الوقت متأخر!!"


    كاسرة همست بإرهاق: إيه يمه تميم ينتظرني برا
    اليوم ماحتى لحقت أقعد أكيد الحين ماعاده بجايه زوار
    أبي أقعد عنده لين بكرة وبكرة بدري تميم بيرجع لي

    مزون ربتت على رأسها بحنان: زين انتظري دقيقة أجيب بس غيارات عمش زايد
    أنا كنت مجهزتها يوديها السواق بس دامش بتروحين اخذيها معش
    اليوم يوم جيته أنا ومزون طلب مني أغراض له بعد دقيقة وأجيبها لش كلها!!


    كاسرة جلست بإرهاقها المتعاظم فهي مازالت لم تنم منذ البارحة
    ولن ترتاح حتى تطمئن عليه
    حتى أنها لم تتصل بزايد لتخبره أنها ستحضر لأنها تعلم أنه سيرفض أن تحضر!!
    تضغط جانبي رأسها بإرهاق تشعر أن جسدها خال من الطاقة تماما
    ومع ذلك يستحيل أن ترتاح حتى تطمئن عليه


    وبقدر ماهي مجروحة منه بقدر ماهي مجروحة من أجله!!

    في أحيان كثيرة تتساءل أ ستكون حياتها كلها هكذا
    أ لن ترتاح يوما أ لن تشعر بحبه يوما؟!!
    أ يحكم عليها بهذا الحرمان طوال عمرها؟!!

    وهل يكون هذا هو مصيرها الذي حكم به عليها الله عز وجل ويجب أن ترضى به لأنه لا يوجد سواه ؟!!


    .
    .
    .


    " ليه يابيش تجين ذا الحزة"

    كاسرة تميل على رأسه لتقبله وهي تهمس بمودة:
    يبه طول اليوم عندكم رياجيل وتميم اللي وصلني
    خلني أقعد عنده الليلة
    وبأروح بكرة الصبح بدري!!


    ابتسم زايد بأبوية: خلاص يأبيش خلش عنده وترا الكرسي هذا ينفتح
    وأنا بأروح للغرفة الثانية أتمدد في الجلسة

    كاسرة همست بمودة وهي تشير لحقيبة كتف صغيرة: زين أمي تسلم عليك وتقول هذي أغراضك

    ابتسم زايد بلباقة: ياحي ذا الطاري من أم امهاب


    ابتسمت كاسرة بشجن وهي ترى عمها يغادر لغرفة الجلوس الملحقة بالجناح ويغلق الباب خلفه
    ثم تعيد نظرها للنائم قريبا منها وهي تقترب منه أكثر


    يا الله على كثرة ما أخذ من صفات والده على كثرة مالم يأخذ منه
    لماذا لم يأخذ من لطف عمها وشفافيته ولباقته وفخامة عباراته

    مالت لتقبل جبينه برفق وهمست بألم وشفتيها مازالت شبه ملتصقة بجبينه:
    ماشبعت نوم بطل عيونك خلني أتطمن عليك
    حرام عليك اللي تسويه فيني والله العظيم حرام!!

    تنهدت بألم عميق: لذا الدرجة تعبان!!
    زين أشلون قدرت تجي البيتوأنا أشلون ماحسيت فيك
    كله منك ياكساب كله منك
    بتموت لو قلت لي مرة بصراحة عن اللي فيك!!


    تنهدت وهي تخلع نقابها وتضعه قريبا منه
    ثم قربت مقعدها لتجلس قريبا منه تناولت مصحفها من حقيبتها وتلت كثيرا من الآيات وهي بعد انتهاء كل سورة ترفع بصرها لتتأكد من وضعه
    حين انتهت دعت له مطولا دعت له بكل العمق والقوة واليأس


    زفرت بعدها وهي تنزل شيلتها على كتفيها ثم تسند رأسها معه على ذات المخدة
    فربما بهذه الطريقة تستطيع أن تنام قليلا وهي تشعر به قريبا منها
    فهي مرهقة فعلا وتكاد تنهار من الإرهاق!!


    .
    .


    صباح اليوم التالي




    كاسرة غادرت للتو بعد أن جاءها تميم
    وهاهو أيضا يفتح عينيه للتو لم يعلم أنه مضى عليه أكثر من يوم وهو نائم!!
    فتح عينيه بإرهاق ليرى وجه والده

    لا يعلم لماذا توقع رؤية وجه آخر فهو طوال نومه في الساعات الأخيرة وهو يشعر برائحتها قريبة كطيف دافئ أثيري قريب بشكل غير مفهوم!!

    هتف بتثاقل: يبه كاسرة كانت هنا

    ابتسم زايد بخبث: لا ليه تسأل

    تنهد كساب وهو يحاول أن يدعك عينيه ليؤلمه السلك الموصول لعروق يديه:
    لا أبد حسبتها كانت هنا

    اعتدل جالسا ليلمح شعرة سوداء طويلة تغفو على عضده همس بذات التثاقل وهو يشدها دون أن ينتبه والده:
    يبه أنت متأكد إنها ماكانت هنا

    ابتسم زايد بمودة: إلا كانت هناوتوها راحت

    تنهد بعمق (مستعجلةجايه تجامل وتروح ماحتى انتظرت لين أصحى وأشوفها!!)

    ثم تحولت تنهداته لغضب حاد كتمه في روحه ( مادامت جايه مستعجلة ليش تحط شيلتها وتفك شعرها بعد )


    احتفظ بغضبه لنفسه وهو يهتف لوالده بحزم بنبرته المتثاقلة:
    يبه خلهم يجوون يفكون ذا الوايرات أبي أقوم أتوضأ فاتتني صلاة الصبح الله يهداك ماقومتني!!

    هتف له والده بحزم: فاتك صلوات واجد قوم أقضها كلها

    كساب بجزع حقيقي: ليه كم صار لي نايم

    زايد بحزم: أكثر من يوم

    كساب بذات الجزع: حرام عليكم والصلاة اللي فاتتني

    والده يهدئه: كنت بعذرك كنت راقد والدكتور قال لازم تخلص المضاد بدون فواصل

    كساب بغضب حقيقي: وذا كله عشان ما تخليني أحضر الدفن

    زايد بحزم صارم: قصر حسك أنا كنت باخليك بس الدكتور مارضى كلش
    وأنا ماني بخبل مثلك وأدري إنك لو كنت صاحي بتنط بخبالك هناك
    بنروح الحين العزا لو بغيت







    *************************************





    " تعالي نوزن عند الميزان اللي هناك!!"

    شعاع تبتسم: أنت صار الوزن عندك هواية
    مبسوط إنك تزيد وأنا أنقص

    علي بإبتسامة: حرام عليش إلا أحاتيش أنا زايد 3 كيلو وأنتي ناقصة 3 كيلو غريبة!!


    ابتسمت شعاع: شفت أنت قاعد تاخذ مني

    علي هتف بحنان وهو يشد على ذراعها: إلا لأنش ما تاكلين مثل الناس هذا كله شوق لهلش ياقلبي
    شكلي طلعت أرخص واحد في السالفة

    شعاع احتضنت ذراعه أكثر وهي تهمس بجزع: حرام عليك علي لا تقول كذا
    بس تدري أنا أول مرة أبعد عن هلي وأمي كل ماكلمتها صوتها يتغير
    أدري إنها تبكي خلاص حبيبي قربنا نكمل 3 أسابيع برا
    وأنا خاطري بعد أحضر زواج جميلة!!

    علي شدها ليجلسا في أحد مقاعد مقاهي المفتوحة على الخارج المقابلة لـ(السبانيش ستبس) في روما
    أو كما تُعرف باللغة الإيطالية (Piazza Di Spanga ) وهي يشد كفها بحنان بين كفيه ويهتف بأريحية: أبشري من عيوني الثنتين.
    بأشوف لنا أقرب حجز!!







    *****************************************









    رد مع اقتباس  

  6. #226  
    المشاركات
    3,260

    " ماعليه جمول سامحيني ماجيت أسلم عليش على طول!!
    بس كنت مشغولة بكساب
    والحين توني جايه من عنده وجيت عندش على طول
    أدري الوقت بدري وإنش عادش نايمة بس ماصبرت أكثر
    الحمدلله على سلامتش!!"


    جميلة تعتدل من سريرها لتتلقى قبلات مزون بمودة وهي تهمس باهتمام ودود: ياجعلني ما أبكيش قولي آمين
    بشريني من كساب

    ابتسمت مزون: لا أحسن بواجد إن شاء الله لقيته يلبس يبي يروح يعزي على ناس

    ابتسمت جميلة: أنتي جاية بروحش

    مزون ابتسمت: لا خالتي مزنة معيونزلت تسلم على أمش


    لا تعلم جميلة لِـمَ توترت نوعا ما
    قد تكون مزنة زاراتهم عدة مرات سابقا ولكن يكن البنات متواجدات ووالدتها مستعدة للزيارة
    تخشى من ردة فعل هذه الزيارة المفاجئة!!


    لذا قفزت عن سريرها باستعجال وهي تهمس لمزون باستعجال أيضا:
    عطيني دقيقتين بس أغسل وأبدل وننزل
    وترا الشنطة الكبيرة اللي في الزاوية لش

    مزون بدهشة: جايبة لي بروحي شنطة كاملة

    ابتسمت جميلة: بعد عروس وخلاص لاعاد تطمعين من وراي بهدية هذي هديتش وزيادة

    مزون تضحك وهي ترى جميلة تتجه للحمام: ليه حد قال لش مشفوحة
    أبي هدية عقب ذا الشنطة اللي وش كبرها!!
    لا وعلي يقول لي إنه ومرته جايبين لي بعد شنطة
    لو أدري أنكم بتسوقون لي ذا الكثر ماكان شريت شيء







    ***********************************





    " الله يجزاك خير يأبيك ويحطها في موازين حسناتك
    ماكنت عارف إنك رايح تعزي عليهم لأني أنا أعرف أب الشهيد الله يرحمه
    وكنت أبي أقول لك خلنا نروح نعزي عليهم عقب مانخلص من من عزا الناس اللي أنت تبي تعزي عليهم!! "


    كساب كان متأثرا بشدة وتأثره يتعاظم في روحه وهو يرى كيف كان وجه والد الشهيد مسودا وهو يحتضن حفيده الجالس على ساقيه
    الأبن الوحيد للراحل
    طفل عمره عامين!!


    صامت وهو يستند لصدر جده وكأنه يستشعر روح الحزن التي سحبت حماس الطفولة من جوانبه
    وهو يجلس خادرا في حضن جده لا يتحرك إلا إذا أزاله جده من حضنه ليقوم لاستقبال المعزين
    وجده يرفض أن يغادره إلى مكان حتى مع محاولة أعمامه أن يأخذه أحدهم منه كان يرفض
    وكأنه بتمسكه به يتمسك ببعض رائحة الراحل علها تسكن روحه التي اخترمها الجزع والفجيعة


    كساب يتنهد بعمق وهو عاجز عن إزالة الصورة من خياله ويهتف بسكون:
    ويواجرك ويجزاك خير

    زايد بنبرة أقرب للحذر: زين ترانا بنرجع للمستشفى الدكتور يقول تبي لك يومين بعد عندهم

    كساب هز كتفيه بعدم اهتمام: مثل ماتبي ماتفرق عندي!!



    ليست المرة الأولى التي يشهد فيها الموت بعينيه أو يموت أحدهم أمامه
    بل شهد ماهو أبشع من الموت وأقسى في مهماته التي جاوزت التدريب في أحيان كثيرة
    ولكن في تلك الظروف كنت تتهيأ للموت ورؤيته وأنت تعلم أنك مقدم عليه

    لكن أن تذهب روح شابة لأخ قريب وفي ظرف كان من المفترض أن يكون آمنا. وبين يديك.
    هذا ما أثقله بالأسى والحزن لأبعد حد مشاعر غائرة حادة يكتمها في أبعد مكان في روحه.

