خلاف مكاوي
علي المزيد
الجميع يعرف ان الخلاف في وجهات النظر والتفسيرات هو الأساس، لذلك يقول علماء الإدارة إن كل شيء ثابت إلا مبدأ التغير، لذلك رأينا جميعا كمراقبين أن خلاف شركة «مكة للتعمير» مع وزارة التجارة السعودية حول الجمعية التأسيسية لشركة «جبل عمر» خلاف صحي. ولكل وجهة نظر تنطلق من بواعثه، فالشركة تريد انهاء إجراءات التأسيس وإدخال السهم للسوق، لذلك ترى أي اجراء يعطل هذه الرغبة خاطئا وغير صحيح، ووزارة التجارة معنية بتطبيق النظام لذلك ترى ان أي مخالفة تكسر النظام مهما كانت دوافعها حتى لو كانت في مصلحة البلد غير صحيحة. لن أطيل في شرح الخلاف الصحي من وجهة نظري والذي يجعل الجميع يناقش الاجراءات والانظمة والسعي لتغيير نظام الشركات الذي مضى عليه اكثر من 50 عاما بدون تغيير واذا استمرت اجراءات التغيير بهذا البطء فسنحتاج خمسين عاما أخرى. اقترح في هذا السياق ان يتم الفصل بين النظام وبين لائحة تنفيذ النظام بحيث تنشأ لائحة اسمها لائحة تنفيذ النظام تناط بوزير التجارة، وتكون مهمتها تفسير نصوص النظام والتعامل مع روحه وتنفيذ تطبيقاته وكل حالة تعالج تكون قاعدة لما بعدها. نعود للخلاف فصلب الخلاف ان الوزارة رفضت قبول الملاك الجدد للحصص العينية بعد ان باعها المؤسسون بحجة ان النظام يمنع بيع حصص التمليك والوزارة تعاملت مع نص النظام، وحينما انتقلت الملكية بالإرث رفضت في البداية ولكنها وافقت في النهاية مع امكانية ان تطلب (التجارة) بقاء الحصة باسم المورث وتطلب وكيلا ينوب عن الورثة. وهنا لم تتعامل الوزارة مع نص القانون ولكنها تعاملت مع روحه، وكان هذا هو الأسلم والأصح، ويا ليت التجارة تعاملت مع نقل الملكية بذات المفهوم أي مع روح النظام مع السعي إلى التفريق بين الحصص النقدية والعينية، فأنا مع عدم بيع المؤسسين بالحصص النقدية أسهمهم لأسباب أهمها إثبات جدية مؤسس الشركة في الاستثمار وان الهدف ليس التأسيس والبيع فورا وتحقيق الارباح ولتذهب الشركة إلى جهنم. ولكن الحصص العينية أمر مختلف، فالعقار له ناقل ملكية مختلف متمثل في كتابة العدل، وكان يجب على الوزارة تبليغ «العدل» بعدم نقل ملكية المؤسس. والحصص العينية لها تقييم سوقي مختلف عن الأسهم، لذلك لا ينطبق عليها جدية التأسيس بحكم أن المشتري يعرف ثمن عقاره المتحول إلى حصة في الشركة. وهناك انواع اخرى من الحصص العينية يجب مراعاة فروقها، فعلى سبيل المثال لا الحصر اتفق جماعة من ملاك الدواجن على تأسيس شركة بينهم وقبلوا حصصا عينية ونقدية، فهل سترفض التجارة بيوع شركات الدواجن. ولنفترض ان الحصة بيض فهل سنسمح ببيعه قبل ان يفسد ام نتركه يفسد، «التجارة» لن تسمح ببيعه ولكنها ستسمح بان يفقس صوصا، فهل ستسمح ببيعه بعد ذلك، ام انها سترى ان تحول الجنس يمنع البيع ويغير الحصة ويمنع عقد الجمعية. الحمد لله ان أهل الابل النافقة جراء الأعلاف لم تكن لديهم نية انشاء شركة للإبل ولا فلن تنعقد جمعيتها، فهل تعتبر الحصة لاغية بعد نفوق الابل أم سيقبل التعويض الحكومي بديلا، وإذا ما باع شخص إبله إلى رجل يحب المخاطرة ونجت الإبل بفضل الله فهل ستقبل حصة بعد تغير المالك، كل هذه الأسئلة تحتاج لزمن قبل الإجابة. نظام الشركات قديم وبحاجة إلى تطوير كي تواكب متطلبات العصر ونمو الشركات، وكان الله في عون شركة جبل عمر ومساهميها.
* كاتب اقتصادي سعودي