يقول: دخلت عليها هذه الليلة بعد زواجنا بشهر واحد وليلتين اثنتين
فوجدتها .
قلت له : هدئ من روعك
كيف اخترتها
وهل كنت تعرف دينها قبل زواجك بها ؟
قال لي : لم أكن أعرف عنها شيئا
إلا أن إخواني كانوا يزكونها
وهي من مدينة بعيدة عنا اسمها ( عائشة ) !!!لقد شدني اسمها حين ذكر لي
ولما ذهبت إلى خطبتها كنا في العشر الأواخر من رمضان استخرت الله تعالى
سافرت إلى بلدها البعيد تكبدت مشقة السفر في الصيام وطرقت البيت
خرج أخوها الذي كان على موعد معي رحب بي ودخلت
كان الوقت قبل المغرب بقليل لاحظت أن والدها ليس موجودا
قالوا لي إنه معتكف في المسجد
سبحان الله !!!شيء طيب
صلينا معه العشاء ثم التراويح ثم قدمني أخوها له : هذا ( فلان )
الذي جاء يتقدم ل( عائشة )
رحب بي والدها
أردت أن أدخل في تفاصيل الموضوع فاجأني والدها بقوله :
لا يمكنني الآن الدخول في أي تفاصيل
لماذا ؟
قال لي : لأن الوقت لا يسمح
كيف ؟!!
أنا معتكف ، وهذه الليالي لا تحتمل إلا الذكر والعبادة وقراءة القرآن
قلت له : إذن أراها قال : هذا حقك هذه سنة
واستسمحني ألا أضيع دقيقة واحدة أخرى من وقته وابتسم لي
ثم قام إلى ناحية رجعت إلى منزلهم مرة أخرى
في الطريق سألت أخاها باستحياء : أأأأهل الأخخخت عائشة تحفظ كثيرا من القرآن ؟
قال لي باهتمام : ليس المهم في الحفظ المهم في تطبيق الإسلام
لم أدر هل أفرح أم أزداد حيرة
- يا عائشة
أقبلت إلى الحجرة لم تغض بصرها
ولكني تظاهرت بغض البصر
بادرني أخوها : ليس هذا الموقف موقف غض بصر
لا أدري مرة أخرى : هل أفرح أم أستغرب ؟!!!
علامات الاستفهام والتعجب لم تشغلني عن النظر إليها بعمق بصراحة جميلة
سألتها : كم تحفظين يا أخت من القرآن
- جزء عم
- ثم استأذنت وقامت
- قلت لأخيها بغيظ مكتوم : لماذا لم تجلس معنا
- ليس لك في الشرع إلا الرؤية
- ولم يمهلني للتفكير ، ولكن ابتدرني : إذا كان حدث القبول فلا تضيع وقتا
لم نتفق على شيء ولم أحضر أهلي وناسي
ولم نأخذ فترة كافية للتعارف
- قال وهو يهز رأسه : يا سيدي نتفق
وهات أهلك وناسك وما معنى فترة كافية هل جئت إلى هنا بدون تأكد منا
ثم أردف قائلا : نحن لا نريد منك أي مجهود في تجهيز البيت ، فالاقتصاد هو المطلوب
أما المهر فأنت تعلم : أقلهن مهرا أكثرهن بركة ويكفي إحضار أهلك مرة واحدة ،
ثم في المرة التالية يتم الزفاف
حتى نختصر عليك التكاليف قطعه صوت أخيها وهو يقول :
هيا ننام لكي نقوم قبل الفجر بساعة لنصلي التهجد
قلت له مبتسما لا أعرف لبسمتي سببا : أليس عندكم جهاز تلفاز
قال لي ممازحا : اخفض صوتك حتى لا تسمعك العروس
الصورة صورة التزام كامل وللكن لماذا لم يتكلم في التفاصيل ؟
لماذا يستعجل الأمر
لعله رفففففقا بي وحتى يخخختصر التكالييف ذهبت مع الأهل إلا والدي
رفض بشدة أن يذهب
قال لي : بنات عمك أولى بك
قال وهو ينهي الموضوع : اذهب لرخيصة المهر !!!
وقليلة التكاليف وخذ أمك معك
ذهبت مع امي واعجبت عائشة امي
قلت لأمي : هل قالت لك عائشة شيئا عن حفظها للقرآن
قالت : لا والله ولكني سمعتها تقول لأختها :
بالليل إن شاء الله راجعي لي المتشابهات في سورة المائدة
دارت بي الأرض لقد أجابتني إنها تحفظ جزء عم
هل تتظاهر أمام أمي بحفظ المائدة ؟هل نست ما قالته لي ؟
قررت أن أرسل رسالة عاجلة لأخيها ليجيبني على كل هذه التساؤلات السابقة واللاحقة –
خصوصا وأنهم رفضوا بشدة هذه المرة أن نأتي مرة أخرى بحجة عدم التكلفة
وقال لي والدها بالحرف الواحد : يا بني نحن نريد رجلا يحفظ بنتنا ،
ولانريد أن نرهقك ماديا في أي شيء
وأيضا لا نحب كثرة الدخول والخروج من أي أحد لمنزلنا فعجل بالزواج
عليك بالمجيء ولا تحمل هم التكاليف ،
فقد قرر الوالد تجهيز عائشة حتى لا يثقل عليك ،
واعتبر ذلك هدية
هداني تفكيري إلى تجديد الاستخارة ففعلت
ثم سألت أمي : مارأيك في تعجيل الموضوع كما يطلبون ؟
قالت : اسأل والدك !!