    روحه مثقلة بالأسى فعلا وجسده مثقل بالآلام ولا يريد أن يعود للبيت هكذا وهو يشعر بهذا الضعف الجسدي والروحي

    لا يريدها أن تراه هكذا تتمنن عليه بتقديم تعاطف لا يريده منها
    وتبخل بمشاركة روحية هي مايريده منها!!


    فهو منذ موقفه القديم معها حين سألها بشكل صريح ومباشر أن تقدم له المساندة التي يحتاجها ورفضت
    وهو عاهد نفسه ألا يضع نفسه في هكذا موقف أمامه فرفضها جرحه لأبعد مدى
    وهو يعترف أن قلبه أسود
    وأنه لا ينسى لا ينسى !!






    ************************************







    تجلسان مع بعضها منذ حوالي عشر دقائق
    وللتو تصل القهوة والشاي والفوالة التي أمرت عفرا الخادمات بإعدادها وإحضارها
    وهاهي تتولى صب القهوة والقيام بالضيافة كربة البيت كأفضل مايكون

    مزنة همست بلباقة: ام زايد ماكان كلفتي على نفسش أنا راعية محل

    عفراء بلباقة مشابهة: مافيه شك أنتي راعية محل بس حتى أنا مابعد ماتقهويت
    وأبي أتقهوى أنا وإياش

    مزنة بثقة راقية: أنا فديتش ما أقدر أبطي لأنه ما شفت إبي إلا بسرعة وطلعنا أنا ومزون لكساب
    كان مزون تبي تقعد خليتها تقعد براحتها ورجعت عليها العصر لأنها عندها بروفة لفستانها!!


    عفراء شعرت بغيظ عفوي أنها أصبحت تعرف عن مزون مالا تعرفه هي!!
    مزون هذه ابنة وسمية وابنتها هي !!

    عفراء تحاول جاهدة تحكيم عقلها ومنطقيتها فربما لو كانت شخصية مزنة غير ذلك لربما تفجر غيظ عفراء منها بل وربما كراهيتها لها


    ولكن مزنة سيدة غاية في الاحترام وتجبر من أمامها على احترامها لأن تصرفاتها واثقة ومدروسة
    ربما لو رأتها يوما تعبر عن قربها من زايد لتفجر غضبها أيضا من أجل أختها
    ولكن مزنة نادرا ما تتكلم عن زايد وإن تكلمت عنه تكلمت عنه برسمية وهي تسميه ( أبو كساب)

    ربما كانت مزنة مازالت لم تمنح لعفرا عذرا حتى تكرهها بالفعل أو حتى تعاملها بحدة
    فعفراء سيدة متزنة وكذلك مزنة مثلها
    ولكن في أحيان كثيرة الإتزان ينتظر شرارة ما ليهتز!!


    فعفراء رغم محبتها الكبيرة لأختها ولكنها رغما عنها حين تجري مقارنة بينها بين مزنة تجد أن المقارنة ليست في صالح أختها مطلقا
    وهذا الأمر يزيد في حزنها وتأثرها!!


    كان الحوار يدور برسمية مختلطة بالتلقائية بين الاثنتين رغم وجود شيء غير مريح في الجو
    قبل أن تقفز جميلة وهي تلصق خدها بخد مزنة من الخلف وتهمس بمرح:
    هلا خالتو وش ذا الصباح الحلو الي تصبحنا بوجهش

    مزنة تشدها لتجلس جوارها وهي تقبلها وتهمس بمودة صافية:
    الصباح الحلو أنا أشهد إنه شوفة وجهش
    ياحظ اللي بيتصبح بوجهش عقب كم يوم!!


    رغم إحساس جميلة الحقيقي بالخجل إلا أنها ابتسمت وهي تشد شعرها القصير
    الذي عدلت قصته في لبنان ولكن مازال طوله لا يتجاوز منتصف عنقها
    وهمست برقة باسمة: يمه تلقينه بدوي ميت على جدايل جدتي ويوم يشوف شعري يقول وش فيه ماضغته الغنم

    ابتسمت مزنة وهي تمسح على شعر جميلة الحريري الذي زادته القصة المدرجة كثافة وجمالا:
    على إني ما أحب الشعر القصير ولا عمري سمحت لبناتي يقصون شعورهم أقل من نص الظهر
    بس والله العظيم وبدون مجاملة إني عمري ماشفت أحلى من ذا القصة عليش


    ثم ابتسمت أكثر لتشجع جميلة التي تعلم أنها متأثرة من قِصر شعرها الذي تم قصه في المصحة لينمو من جديد:
    لولا إنهم بيقول إني استخفيت وإلا كان قصيته مثلش من حلات القصة عليش!!

    مزون كانت من ابتسمت وهي تجلس جوار خالتها وتوجه الحوار لمزنة:
    لا خالتي طالبتش تبين إبي ينجلط تقصين ذا الشعر كله بروحه مبين إنه خاق عليه!!

    مزنة شعرت بخجل رقيق لم يظهر في صرامتها بينما عفرا شعرت بضيق متزايد لم يظهر في لباقتها.

    بينما جميلة وجهت لمزون نظرة عتب حادة معناها (وش هببتي)
    ومزون تنظر لها نظرة دهشة معناها ( ليه وش سويت)

    بعد استمرار الحوار لدقائق وانتهاء مزنة من تناول قهوتها همست لمزون بمودة:
    مزون يأمش بتروحين معي

    مزون برقة: أبي أقعد شوي مالحقت أشوف أغراض جميلة اللي شرتها من لبنان

    مزنة وقفت وهي بأمومة: براحتش متى مايغيتي تجين دقي علي أجيبش
    ولو بغيتي تقعدين للعصر مريتش عقب الصلاة عشان نروح تقيسين بروفتش!!

    لولا أن عفراء قاطعتهم بصرامة: أنا بأوديها لأنه حتى جميلة عندها كم شغلة أبي أوديها لها


    رغم أن مزنة لم ترتح لمقاطعة عفرا التي بدت أكثر حدة من المفترض ولكنها همست بلباقة: براحتش يأم زايد أنا وأنتي واحد
    والحين اسمحوا لي لازم أروح لأبي


    بعد أن غادرت همست عفراء بضيق وهي تحمل ابنها عن مقعده: بأروح أبدل لزايد وأجيكم

    عفراء بالفعل تضايقت من نفسها لأنها لم تستطع السيطرة على نفسها رغم أن مزنة لم يبدر منها مطلقا مايدعو لهذا الرد الحاد


    حين غادرت عفراء همست مزون لجميلة باستغراب: خالتي وش فيها
    وأنتي ليه كنتي تخزينني كذا


    جميلة هزت كتفيها: لأنش وحدة غبية إذا إنش مالاحظتي لين الحين إن أمي ماتهضم مرت أبيش
    وإنش يوم تتغزلين فيها نيابة عن أبيش خليتي أمي تعصب وزدتي الطين بلة!!

    مزون باستغراب: زين ليش ذا كله خالتي مزنة مرة ذوق وما أظني إنها ضايقت خالتي يوم!!

    جميلة تنهدت: هي ماضايقتها بس أمي متأثرة عشان خالتي وسمية

    مزون بذات الاستغراب: وهذا أنا ابنتها ليه يعني خذت الأمور ببساطة

    جميلة بمنطقية: أنتي ماعرفتي خالتي وسمية ماتت وأنتي بزر
    بس خالتي بالنسبة لأمي كانت أمها وأختها وكل أهلها
    أمي ماظنتي إنها حبت حد في الدنيا كثر خالتي وسمية ولا حتى أنا وزايد الصغير
    عطيها بس شوي وقت لين تتعود على الفكرة!!

    هزت مزون كتفيها وهمست بإبتسامة: بصراحة كلام ماخوذ خيره
    لأن خالتي عفرا أعقل من كذا بواجد وماظنتني إنه طرا عليها خرابيطش ياحرم النقيب
    وقومي وريني أغراضش يمكن يعجبني شيء وأسرقه فوق شنطتي
    وأطلع مشفوحة وأنا كنت أنفي التهمة عن نفسي!!






    *************************************





    " عبدالله أنت ما تشوف أخيك ذا وش فيه منقلب حاله
    معصب على طول والذبانة ماتمر قدام خشمه قد له كم يوم"


    عبدالله همس ببساطة وهو يميل على صالح وينظر لفهد الذي كان يجلس بعيدا يشاهد الأخبار:
    عادي حالة طبيعية أي واحد قبل عرسه يتوتر شوي
    أنت يعني ماتذكر روحك قبل عرسك أشلون كنت معصب على طول!!

    صالح يبتسم: بس يا أخي أنا غير وفهد غير أنا كنت أصغر منه الحين
    وخلني أعترف إن شخصية فهد أقوى من شخصيتي يعني مهوب لابق عليه التوتر


    لم يعرفا الاثنان أنه لم يكن يعاني التوتر
    بل كان يعاني نوعا خاصا من الغضب يتصاعد في روحه
    وهو يشعر كما لو كان مجبرا على الزواج حرفيا. وهو من لا يستطيع أحد إجباره

    تبدو القضية معقدة تماما فهو لم يجبره أحد خارجيا ولكنه كان مجبرا فعلا داخليا
    مازال يتمنى بعمق في داخله أن يحدث شيء يعرقل الزواج رغم أنه لم يعد أمام الزواج شيء واصبح كل شيء معدا له تماما







    ****************************************






    " صار لي ساعة في المجلس أنتظرش
    مقابلني فهد معصب وعبدالله لاهي يسولف على عيالي وولده
    لوعوا كبدي!!"


    نجلا تركب وهي تشد نفسها بإرهاق حتى استوت على المقعد ثم أخذت نفسا عميقا وهي تهتف بنفس مقطوع:
    حلفت علي عالية أروح وإلا كان قعدت لين عقب صلاة العشاء

    صالح يبتسم بحنان: أنتي من جدش
    أنتي عاد فيش حيل تشتغلين

    نجلاء تحاول أن تبتسم ونفسها مقطوع: لا تحسسني كني منتهية الصلاحية
    خلاص هانت هذا العرس عقب كم يوم

    صالح بإبتسامة: وعقبه بتقولين لي عرس غانم!!

    نجلا حينها ابتسمت بشفافية: لا عاد تجهيز غانم غير الله يستر بس لا أولد قبل العرس
    العرس باقي عليه أقل من شهر
    وبأكون دخلت الشهر التاسع!!






    *************************************






    " وأنتو ماعندكم غير مرتي تشغلونها
    والله لا يصير فيها وإلا في ولدي شيء
    إني لأغرمكم أنتي وفهد ومرته بعد !!"


    عالية تضحك وهي ترتب بعض الأغراض في الخزائن بينما عبدالله شد جوزا وأجلسها وجلس جوارها
    وهو يطل عليهما في جناح فهد الذي يتم العمل فيه على قدم وساق ويقارب الانتهاء
    بعد أن انضمت غرفة هزاع لغرفة فهد بعد أن كان الشابان لهما جناح مستقل بباب مغلق عليهما مكون من ثلاث غرف
    غرفتي نوم وغرفة جلوس. تم تجديد غرفة فهد وغرفة الجلوس بصبغ جديد وأثاث جديد تولته عالية بمساعدة زوجتي شقيقيها.
    لأن فهد رفض أن يذهب معها بحجة أنه مشغول وأعطاها بطاقته المصرفية!!

    وهزاع نزل للطابق السفلي في غرفة يفتح بابها على الباحة مباشرة وأنزل غرفته معه وبقيت غرفته القديمة خالية من الفرش بعد أن تم تجديد صبغها
    حتى يتصرف فيها العريسان كيف يشاءان فيما بعد!!


    عالية تجيب عبدالله وهي تضحك: والله مهوب ذنبي إن كل واحد منكم يا أخواني مرته وارمة كذا
    أنا أساسا المفروض مالي شغل فيكم إسألوني عن عبدالرحمن وهله
    المفروض نسوانكم هم اللي يشتغلون لأخيكم!!
    أنا وش دخلي!!


