يصنع "الكوشة" للاستفادة منها ليلة واحدة بـ 62 ألف ريال فقط لا غير!
منسق الزهور "الدوسري": موهبتي سبب رزقي ونظرات السعوديين تضايقني
- نواف عافت وفيصل الغيث من الرياض - 25/08/1428هـ
هو شاب سعودي موهوب، فكر بطريقة سليمة في موهبته، فأصبحت مهنته التي تدر عليه دخلا يغنيه عن روتين الوظيفة اليومية بل ويزيد، اختار لنفسه أن يهتم بما يحب، فاختارت نفسه أن تبدع وتكون خلاقة في الدخول معه إلى العوالم التي يحبها.
محمد الدوسري شاب لم يتعد عمره 28 عاما، امتهن تنسيق الزهور وصناعة كوش الأفراح والهدايا، واستطاع أن يحفر اسمه في عالم المهنة بشكل مميز، ليأخذ نصيبا وافرا من كعكة السوق الضخمة لهذا النوع من الأعمال، بعد أن احتكر منافسوه من الأجانب السوق لفترة طويلة.
محمد أكد خلال لقاء "الاقتصادية" به أن السعوديين الذين يعملون في هذا المجال ثلاثة فقط هو أحدهم، رغم أن هذا العمل يدر دخلا وفيرا على المتميزين به، مبديا استغرابه من هذا الأمر، وداعيا الشبان الموهوبين في الوقت نفسه إلى دخول هذا النوع من الأعمال، التي ستغنيهم حسبما قال عن البحث عن وظائف ربما لا يتعدى دخلها السنوي ما يجنيه في أحد أيام الإجازة الصيفية.
في البداية عرفنا على نفسك؟
اسمي محمد حسين الدوسري، أبلغ من العمر 28 عاما، موظف في القطاع الخاص، متزوج ولله الحمد.
من أين أتتك فكرة دخولك إلى عالم تصميم الزهور واحترافها؟
كنت في البداية أعشق فن الرسم والنحت والتصميم، وبعدها تعاونت مع بعض المحال فقمت بعمل تصميمات لهم من خلال بعض الأعمال التي تكون غالبا ترجمة لأفكار الزبائن على الواقع، ثم زاد الطلب بعد ذلك على أعمالي – ولله الحمد - فتعمقت أكثر في موضوع التصاميم واحترفتها، وبعد ذلك تطلب العمل أن أكون موجودا في مكان يسهل على الزبون الوصول إليه فافتتحت محلي هذا.
كيف طورت من مهاراتك، وصقلت الموهبة لتصبح عملا يدر الرزق؟
الاحتكاك مع منسقي الزهور والمشاركة في المسابقات واطلاعي على الكتب المهتمة بهذه الأمور، كل ذلك طور مهارتي بشكل ملحوظ.
هل كان الجانب الأكاديمي يدعم توجهك، أم أنها مجرد موهبة؟
أنا لم أكمل دراستي الجامعية، رغم أني في البداية التحقت في كلية الجبيل، لكن بعد الجلوس مع نفسي اكتشفت أني أدرس تخصصا لا يفيدني بتطوير هوايتي المفضلة، ولم أفكر في الانضمام إلى كلية التربية الفنية لأنها لا تقدم الأفكار والدعم المناسبين لتطوير مواهب التصميم والنحت وغيرها من الفنون الجميلة، ولا تتعمق في التفاصيل الصغيرة التي تفتح الأفق لعشاق هذه الهواية.
كلمنا عن الصعوبات التي تواجهك في عملك هذا؟
أول الصعوبات التي تواجهني في هذا المجال تتركز في الوظيفة، فأنا أعمل كما قلت في القطاع الخاص وعملي يمتد إلى 12 ساعة، من 10 صباحا إلى 10 مساء، ولهذا السبب فقدت بعضا من زبائني المهمين، أيضا من الصعوبات نظرة الناس للشاب السعودي الذي يحترف هذا العمل، فيأتون في البداية بحثا عن الجودة، إلا أنهم يتوقفون عن التعامل معي بعد أن يدور أول حديث بيني وبينهم، وذلك بعد أن يكتشفوا أني سعودي، وينسحبون من المحل بحجة أنهم يريدون التفكير في الموضوع، ومنهم من يعطيني حججا واهية لكي يتهرب من المحل، إلا أنه بعد مشاركتي في المسابقات وحصولي على مراكز متقدمة، وكتابة الصحف المحلية عني، جاء أناس كثيرون يريدون رؤية أعمالي في المحل، ويسألون عن بعض التصميمات السابقة لي، التي كنت أخزنها على جهاز الحاسب، فبدأ بعض الزبائن يطمئنون إلى عملي.
