♪♪♪
- رائحة العدس والأعشاب
اليوم هو الأحد. لا دروس , بل دعوة من مانريك كورتيز لنزهة بالسيارة حول الجزيرة , سلمت اليها على مائدة الأفطار , وبذلك فهي مضطرة أن تسأل دون جوان أذا كان من المناسب لها تلبية الدعوة , رفع بصره اليها ببطء من فوق رسائله المكدّسة أمامه وقال:
" قلت أنه لا أعتراض لي على الشاب كصديق يا أيفين , بالطبع يمكنك التنزه معه في السيارة".
" شكرا لك".
" يبدو في طل حال أن علينا التخلي عن فكرة أحضار مرافقلك , لقد جاءني الر د من دونا أوغستا بخصوص دعوتها الى القلعة , أعتذرت لأنها أبتدأت عملا صغيرا مستقلا وبالطبع لا يمكنها تركه للقيام بخدمة لن تكون دائمة".
وكانت أبتسامته مجرد أنفراج للشفتين , ولكنه تابع وسألها:
" أتعتقدين أن في أمكانك تحمل البقاء في القلعة بدون مرافقة؟".
سألته هي بدورها :
" وما هي حاجتي لمرافقة؟".
" فعلا لماذا؟ ولكنني أذكر أن الشكوك ساورتك أتجاه نواياي يوم وصلتك الثياب الجديدة من مدريد".
" أنا أعرفك الآن معرفة أفضل يا دون جوان".
" أحقا ذلك؟". ثم مدّ يده الى أبريق القهوة وأعاد ملء فنجانه وقال:
" عرفت الآن أنني لست أسما على مسمى أليس كذلك؟".
" كان عاشقا مكثارا بلا قلب".
" وماذا عني أنا؟".
أطلقت ضحكة محيّرة وقالت:
" أنت رجل منفتح الشخصية , ولا بد أنك سررت لكوني ساذجة لدرجة أنني أسأت فهم كرمك.".
كان يشرب قهوته بدون حليب, وقال:
" لماذا تصرين على التحدث عن كرمي , وكأنني عم أو خال؟ أعمالي نادرا ما تكون بدافع من العاطفة , أنا رجل عملي مثل معظم الأسبان , ولا أحب أن أرى الشباب والذكاء ضائعين وبالأخص لأجل امرأة مبتذلة مثل مخدومتك , وأنا مسرور من التقدم الذي أحرزته مع الأستاذ فونسكا , حدثني أن لك ميلا طبيعيا للغتنا , هيا قولي شيئا بالأسبانية!".
" لا أستطيع !".
" لا تخجلي مني ! تصرّفي وكأنني مانريك كورتيز".
" مستحيل !".
" ولماذا , هل لأنه من جيلك وأنا كبير السن في منزلة العم؟".
أحتجت قائلة:
" أنا. أنا لا أعتبرك عما".
" ولكنك تخشين أن أجرحك , فترفضين التحدث الي ببضع كلمات أسبانية".
" أنت تخجلني ".
قال ساخرا:
" هل أدير ظهري , صحيح يا أيفين أنك تقولين أنني كريم , ولكنك طوال الوقت تظنين أنني صارم".
وبعد ذلك نظر الى الخادم وقال:
" ماذا هنا يا لويس؟".
" السيد كورتيز سأل عن السيدة الصغيرة يا سيدي , وهو ينتظر في سيارته".
" شكرا يا لويس".
ونظر دون جوان الى أيفين وقال:
"لا شك أنك مشتاقة لمقابلة المعجب بك , ولهذا سنواصل مناقشتنا فيما بعد , وتذكري يا أيفين ما قلته لك , أنا وصي عليك ولا أريد أن يأخذ الناس فكرة أن الشاب كورتيز يتمادى معك".
" سأكون في غاية الحذر يا سيدي".
وكانت تتطلع الى النزهة بالسيارة الىحد أن عينيها قد تلألأت وهي تهب من المائدة وتقول:
" لا أعرف متى سأعود الى البيت".
فقال المركيز بهدوء:
" هذا ليس شأني , وأنا شخصيا سأخرج".
" آمل أن تستمتع بوقتك يا سيدي ".
" أنا متأكد من أنك ستقضين وقتا ممتعا يا أيفين".
ثم أنحنى أنحناءة صغيرة وتابع:
" هيا يا صغيرتي , لا تدعي الشاب ينتظر".
" الى اللقاء".
رد عليها بالأسبانية عامدا , كأنه يذكّرها بأنه يريدها أن تتحدث الأسبانية بين حين وآخر.
" هاستا لا فيستا ( الى اللقاء)".
أسرعت مبتعدة وعبرت القاعة الى حيث كان الخادم لويس يمسك بالباب الأمامي مفتوحا , وحينما مرّت أمامه شعرت برقة عينيه , لم يكن غير ودي تماما كما كان في السابق , وكأن حضور شاب الى القلعة شيء جديد, وهمس:
" طاب يومك يا آنسة".
أبتسمت وقالت:
" شكرا يا لويس , في أنكلترا إذا أشرقت الشمس هكذا ينتهي عادة النهار بالمطر"
ونظر لويس الى السماء الصافية :
" لا أظن أن على الآنسة أن تقلق".
" ها أنت تصلين يا أيفين !".
صاح مانريك وهو واقف في أسفل الدرج , وإبتسامته تلمع بيضاء وسط بشرته السمراء , وجرت نحوه , كان يرتدي سترة بيضاء وقميصا من الحرير الأسود , وبنطلونا قاتما وصندلا , وأمسك بيديها نظرة شلملة عليها , كانت في ثوب أبيض يتوسطه حزام يتوسطه حزام برونزي في لون حذائها , وأنعكست الشمس في عينيها وفي شعرها , أبتسم وقال:
" كل مرة ألقاك تزدادين جمالا , مثل زهرة كانت مغلقة في الظل , والآن تتفتح في شمسنا عن جمال غير متوقع".
قالت وهي تلهث :
" دعك من هذا فأنا لست حتى لطيفة !".
♪♪