    عبدالله يبتسم: لا ياقلب أخيش خلو أم حسون على جنب لا تتعبونها

    عالية بمرح: خذ أم حسن وسكر عليها في حجرتكم
    والله دامها مرتزة قدامي بأشغلها
    لا ومن زين النفعة اللي هي تنفعها أصلا أنا قاعدة أدحرجها

    جوزا بمرح: كذا ياعلوي أنتي مافيش طيب صار لي كم يوم أنطط معش في محلات الأثاث والصبغ والسيراميك
    واليوم من صبح وأنا معش وعادش بعد تسبين

    عالية بذات المرح: لا حد يبكي علينا هذي نجول مثلش تشتغل وهي متورمة أكثر منش وتوها راحت لبيتها

    عبدالله يشد جوزا وهو يهتف بمرح: والله ماتقعدين معها خلها بروحها
    أنتي ما أرتحتي من صبح والحين صرنا عقب المغرب
    خلي أم لسان ترتاح وإلا تشتغل بروحها

    عالية بمرح أكثر: الحمدلله فكة من الثنتين أنا أصلا ماني بدارية أحاتي الكروش
    وإلا أرتب.


    عبدالله شد جوزا فعلا خارجا وهو يهتف بمرح: خلاص اقعدي بروحش

    ثم مال على عالية بحنان: علوي ياقلبي أنتي تعبتي واجد البسي عباتش.
    خليني أوديش لبيتش مافيه داعي تعنين عبدالرحمن يجي مع السواق!!

    عالية بمودة صافية: لا فديتك أنا أصلا قايلة لعبدالرحمن إني بأمسي الليلة هنا عشان أخلص شغلي كله
    خلاص العرس ماعاد باقي عليه إلا ثلاث أيام
    أبي أخلص أتفرغ لنفسي


    عبدالله غادر فعلا مع جوزا التي كانت رافضة للمغادرة ولكن عالية حلفت عليها أن تغادر
    وهي تقول لها إنه لم يبق إلا شيء قليل ستنادي الخادمات لينهينه معها


    فور مغادرتهما
    سارعت عالية لإغلاق باب الجناح
    عادت للداخل

    ثم انفجرت في البكاء بشكل مفاجئ كما لو كانت تكتم طوفانا من الدموع والشهقات ينتظر الانهمار
    بكاء رقيق من روح مثقلة بالأسى فعلا


    فهي منذ الصباح تتحين لها فرصة للاختلاء بنفسها لتبكي
    ولكن وجود نجلا وجوزا منعها
    كانت تتحاول أن تتلهى بإغراق نفسها في العمل عن التفكير بما حدث هذا الصباح

    ولم يكن ماحدث هذا الصباح شيئا عارضا بل كان نتيجة متفجرة لتأزم الوضع بينها وبين عبدالرحمن طيلة الأيام الماضية!!




    .
    .
    .



    هذا الصباح.





    " حبيبي أبي أروح لبيت هلي"

    عبدالرحمن بهدوء ودود: تو الناس الساعة الحين سبع الصبح

    عالية بحماس عذب: لا فديتك مهوب تو الناس اليوم بتجي الستاير وفرش الغرف وعفرا في الليل قالت تبي ترسل بعض شناط بنتها
    يا الله ألحق أرتب
    حتى يمكن أحتاج أمسي هناك الليلة ما أدري!!

    عبدالرحمن بصدمة: تمسين بعد

    عالية بعذوبة: أقول يمكن لو ماخلصت شغلي!!

    عبدالرحمن هز كتفيه بضيق: مافرقت انتي كل يوم طالعة من شغلش على تجهيز أخيش ويا الله ترجعين آخر الليل

    عالية احتضنت رأسه بحنان باسم: حرام عليك لا تبالغ كذا
    وبعدين هانت ماعقب فهد إلا هزيع وبيبطي
    كان قلت لك نايف بعد بس نايف بيته جاهز

    عبدالرحمن بذات الضيق: براحتش أمسي هناك أحسن بعد
    يا الله عشان نخلص من التدريب الليلي اللي ماترجعين إلا عشانه!!

    عالية همست بصدمة حقيقية: عبدالرحمن أنا ما أرجع إلا عشان التدريب

    عبدالرحمن بثقة جارحة ومجروحة: ولولاه يمكن مارجعتي!!



    عالية تراجعت بصدمة حقيقية من هذا التخريف الذي يقوله
    لا تعلم كم بات هذا الموضوع جارحا له ولمشاعره!!
    فهي تغيب طوال اليوم وحين تعود في وقت متأخر تصر على قيامه بالتدريبات

    يصرح لها بشفافيته كم هو مشتاق لها للجلوس معها لسماع حديثها لقربها
    ولكنها تصر عليه أن يتدرب أولا وقبل أي شيء!!

    يشعر أنه يريد أن يمشي بالفعل من أجلهاولكن هو ليس بحاجة للمشي كما هو بحاجة لها
    وهي تضغط عليه كثيرا وكأنها لا تريده إلا إن كان سيمشي
    بات يجرحه بشراسة ووحشية إحساسه أنها قد تتركه حين تمل من عجزه عن المشي


    وهو لا يعلم كم تشعر بالذنب لأنها باتت تهمله رغما عنها هذه الأيام وهي بالفعل في حاجة أكبر للإحساس بقربه والاستمتاع بحديثه
    لكنها ترى أن استمراره في التدريبات هو أولوية يجب تقديمها على هذه الرغبات

    كل منهما بالفعل مجروح من الآخر ومن تفكيره
    أما ما فجر رغبة عالية في البكاء فعلا أن عبدالرحمن حين أوصلها صباحا
    ماكادت تصل للبيت حتى وصلتها رسالة منها:


    " يمكن يكون أحسن لكل واحد منا
    إنش تقعدين في بيت هلش لين موعد عرس فهد!!"


    عالية تمنت بالفعل حينها أن تنفجر في البكاء ولكنها لم تستطع وهي تجد والدها في وجهها الذي استقبلها بترحيبه الحاني الفخم!!

    والكبت يتعاظم في نفسها وهي لا تجد دقيقة لتختلي بنفسها وحزنها وتعمل بلا توقف منذ الصباح

    جرحها بشدة أنه لم يقل ذلك لها مباشرة لأنه لو قالها لها مباشرة لرفضت
    ولكنه ألقاها عليها في محض رسالة باردة قاسية

    بينما هو عجز فعلا أن يقول لها بشكل مباشر شيئا هو فعلا لا يرغب فيه
    ولكنه يرى نفسه مضطرا له لأنه يراها ممزقة بين تجهيزها لشقيقها وبينه
    وربما كانت تحتاج للراحة منه ومن مسؤولياته
    وربما حينها تستطيع أن تعود له بروح متفهمة أكثر لمشاعره وحاجاته بعد أن يخف الضغط عليها







    ****************************************










    رد مع اقتباس  

  7. #227  
    المشاركات
    3,260

    " الله يهداك اليوم كله ما تريحت"

    كانت عفراء تهمس بذلك وهي تتناول غترة منصور منه. وهو يجلس وهو مرهق بالفعل ويهتف بإرهاق:
    عادي حبيبتي أصلا ماعندي دوام لين عقب عرس جميلة


    ابتسمت عفرا وهي تجلس جواره: الله لا يخلي جميلة منك
    ماخليت شيء ماجبته لها اليوم أرسلت بعض شناطها لبيت فهد
    وبكرة الصبح بأطلع جلابياتها وعبيها وبأخذ باقي شناطها وبأروح أرتبها في الليل

    منصور هتف باهتمام حان: لو علي ودي إني شريت لها أكثر من كذا
    بس هي اللي عيت
    قولي لي عساها مبسوطة لأنها تقول لي دايم مبسوطة وأنا حاس إنها داسة علي شيء

    عفراء برقة: مبسوطة الحمدلله


    كانت عفراء هي من تخفي شيئا الآن فهي غير مرتاحة مطلقا لنفسية جميلة التي تبدو مرهقة ومتوترة
    قلقها يتعاظم من أجل ابنتها
    وشوقها لها لا يهدأ منذ الآن!!
    توتر متبادل تعانيه مع ابنتها وكل منهما تخفي توترها عن الأخرى حتى لا توترها أكثر!!






    ****************************************





    " خالي نايف صار له فترة يبي يأتي معي
    بس مالقى وقت إلا الحين فسامحونا على ذا الزيارة المتأخرة"

    زايد بترحيب وأريحية: يا حياكم الله أي وقت منتو بغرب عشان تعذرون

    نايف بلباقة: بس الساعة قد هي قريب الساعة 11 وخفنا إنكم تبون تريحون عقب الزيارات طول اليوم

    كساب الذي كان يجلس معهم في غرفة الجلوس والمحلول معلق في ذراعه السليمة هتف بإبتسامة:
    أفا عليك ياعديلي أنت تجي أي وقت!!


    شعر نايف حينها بالامتغاث وهو يتذكر مايتناساه ومامنعه من زيارة كساب
    كونه عديله وخشيته من مواجهة تميم بعد الموقف السخيف الذي وضعته فيه زوجته المبجلة!!!
    لذلك تقصد أن يأتي متأخرا حتى يضمن أنه لن يقابل تميم


    ولكن دائما مانهرب منه نجده أمامنا. فمع استعداد فهد ونايف للخروج وهما يسلمان على كساب ووالده
    كان تميم يدخل

    نايف كره جدا شعوره بالاضطراب الذي داخل روحه رغما عنه
    تزايدات ضبابية مشاعره وتعقيدها ناحية من جعلته يشعر بالامتهان هكذا
    رغم أنه سلم على تميم بطبيعية كاملة وكأنه لم يحدث شيء

    ولكن ما أثار استغرابه وراحته في آن أن تميما كان أكثر من عفوي وهو يتصرف معه بعفوية تامة دون نظرات قارصة
    ولكن مع ذلك سارع في الاستئذان والخروج بما أنه كان خارجا أساسا


    بعد خروجهما أشار تميم أن كاسرة في الانتظار خارجا سيناديها ويذهب لأنه لابد أن يعود لبيته فالبنات هناك لوحدهن



    مشاعر كساب الغامضة العميقة عادت لاخترام روحه مع سماعه لاسمها
    لا ينكر أنه منذ الصباح يشعر برغبة موجعة لرؤيتها
    ولكنه في ذات الوقت يشعر بعتب موجع في روحه عليها لأنها مطلقا لم تتصل به
    ألا يكفي أنها لم تفكر في زيارته إلا مرة واحدة وعلى عجالة وهو نائم أيضا؟!!


    "لماذا جاءت الآن بل وتريد أن تنام عندي أيضا!!
    لم أعهدها تتصرف تصرفا لا تريده من قبل!!
    ماذا لديكِ ياكاسرة
    أ تريدين أن تمثلي أمام عمك العزيز دور الزوجة المحبة المتفانية"



    تميم غادر لتدخل هي بعد دقائق
    بدت لكساب الدقائق الثلاث التي تلت مغادرة تميم حتى دخولها طويلة طويلة جدا وكأنها لا تريد الانقضاء
    بثوانيها الثقيلة وهو يجلس بكامل ثقته رغم إرهاقه الشديد


    زايد تلقاها أولا وهي ترفع نقابها لتقبل رأسه
    لم يقل زايد شيئا عدا الترحيب المعتاد وهو يتجاوزها ويخرج

    لم ينتبه أحد منهما لخروجه أساسا
    فهناك خيط غريب عميق من النظرات اتصل

    كان جالسا على أريكة في غرفة الجلوس وهي واقفة
    اقتربت لتميل عليه وهي تلصق خدها بخده في سلام أرادته أن يكون عفويا سريعا فهي لابد أن تسلم عليه كما هو مفترض!!