في رأيك لماذا يخاف الزبائن من التعامل مع الشاب السعودي؟
من خلال تجربتي الخاصة التي تقارب ست سنوات، البعض يعلق السبب على أن الشاب السعودي وخاصة في مهنتي هذه لا يوجد عنده أي خلفية عن العمل الذي يقوم به ولا ممارسة له، وهذا حد من انتشار تنسيق الزهور كمهنة بين الشبان السعوديين، حتى أن مهنة تنسيق الزهور لا يعمل فيها من لا يمارسها بشكل احترافي من السعوديين إلا ثلاثة أشخاص فقط، أنا ويوسف العفيف وثالث من المنطقة الشرقية يدعى ماهر. وكذلك البعض يعتقدون أن الشاب السعودي يعمل في هذه المجالات لكي يغازل الفتيات، لأننا نهتم بالتفاصيل في عملنا، ويجب أن نستفسر عن مكياج ولون الفستان لكي نتقن عملنا وهذا الشيء ضروري، إلا أن للبعض نياته السيئة، فيعتقد أننا نتغزل بالنساء ولا نعمل!
لماذا رغبت التوجه بالمشاركة في المسابقات؟
السبب الرئيس هو تطوير عملي والاحتكاك مع مصممين من دول مختلفة ومتقدمة في المجال كمصر ولبنان، فهذا الأمر مفيد كثيرا ويفتح آفاقا جديدة لي شخصيا، وخاصة أن بعض المشاركين في المسابقات لديهم باع طويل في هذه المهنة، ومنهم من تتوافر لديه خبرة تمتد إلى 15 عاما، والمشاركة في المسابقات فرصة كبيرة للتعلم منهم والاستفادة من خبرتهم الطويلة، ومن ناحية أخرى المسابقات تكشف مدى تطور عملك في هذا المجال، وتعرف حقيقة الأمر في تطورك من عدمه، من خلال تقييم أكاديمي، وهذا الأمر بالذات أحتاج إليه كثيرا لأن العمل في هذه المحنة يحتاج إلى التجديد والتطوير دائما. كذلك هناك فائدة كبيرة تقدمها لي المسابقات وهي التعريف بنفسي للجمهور، وتعطيهم حقيقة موهبتي.
حدثنا عن المسابقات الرسمية التي شاركت فيها؟
شاركت في مسابقة الزنابق السنوية التي بدأت منافستها قبل ثماني سنوات مضت، كما شاركت في آخر مسابقتين السابعة وحصلت على المركز الثالث والثامنة وحققت المركز الأول، وأطمح للمزيد إن شاء الله.
هل سبق وأن اشتركت في معرض الزهور؟
بصراحة لا لم أشترك لأن المعرض أخذ طابعا تجاريا، ولم يكن يهدف إلى عرض المواهب والأفكار الجديدة.
هل تطمح للمشاركة في مسابقات خارجية؟
أتمنى ذلك، وأنا أحاول جاهدا لتحقيق هذا الشيء.
كيف ينظر الأقارب إلى مهنتك الغريبة نسبيا؟
لقد تلقيت الدعم من العائلة والأقارب، لكن يوجد غيرهم من الأصدقاء ممن حكموا علي بالفشل قبل أن أبدأ، إلا أني خالفت نظرتهم ولله الحمد.
تعاملك الأساسي في هذه المهنة يكون مع الجنس الناعم، فكيف تتعامل معهن؟
التعامل مع النساء في هذا العمل يعود إلى الشخص واطلاعه على كل جديد في عملية تنسيق الزهور وغيرها من أعمالنا، فبعض النساء يحضرن في الشهر تقريبا 20 إلى 30 زواجا بدون مبالغة، وفي هذه الحالة يكون على دراية كاملة بكل ما هو جديد في عالمنا، بسبب هذا التحدي يجب علينا العمل والاطلاع الدائم على كل جديد وابتداع أفكار جديدة لجذب الزبائن لنا. وتطمين الزبونة إلى أن البائع على معرفة تامة وعلم بكل ما يحدث في السوق من تصاميم جديدة، كذلك إذا كان باستطاعتك جلب مليون فكرة في فكرة واحدة، فهذا مما يزيد من ثقتها ويجعلها زبونة دائمة.
أين تجد نفسك في عالم المنافسة المحتدم مع الأجانب في مجالك؟
في الواقع المحال والمنافسون كثروا بشكل ملحوظ والمنافسة على أشدها، منهم يعملون بجودة عالية، ومنهم من تكون جودته أقل، بل ربما يصل إلى درجة السيئ بشكل لا يصدق، والبعض يهتم بربح المادة ولا يبدي الاهتمام بالزبون، ولا يهمه إن كان هذا الزبون سيعود أم لا؟ وهو بذلك ينسى أن عملنا أساسه الإبداع في التصميم، وأن أصل مهنة تنسيق الزهور تكمن في الموهبة، قبل أن تكون عملا عاديا يقوم به أي شخص.
هل استقطبت العمالة الأجنبية الذين يعملون معك الآن منذ افتتاحك المحل؟
لا لم يأتوا إلا فيما بعد، إذ إني لم احتج إليهم إلا بعد افتتاح المحل بسنة كاملة، وذلك عندما زادت كمية العمل على عاتقي، توجب علي استقطاب العمالة من الخارج لمساعدتي.
هل كانوا يعرفون أساس عملك عندما حضروا، أم أنك دربتهم؟
لا، لم يكونوا يعرفون شيئا من عملي، فاضطررت إلى تعليمهم وتدريبهم.