قال لي والدي : يا بني نحن الآن في زمن العجائب
ومن المناسب أن تعجل بالموضوع حتى تكتمل العجائب
قلت : وما العجيب في هذا ؟ أليس خير البر عاجله
ضحك ساخرا : البرررررر يعني السيييء الواااااضح
- ولكن نحن لم نر عليهم إلا خيرا
ألا يكفي والدها يعرض كل هذه المساهمات التي حكيتها لك
بمنتهى الوثوق قال : هذا لا يفعله والد للزوجة أبدا إلا إذا كان في الأمر شيء
- ولماذا لا يكون هذا نوعا من المعروف ؟قال بحسم : زمن الأنبياء انتهى
زاغت الدمعة في عيني تعثرت في رموشي حيرة وقلق استبدا بي : ما هذا
كل ما أراه هو من الالتزام الصحيح بالدين
ومن الأخلاق الفاضلة التي نسمع عنها في الكتب
ولكنه التزام غريب لم نعهده وكأنه مبالغ فيه
ووالدي يؤكد أن هذه الغرابة معناها أن وراء الأكمة ما وراءها
ولكني اقتنعت بها ومادام والدي لا يعارض بشدة فهذا حجة لي لأن أسير في الموضوع
وأستسلم لقدري لكن الأمر يحتاج إلى استخارة أخرى
دخلت عليها ليلة الزفاف بعد سفر مرهق لنا معا سلمت عليها
ابتسمت لي وردت السلام
كانت ساحرة كانت سارة رغم آثار السفر وضعت يدي على ناصيتها :
" اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فطرت عليه
سمعتها تقول : جبلت كأنها تصحح لي استدركت الخطأ
وأكملت الدعاء النبوي حتى أصيب السنة
وأعدت يدي إلى جنبي .
كان أول كلامي لها بعد الدعاء هو السؤال الملح
ابتدرتها :كم تحفظين من القرآن ؟
- كله والحمد لله
قلت لها بثوورة مكتومة وكأني أعاتبها بصوت مبحوح : ألم تقولي لي إنك تحفظين جزء عم ؟
قالت : قلت لك ذلك تعريضا ولم أكذب
ذاك اليوم كان موقف خطوبة فلم أرغب في أن أجمل نفسي أمامك
أردفت وهي تأخذ بيدي : ليست الليلة ليلة عتاب
هيا
{ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُم}
ومر شهرٌ كاملٌ
ننام ليلنا بعد صلاة العشاء أو نسمر قليلا بعدها
ننام حتى قرب أذان الفجر ، فلا يكون بيننا وبين الفجر إلا الوضوء
لم يكن من دأبها طوال هذه الفترة قيام ليل أو صيام نهار
ولا زيادة في صلوات التطوع
كان كل حرصها محصورا في التزين والتجمل والتعطر والدلال
لم توقظني مرة لقيام الليل
لم تقترح علي مرة واحدة أن نزور والدي أو تنصحني بزيارة أخواتي أو أقاربي
ليس لها هم طوال الشهر هذا إلا الكحل والعطر والضحك واللعب
حتى جاءت الليلة الموعودة
كنت قد أنهيت شهر الإجازة التي حصلت عليها من العمل
واضطررت للرجوع ففوجئت بمهمة
تنتظرني تحتاج لسفر لمدة يومين
وكان لابد من الخضوع
أخبرتها بسفري
ولكي أحتاط لنفسي وحتى لا تقلق في حالة تأخري لظرف طارئ ،
قلت لها لعلي أتأخر في سفري ثلاثة أيام
الا أن المهمة انجزت في وقتها ولم أحتج إلى الى تأخير
رجعت من السفر بالليل بعد العشاء بحوالي ساعة إلى المنزل
طرقت الباب برقة فلم يرد أحد
قلت في نفسي : لعلها نائمة
كرهت أن أوقظها
وضعت المفتاح في الباب برفق
أدرته في الثقب بحذر شديد
فتحت
دخلت
سميت الله وألقيت السلام هامسا لا يسمعني أحد
أغلقت الباب بهدوء
ثم اتجهت من فوري إلى حجرة النوم
وأنا في طريقي سمعت من داخل الحجرة شهقات صوتها وهي تشهق