    ولكن هذا السلام كان أبعد ما يكون عن العفوية لكليهما

    هو كان يتنفس بوجع واشتياق غريبين عبق رائحتها الخاص
    وهي تعجز عن الابتعاد وتشعر أنها مجهدة عاجزة عن التحرك وأنفاسها تتصاعد بتوتر
    وهي تشعر بحفيف لصقات وجهه الطبية يخدش حرير خدها باللمس ويخدش ثقل روحها بالألم
    لم تكن تريد أن تبتعد وسحر غير مفهوم يشدها نحوه
    ولكنها ختاما شدت نفسها بقسوة بعيدا عنه وهي تحاول التقاط أنفاسها المحتبسة


    ولكنه لم يتركها تبتعد وهو يشدها برفق ليجلسها جواره كان عاجزا عن تخيل فكرة بعدها مع شوقه الذي ماعاد بالاحتمال
    نظر لها مطولا وكأن عينيه لا تشبعان نظرا قبل أن يهتف بعمق:
    شكلش تعبانة وش فيش


    (هذا غبي وإلا يتغابى يسألني ليش تعبانة!!) همست بهدوء: مافيني شيء

    سألها بهدوء مشابه: رحتى الدوام اليوم

    تنهدت (لا شكله يتغابى من قلب!! متى أروح الدوام وأنا عندك من البارحة ومارحت إلا اليوم الصبح) تنهدت بذات الهدوء:
    لا مارحت عندي إجازة

    حل السكون لثوانليقطعه أنامله ترتفع برفق إلى وجهها كان يتحسس إرهاق وجهها البادي
    مدت يدها بجزع لتنزل يده خشيت أن يؤلم نفسه فيده هذه معلق فيها المحلول عدا عن جروح متفرقة في مفاصلها
    أنزلت يده برفق إلى حضنها وهي تمسك بها بين كفيها برفق شديد
    همست بألم لم تستطع إخفائه: عادك مستوجع

    هتف ببساطة عميقة موجوعة: بسيطة والواحد يقدر يستحملها
    البلا من أوجاع مايفيد فيها الصبر!!

    كان الجو بينهما كثيفا محملا بمشاعر غاية في الكثافة والتعقيد وكأن كل منهما أمام الآخر صندوق أسرار استعصت عليه مغاليقه!!

    قطع هذا الجو بقوله بإرهاق: انا تعبان وودي أنسدح شوي تقوميني أصلي عقب ساعة

    همست بثقة حانية: إلا بأقومك قبل صلاة الصبح بساعة عشان تصلي قيامك ثم تصلي الصبح عشان تلحق ترتاح شوي وما أقومك مرتين!!


    توجها كلاهما لغرفته وهي تدفع حامل المحلول حتى جلس على سريره

    حينها أزالت نقابها عن رأسها ثم خلعت شيلتها وهي تلقيها على المقعد
    وهي تحرر شعرها من ربطته التي كانت تؤلمها لانها عقدتها باستعجال

    هتف كساب بنبرة حادة: كاسرة إلبسي شيلتش

    همست كاسرة بعفوية: كساب من اللي بيجي ذا الحزة خلاص

    كساب بحدة أقسى: كاسرة قلت لش البسي شيلتش تدرين باللي يضايقني تسوينه ليه

    كاسرة شدت لها نفسا عميقا: حاضر إن شاء الله
    تناولت شيلتها وهي تضعها على ذراعها وتجمع شعرها لتعقده من جديد

    في تلك اللحظة تماما فُتح باب غرفته ليقف رجل في فرجته وهو يهمس بقلق:
    السموحة من ذا الجية المتاخرة بس كان عندي رحلة وتوني جاي من المطار

    الرجل تراجع للخارج بحدة وهو يرى المرأة الكاشفة عند كساب ويغلق الباب خلفه

    بينما كساب قفز عن سريره ليقف بغضب متفجرمتفجر متفجر لأبعد حد

    في الوقت الذي دخل زايد مستعجلا مع الباب الآخر لأنه رأى غانما من بعيد ورآه يتجه لغرفة كساب
    وكان زايد يظنهما مازالا في غرفة الجلوس.

    ليصل وصراخ كساب يتعالى مرعبا حادا قاسيا: عاجبش الحين عاجبش ارتحتي
    يا الله اتصلي في تميم وفارقيني للبيت ما أبي أشوف وجهش

    كاسرة مازالت مصدومة من رؤية الرجل لها وإحساسها العارم بالذنب وهي تستغفر الله في ذاتها

    ليفاجئها كساب بهجومه
    وهو يشد نفسه بعنف من حامل المحلول لينـتـزعه من يده دون أن يشعر
    والدم يتدفق بغزارة عبر الوريد المفتوح

    كاسرة أصبح انتباهها كله مع الدم المتدفق وهي تمسك بكفه وتحاول إيقاف الدم وتهتف بغضب حقيقي:
    أنت صاحي وإلا مجنون

    كساب ماعاد يرى أمامه من الغضب وهو يشد يده منها ويمسك العرق بنفسه وهو يضغط عليه بفوطة كانت جوار سريره:
    أنتي خليتي في رأسي عقل أقول لش فارقي للبيت فارقي قدام أكسر وجهش الحين

    زايد يتدخل بحزم جازع: أنتو استهدوا بالله. اذكروا الله
    وانت يا الخبل اقعد خلني أدعي حد يشوف المصيبة اللي سويتها في روحك

    كساب يصرخ بغضبه الأسود المتفجر: يبه خذها من قدامي الحين قدام أرمي عليها اليمين تراني مافي رأسي عقل ذا الحين


    كاسرة حينها تقدمت نحوه بثبات وهي تهمس بثقة حازمة صارمة متحكمة عكس غضبه المتفجر:
    ارمي علي اليمين خلصني وخلص روحك
    أنا ما أبيك وأنت ماتبيني وش جابرنا على ذا الحياة
    خلك قد كلمتك يا الله طلقني هذا أنا قدامك!!





    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .
    يا الله اليوم عندنا توزيع نجمات بالهبل عقب الغياب
    .
    (معزوفة حنين) أول نجمة لأنها أول من قال هل ممكن يكون كساب مع المصابين في المبنى اللي انهار
    .
    (أحاسيس مجنونة) أول وحدة قالت إن الي شافته كاسرة شافت دولاب كساب مفتوح
    .
    (آن كارينا) أول وحدة حددت إن كساب هو المدرب

    ونرجع لآن كارينا لأنه أنا من زمان مخبية لها نجمات كثيرة والحين جاء وقتها
    ترا (آن كارينا) أول وحدة قالت إن فهد بيتزوج جميلة ومن زماااااان زماااااااان. متى

    وجميلة عادها في رحلة العلاج مع خليفة في (إنسي) وماكان فيه أي بوادر خلاف بينهم أبد ولا حد توقع إنهم بيتفرقون
    لكنها تمنت إنه يصير عشان فهد يأدب جميلة على اللي تسويه في خليفة :)
    يا الله آن جيبي كيسك وعبي نجماتك فيه مع إنها كثيرة حاسبي لا تنط من الكيس :) !!
    .
    .
    (همتي) أول وحدة قالت يمكن وضحى هي اللي أرسلت ومع إنها موب مقتنعة بالتوقع!!
    لكن (صدقني أغليك) كانت أول وحدة قالت: إنها حركة من سميرة ووضحى بس بعد ماكانت مقتنعة!!
    ولكل وحدة منهم نجمة على توقعها اللي هي موب مقتنعة فيه :)
    .
    .







    رد مع اقتباس  

  8. #228  
    المشاركات
    3,260
    يا الله
    البارت 86
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله.
    .
    .



    بين الأمس واليوم/ الجزء السادس والثمانون







    كساب ماعاد يرى أمامه من الغضب وهو يشد يده منها ويمسك العرق بنفسه وهو يضغط عليه بفوطة كانت جوار سريره:
    أنتي خليتي في رأسي عقل أقول لش فارقي للبيت فارقي قدام أكسر وجهش الحين

    زايد يتدخل بحزم جازع: أنتو استهدوا بالله. اذكروا الله
    وانت يا الخبل اقعد خلني أدعي حد يشوف المصيبة اللي سويتها في روحك

    كساب يصرخ بغضبه الأسود المتفجر: يبه خذها من قدامي الحين قدام أرمي عليها اليمين تراني مافي رأسي عقل ذا الحين


    كاسرة حينها تقدمت نحوه بثبات وهي تهمس بثقة حازمة صارمة متحكمة عكس غضبه المتفجر:
    ارمي علي اليمين خلصني وخلص روحك
    أنا ما أبيك وأنت ماتبيني وش جابرنا على ذا الحياة
    خلك قد كلمتك يا الله طلقني هذا أنا قدامك!!


    قبل أن يبدر من كساب أي تصرف كان زايد هو أول من تكلم وهو يتدخل بقدرته الفائقة على السيطرة ويشد كل واحد منهما بقوة من عضده
    ويهتف بغضب شديد وحزم بالغ:
    أص ولا كلمة والله ثم والله ماحد منكم يفتح ثمه بكلمة
    أنا واقف بينكم مالي حشمة وتقدير

    ثم أفلت كساب الذي كان ينتفض من شدة احتكام غضبه ومع ذلك أسكته شيء أقوى منه لم يكن والده ولكنه شيء آخر!! آخر!!

    ثم شد زايد كاسرة من عضدها برفق وهو يهتف بحزم: يا الله يأبيش أنا بأوديش


    حينها كانت الممرضة تدخل بناء على الجرس الذي ضغطه زايد زايد أشار لها أن تتوجه لكساب
    وهي تنظر برعب ليده بينما زايد شد كاسرة لغرفة الجلوس وأغلق الباب بينه وبين كساب قبل أن يتكلم أحد منهما


    حـــيــنــهـــا.
    سمع كساب بوضوح تام صوت انفجارها في البكاء شهقاتها المكتومة التي علم أنها تسكبها الآن بين أضلاع والده وهي ترتمي في حضنه
    تلك القوة الهائلة التي كانت تتسربل بها أمامه قبل ثوان انهارت كلها

    كانت بالفعل تبكي بانهيار على صدر زايد الذي كان يهمس لها بحنو: بس يأبيش خلاص
    لا تشرهين على كساب تعبان ومتضايق من أشياء واجد

    كاسرة بين شهقاتها التي كانت تئن بينها فعلا: وأنا ما أنا بتعبانة
    أنا تعبت يبه تعبت والله العظيم تعبت ووصلت آخري
    حدني على أشياء عمري ماهقيت إني ممكن أقبلها على روحي


    زايد احتضنها بحنو أكبر وهو يهمس لها بحنو حازم:
    المرة اللي فاتت ماسويتي لي خاطر ذا المرة أقول عديها عشان خاطري أنا كن لي خاطر عندش
    عشاني يأبيش طالبش ما ترديني


    كان كساب يتمزق تماما وهو يقف قريبا من الباب الفاصل بين غرفتي الجناح ويرفض أن يستجيب لرجاءات الممرضة أن يجلس
    يتمزق من غيرته ومن غضبه!! ويتمزق أكثر من أي شيء من صوت بكاءها!!

    يرهف السمع وكأنه يريد تعذيب نفسه بصوت أنينها الباكي
    لا يحتمل صوت بكاءها
    وما لايحتمله أكثر أنها تبكي على صدر سواه!!

    يتخيل أنه كان قاب قوسين أو أدنى من قطع كل مابينهما
    يتخيل أنه كاد يفصل بين روحيهما بكلمة
    يتخيل أنه كاد يفسد حياته كلها بكلمة في لحظة غضب لولا تدخل والده!!
    ولكن تبقى هي السبب هي السبب في كل شيء!!
    أخبرها أكثر من مرة أن غيرته مُرة ومع ذلك تقصدت أن تجربها!!
    وهاهي تجربها في أقسى وأصعب موضع من كل النواحي!!






    ************************************






    " مزنة انزلي تحت
    تعالي اخذي كاسرة عشان أبي أرجع لكساب للمستشفى"


    مزنة وقتها كانت تستعد للنوم فعلا شدت روبها على جسدها وهي تهتف باستعجال: نازلة الحين

    لم تسأل لماذا عادت كاسرة وهي كانت ستبات عند زوجها لأنها علمت أن هناك مصيبة ما


    حين وصلت للأسفل كان وجه كاسرة محمرا من أثر البكاء ومع ذلك هتفت بجمود صارم:
    عمي الله يهداك مافيني شيء عشان تروع أمي وتنزلها وهي كذا أنا بأطلع بروحي

    قالتها وهي تتجاوز والدتها وزايد لتصعدكما لو كانت شبحا لا صوت لخطواته وهي تسحب نفسها سحبا للأعلى!!