هل واجهتك مواقف غريبة أثناء أدائك عملك؟
لا أخفيكم المواقف كثيرة، ولكن أغربها والتي تحدث لي دائما عندما يحضر بعض الأشخاص ويكتشفون أني سعودي، فيبدون استغرابهم لذلك، وأغلبهم يجزم أني أكون مجنسا وأنتمي إلى إحدى الدول العربية، وزيادة على ذلك بما أني في حياتي العامة أرتدي "البنطلون وتي شيرت"، فإن ذلك يجعل بعضهم يؤكد أني عشت أغلب فترات عمري خارج المملكة، أو أني أخذت عادات وتقاليد بلد الغرب. ومن المواقف التي أذكرها جيدا، جاءني زبون يريد تغليف بعض الملابس النسائية، وبعد أن بدأت العمل تحدثت معه مرحبا به كعادتي مع أي زبون، وعندما اقتربت من إنجاز العمل، قال لي: "ما شاء الله ماخذ راحتك كأن المحل لك"، فأجبته أني أنا صاحب المحل، فرد قائلا: "لو كنت أعلم أنك صاحب المحل، ما كنت أخرجت الملابس لك"!.
مواد الخام التي تستخدمها في عملك من أين تحضرها؟
نحن نتعامل مع شركات سعودية للزهور والورود، تحضر لي الزهور التي أريدها، ويوجد بعض الزهور الغالية في السعر، إذ يصل سعر الوردة الواحدة منها إلى 150 ريالا ومع ذلك لا يستعملها الأشخاص، كما أن بعضها لا توجد في المملكة ولا تحضرها الشركات التي أتعامل معها، فأحضرها باتفاقيات مع شركات خارجية وخاصة من هولندا.
ما مواصفات المنسق الناجح؟
المنسق الناجح هو الذي يستطيع توظيف الخامات العادية التي توجد لديه إلى تحف فنية في غاية الروعة والجمال.
بعد أن ذاع صيتك في هذه المهنة بين الناس، ما الأحوال الآن؟
الحمد لله وصلت إلى مرحلة يصر فيها بعض الزبائن على العمل معي فقط، كما يوجد لدي زبائن الآن مستمرون معي منذ خمس سنوات.
هل تعتقد أن مهنتك أصبحت مهمة الآن؟
بكل تأكيد، فالناس الآن تطلب عملنا بكثرة، مثلا سيأتيك بعض الضيوف إلى أهل المنزل فيحضرون معهم بوكيه ورد على الطاولة، عندما تزور مريضا فإن أول شيء تشتريه له بوكيه ورد، رغم أن فعل هذا الأمر كان ثانويا في البداية، أما الآن فأصبح ضروريا. وفي حفلات الزواج أصبح الورد أساسيا وعلامة فارقة للتميز من حفلة إلى أخرى، وإذا لم تكن هناك ورود لا يكون هناك أي زواج، وللمعلومية فإن هناك عائلة أعرفها ألغوا حفل زواج ابنتهم بسبب عدم توفر "الكوشة"!
عملكم يعتمد على الفكرة البكر، هل تواجهون مشاكل في سرقة الأفكار؟
لقد عانيت الكثير من هذه المشكلة، أذكر حادثة حصلت لي منذ فترة، حيث سرقت إحدى قاعات الأفراح أفكاري بوضع اسمها على التصميم، وفاجأني هذا الخبر من أحد الزبائن الدائمين عندي، فقد شاهد التصميم في إحدى القاعات الكبرى في الرياض، كما حدث لي أن بعض صاحبات المشاغل النسائية تأتي للمحل، وتجعلك تعرض لها ما عندك من تصاميم على أساس أنها زبونة، ثم تحاول تقليدها، ولكنهن بحمد لله يفشلن في ذلك، وأنا أتحدى أي شخص يستطيع تقليد تصاميمي، وقد أعلنت هذا التحدي مرة على إحدى زبوناتي، أن لو استطاع أحد تقليد أحد تصاميمي فأنا مستعد عمل هذا التصميم له مجانا، وكان قيمة ذلك التصميم 28 ألف ريال، إلا أن ذلك لم يحصل ولله الحمد، سرقة الأفكار أمر مزعج، وهذا الأمر بالذات لا يجعلني أعرض أعمالي في واجهة المحل خوفا من السرقة.
ما الذي يحدد سعر عملك؟
الذي يحدد السعر في البداية الفكرة، في عملنا الفكرة هي الأهم وهي التي تحدد السعر، ونستطيع القول إن 50 في المائة من السعر يكون بسبب الفكرة.
ما قيمة أول كوشة عملتها، وما أغلاها ثمنا؟
الأولى كانت بقيمة خمسة آلاف ريال، أما أغلاها فوصلت إلى 62 ألف ريال.
ما خططك المستقبلية؟
أنوي التوسع في أعمالي، ولكن يجب في البداية أن أتفرغ 100 في المائة للمحل وتطويره، كذلك تطوير موهبتي باستحضار أفكار جديدة.