    بينما مزنة مالت على زايد وهي تهمس بقلق عارم:
    زايد وش صاير بين كساب وكاسرة

    زايد أمسك بقماش الروب من ناحية عضدها بين سبابته وإبهامه وهو يهتف بحزم مقصود:
    شكلي أعصب عليش عشانش نازلة كذا عشان تعرفين وش سبب اللي صار بين كساب وكاسرة

    مزنة تراجعت بحرج لأنها انتبهت أنها نزلت بروب من الشيفون الخفيف دون أن تنتبه لشدة شفافية القماش
    ومع ذلك هتفت بثقة: البيت مافيه إلا بناتي حتى كساب بسلامته في المستشفى

    زايد تنهد بحزم: روحي لكاسرة وهديها وهي بتعلمش وش اللي صار
    بس طالبش يامزنة تعقلينها



    زايد غادر بينما مزنة توجهت لكاسرة
    وخلفها مزون التي شعرت بشيء غير طبيعي يحدث فخرجت من غرفتها
    لترى مزنة تتوجه لغرفة كساب فتوجهت خلفها بقلق أن يكون حدث لكساب أي شيء


    مزنة حين وصلت لكاسرة. كانت كاسرة تجلس على الأريكة قريبا من باب الجناح ومازالت بعباءتها

    مزنة جلست جوارها وهي تربت على كتفها وتهمس بأمومة حانية: شاللي صار يأمش.


    كاسرة بجمود حقيقي وهي تنظر لشيء غير مرئي أمامها: كان يبي يضربني ويطلقني عشان نسيبه غانم آل ليث شافني بدون شيلة

    الطرف الثالث الذي سمع الحوار عن غير قصد. تراجع بحدة للخلف ثم هروبا إلى داخل غرفته

    بينما مزنة مازالت غير قادرة على استيعاب الموضوع كاملا ومع ذلك هتفت بتهدئة:
    يعني أنتي الغلطانة وأنتي تعرفين وش كثر هو يغار عليش

    كاسرة بذات الجمود: أدري إني غلطانة بس هو كأنه ماصدق عشان يلقى له سبب يهيني
    أما على الغيرة. فيه فرق كبير يمه بين غيرة للحب وغيرة للتملك

    مزنة تنهدت: يأمش هو بعد حاله ماهو مستقر لازم تراعينه وتحسين فيه!!

    حينها صُدمت مزنة أن كاسرة انفجرت في بكاء مفاجئ غير مسبوق وهي تدفن وجهها بين كفيها وتشهق بعنف:
    وهو متى بيحس فيني ويراعيني متى
    تعبت يمه تعبت وهو مستحيل يحس فيني يوم مستحيل!!
    يمه وش ذا الحياة والله العظيم تعبت
    لو ماكنت أحبه كان عادي عندي أتقبل كل شيء ولا يهمني
    بس على قد ما أحبه على قد ما يوجعني اللي يسويه فيني.
    ياربي تعبت تعبت!!
    تـــــعـــــبــــــت!!!!







    **************************************






    مازال جالسا في سيارته أمام المستشفى عاجزا عن استيعاب ماحدث أمامه
    وما يؤلمه ويحرجه معرفته أنه تسبب بمشكلة كبيرة وهو يسمع صراخ كساب مع مغادرته للمكان كاملا

    ثم رؤيته لنزول زايد ومعه امرأة ومغادرتهما



    للحظات حين فتح الباب وقبل أن يلاحظ الوجوه شعر بدغدغة لذيذة ما أن تكون هذه التي أمامه هي مزون
    وأن الله أراد إهدائه هدية هذه الليلة برؤيتها!! وهو على كل حال كان سيتراجع في الحال ويغلق الباب


    لكنه ما أن لمح وجه المرأة حتى تراجع بجزع كبير لأنه عرف أنه يستحيل أن تكون مزون
    فهو يعلم أن مزون –كما قيل له- عادية الجمال وهو هيأ لنفسه لذلك وراضٍ به تماما
    لكن هذه رغم أنه لم يدقق في الملامح ولكن جمالها بدا له مرعبا ومخيفا!!


    ثم حين سمع صراخ كساب الناري. علم أنها زوجة كساب
    تمنى أنه لم يحضر!! ولو أن الأرض انشقت وابتلعته لشدة شعوره بالحرج!!

    يتخيل منظره لو قابل كساب المرة القادمة
    كيف سيتبادلان النظرات!!

    يحاول وضع نفسه مكان كساب ليتخيل موقف كساب وغضبه ويزيد على ذلك معرفته بحدة شخصية كساب
    لتصبح النتيجة أمامه كارثة!!

    والكارثة أنه من تسبب بالكارثة!!!!





    .
    .
    .



    مازالت ساهرة وتفكر.


    إذن ( غانم رأى كاسرة ).
    آذاها معرفتها لذلك بشكل شديد بالغ الشفافية والوجع

    تعلم يقينا أن غانما وفي مجال عمله رأى من الجميلات أشكالا وألوانا فهذا الأمر ليس غريبا عليه
    ولكن ما آذاها أنه رأى زوجة شقيقها
    فهل سيعقد مقارنة ما حتى لو كان لا يقصدها


    أما الأذى الحقيقي فهو إحساسها بكساب الأقرب لروحها
    تتخيل أن زوجها كان سيكون سببا لطلاق كساب لزوجته!!

    ومازالت حتى الآن لا تتخيل كيف ستكون تداعيات الموضوع ونتائجه
    تعرف حدة شخصية كساب وتعرف عناد كاسرة
    وكلما تجددت المشكلة ومناقشتها سيكون التفكير بسبب المشكلة حاضرا

    وسبب المشكلة هو زوجها.
    فكيف ستصبح حساسية العلاقة بين غانم وكساب
    وهي أساسا كان سبب موافقتها على غانم هو رضى كساب في المقام الأول!! فغانم بذاته لم يكن له ذلك الاهتمام عندها!!

    فكيف ستصبح العلاقة بين شقيقها وزوجها مع كل هذه الحساسية

    هم رقيق حاد يختلج جوانحها بلا هوادة!!
    وحزن غريب بدا يغزو روحها كجيش ضخم لا يعرف الهزيمة!!






    *************************************













    رد مع اقتباس  

  9. #229  
    المشاركات
    3,260
    قلب ساهر آخر في هذه الليلة التي لا تريد الانتهاء


    " ماصدقت أقول لها نامي في بيت هلش
    حتى اتصال ما اتصلت فيني من صبح!! "


    " مهوب أنت اللي تبي كذا
    الحين زعلان
    صدق إنك غريب!!"


    " أنا أبي أعطيها فرصة ترتاح من الضغط
    بس مهوب لدرجة إنها حتى اتصال ما تتصل فيني
    لكن هي ماصدقت!! "



    مضى أكثر من شهر على زواجهما اعتاد عليها لأبعد حد رغم قصر المدة
    وكأنه كان حياته كلها ينتظرها!!

    عاجز عن احتمال طول وثقل هذه الليلة التي لا تريد الانتهاء فعلا
    والآن كيف سيحتمل الثلاث أيام المتبقية على زواج فهد
    تمنى لو يستطيع الاتصال بها فقط ولكن بدا له هذا الأمر معقدا وغير قابل للتنفيذ حتى مع شفافية شخصيته
    فما بات يظنه في عالية يجرح إنسانيته قبل رجولته
    أن يكون كل ما بينهما معتمدا على قدرته على المشي
    أ هو في نظرها محض ساقان تتحركان
    أ كل العلاقة المتينة بينهما تختزل في محض ساقيه وكونه يمشي؟!!
    أين روحه وقلبه وعقله


    وإذا أراد الله عز وجل له ألا يمشي فكيف ستكون حالهما
    ماهو مصير علاقتهما

    هل هي باتت تستكثر نفسها عليه وأنها أفضل منه لكونها تمشي
    أم لأنه يحتاجها وهي لا تحتاجه ترى هذا دافعا لأن تقسو عليه هكذا

    يا الله كل شيء يجرحه التفكير به!!
    كل شيء!!




    .
    .
    .




    هي أيضا ساهرة لم تنم

    " يا لقسوته أ لأني بدأت أعتاد أن أنام على ذراعه يريد أن يحرمني منه؟!!"


    مجروحة منه أكثر وهو يقذفها كشيء مهمل لا حاجة له به
    ولماذا يكون في حاجة لها ووالديه يعاملانه كملك ينتظران منه همسة ليتقافزان لخدمته أو يناديان الخدم لخدمته
    وهم طبعا لا يضايقانه كما تفعل وهي تصر عليه أن يتدرب!!

    طبعا هي في نظره الشريرة القاسية ولا يريدها!!

    مشكلتها مع زوجها أنه .
    مـــدلـــــل!!
    ويريد كل شيء أن يتم وفق مايريد ولا يحتمل مطلقا أن يجبره أحد على شيء

    أليس غريبا أن تقول عن رجل في الثانية والثلاثين أنه مدلل

    ولكن هذه الحقيقة فعبدالرحمن يحتاج لهزة عنيفة توقظه
    ولكنها تخشى من هذه الهزة
    لأنها تؤمن أنها تحب عبدالرحمن أكثر مما يحبها بكثير
    تخشى إن ضغطت عليه أكثر أن يتخلى عنها!!

    تعلم أن مشكلته نفسية وناتجة أيضا عن دلاله
    فهو مازال عاجزا عن تقبل أن صديقه رحل وأنه تم انتزاعه منه
    رافض لهذه الفكرة ويكره أن يحيا بعده كما كان قبله


    تتمنى عالية لو تركته يعاني قليلا حتى يثوب لرشده لكنها تخشى أنها ليست بذات أهمية حتى يهتم لغيابها من عداه

    حتى هذه الليلة لولا كرامتها الثمينة وإلا كانت عادت بنفسها
    ولكنها لم ترد أن ترخص نفسها وهو من أرخصها هكذا

    ليتها تجد لها وسيلة فعالة تستطيع أن تستخدمها ضده ومن أجله
    ليت!!!



    تنهدت وألم في بطنها يُخرجها من أفكارها
    كان بطنها يُعتصر من الجوع فهي لم تأكل شيئا منذ البارحة حتى

    قررت أن تنزل لمطبخ التحضير في الطابق السفلي حتى تأكل لها شيئا


    " الله يسد نفس عدوك ياعبدالرحمن
    حتى الأكل سديت نفسي منه!!
    نسيت روحي بسبتك!! "







    ***************************






    ليلة مارثونية طويلة بالفعل



    مازالت لم تنم وتعلم أنها لن تنم حتى تصلي الصبح كما حدث البارحة
    فموعد زواجها يقترب وتوترها يتزايد
    لم يبق إلا ثلاثة أيام وهي لا تتخيل بعد كيف تكون حياتها مع هذا الرجل المجهول
    تعرف الكثير عن هذا الرجل وتجهله. هو


    ماتعرفه عنه أنه حاد في كل شيء حاد في وسامته كما هو حاد في شخصيته
    مختلف بالفعل عن خليفة الذي كان مهادنا في كل شيء من شكله إلى شخصيته!!

    لا تريد أن تعقد مقارنة ولكن المقارنة رغما عنها تحضر فهذا كان زوجها
    وذاك سيصبح زوجها

    وما يؤلمها من الإثنين أن أحدا منهما لم يتزوجها لذاتها
    فذاك تزوجها انتقاما لكرامة لم يمسها أحد
    وهذا سيتزوجها من أجل شخص آخر!!

    وهــــي. لا حساب لها عند أي منهما.!!


    تقف لتنظر لنفسها في المرأة تعلم أنها جميلة وتعلم أن أكبر ميزاتها هي نعومة مثقلة بأنوثة تذيب الصخر
    ولكن هل هذا يكفي لرجل كفهد لا تنقصه الوسامة ولا قوة الشخصية!!
    كيف سيكون تعامله معها وهي الآن بكامل صحتها وأنوثتها وجمالها
    بعد أن كانت تحتمي بمرضها من قرب خليفة

    هل سيكون لطيفا وحانيا ومراعيا كخليفة



    " يا الله ما أبي أقارن.
    ما أبي أقارن!!
    ما أبي أقارن!! "






    ***************************************






    " فهد جعلني فدا خشمك طف الليت خلني أرقد
    وإلا قم فارق لغرفتك
    يعني طاردني من غرفتي. وعقبه جاي بعد تبي ترقد عندي
    حرام عليك بأروح الكلية عقب صلاة الصبح خلني أرقد شوي"



    فهد عاجز كذلك عن النوم وهو يعبر الغرفة ذهابا وإيابا لم يستطع حتى الجلوس والاسترخاء
    ولا يريد أن يصعد لغرفته حتى وهو يعلم أن بعض أغراضها قد وصلت
    والبقية ستحضرها أمها في الغد

    روحه مثقلة بالغيظ والقهر وموعد زواجه يقترب من امرأة هو لا يتقبلها إطلاقا
    ولا يستطيع تصورها زوجة له

    هتف بحزم لهزاع المتمدد على السرير: انخمد حد ماسكك
    ولمعلوماتك ترا دوامي بعد عقب صلاة الصبح فلا تبكي علي مثلي مثلك


    هزاع يعتدل جالسا وهو يهمس باستغراب: أنت ماخذت إجازة لين الحين
    ريح لك يومين قبل عرسك

    هتف فهد بذات الحزم: ماحد طلب شورك

    هزاع بتافف: ماعاد ينتحاكى ذا المخلوق. 24 ساعة شاب نار
    الله يعين بنت خليفة على مابلاها!!

    فهد بغضب: تلايط ومرتي ماتجيب طاريها على ثمك

    هزاع يعود للتمدد وهو يشد الغطاء ويهتف بعدم اهتمام:
    عدال على ذا المرة صدق روحه ماني بمأكلها إشبع فيها المهم خلني أرقد الله يرحم والديك
    ترا بيت منصور مهوب بعيد يأخيك روح وعد طوف البيت لين يجي الصبح


    ولكن هزاع لم يتمدد حتى وهو يقفز واقفا بتحفز ويصرخ لفهد : سمعت الصوت

    فهد كان أساسا سبقه لباب الغرفة وهو يهتف بحزم: شكله جاي من المطبخ الداخلي صوت صحون تكسرت


    الاثنان قفزا معا متجهان بسرعة للمطبخ
    وجزعهما يتفجر برعب وهما يريان عالية مغشيا عليها في المطبخ.
    وبجوارها زجاج مكسور هزاع انحنى عليها بسرعة ليحملها
    بينما فهد يصرخ فيه: انتبه عليها من القزاز!!

    هزاع حملها بخفة خارجا للصالة السفلية بينما فهد يتبعه بقنينة ماء
    هزاع أنزلها على ألاريكة وهو يهتف لها بجزع حقيقي:
    علوي علوي بسم الله عليش قومي وش فيش

    فهد هتف فيه بحزم: وخر وخر
    ملأ كفه بالماء وهو يسمي بسم الله ورشه على وجهها
    شهقت بعنف بينما هزاع يهتف بغضب: الله يلعن أبليسك روعتها

    فهد لم يرد عليه وهو ينحني عليها ويدخل ذراعه تحت كتفيها ويرفعها ويهمس لها برفق:
    عالية سمي بسم الله وش فيش

    عالية تحاول جمع شتات نفسها وتهمس بتقطع:
    ما أدري كنت أبي أسوي لي شيء آكله حسيت بدوخة يمكن عشاني ما كلت شيء من البارحة.

    فهد كان مازال يلبس ثوبه ألقى بمفتاح سيارته لهزاع وهو يهتف بحزم:
    روح إلبس ثوبك وشغل سيارتي
    وأنا باوديها لغرفتها نجيب عباتها وبنجيك






    ************************************







    يعلم تماما أي تعذيب يمارسه والده ضده.
    فكلاهما يفهم الآخر تماما!!


    منذ عودة والده وهو صامت لم يوجه له كلمة واحدة
    كلاهما صليا وقرأ ورديهما ولهما وقت طويل وهما صامتان تماما كقبرين مهجورين

    جسده ممزق من الإرهاق والآلام ومع ذلك يستحيل أن ينام قبل أن يطمئن عليها!!

    صوت أنينها المكتوم الذي جاءه من خلف الباب لا يفارق أذنه وهو يصب كنار مسمومة في روحه
    وفي ذات الوقت نار محرقة تنتشر في كل جسده كلما تذكر رؤية غانم لها
    يشعر أنه يحترق يحترق من كل ناحية
    وحتى والده لا يرحمه!!!


    أما ما أصابه بالجنون فهو رؤية والده يتمدد على الأريكة وكأنه يستعد للنوم
    حينها لم يطق صبرا وهو يهتف بنبرة مقصودة:
    يبه بترقد

    زايد بذات نبرته المقصودة: إيه أبي أريح شوي قبل صلاة الصبح

    كساب بذات النبرة المقصودة: زين أنا مافيني نوم اقعد خلنا نسولف

    زايد برفض مقصود: مالك لوا أنا بأرقد
    واللي ربي مشغله بشيء تلفونه جنبه ويعرف يدق رقم اللي مشغله ويسأله عن حاله بنفسه


    كساب أطلق تنهيدة متأففة واضحة وصلت لسمع زايد ولم يظهر اهتماما بها وهو يتمدد فعلا.
    رغم أنه بداخله مهموم فعلا فماحدث أمامه اليوم لم يرضيه
    وحال الإثنين لا يرضيه فليس غبيا ليلاحظ أن الاثنين يعانيان التعاسة رغم أن كلاهما يبدو مغرما بالآخر لأبعد حد

    فأين مشكلة الاثنين أين مشكلتهما






    .
    .
    .



    مازال لهيب دموعها يحرق ثنايا صدرها
    لم تسألها عن شيء مطلقا
    قررت أن تتركها الليلة تفرغ عن كل الكبت المتطاول الذي تعانيه في حضنها
    وهي تصر عليها أن تنام الليلة في حضنها.

    وبالفعل كأن كاسرة كانت تنتظر فقط دعوة كهذه
    فهي ما أن تمددت في حضن أمها حتى عادت للانفجار في بكاء موجوع مثقل بالشهقات والآنات المتألمة
    وهي تدفن وجهها في عمق صدرها


    مزنة تحتضنها بحنو وهي تمسح على شعرها ووجع عميق يتزايد في روحها


    " ماذا فعلت بابنتي يا كساب
    ماذا فعلت بها
    المهرة التي لم تعرف إلا الصهيل الشامخ
    من بعدك ماعادت تعرف إلا الدموع
    أي شرخ شرخته في عمق روحها التي لا تعرف التخاذل
    ماذا فعلت بابنتي حتى ترتعش وهي تنهمر يأسا ودموعا في حضني الآن
    حتى هنا ويكفي ياكساب
    يكفي
    لن أسمح لك بالمزيد يكفي!! "






    **********************************






    في حياتها كلها لم تتعرض لهكذا إحراج وصل إلى مرحلة الإذلال
    الآن شعرت بقيمة أن يكون لها أخوات رقيقات بعيدا عن هؤلاء الأجلاف المسمين أخوة
    وهم يثقلون عليها عيار المزح كما لو كانت رجلا مثلهم لا يشعر


    لماذا يُكتب عليها أن تكون فرحتها مبتورة دائما
    خبر مثل هذا رغم أنه لم يخطر لها على بال مطلقا لكنها تمنت أن تتلقاه في وقت آخر ويكون عبدالرحمن هو من معها
    وليس هذين القردين هزاع وفهد


    منذ تلقيهما للخبر وهما لم يسكتا عن الضحك فهما سعيدان ومستغربان في آن
    حتى ثقيل الظل فهد الذي مضى له أيام وهو متجهم لا يتكلم إلا بالقطارة
    هاهو ينهمر عليها بمزاحه الثقيل منذ خرجا من المستشفى عائدين للبيت:
    علوي أنتي متأكدة إن رجالش مشلول وإلا تلعبون علينا

    عالية وجهها يتفجر احمرارا وهي تتمنى أن يحدث شيئا يجعلهما يسكتان وهي عاجزة عن الرد لانها لو نطقت بحرف فقد تنفجر باكية!
    تشعر أن كل المقالب التي ارتكبتها في حياتها. كلها عادت لها الليلة أضعافا مضاعفة!!!

    وهزاع يكملها عليها وهو يضحك:
    ماشاء الله على أبو نظارات توهم مكملين شهر من كم يوم ماعنده وقت أخينا!!

    ثم أردف كمن تذكر شيئا: على طاري أبو نظارات والله مايبشره حد غيري

    عالية حينها همست بجزع حقيقي وهي تنطق أخيرا:
    لا تكفى هزاع الخبر هذا أنا أبي أقوله له وفي الوقت المناسب

    ولكن حساسية تفكيرها لا يفهمها شاب كهزاع وهو يهتف بمرح:
    مالي شغل بلا وقت مناسب بلا بطيخ
    الحين الفجر بيأذن وأنا مارقدت خني على الأقل أطلع ببشارة

    عالية كادت تبكي من القهر فعلا وهي تراه يتجاهل كل رجاءاتها الحارة ويرفع هاتفه ويتصل



    حينها كان عبدالرحمن يغفو للتو وهو مازال جالسا رنين هاتفه أيقظه وهو يلتقطه بجزع حين رأى اسم هزاع
    تزايد جزعه.وهو يهتف بهذا الجزع: عالية فيها شيء ياهزاع

    عالية الجالسة في الخلف بدأت دموعها تسيل فعلا وهي تسمع صوت عبدالرحمن الجزع عبر الصوت الذي فتحه هزاع على (السبيكر)

    "بالفعل كم هذان المجنونان خاليان من الشعور!!" وهزاع يهتف بمرح: لا والله حساس وحاستك السادسة شغالة

    تزايدت نبرة عبدالرحمن جزعا حقيقيا: وش فيها عالية وش فيها

    فهد كان يكتم صوت ضحكاته وعالية تكتم شهقاتها بينما هزاع يكمل بذات المرح:
    فيها إنها بتجيب لك دكتور صغير بنظاراته وأنا أبي البشارة منك ومن أبو عبدالرحمن بعدمالي شغل!!

    عبدالرحمن حينها همس بتبلد فهو لم يفهم شيئا: نعم وش تقول

    حينها تكلم فهد بصوت عال ليصل صوته عبر السبيكر مرحا ضاخبا:
    وش بعد تبي تعمل العملة وتبرأ من ولد أختي مهوب أشلى لك
    ترا أنا وأخواني بنجيك وندبغك لين تحب القاع


    عالية تزايدت شهاقاتها المكتومة.
    كيف يجعلان خبرا خاصا بها هي وزوجها مثار مزح ولهو لهما بهذه الطريقة الخالية من الإحساس
    رغم أنهما كان يعبران عن سعادتهما بأختهما الوحيدة بطريقة بعفوية.

    وربما لو كانت عالية على وفاق مع عبدالرحمن لم تكن لتتحسس من مزحهما لهذه الدرجة

    عبدالرحمن مازال صوته متبلدا مذهولا: أنا بجي الحين أجيب عالية

    كان لشدة إحساسه بالسعادة المفاجئة التي شعر بها كجبل هائل هبط على روحه فجأة
    يخشى أن يكون هذا مقلبا من هزاع وفهد ولن يحتمل فعلا هذا!! لن يحتمل
    أراد أن ينحي كل مشاعره حتى يراها هي
    يسمع الخبر منها
    ومن ثم يتشارك الفرحة معها كما يفترض ويجب
    يا الله أ حقا هذه الفرحة كلها هو سيصبح أبا أحقا
    هل يمن الله عليه بمهاب صغير يعود ليضمه إلى صدره يريح وجع روحه المثقلة بالفقد!!
    يا الله ما أعظم هذه الفرحة!! ما أعظمها!!


    فهد أجابه بحزم: وش تجي ذا الحزة حن أساسا في الطريق راجعين من المستشفى
    حن بنوصلها عندك


    حينها انفجرت عالية بالبكاء تماما وصوتها يصل عبدالرحمن قبل أن يغلق هزاع (السبيكر).
    تعالت شهقاتها ونحيبها: ما أبي أروح هناك
    أبي أمي ودوني لأمي ما أبي أروح لعبدالرحمن


    ألم متزايد في روحها من كل شيء
    من إحراج شقيقيها لها ومن ثم إفسادهما لفرحتها
    ومن عبدالرحمن الذي كان لا يريدها !!

    والآن. وفجأة !!
    لم يصبر حتى للصباح وهو يريد الحضور فورا بعد أن كان يريد تركها حتى موعد زواج فهد

    الآن يريدها!! الآن
    أم يريد ابنه فقط؟!!
    وهي لا قيمة لها !! لا قيمة لها أبدا!!
    بل هو حتى لم يعبر عن أي فرحة بخبر حملها!!
    يا الله كم هي مجروحة !! مجروحة بالفعل!!







    ***********************************






    " حرام عليش يأمش صبيتي قلبي
    صحيت أدور زايد مالقيته"


    جميلة ترفع رأسها وهي تجلس الأرض وتضع زايد جوارها بداخل لعبته المكونة من فراش معلق فوقه ألعاب
    وتبتسم: أدري إن عمي منصور طلع بدري وإنش ما نمتي إلا عقب ماراح
    عشان كذا دخلت وخذت زايد
    قلت أنتي ترتاحين وأنا أتسلى أنا وإياه.

    جلست عفراء خلفها على المقعد وهي تميل عليها من الخلف وتلصق خدها بخدها وتهمس بحنان: وأنتي وش مقومش بدري زين


    جميلة بعفوية: نمت ساعتين عقب الصلاة وقمت شبعانة رقاد

    عفراء باهتمام لا يخلو من تأثر وهي تتذكر أن ابنتها ستذهب وهي مازالت لم تشبع منها حتى:
    زين رتبتي أغراضش كلها
    عشان أبي أروح أرتبها اليوم مع أغراضش اللي أرسلتها أمس

    جميلة باختناق لا تعرف سببا: خلصت

    عفراء وقفت وهي تحاول إخفاء اختناق صوتها خلف حنانه:
    زين قومي البسي وأنا بألبس وألبس زايد عشان أوديه لمزون
    عشان نروح موعدش عند الصالون
    والعصر بأودي أغراضش وفي الليل بتجيش الحناية!!

    جميلة هزت كتفيها بيأس: إن شاء الله يمه خير!!







    ********************************************













    رد مع اقتباس  

  10. #230  
    المشاركات
    3,260


    " يأبيك والله ذا العجلة مالها داعي!!
    كان قعدت شوي في المستشفى"

    كساب يجلس بإرهاق على مقاعد الصالة السفلية فور دخوله من الباب
    ويهتف بحزم بدا إرهاقه واضحا فيه:
    يبه خلاص الأنتي بايوتيك اللي في الوريد وخلصته وهذا أنا خذت علاجي معي
    التغيير بأروح كل يوم يغيرون لي
    علي بيجي بكرة الصبح ومانبي نروعه
    وعرس جميلة بعد بكرة أبي خالتي بالها يرتاح وتتفرغ لبنتها بدل ماهي تتصل علي كل ساعة!!



    كل هذه المبررات التي ساقها ولم يقترب من المبرر الحقيقي أبدا
    هـــــــــــي!!
    سببه الرئيسي!!

    يشعر بغضب عليها ومن أجلها ولا يعرف كيف حالها من البارحة
    ولن يحتمل مطلقا مزيدا من هذا الضغط


    الاثنان لم يخبرا أحد بعودتهما ومزون ذهبت مع خالتها لترتب أغراض جميلة
    وكاسرة عند جدها ومزنة هاهي تعود للتو وتدخل عليهما

    تفاجأت وهي تبتسم بترحيب وتبارك لكساب سلامته
    زايد سأل كساب بتلقائية: تبي أطلعك فوق
    لأني أبي أروح أسبح أبي أروح للشركة شوي صار لي كم يوم معهم بالتلفونات بس

    كساب بمودة: روح طال عمرك بأطلع بروحي إذا بغيت

    كساب لم يكن يريد الصعود حتى يعرف كيف هو الوضع أراد أن يختلي بمزنة ليسألها
    وزايد استغرب أن مزنة لم تلحق به كما اعتاد من اهتمامها به
    بينما مزنة كانت ككساب تريد الاختلاء به
    فهي لن تؤجل الحديث أكثر من ذلك!!


    فور صعود زايد سأل كساب مزنة بشكل مباشر فهو ماعاد به صبر:
    شأخبارها

    مزنة همست بنبرة مقصودة: مهتم من أخبارها

    كساب باستغراب مقصود: وذ ذا النبرة يمه أكيد مهتم!!


    مزنة حينها مالت للأمام لتنظر لكساب بشكل مباشر صارم وتهمس بذات المباشرة والصرامة:
    اسمعني يأمك زين
    أنا زوجتك شيخة مالها شبيه ما أقول إن بنتي مافيها عيوب
    الإنسان عيوبه أكثر من مزاياه
    بس بنتي ماكنها بأحد في شيين في زينها وفي قوة شخصيتها
    الزين الظاهر إنه ما ملأ عينك لأنك مايمر شهر ماتسافر برا الدوحة
    وأما على قوة الشخصية ماشفت بنتي مستوجعة وحزينة مثل زعلتها معك أول مرة والحين أكثر
    وزعلتها الأولة كانت وأنت مسافر والحين عقب رجعتك من سفر!!

    كساب قفز واقفا دون أن يشعر وهو يهتف بغضب حقيقي:
    وش تتهميني فيه أنا أنا

    مزنة لم تتحرك من مكانها وهي تهتف بصرامة حقيقية تلقائية:
    ما أتهمك بشيء أنا أحط احتمالات بس
    لأن اللي أشوفه في بنتي ماله تفسير إلا كذا مايوجع المرة بذا الطريقة إلا ذا الشيء

    كساب مازال ينتفض بغضب هائل وصوته يعلو: أنا تتهميني بذا الشيء
    أنا أنا

    مزنة بذات هدوءها الصارم: اسمعني يا ابن الناس
    ترا الدين قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
    ولا تظن إنه عشانك لفيت عشان أصير مرت أبيك إن ذا الشيء بيكون حبل تربطه على حلق بنتي
    تكون ماعرفتني ولا عرفتها


    قبل أن يرد كساب الذي كان ينتفض لشدة غضبه كان صوت زايد الصارم البالغ الصرامة هو من قطع الحوار وهو ينزل الدرج:
    مزنة أنتي وش قلتي لكساب صوته واصلني فوق
    الصبي عاده تعبان ما تتأجل المواضيع شوي لين يتشالى!!

    زايد كان على وشك الاستحمام لولا أنه وصله اتصال من الجد جابر يسأله عن حال كساب
    وحين علم بعودتهم أخبره أنه ذاهب لمجلسهم للسلام على كساب
    لذا قرر زايد النزول وتأجيل الاستحمام
    ليصل له صوت صراخ كساب وهو مازال في أعلى الدرج.


    مزنة أجابته بحزم: فيه مواضيع ماتنفع تتأجل ودامك جيت هذا أنت تسمع مع ولدك
    إذا أنتو ما أنتو بحاسين ببنتي لأنها قدام الكل قوية شخصية وماتهتز
    فأنا حاسة فيها وفي وجيعتها
    وولدك ما أدري وش هو مسوي فيها وأنا مستحيل أسكت على ذا الموضوع كثر ما سكتت عنه

    زايد بحزم أكبر من حزمها: كساب وكاسرة مهوب صغار يحلون مشاكلهم بروحهم مافيه داعي تتدخلين


    مزنة حينها وقفت لتواجه كساب ووالده وتهتف بصرامة:
    أكثر من سنة ما قدروا يحلونها بروحهم وإذا أنت وولدك مرتاحين
    بنتي مهيب مرتاحة وأنا مستحيل أخليها تستوجع بروحها


    كساب شعر أن هناك شرارة خلاف ستشتعل بين والده ومزنة
    وكلاهما يقف في مواجهة الآخر كجبل عظيم لا يخشى الاهتزاز
    لذا هتف باستعجال صارم: زين يمه أنتي وش اللي يرضيش الحين

    مزنة بصرامة مغلفة بالحزم: دام إنك منت بقادر تعاملها بما يرضي الله
    ترا أخيها مهوب عاجز يضمها

    زايد حينها صرخ بغضب حازم: لا أنتي شكلش استخفيتي قلت مالش دخل بين الولد ومرته ماتفهمين!!


    مزنة استدارات ناحيته نظرت له بشكل مباشر نظرة قارصة ولكنها لم ترد عليه احتراما له في وجود ابنه وحتى لا تهز صورته أمامه
    رغم أنها كانت تتحرق للرد ومستعدة تماما له!!


    في خضم الجو الملتهب والكل متحفز دخلت بهدوء تام مختلف عن الأعاصير الدائرة في المكان
    همست بسكون تام ودون أن تنظر لأحد: السلام عليكم الحمدلله على السلامة
    جدي ينتظرك في المجلس

    فوجئت بكساب يشدها من عضدها بيده السليمة
    وهو يوقفها أمامه وينظر إلى عمق عينيها نظرة جعلتها تشعر بالتكهرب رغم ذبول كل مافيها

    وهو يهتف بصرامة: كاسرة حلفتش بالله وهذا إبي وأمش يسمعون.
    تشكين إني أخونش وإلا أعرف نسوان عليش وإلا إن سفراتي سفرات خرابيط تغضب ربي

    رغم صدمة كاسرة من السؤال غير المتوقع إلا أنها خلصت عضدها من كفه
    وهي تهمس ببرود: حاشاك يأبو زايد من الردى ولا عمره طرا على بالي

    حينها كانت مزنة من تكلمت بحزم بالغ:
    ودام كلنا موجودين خل نخلص من ذا السالفة
    حالش مهوب عاجبني وأخر مرة يوم زعلتي على كساب كنتي تبين الطلاق
    إذا هذا سبة اللي فيش خليناه يطلقش


    رغم غضب زايد المتزايد من مزنة ومن تحكمها في مجرى الأحداث
    لكن إن كانت كاسرة فعلا لا تريد كساب فلا يمكن إجبارها عليه
    لذا هتف بحزم وهو يوجه الحوار لكاسرة:
    يا ابنتي الطلاق أبغض الحلال وأنتي مرة عاقلة
    لكن لو أنتي صدق تبين الطلاق خليته يطلقش


    لم تكن كاسرة من أجابت بل كساب الذي تدفقت حممه هادرة:
    أنتو وش شايفيني بزر تبون تمشونه على شوركم
    مع احترامي لكم بس أنا ومرتي مالحد دخل بيننا
    تظنون إنكم بتقولون لي طلقها بأطلقها
    آسف اسمحوا لي والحوار انتهى
    أنا رايح المجلس أسلم على إبي جابر


    كساب خرج فعلا بينما كاسرة تجاوزت المكان ببرود جامد وهي تصعد للأعلى دون أن تنطق بكلمة

    لتبقى النار مشتعلة بين القطبين الكبيرين نظرات حادة ملتهبة بين الاثنين قطعها زايد بقوله بصرامة:
    مستانسة إنش كنتي بتولعينها بين الرجّال ومرته

    مزنة همست بصرامة مشابهة: مهوب أنا اللي أولعها
    وهذا مهوب وقت حوار بيننا لنا مكان نسكره علينا عشان ما نضحك البزارين علينا وحن نتهاد مثلهم


    مزنة أنهت عبارتها وغادرت خلف ابنتها بينما غضب زايد يزداد منها
    " هذي استخفت مرة وحدة!!"






    ***********************************






    " يامش كملي كأس العصير بس"


    عالية تبتسم بمودة: يمه حرام عليش خلاص من الصبح وأنتي تزغطيني خلاص طلعت روحي!!

    جوزاء تبتسم: يا بنت الحلال فرحانة بحفيدها أبو نظارات تغذي خليه يصير تختوخ مثل إبيه

    عالية تقرص جوزا الجالسة جوارها وتهمس بمرح تخفي خلفه وجعا ينتشر كالنار في الهشيم:
    الله لا يبيح منكم وأنتو كلكم من الصبح مستلمين الدحمي كن ماعندكم غيره!!
    المسكين ماكل حلال حد منكم!!

    جوزاء تدعك القرصة وهي تهمس بمرح: يمه تصير قطوة مفترسة عند أبو العيال ذبحتيني يا المفترية!!

    أم صالح برجاء: خلش منها كملي عصيرش بس

    عالية تشرب المتبقي كله دفعة واحدة وتهمس بإبتسامة: ولا تزعلين ياصفوي
    آمري بس!!


    " يا الله بأموت بأموت
    ماحد راضي يرحمني ولا حد!!"


    منذ الصباح والخبر ينشر سعادة مدوية في الجميع إلا فيها!! ففرحتها مبتورة تماما!!

    أم عبدالرحمن جاءت لزيارتها الظهر ومعها هدية
    وأبو عبدالرحمن بنفسه جاء للسلام عليها وتهنئتها وعيناه كانت تشرق ببريق مذهل
    وأرسل لبيت أهلها ذبيحتين!! عدا عن ذبائح أخرى سمعت أنه وزعها!!

    حتى والدها كانت سعادته راقية وفخمة كفخامته تماما!!


    أمــــا. أمـــا هـــو.
    فلم يتكرم مطلقا بالزيارة!!
    وكأنه لا شأن له بالموضوع. رغم أنه اتصل كثيرا
    ولكنها لم ترد على أيا من اتصالاته شعرت أن اتصالاته تهينها أكثر
    إن كان لديه كلام فلماذا لم يأتي لقوله مباشرة!!
    كم تمنت أن تراه!!
    ترى الفرحة في عينيه قبل أن تسمع منه أي شيء!!

    " موجوعة يا الله!! موجوعة!! "





    ******************************






    لا يعلم كيف مضى عليه اليوم حتى!!
    وهي لا ترد حتى على اتصالاته المتكررة!!


    " يا الله يا عالية وش ذا القسوة اللي عندش
    حتى الفرحة حرمتيني منها!!"


    رغم أن إبتسامة شفافة تعلو شفتيه كلما تذكر مظهر والده ووالدته هذا الصباح وهو يبلغهما الخبر






    كان الاثنان أمام قهوتهما الصباحية وعبدالرحمن معهما
    رغم أنه كان متكدرا لأن عالية لم ترد على اتصالاته وهو يسمع صراخها أنها لا تريده بل تريد والدتها فقط
    ولكن سعادة مثل هذه لا يمكن إخفائها أو إنكارها
    وهو يهتف لوالده بشبح ابتسامة: أبو عبدالرحمن

    أبو عبدالرحمن ارتشف جرعة من فنجانه وهو يهتف بمودة: سم يأبو فاضل

    عبدالرحمن ابتسم وهو يهمس بنبرة مقصودة: على طاري أبو فاضل
    أنت بتروح القنص السنة الجاية

    ابتسم أبو عبدالرحمن: سبحان من يلحق حن ذا الحين في القيظ(القيظ=الصيف)
    وعاد دون موسم القنص حياة وموت بس كاني مع الحيين مايردني منه شيء إن شاء الله
    كفاية إنه راح ذا السنة مادريت به وأنا لاهي عندك في المستشفى الله لا يردها من أيام


    اتسعت ابتسامة عبدالرحمن أكثر: زين وكن موسم القنص وافق جية فاضل الصغير بتروح بعد


    أم عبدالرحمن لم تكن منتبهة للحوار لأنها مشغولة بسكب الفطور لعبدالرحمن ووالده.
    بينما أبو عبدالرحمن ارتعشت يده لدرجة انسكاب قطرات من القهوة عليها
    أنزل فنجانه وهو يشعر بثقل كبير وهو يظن أنه قد سمع خطأ
    ففرحة كهذه كانت أكبر من أن يحتملها وخصوصا أنه كان كغيره يظن أن عبدالرحمن قد يعاني من مشكلة ما تبعا لحالته!!

    هتف بتثاقل وكلماته تتبعثر: ويش ويش أنت صادق يابيك
    تكفى ما تمنيني وأنت تلعب علي!!


    ابتسم عبدالرحمن: يبه سوالف مثل ذي مافيها مزح وترى البشارة لهزاع
    هو شارط البشارة علي وعليك!!


    أبو عبدالرحمن قفز واقفا وهو عاجز عن السيطرة على نفسه وكلماته هذه المرة تتبعثر من الفرحة:
    يبشر بالبشارة يبشر بها
    وذا الحين بأروح أذبح ذبايح وأوزعها
    ودي لو اسوي شيء أكثر من ذا
    ما أدري وش أسوي
    أم عبدالرحمن قومي نشتري لعالية هدية ونروح لها ذا الحين
    مافيني صبر أبي أحب رأسها ذا الحين


    أم عبدالرحمن بهتت وأناملها تجف على أوانيها وهي مازالت لم تستوعب الحدث كما يجب!!
    همست بتبعثر واختناق: ويش صدق ياعبدالرحمن مرتك حامل

    ابتسم عبدالرحمن وهو يهتف: يمه الله يهداش لذا الدرجة ظنكم شين فيني!!

    أم عبدالرحمن قفزت وهي تتعثر وتشهق وكلماتها تتبعثر لشدة فرحتها:
    دقيقة يافاضل أقل من دقيقة بعد بألبس عباتي وأجيك

    أم عبدالرحمن غادرت بينما أبو عبدالرحمن كان كالملدوغ وهو عاجز عن الثبات في مكانه ولسانه يلهج بالكثير من الشكر لله والثناء

    بينما عبدالرحمن يهمس لوالده برجاء موجوع:
    يبه ماعليه لو الله رزقني بولد نأجل فاضل شوي ونسميه امهاب

    أبو عبدالرحمن يهتف بسعادة محلقة: أصلا كنه ولد والله مايكون له من الاسماء إلا امهاب إن شاء رب العالمين






    *****************************






    هاهو يفتح باب جناحه رغم كراهيته لأن يدخل فيه
    فهو تجنب بشكل فعلي أن يبقى فيه

    وإن كان رأى الجناح بالأمس بناء على إصرار عالية حتى يرى ذوقها في الفرش والأثاث
    لا يستطيع أن ينكر أن ذوقها رفيع وراق له كونها هي تأثرت بهم وبذوقهم!!

    ولكنه لم يكن يريد دخولها الليلة لأنه يعلم أن والدة جميلة أرسلت أغراضا لها البارحة تم وضعها في الغرفة
    ثم جاءت اليوم ببيقية الأغراض ورتبتها لم يكن يريد أن يقع نظره على أي شيء يخصها
    لا يحتمل ذلك فعلا بطريقة غريبة وغير معقولة!!


    حين دخل إلى الجناح كان أول ما صدمه الرائحة العذبة لعطور أنثوية رقيقة وفاخرة تم تعطير بعض ملابسها الخاصة بها ولذا ينتشر عبقها في المكان
    عدا عن رائحة الزيوت العطرية الناعمة التي تنتشر في المكان.
    (ماشاء الله من الحين محتلة المكان وخاتمة عليه!!)


    أما حين دخل غرفته شك أنه دخل غرفة غير الغرفة التي دخلها بالأمس
    فالذوق الأنثوي كان ينضح من كل أرجاء الغرفة
    المفرش الأبيض البالغ الفخامة بكريستالات فضية وزهرية وعليه تنتشر مخدات صغيرة مختلفة الأحجام بتدرجات مختلطة من الأبيض والزهري الفاتح.


    عدا عن خداديات أخرى منتشرة على الأرض وعلى المقاعد و الأكسسوارات الراقية المنتشرة في كل مكان

    فهد كاد يجن ( وردي في غرفتي أنا في غرفتي أنا
    مصدقة روحها الأخت إنها بنوتة صغنونة هي وذوق البزارين ذا!!)


    فهد كان يريد أن يبحث عن أغراض رتبتها له عالية في الغرفة ولكنه لا يعرف الآن أين يبحث
    وهو يراها احتلت الغرفة بالكامل وقبل أن تحضر حتى!!


    كان يبحث عن عطوره ليجد التسريحة ممتلئة تماما بعطورها وكريماتها وأدوات زينتها
    (هذي متى بتلحق تستخدم ذا الأغراض كلها هي ووجهها الشين
    هل يصلح العطار ما أفسد الدهر
    لكن صدق عقدة نقص تبي تعوضها!!)


    ختاما وجد عطوره منزوية في زاوية صغيرة من التسريحة ( ماقصروا خلوا لي مكان زين ماقطوها في الزبالة عشان يوسعون للدلوعة!!)


    بعد ذلك خشي على ملابسه وبدله العسكرية أن يكونوا قد نقلوها لمكان يجعدها ويفسد كويها لأنهم يريدون كل الخزائن للمدللة

    لذا فتح الخزائن ليجد ملابسه كما هي في خزانته بل ووجدها تفوح برائحة عود فاخر ذكره برائحة عود منصور
    " الله يطول في عمر أم زايد ما ظنتي إن بنتها تعرف السنع مثلها!!"

    لا ينكر أنه شعر بفضول ما أن يفتح بقية الخزائن ليرى كم خزانة ملئت بملابسها

    ولكنه لم يستطع أن يستجيب لفضوله العفوي وغيظه وغضبه المترسب يغلب كل شعور
    وهو يعلم أنه ماعاد أمامه من الحرية سوى يوم واحد فقط
    يوم واحد هو يوم الغد!!!








    *******************************************







    هو ووالده يعودان ختاما للبيت
    بعد أن تلافيا كلاهما هذه العودة.

    كلاهما يتوجس منها وما الذي سيحدث فيها
    وفي ذات الوقت يتحرق لها لأنه لا يرضى بالتراجع ولا التخاذل!


    كساب مازال غاضبا من كاسرة لأبعد حد غاضب من رؤية غانم لها
    وغاضب أكثر لأنها سمحت لوالدتها بالتدخل في مشاكلهما!!
    ويعلم أنها غاضبة أيضا!!
    ولا يتخيل ما الذي سيحدث حين يتلاقى غضبه وغضبها


    زايد غاضب أكثر فطريقة مزنة في فرض رأيها اليوم مطلقا لم ترضيه
    ثم رفضها للحوار وهي من تحدد موعده أغضبه أكثر


    وهاهما كلاهما يصعدان بفارق أكثر من ثلاث ساعات. وكل واحد منهما متجه إلى جناحه!!!
    أولا كساب عاد أولا لأنه ماعاد يحتمل الإرهاق والتعب!!
    ومن بعده كان والده!!




    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .

    يا الله عندنا نجمات وش كثر اليوم لـ (dae )
    هي الوحيدة الوحيدة اللي توقعت أن عالية حامل
    مع أن أكثر البنات كانوا يتساؤلون عن طبيعة الزواج بين عبدالرحمن وعالية
    وهل هي طبيعية
    .
    بنات أنتو ماسبق شفتوا معاق وعنده عيال وش كثر بعد :)
    .
    .







    رد مع اقتباس  

صفحة 23 من 29 الأولىالأولى ... 132122232425 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  2. علاقة الجار بالجار بين الأمس واليوم
    بواسطة بوغالب في المنتدى خارج مقص الرقيب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-Nov-2011, 08:50 PM
  3. الأمس واليوم وغدا الخصر النحيل هو رمز الأنوثة والخصوبة
    بواسطة بوغالب في المنتدى الاسرة والطفل
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 09-Aug-2010, 08:17 AM
  4. بعد مباريات الأمس واليوم .جدول الترتيب للدوري السعودي
    بواسطة البنت التي كويس في المنتدى كرة القدم المحلية و العربية و الاوربية
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 31-Oct-2008, 01:37 PM
  5. المغازل بين الأمس واليوم وعقب باكر
    بواسطة سفيرة الصمت في المنتدى نكت مضحكة - طرائف - الغاز - Joke
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 18-Jan-2007, 02:18 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •