الملاحظات
صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 35

الموضوع: منـــبر الجـــمعه

  1. #11  
    ضي الأمل غير متواجد حالياً T৵હ.¸ اللهم إغفر لها وتغمدها برحمتك "¸.હ৵
    المشاركات
    16,625
    فضل الصلاة والسلام على رسول الله




    ألا واعلموا -رحمكم الله- أن من أفضل ما تقرب به المتقربون، وعبر به الصادقون عن محبتهم لرسولهم صلى الله عليه وسلم كثرة الصلاة والسلام عليه؛ فقد أمر الله بذلك بقوله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، كما حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك وأخبر أن فيه الأجر العظيم، كما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً } وروى الإمام أحمد و النسائي بسندٍ صحيح عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات، وحط عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات }، ولما قال له أبي بن كعب رضي الله عنه: {إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت -إلى قوله- أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذاً تكفى همك، ويغفر لك ذنبك } رواه الإمام أحمد و الترمذي بسندٍ صحيح، والحاكم ووافقه الذهبي .

    فيا من يريد الخير في الدارين! أكثر من الصلاة والسلام على سيد الثقلين، لكن ذلك الأجر مرهونٌ بالإخلاص والمتابعة، والالتزام بالصلوات المشروعة دون المبتدعة، وأجمعها الصلاة الإبراهيمية، التي يقرؤها المسلم في تشهده: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد.

    فأكثروا -رحمكم الله- من الصلاة على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صلاة متبعٍ له، مقتفٍ لسنته.

    اللهم صل على محمدٍ ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصل على محمد ما تعاقب الليل والنهار، وصل على محمدٍ وعلى المهاجرين والأنصار.

    اللهم صل على نبينا محمد ما ازدهرت النجوم، وتلاحمت الغيوم.

    اللهم صل وسلم على صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، واللواء المعقود.

    اللهم صل وسلم وبارك على صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، والمقام الأطهر، والمجد الأظهر.

    اللهم ارزقنا شفاعته، وأوردنا حوضه، وأسقنا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً، إنك أكبر مسئول، وخير مأمول.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين،،واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

    اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه.

    اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للحكم بشريعتك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم اجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين يا ذا الجلال والإكرام.

    اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان.

    اللهم انصر إخواننا المجاهدين والمضطهدين في دينهم في سائر الأوطان، اللهم انصرهم في فلسطين و كشمير و الشيشان ، وفي كل مكان يا ذا الجلال والإكرام.

    اللهم ألف بين قلوب المسلمين، واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش والفتن، ما ظهر منها وما بطن اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن.

    ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

    ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

    عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.





    رد مع اقتباس  

  2. #12  
    المشاركات
    236
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة بسم الله ما شاء الله على مجهودك اخى القيصر
    $$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$
    يارب يوفقك ويجعله فى ميزأن حسنأتك بـأذن الله ويكرم الاخت ملاك لان مجهودهـأأ
    $$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$
    واضح جدأ بألمنتدى ويأرب يكرم جميع الاعضأء ويوفقنأ ألله لما هو خير ان شاء الله
    $$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$

    اخوكم فى الله
    <<<<<<<<<<<<<<<<##@$$حــمــادة$الـبــرنـــــس$$@## <<<<<<<<<<<<<
    $$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$

    $حـمـ Love # Story ــــادة $





    رد مع اقتباس  

  3. #13  
    المشاركات
    1,085
    جزاك الله خير أختي ملاك الخطبه مفيده جداً وهامه وموضوعها حساس ويجب الكل ينتبه له


    أخوي حمادة البرنس تسلم على الإطراء وهذا كله بفضل الله ونتمنى نراى لك خطبه بأناملك الذهبيه





    رد مع اقتباس  

  4. #14 {المبادرة الى الأعمال الصالحه} 
    المشاركات
    1,085
    للآسف لم أستطع معرفة الخطيب ( خطبة الجمعه 21/11/1426هـ بجامع الديرة بعنوان{المبادرة الى الأعمال الصالحه}


    الحمد لله الذي له ملك السماوات والأرض، ولم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك، وخلق كل شيء فقدره تقديرًا، أحمده سبحانه على نعمه العظيمة، وآلائه الجسيمة، تعالى وتقدس عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الحي الذي لا يموت، قائم على كل نفس بما كسبت، وكفى به بذنوب عباده خبيرًا بصيرًا، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، بعثه الله بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه صلاةً وسلامًا كثيرًا،
    أما بعد:
    فاتقوا الله أيها المسلمون، وأطيعوا الله ورسوله لعلكم تفلحون
    واعلموا -عباد الله- أن فلاح العبد وسعادته وعلو درجته عند خالقه هو بإيمانه وإخلاصه وكثرة أعماله الصالحة، قال الله تعالى: وَمَا أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ بِٱلَّتِى تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلاَّ مَنْ ءامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً فَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ جَزَاء ٱلضّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِى ٱلْغُرُفَـٰتِ ءامِنُونَ [سبأ:37].
    ولِما للأعمال الصالحة من عظيم المنزلة عند رب العالمين أرشد الله تعالى إلى المسارعة إليها بقوله: فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرٰتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ [البقرة:148]، وقوله تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133]، ولقد حث رسول الرحمة على المبادرة إلى الخيرات والمسارعة إلى الصالحات تزوُّداً ليوم المعاد وتقرباً لرب العباد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((بادروا بالأعمال سبعًا: هل تنظرون إلا إلى فقر مُنْسٍ، أو غنى مطغٍ، أو مرض مفسد، أو هرم مُفنِد، أو موت مجهز، أو الدجال فشرّ غائب يُنتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر)) رواه النسائي والحاكم وصححه والترمذي وقال: "حديث حسن".
    والأعمال الصالحة هي قيمة العمر وثمن الآجال، فمن لم يعمر أيام حياته بالأعمال الصالحة فقد خسر نفسه وأضاع دنياه وأخراه، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ ٱلْخَـٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ [الزمر:15].
    والأعمال الصالحة هي ما أمر الله بفعله أو أمر به رسوله وجوباً أو استحباباً، أو ترك ما نهى الله عنه أو نهى عنه رسوله تقرباً إلى الله واحتساباً.
    والأعمال الصالحات تكون زاكيةً ووافية الأجر والثواب إذا كانت خالصةً وصواباً، مع فراغ القلب من سواها، وانتفاء مبطلاتها والمعوقات لها.
    وأعظم المعوِّقات والموانع من الأعمال الصالحة الفتن الخاصة أو الفتن العامة، وفي هذا الحديث المبارك رغّب النبي بالمبادرة والمسارعة بالأعمال الصالحة قبل الموانع منها والمعوِّقات عنها، وقبل اشتغال الإنسان بخاصة نفسه، أو اشتغاله بفتنةٍ عامة، وما أجلَّ وأعظم وصية الله ووصية رسول الله .
    فمعنى قوله عليه الصلاة والسلام: ((بادروا بالأعمال سبعًا)) أي: سابقوا وقوعَ الفتن بالاشتغال بالأعمال الصالحة، واهتموا بها قبل حلول الفتن، وقبل المعوِّقات.
    ومعنى قوله عليه السلام: ((هل تنتظرون إلا إلى فقر مُنسٍ)) توبيخٌ على تقصير المكلَّفِين في أمر دينهم، أي: متى تعبدون الله، وتعملون صالحاً؟! فإنكم إن لم تعبدوه مع قلة الشواغل وقوة البدن، فكيف تعبدونه مع كثرة الشواغل وضعف البدن؟! لعل أحدكم ما ينتظر إلا إلى فقر منس يشغله في خاصة نفسه، ويندهش معه، ويستولي عليه همُّ الرزق، والتردد في طلب القوت، وقضاء الحاجات، فلا يقوم بالعبادة إلا في بلبلةِ القلب وتشوُّش الخواطر.
    ومعنى: ((أو غنى مُطغ)) أي: مُوقع في الطغيان، وهو مجاوزة الحـد في كـل شـيء، والله تعالى يقول: كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لَيَطْغَىٰ أَن رَّءاهُ ٱسْتَغْنَىٰ [العلق:6، 7]، والمال فتنة لصاحبه إن لم يأخذه المرء بحقه، ويعرف حق الله فيه، ويؤدي إلى كل ذي حق حقه منه، وكثيراً ما يكون الغنى جسراً لصاحبه إلى جهنم، إما لكسبه من حرام، أو إنفاقه على الشهوات والملذات المحرمات، أو لانشغاله به عن العبادة والطاعة، وانهماكه في تحصيله، مُعرضاً عن الدار الآخرة، أو لبُخله بما عليه من الحقوق فيه، قال الله تعالى: فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَـٰفِرُونَ [التوبة:55]، وقال تعالى: وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ [آل عمران:180]، وفي الحديث: ((ما من صاحب كنزٍ لا يؤدي زكاته إلا مُثِّل له يوم القيامة شجاعاً أقرع -أي: ثعباناً- فيأخذ بِلَهْزَمَتيه -أي: شدقيه- ويقول: أنا مالك أنا كنزك)) [أخرجه البخاري].
    ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام: ((أو مرض مفسد)) إما مفسد للبدن لشدته، أو للدين لأجل الكسل الحاصل به، أو مفسد للعقل فلا يلتذ بالعبادة، ولا يتمكن من الطاعة على وجهٍ يثاب عليها.
    ومعنى: ((أو هرم مفند)) هو الكبر الذي يوقع في الخرف والهذيان واختلاط العقل، والفَنَد الخرَف وإنكار العقل لهرم أو مرض، وهذا عائق عن الطاعة لمن أصيب به والعياذ بالله.
    ومعنى: ((أو موت مجهز)) سريعُ الوقوع يأتي بغتة، فلا يقدر صاحبه على توبة من الذنوب، فيقدم على ربه مجرماً عبداً آبقاً، قد أعد الله له العذاب الأليم والخزي العظيم بذنوبه، ولا يقدر على وصية واجبه أو مستحبة يبيِّنها، ولا يؤخَّر أجله فيكسب خيراً، قال الله تعالى: حَتَّىٰ إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبّ ٱرْجِعُونِ لَعَلّى أَعْمَلُ صَـٰلِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99، 100 .
    ومعنى قوله عليه السلام: ((أو الدجال فشر غائب يُنتظر)) أي: خروجه، وهو أعظم فتنة عامة منذ خلق الله الخلق إلى قيام الساعة، ليس من فتنة أعظم من فتنته، وهو رجل من بني آدم، أعور العين اليمنى، يزعم أنه رب العالمين، يُجري الله على يديه خوارق للعادات ابتلاءً وامتحاناً، يقول للسماء: أمطري، فتمطر، وللأرض: انبتي، فتنبت، ويقول للخربة: أخرجي كنوزك، فتخرج كنوزها، ويبرئ الأكمه والأبرص, ويحيي الموتى بإذن الله، ، فيتبعه كل منافق ومنافقة، وأكثر أتباعه اليهود وأولاد الزنا والنساء لافتتانهن بالدنيا وزينتها وهمل الناس وسقطهم، ثم يقتله عيسى عليه الصلاة والسلام بباب لُدّ بفلسطين.
    ومعنى: ((أو الساعة فالساعة أدهى وأمر)) أي: أكثر مرارة من جميع ما يكابده الإنسان في الدنيا من الشدائد إن قامت ولم يستعد لها بالعمل الصالح، والساعة أمرها عظيم، وهَوْلها شديد، تقذف الطيور لها ما في حواصلها من هولها، وتجتمع لفزعها الوحوش، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَـٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَـٰرَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2]، والموت هو القيامة الصغرى، ففي الحديث عن النبي : ((إذا مات المرء قامت قيامته)) لأنه قد بُشر بالجنة أو النار، وعُذِّبَ بعمله أو سَعِدَ به.
    فأرشد النبي أمته إلى البدار إلى الأعمال الصالحة قبل حلول شيء من هذه الأمور السبعة، والمراد الحث على فعل الطاعات والاستكثار من أنواع القربات في حال الصحة والفراغ، وقبل مداهمة الفتن الخاصة أو العامة كالدجال والساعة، والحث على التزوُّد من الخيرات في الحياة قبل الممات، ومفهوم العدد غير مرادٍ في الحديث، فليست الموانع والمعوِّقات للأعمال الصالحة محصورة في هذه الأمور السبعة، وإنما نبَّه النبي على هذه السبع لأهميتها وكثرة تعرض الناس لبعضها، ومما يدل على أن مفهوم العدد غير مراد وأن الموانع والمعوقات للأعمال الصالحة أكثر من هذه السبع ما روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً عن النبي قال: ((بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها والدخان والدجال والدّابة وخاصة أحدكم وأمر العامة)) أي: الفتنة الخاصة والفتنة العامة، وفي البخاري عن ابن عباس مرفوعاً: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ))، وروى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال: ((اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)).
    وكان السلف الصالح رضي الله عنهم يتمسَّكون بهذه التوجيهات النبوية ويعملون بهذه الإرشادات الربانية حتى قال ابن عمر رضي الله عنه: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك) رواه البخاري، وفي الحديث: ((تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)) [أخرجه أحمد والحاكم]، قال الله تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَـٰهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ [الحشر:18، 19].
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين، وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
    الخطبة الثانية:
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
    أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- بالتقرب إليه بطاعاته، والبعد عن محرماته، فقد فتح الله لكم -معشر المسلمين- أبواب الخيرات، قال الله تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج:77]، وفي الحديث عن النبي : ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)) رواه مسلم.
    فاحرص -أيها المسلم- على فعل الحسنة كبيرة كانت أو صغيرة، بإخلاص وسُنَّة، فإن الحسنة مضاعفة، قال الله تعالى: مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِٱلسَّيّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [الأنعام:160]، وفي الحديث عن النبي : ((لا يحقرن أحدكم من المعروف شيئاً، ولو أن يلقى أخاه بوجه طلق)) [أخرجه مسلم]، وإياكم والمعاصي ولو كانت في أعينكم صغيرة، فإن لكل سيئة طالباً كما قال النبي : ((إياكم ومُحقِّرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه)) [رواه أحمد والطبراني والبيهقي].
    عباد الله، إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
    فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين، وإمام المرسلين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.
    الجمعه21/11/1426هـ





    التعديل الأخير تم بواسطة القيصر تينوو ; 29-Dec-2006 الساعة 05:45 PM
    رد مع اقتباس  

  5. #15  
    ضي الأمل غير متواجد حالياً T৵હ.¸ اللهم إغفر لها وتغمدها برحمتك "¸.હ৵
    المشاركات
    16,625
    [frame="7 80"]
    ( نهاية العام دروس ووقفات ) للشيخ : ( عبد الرحمن السديس )


    نهاية العام دروس ووقفات

    ما أسرع مرور الأيام والليالي؛ فها نحن في نهاية عام هجري، وبهذه المناسبة نتذكر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف أن هذه الحادثة غيرت مجرى التاريخ.

    وفي هذا الدرس ذكر الشيخ حفظه الله دروساً ومواقف من الهجرة النبوية، كما تحدث عن فضل شهر الله المحرم وصيام يوم عاشوراء.

    دروس ومواقف من الهجرة النبوية




    الحمد لله مقدر المقدور، ومصرِّف الأيام والشهور، ومجري الأعوام والدهور، أحمده تعالى وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، إليه تصير الأمور، وهو العفو الغفور.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنفع صاحبها يوم يُبَعْثر ما في القبور، ويُحَصَّل ما في الصدور، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، النبي المجتبى، والحبيب المصطفى، والعبد الشكور، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما امتدت البحور، وتعاقب العشي والبكور، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم النشور، وسلَّم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    فأوصيكم -عباد الله- ونفسي بتقوى الله، فهي أربح المكاسب، وأجزل المواهب، وأسمى المناقب، وبها تنال أعلى المراتب، وتتحقق أعظم المطالب.

    عباد الله: تعيش الأمة الإسلامية هذه الأيام إشراقة سنة هجرية جديدة، وإطلالة عام مبارك بإذن الله، بعد أن أفلت شمسُ عام كامل مضى بأفراحه وأتراحه، فقوِّضت خيامه، وتصرَّمت أيامه، فالله المستعان عباد الله!

    ما أسرع مرور الليالي والأيام! وتصرُّم الشهور والأعوام! لكن الموفق الملهم من أخذ من ذلك دروساً وعبراً، واستفاد منه مُدَّكَراً ومُزدَجَراً، وتزود من الممر للمقر؛ فإلى الله سبحانه المرجع والمستقر، والكيس المُسَدَّد مَن حاذَرَ الغفلة عن الدار الآخرة، حتى لا يعيش في غمرة، ويؤخذ على غرة، فيكون بعد ذلك عظة وعبرة، واللهَ نسأل أن يجعل من هذا العام نصرة للإسلام والمسلمين، وصلاحاً لأحوالهم في كل مكان، وأن يعيده على الأمة الإسلامية بالخير والنصر والتمكين إنه جواد كريم.

    إخوة الإسلام: حديث المناسبة في مطلع كل عام هجري ما سطره تأريخنا الإسلامي المجيد من أحداث عظمية، ووقائع جسيمة، لها مكانتها الإسلامية، ولها آثارها البليغة في عزِّ هذه الأمة وقوتها، وصلاح شريعتها لكل زمان ومكان، وسعيها في تحقيق مصالح العباد، في أمور المعاش والمعاد.

    معاشر المسلمين: ما أجمل أن نشير إشارات عابرة لعدد من القضايا المهمة الجديرة بالإشادة والتذكير ونحن في بداية هذا العام الجديد؛ علها تكون سبباً في شحذ الهمم، واستنهاض العزمات، للتمسك الجاد بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وحاملة على الاتعاظ والاعتبار، ووقفات المحاسبة الدقيقة، ونظرات المراجعة المستديمة في الأمة؛ تجريداً للمواقف، وإصلاحاً للمناهج، وتقويماً للمسيرة في كافة جوانبها.



    العقيدة الإسلامية هي الرابطة التي لا تنقطع



    أمة الإسلام: ودرس آخر من دروس الهجرة النبوية يتجلى في أن عقيدة التوحيد هي الرابطة التي تتضاءل أمامها الانتماءات القومية، والتمايزات القبلية، والعلاقات الحزبية.

    إن طريق الأمة للتبجيل والتكريم مدين بولائها لعقيدتها، وارتباطها بمبادئها.

    يُقال ذلك -أيها المسلمون- وفي الأمة في أعقاب الزمن منهزمون كُثُر أمام تيارات إلحادية وافدة، ومبادئ عصرية زائفة، تُرفَع شعارات مصطنعة، وتطلق نداءات خادعة، لم يجنِ أهلها من ورائها إلا الذل والصغار، والمهانة والتبار، والشقاء والبوار؛ فأهواء في الاعتقاد، ومذاهب في السياسة، ومشارب في الاجتماع والاقتصاد، كانت نتيجتها التخلف المهين، والتمزق المشين.

    وفي خضم هذا الواقع المزري يحق لنا أن نتساءل بحرقة وأسى: أين دروس الهجرة في التوحيد والوحدة؟!

    أين أخوة المهاجرين والأنصار من شعارات حقوق الإنسان المعاصرة ومدنيته الزائفة؟!

    فقولوا لي بربكم: أي نظام راعى حقوق الإنسان وكرمه أحسن تكريم، وكفل حقوقه كهذا الدين القويم؟!

    فلتصغ منظماتُ حقوق الإنسان العالمية إلى هذه الحقائق، وتطَّرح الشائعات المغرضة عن الإسلام وأهله وبلاده؛ إن أرادت توخي الصدق والموضوعية.






    الهجرة النبوية تغيير لمجرى التاريخ



    إخوة العقيدة: وأول هذه الإشارات مع حدث الساعة وحديثها، الحدث الذي غير مجرى التاريخ، الحدث الذي يحمل في طياته معاني الشجاعة والتضحية والإباء، والصبر والنصر والفداء، والتوكل والقوة والإخاء، والاعتزاز بالله وحده مهما بلغ كيد الأعداء.

    إنه حدث الهجرة النبوية الذي جعله الله سبحانه طريقاً للنصر والعزة ورفع راية الإسلام، وتشييد دولته وإقامة صرح حضارته، فما كان لنور الإسلام أن يشع في جميع أرجاء المعمورة لو بقي حبيساً في مهده، ولله الحكمة البالغة في شرعه وكونه وخلقه.

    إن في هذا الحدث العظيم من الآيات البينات، والآثار النيرات، والدروس والعبر البالغات، ما لو استلهمته أمة الإسلام اليوم وعملت على ضوئه وهي تعيش على مفترق الطرق؛ لتحقق لها عزها وقوتها ومكانتها وهيبتها، ولعلمت علم اليقين أنه لا حل لمشكلاتها ولا صلاح لأحوالها؛ إلا بالتمسك بإسلامها، والتزامها بعقيدتها وإيمانها، فوالذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق بشيراً ونذيراً ما قامت الدنيا إلا بقيام الدين، ولا نال المسلمون العزة والكرامة والنصر والتمكين إلا لما خضعوا لرب العالمين.

    وهيهات أن يحل أمن ورخاء وسلام إلا باتباع نهج الأنبياء والمرسلين.

    إذا تحقق ذلك -أيها المسلمون- وتذكرت الأمة هذه الحقائق الناصعة، وعملت على تحقيقها في واقع حياتها كانت هي السلاح الفاعل الذي تقاتل به، والدرع الحصين الذي تتقي به في وجه الهجمات الكاسحة، والصراع العالمي العنيف، فالقوة لله جميعاً، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.






    عزة الأمة تكمن في تحقيق كلمة التوحيد



    أمة التوحيد والوحدة: لقد أكدت دروس الهجرة النبوية أن عزة الأمة تكمن في تحقيق كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة عليها، وأن أي تفريط في أمر العقيدة، أو تقصير في أخوة الدين مآله ضعف الأفراد، وتفكك المجتمع، وهزيمة الأمة.

    وإن المتأمل في هزائم الأمم وانتكاسات الشعوب عبر التاريخ؛ يجد أن مرد ذلك إلى التفريط في أمر العقيدة، والتساهل في جانب الثوابت المعنوية، مهما تقدمت الوسائل المادية.

    وقوة الإيمان تفعل الأعاجيب، وتجعل المؤمن صادقاً في الثقة بالله، والاطمئنان إليه، والاتكال عليه، لا سيما في الشدائد.

    ينظر أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى مواضع أقدام المشركين حول الغار، فيقول: {يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لأبصرنا، فيجيبه صلى الله عليه وسلم -جواب الواثق بنصر الله-: يا أبا بكر ! ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟! } الله أكبر! ما أعظم لطف الله بعباده، ونصره لأوليائه!

    وفي هذا درس بليغ لدعاة الحق وأهل الإصلاح في الأمة: أنه مهما احلولكت الظلمات فوعد الله آت لا محالة: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا [يوسف:110].





    دروس من مواقف التضحية والفداء في الهجرة




    إن هذه الإلماحة إلى درس الهجرة في التضحية والبذل والفداء، ومراعاة كرامة الإنسان والحفاظ على حريته وحقوقه يجر -يا رعاكم الله- إلى تذكر أحوال إخواننا في العقيدة، في بقاع شتى من العالم، حيث حلت بهم مصائب وبلايا، ونكبات ورزايا.

    سائلوا أرض النبوَّات، ومهد الحضارات، ومنطلق الرسالات، وبلاد المعجزات؛ فلسطين المجاهدة: ماذا تعاني من صلف يهودي سافر، ومن حقد صهيوني أرعن؟!

    سائلوا الشيشان و كشمير وغيرهما عن الأوضاع المأساوية؟

    علَّ دروس الهجرة النبوية تحرك نخوة، وتشحذ همة، وتنهض عزماً، وما ذلك على الله بعزيز.



    موقف عبد الله بن أبي بكر



    إخوة الإيمان: في مجال تربية الشباب والمرأة، وميدان البيت والأسرة، يبرز الأثر العظيم في حدث الهجرة المصطفوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، ففي موقف عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما في خدمة ونصرة صاحب الهجرة عليه الصلاة والسلام -بأبي هو وأمي- ما يجلي أثر الشباب في الدعوة، ودورهم في الأمة ونصرة الدين والملة.

    أين هذا مما ينادي به بعض المحسوبين على فكر الأمة وثقافتها من تخدير الشباب بالشهوات، وجعلهم فريسة لمهازل القنوات، وشبكات المعلومات في الوقت الذي يُعدُّون فيه للاضطلاع بأغلى المهمات بالحفاظ على الدين والقيم والثبات على الأخلاق والمبادئ أمام المتغيرات المتسارعة، ودعاوى العولمة المفضوحة؟






    موقف أسماء بنت أبي بكر



    أيها الإخوة والأخوات: وفي موقف أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها -ورضي الله عن آل أبي بكر وأرضاهم- ما يجلي دور المرأة المسلمة في خدمتها لدينها ودعوتها، فأين هذا من دُعاة المدنية المأفونة الذين أجلبوا على المرأة بخيلهم ورجلهم، زاعمين -زوراً وبهتاناً- أن تمسك المرأة بثوابتها وقيمها، واعتزازها بحجابها وعفافها؛ تقييد لحريتها وفقد لشخصيتها؟! وبئس ما زعموا.

    خرجت المرأة من البيت تبحث عن سعادة موهومة، وتقدمية مزعومة، وهي تظنها في الأسواق والشوارع والملاهي والمصانع، فرجعت مسلوبة الشرف، مدنسة العرض، مغتصبة الحقوق، عديمة الحياء، موءودة الغيرة، وتلك صورة من صور إنسانيات العصر المزعومة، وحريته المأفونة، ومدنيته المدعاة.

    ألا فليعلم ذلك اللاهثون واللاهثاث وراء السراب الخادع، والسائرون خلف الأوهام الكاذبة.







    التاريخ الهجري في حياة المسلمين



    أيها الأحبة في الله: وإشارة أخرى إلى أمر يتعلق بحدث الهجرة النبوية في قضية تعبر بجلاء عن اعتزاز هذه الأمة بشخصيتها الإسلامية، وتثبت للعالم بأسره استقلال هذه الأمة بمنهجها المتميز المستقى من عقيدتها وتاريخها وحضارتها، إنها قضية إسلامية وسنة عُمَرية، أجمع عليها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إنها التوقيت والتاريخ بالهجرة النبوية المباركة.

    وكم لهذه القضية من مغزىً عظيم يجدر بأمة الإسلام اليوم تذكره والتقيد به؟! كيف وقد فُتن بعض أبنائها بتقليد غير المسلمين والتشبه بهم في تاريخهم وأعيادهم؟! أين عزة الإسلام؟! وأين هي شخصية المسلمين؟! هل ذابت في خضم مغريات الحياة؟!

    فإلى الذين تنكروا لثوابتهم، وخدشوا بهاء هويتهم، وعملوا على إلغاء ذاكرة أمتهم، وتهافتوا تهافتاً مذموماً، وانساقوا انسياقاً محموماً خلف خصومهم، وذابوا وتميعوا أمام أعدائهم.

    ننادي نداء المحبة والإشفاق: رويدكم، فنحن أمة ذات أمجاد وأصالة، وتاريخ وحضارة، ومنهج متميز منبثق من كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.

    فلا مساومة على شيء من عقيدتنا وثوابتنا وتاريخنا، ولسنا بحاجة إلى تقليد غيرنا، بل إن غيرنا في الحقيقة بحاجة إلى أن يستفيد من أصالتنا وحضارتنا؛ لكنه التقليد والتبعية، والمجاراة والانهزامية، والتشبه الأعمى من بعض المسلمين هداهم الله، وقد حذر صلى الله عليه وسلم أمته من ذلك بقوله فيما أخرج الإمام أحمد ، وأهل السنن: {من تشبه بقوم فهو منهم } والله المستعان!






    فضل شهر الله المحرم




    أيها الإخوة المسلمون: وثالث هذه الإشارات إلى حدث عظيم في شهر الله المحرم، فيه درس بليغ على نصرة الله لأوليائه، وانتقامه من أعدائه مهما تطاول، إنه حدث قديم؛ لكنه بمغزاه متجدد عبر الأمصار والأعصار.

    إنه يوم انتصار نبي الله وكليمه موسى عليه السلام، وهلاك فرعون الطاغية، وكم في هذه القصة من الدروس والعبر والعظات والفكر للدعاة إلى الله في كل زمان ومكان؟! فمهما بلغ الكيد والأذى والظلم والتسلط فإن نصر الله قريب، ويا لها من عبرة لكل عدو لله ولرسوله ممن مشى على درب فرعون؛ أن الله منتقم من الطغاة الظالمين، طال الزمان أو قصر!

    فيوم الهجرة ويوم عاشوراء يومان من أيام النصر الخالدة.

    ألا فليقر أعيناً بذلك أهلُ الحق ودُعاتُه، فالعاقبة للمتقين، وليتنبه لذلك قبل فوات الأوان أهلُ الباطل ودُعاتُه: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى [النازعات:26] إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14] وإن في الحوادث لَعِبَراً، وإن في التاريخ لَخَبَراً، وإن في الآيات لَنُذُراً، وإن في القصص والأخبار لَمُدَّكَراً ومُزْدَجَراً: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [يوسف:111].

    اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمالنا أواخرها، وخير أيامنا يوم نلقاك.

    اللهم اجعل حاضرنا خيراً من ماضينا، ومستقبلنا خيراً من حاضرنا إنك خير مسئول وأكرم مأمول.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات من كل الذنوب والخطايا والسيئات، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه كان تواباً.



    فضل صيام يوم عاشوراء







    فضل صيام يوم عاشوراء




    الحمد لله الملك القدوس السلام، مجري الليالي والأيام، ومجدد الشهور والأعوام، أحمده تعالى وأشكره على ما هدانا للإسلام.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل شهر المحرم فاتحة شهور العام، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، سيد الأنام، وبدر التمام، ومسك الختام، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله البررة الكرام، وصحبه الأئمة الأعلام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب النور والظلام.

    أما بعد:

    فاتقوا الله عباد الله: وتمسكوا بدينكم، فهو عصمة أمركم، وتاج عزكم، ورمز قوتكم، وسبب نصركم.

    واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    أيها الإخوة في الله: إشارة رابعة إلى فاتحة شهور العام؛ شهر الله المحرم، إنه من أعظم شهور الله جل وعلا، عظيم المكانة، قديم الحرمة، رأس العام، من أشهر الله الحرم، فيه نصر الله موسى وقومه على فرعون وملئه.

    ومن فضائله: أن الأعمال الصالحة فيه لها فضل عظيم، لا سيما الصيام، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل }.

    وأفضل أيام هذا الشهر -يا عباد الله- يوم عاشوراء، في الصحيحين : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه، فقال صلى الله عليه وسلم: نحن أحق بموسى منكم، فصامه صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه }.

    وفي صحيح مسلم : عن أبي قتادة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: {أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله } الله أكبر! يا له من فضل عظيم، لا يفوته إلا محروم!

    وقد عزم صلى الله عليه وسلم على أن يصوم يوماً قبله مخالفة لأهل الكتاب، فقال صلى الله عليه وسلم: {لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع } خرَّجه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

    لذا فيستحب للمسلمين أن يصوموا ذلك اليوم اقتداءً بأنبياء الله، وطلباً لثواب الله، وأن يصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده مخالفة لليهود، وعملاً بما استقرت عليه سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

    فياله من عمل قليل، وأجر كبير وكثير من المنعم المتفضل سبحانه!

    إن ذلك -أيها الأحبة في الله- لَمِن شُكْر الله عزَّ وجلَّ على نعمه، واستفتاح هذا العام بعمل من أفضل الأعمال الصالحة التي يُرجى فيها ثواب الله سبحانه وتعالى، والكيِّس الواعي والحصيف اللبيب يدرك أنه كسب عظيم ينبغي أن يتوج به صحائف أعماله. فيا لَفوز المشمرين!

    نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم بمنه وكرمه.

    هذا واعلموا -رحمكم الله- أن من أفضل الطاعات، وأشرف القربات، كثرة صلاتكم وسلامكم على خير البريات، صاحب المعجزات الباهرات، والآيات البينات، فقد أمركم بذلك ربكم جلَّ وعلا فقال تعالى قولاً كريماً: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

    اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله.

    وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، ذوي المقام العلي؛ أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وعن سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

    اللهم آمِنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق والتوفيق إمامنا وولي أمرنا. اللهم وفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه.

    اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم. اللهم اجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

    اللهم مجري السحاب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب، اهزم أعداء الدين يا رب العالمين.

    اللهم عليك باليهود فإنهم لا يعجزونك.اللهم أنزل عليهم رجزك وعذابك إله الحق.

    اللهم انصر إخواننا في فلسطين ، وكشمير ، والشيشان ، وفي كل مكان يا ذا الجلال والإكرام!

    اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.

    اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

    ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسن، وقنا عذاب النار.

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


    منقول[/frame]






    رد مع اقتباس  

  6. #16  
    المشاركات
    1,085
    عنوان المادة:خطبة الجمعة من المسجد الحرام ( مرئي ومسموع )

    المحاضر:

    سعود بن إبراهيم الشريم

    مكان البث:

    مكة المكرمة .:: المسجد الحرام ::.

    تاريخ البث:

    13-9-1427 هـ

    للتحميل :http://www.liveislam.net/browsearchi.?sid=&id=29511





    رد مع اقتباس  

  7. #17  
    [align=center]ما شاء الله تبارك الله
    تميز هذا القسم بهذه المشاركة المباركة إن شاء الله
    جزاك الله خير الجزاء وأوفره
    شكرا جزيلا لك


    :
    [/align]






    رد مع اقتباس  

  8. #18  
    المشاركات
    272
    [align=center]{ خطبة في ختــــــــــــــــــــــــــام العـــــــــــــام }


    الحمد لله منشئ الأيام والشهور، ومفني الأعوام والدهور، وميسر الميسور ومقدر المقدور، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

    وأشهد أن لا إله إلا الله الغفور الشكور.
    وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أفضل آمر وأجل مأمور.
    اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.
    وضاعف لهم اللهم الأجور.

    أما بعد:
    أيها الناس ، اتقوا الله تعالى حق تقواه، وتوبوا إليه وأطيعوه وتداركوا رضاه.
    عبــــــــــــــــــــــــاد الله:
    تصرمت الأعوام عاماً بعد عام، وأنتم في غفلتكم ساهون نيام، أما تشاهدون مواقع المنايا ،وحلول الآفات والرزايا وكيف فاز وأفلح المتقون ، وكيف خاب وخسر المبطلون المفرطون ، ألا وإنه قد تصرم من أيام الحياة عام قد ودعتموه ، شاهداً لكم أو عليكم بما أودعتموه ، فمن أودعه صالح العمل فالخير بشراه ، ومن فرط فيه فأحسن الله في عمره عزاه ، فيا ليت شعري على أي شيء تطوى صحائف هذا العام . أعلى أعمال صالحة وتوبة نصوح تمحى بها الآثام ، أم على ضدها فليتب الجاني إلى ربه ، فالعمل بالختام ، فاتقوا الله عباد الله واستدركوا عمراً ضيعتم أوله ، فإن بقية عمر المؤمن لا قيمة له ،فرحم الله عبداً اغتنم أيام القوة والشباب، وأسرع بالتوبة والإنابة قبل طي الكتاب ، وأخذ نصيبا من الباقيات الصالحات ، قبل أن يتمنى ساعة واحدة من ساعات الحياة ، أين من كان قبلكم في الأوقات الماضية ، أما وافتهم المنايا وقضت عليهم القاضية ، أين آباؤنا وأين أمهاتنا أين أقاربنا ، وأين جيراننا ، أين معارفنا وأين أصدقاؤنا ، رحلوا إلى القبور وقل والله بعدهم بقاؤنا ، هذه دورهم فيها سواهم هذا صديقهم قد نسيهم وجفاهم ، أخبارهم السالفة تزعج الألباب ،وأذكارهم يصدع قلوب الأحباب ، وأحوالهم عبرة للمعتبرين ، فتأملوا أحوال الراحلين ، واتعظوا بالأمم الماضين ، لعل القلب القاسي يلين ، وانظروا لأنفسكم مادمتم في زمن الإمهال ، واغتنموا في حياتكم صالح الأعمال ، قبل أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله ، فيقال هيهات فات زمن الإمكان ، وحصل الإنسان على عمله من خير أو عصيان ، فنسألك اللهم يا كريم يا منان ، أن تختم عامنا هذا بالعفو والغفران ، والرحمة والجود والامتنان ، وأن تجعل عامنا المقبل عاماً مباركاً حميداً ، وترزقنا فيه رزقاً واسعاً وتوفيقاً وتسديداً ، اللهم اختم بالصالحات أعمالنا ، وأصلح لنا جميع أحوالنا .

    اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا ، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير ، والموت راحة لنا من كل شر ، اللهم اختم لنا بخاتمة السعادة واجعلنا ممن كتبت لهم الحسنى وزيادة ، يا كريم يا رحيم .

    المصدر / كتاب: الفواكه الشهية في الخطب المنبرية
    تأليف: العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي[/align]






    رد مع اقتباس  

  9. #19 أثر القرآن الكريم 
    المشاركات
    1,085
    الخطبة الأولى


    [frame="7 80"] أثر القرآن الكريم

    سليمان حمدالعودة




    أما بعد

    فاتقوا الله معاشر المسلمين ، وتمسكوا بحبله المتين ، واستقيموا على صراطه المستقيم .

    ألا وإن القلوب تصدأ، وجلاؤها القرآن الكريم ، والقرآن هو النبع الحقيقى الذى لا ينضب ، وهو الدستور الذى يحق للامة المسلمة أن تفاخر به فى الوقت الذى تساق فيه الأمم والشعوب الأخرى سوقا إلى الدساتير الوضعية والقوانين البشرية .

    القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة لهذا الدين ، وهو الكتاب الحكم الذى أنزل على النبي الكريم، وإذا كان الأنبياء السابقون عليهم السلام قد اوتوا من المعجزات ما آمن عليه البشر فى وقتهم ثم انتهت هذه المعجزات بموتهم وفناء أقوامهم ، فإن الذي أوتيه محمد صلى الله عليه وسلم ظل وسيظل معجزة يدركها اللاحقون بعد السابقين ، ويراها المتأخرون كما رأها المتقدمون

    وتلك وربي معجزة تتناسب وطبيعة هذا الدين الذى أراد الله له أن يكون آخر الأديان ، وتتناسب مع القرآن الذى اراد الله أن يكـون اخر كتاب ينزل من السماء ، يقول النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك كله (( ما في الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة )) (2).

    و لما كان العرب أرباب الفصاحة و الحوار والمفاخرة نزل القرآن ليتحداهم جميعا ، إنسهم ، وجهنم قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن ياتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً [م1] .

    وفوق ذلك فقد استطاع القرآن الكريم أن يخترق قلوبهم وهم بعد على الكفر والضلال ، ومازال يؤثر فيها حتى قاد أصحابها إلى الهدى والايمان ، يقول جبير بن مطعم بن عدي القرشي النوفلي رضي الله عنه وكان من أكابر قريش وعلماء النسب فيها : قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ( وذلك فى وفد أسارى بدر ) وسمعته يقرأ فى المغرب بالطور ، فلما بلغ الآية أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون . كاد قلبي يطير (( كما روى ذلك الشيخان في صحيحيهما )) (1) .

    وفى رواية ((كان ذلك أول من دخل الإيمان في قلبي)) وإن كان قد تأخر إسلامه إلى ما بين الحديبية والفتح (2)).

    وقبل خيبر كانت قصة عتبة بين ربيعة ، وهى مشهورة ، وإسنادها حسن ، وخلاصتها أن قريش بعد ما رأت انتشار الإسلام اختارت أحسن رجالاتها ليكلم النبى صلى الله عليه وسلم ، فجاء أبو وليد عتبة بن ربيعة ، وكلم النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ، وهو منصت له ، فلما فرغ قال : ((أفرغت يا أبا الوليد ؟ قال : نعم ، قال: أنصت ، فقرأ عليه مطلع سورة فصلت حتى بلغ قوله تعالى فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فأمسك عتبة على فيه وناشده بالرحم)) ، ورجع إلى أهله ، واحتبس عن قريش فترة.

    وفي بعض الروايات أنه جاء إليهم . فقال بعضهم لبعض : نُقسم ، لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذى ذهب به ، فلما جلس إليهم قالوا ما وراءك ؟ قال: ورائي أني سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط ، والله ما هو بالسحر، ولا بالشعر، ولا بالكهانة، يا معشر قريش أطيعوني وإجعلوها لي، خلوا بين الرجل وبين ما هو فيه، فاعتزلوه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ، فإن تصيبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر عليهم، فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به، قالوا : سحرك يا أبا الوليد بلسانه، قال: هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم(3).

    وكان للقرآن أثره البالغ على أفئدة قساوسة النصارى وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين (4) [المائدة:.

    بل تأثر مردة الجان الذين كانوا قبل نزوله يسترقون السمع ، فقالوا : إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً (5) .

    وأخرج الحاكم وغيره بإسناد حسن عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : هبطوا – يعنى الجن – على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه قال أنصتوا قالوا: صه !وكانوا تسعة ، أحدهم زوبعة ، فأنزل الله عز وجل : وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولّوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين [الأحقاف:29-32].

    وإذا كان هذا منطق الجن اتجاه القرآن فللملائكة كذلك شأن مع القرآن الكريم ، فقد أخرج البخارى ومسلم فى صحيحيهما واللفظ للبخاري عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال : بينما هو يقرأ القرآن من الليل سورة البقرة ، وفرسه مربوطة عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكتت، فقرأ فجالت الفرس ، فسكت فسكتت الفرس ، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف ، وكان ابنه يحيى قريبا منها، فأشفق أن تصيبه ، فلما اجتروا – يعني ولده حتى لا تطأه الفرس – رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها ، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له : ((أقرأ يا ابن حضير. أقرأ يا ابن حضير ، قال : فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح ، فخرجت حتى أراها قال : وتدرى ما ذاك ؟ قال : لا ، قال : تلك الملائكة دنت لصوتك ولو أنك قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى عنهم (2))) .

    وفى صحيح مسلم – أيضا – عن البراء قال : ((كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوط بشطنين (والشطن : الحبل الطويل المضطرب) ، وإنما ربطه بشطنين لقوته وشدته فتغشته سحابة، فجعلت تدور وتدنو، وجعل فرسه ينفر منها، فلما أصبح أتى الرسول صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك، فقال : تلك السكينة تنزلت للقرآن (3))).

    إخوة الإيمان : وكذلك يكون أثر القرآن حين يتلى ، وليس بمستغرب أن يحول القرآن قلوب اللصوص المجرمين إلى قلوب علماء متميزين ، وعباد صالحين.

    والفضيل بن عياض العالم العابد – عليه رحمة الله – نموذج واضح لما أقول، وقد حكى الذهبى فى سير أعلام النبلاء قصة توبته وتأثره بالقرآن فقال: كان الفضيل بن عياض شاطرا ، ( يقطع الطريق ) بين أبيورد وسرجس، وكان سبب توبته أنه عشق جارية ، فبينما هو يرتقى الجدران إليها إذ سمع تاليا يتلو ألم يأن للذين أمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله الآية (1) فلما سمعها قال : بلى يا رب، قد آن، فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها سابلة (أي مسافرون) فقال بعضهم: نرحل، وقال بعضهم: حتى نصبح، فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا، قال: ففكرت وقلت: أنا أسعى بالليل فى المعاصي وقوم من المسلمين هنا يخافونني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام.(2)

    رحم الله الفضيل حجة زمانه، وعابد دهره، وأورع الناس من حوله وأكرم وأعظم بهذا الكتاب الذى أحيا أمة بعد أن كانت فى عداد الموتى .

    وصدق الله وهو أصدق القائلين لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون (3)

    نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وألان قلوبنا وفقهها لمحكم ترتيله أقول هذا وأستغفر الله .


    الخطبة الثانية



    الحمد لله رب العالمين نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فى ربوبيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمد عبده ورسوله وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى إخوانه من الأنبياء.

    أيها المسلمون: ولأثر القرآن على النفوس خشي المشركون على أبنائهم أن يتأثروا به حين يسمعونه من المسلمين الخاشعين لتلاوته.

    وقصة أبى بكر رضى الله عنه مع ابن الدغنة تكشف عن هذا ، وذلك حين خرج أبو بكر مع من خرج يريد الهجرة إلى الحبشة فلقيه ( ابن الدغنة ) فقال : مثلك لا يَخرج ولا يُخرج يا أبا بكر وأنا جار لك، ثم جاء ابن الدغنة إلى قريش فى ناديها وأعلن جواره له، فلم تكذبه قريش لكن قالوا له: مر أبا بكر فليعبد ربه فى داره، فليصل فيها، وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا فى ذلك ولا يستعلن به، فإنا نخشى أن يفتن نسائنا وأبنائنا، فقال ذلك لأبي بكر، فمكث فترة كذلك، ثم بدا لأبى بكر فابتنى مسجدا بفناء داره، وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقذف ( يجتمع ) عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه، وينظرون إليه – وكان أبو بكر رجلا بكاء لايملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة يشتكون أبا بكر إليه ، ويقولون إنـا خشينـا أن يفتن نسائنا وأبنائنا فانهه الخ القصة التي رواها البخاري في الصحيح (1) .

    إذا كان أثر القرآن وهو غيض من فيض، وقليل من كثير، فالسؤال هنا الذى يجب أن نسأله أنفسنا : ما هو أثر القرآن علينا نحن المسلمين فى هذه الأزمة ؟ وقبل هذا السؤال سؤال آخر: ما هو نصيبنا من قراءة القرآن ؟ وما حظنا من الخشوع والتدبر حين يتلى القرآن ؟ .

    إن واقع كثير من المسلمين اليوم واقع مر ، يرثي له مع الأسف الشديد، فالمصاحف تشكو من تراكم الغبار عليها ، والهجر أصبح ديدن المسلمين إلا من رحم الله، البضاعة من كتاب الله مزجاة، ويرحم الله زمانا كان الشيخ الكبير يأتي إلى النبى صلى الله عليه وسلم ويقول : ((أقرئني يا رسول الله ؟ قال له : أقرأ ثلاثا من ذات (الر) . فقال الرجل :كبرت سنا واشتد قلبي وغلظ لساني ، قال : فاقرأ من ذات (حم) فقال مثل مقالته الأولى، فقال: أقرأ ثلاثا من المسبحات، فقال مثل مقالته، فقال الرجل: ولكن أقرئني يا رسول الله سورة جامعة، فأقرأه إذا زلزلت الأرض حتى إذا فرغ منها قال الرجل: والذى بعثك بالحق لا أزيد عليها أبدا، ثم أدبر الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح الرويجل، أفلح الرويجل (1)))

    وإذا كان فضل سورة (الزلزلة) هذا، فما بال من تتوفر لهم الأداة لقراءة القرآن كله، ويتوفر لهم من النشاط والقوة ما يمكنهم من إعادة قراءة القرآن مرة تلو المرة؟ اللهم لاتحرمنا فضلك، ولا تصدنا بسبب ضعف نفوسنا وغلبة شهواتنا عن كتابك.

    إخوة الإسلام: هل نسينا أن الحسنة بعشرة أمثالها وأن (الم) فيها ثلاثة أحرف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم ((لا أقول (الم) حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)) فكيف سيكون تعداد الحروف فى الصفحة الواحدة ، وكم سيكون عدد الحسنات فيها؟

    ألا إن فضل الله واسع: ولكن هل من ساع إلى الخير جهده؟ أليس من اللائق بك أخي المسلم أن تبكر فى المجيء إلى الصلوات الخمس لتحظى بقراءة قسط من القرآن وتحصل على رصيد كبير من الحسنات، فإن أبيت، بكرت فيما تستطيع التبكير منها، فإن تكاسلت أليس يجدر بك أن تبكر يوم الجمعة لتقرأ ما تيسر من القرآن، وخاصة سورة الكهف التى أخبر النبى صلى الله عليه وسلم أن ((من قرأها يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدميه إلى عنان السماء يضيء به يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين)) (2) .

    أيها المسلمون: صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم .
    [/frame]





    رد مع اقتباس  

  10. #20 Question كيف تقضي على الشيطان في حياتك ؟ 
    المشاركات
    2,010
    كيف تقضي على الشيطان في حياتك ؟



    إن مسألة مواجهة كيد الشيطان من أعقد مسائل المواجهة، وذلك لأن هذا العدو اللدود، يجمع بين (خاءات) ثلاث: الخفاء، والخبث، والخبرة فمن ناحية يرانا هو وقبيله من حيث لا نراه، ولنتصور معركة، أحد طرفيها: جيش مدرب لا يمكن رؤيته، أ وهل يمكن للخصم أن يقاوم ذلك الجيش لحظة واحدة؟ ومن ناحية أخرى يعيش حالة الحسد المتاصل لبني آدم الذي كانت خلقة أبيهم آدم مصادفة لأول أيام شقاءه، ومن هنا أضمر الحقد الدفين لاستئصال الجنس البشري، وسوقه إلى الهاوية ومن ناحية أخرى له تلك الخبرة العريقة فى عملية الإغواء، والتي شملت محاولات التعرض لمسيرة الأنبياء والمرسلين وإن باءت بالفشل بالنسبة لهم ولكن ما حالنا نحن الضعفاء والمساكين؟



    إن القرآن الكريم تناول في أكثر من 60 آية مسألة الشيطان بتأكيد وتحذير، قل نظيره في القرآن الكريم، فينقل تحديه لرب العالمين، إذ أقسم بعزته على إغواء الخلق أجمعين، لا يستثني منهم أحدا إلا المخلَصين (بفتح اللام) ولكن من هم المخلصون؟ إنهم الذين اصطفاهم المولى لنفسه، وجعلهم فى دائرة جذبه وحمايته وترى القرآن الكريم ينقل عنه التعبير بــ {لاحتنكن ذريته} المشعر بأنه يتخذ من الإنسان دابة، إذ يجعل اللجام في حنكه الأسفل، ليقوده قود البهائم! فياله من تحقير عظيم لمن ركبه الشيطان، فاتخذه مطية يحركه بإشارة -لا بجهد جهيد- نحو اليمين ونحو الشمال أوَ هل هناك تحقير أعظم من ذلك؟



    إن القرآن الكريم يحذر من خطوات الشيطان إذ أنه لخبرته ودهائه، لا يجر الإنسان إلى المعصية بضربه واحدة -لعلمه بعدم الانقياد له في المحرمات الكبيرة- ولكنها الخطوات المدروسة التي يتورط بها العبد، منتقلا من معصية إلى معصية ومثاله التطبيقي في عالم هوى النساء: هو الابتداء بالنظرة، ثم الابتسامة، والسلام، والكلام، والموعد، واللقاء حيث الارتماء في أحضان الشيطان المنتقم، وإن كان ظاهره هو الإرتماء في أحضان بنات الهوى!


    لا بد من التعرف على الأدوات التي يصطاد بها الشيطان أعوانه فالقرآن الكريم يذكر الخمر والميسر مثالا لأداة الجريمة، كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ.} ولكل عصر: خمره وميسره أو ليست بعض القنوات والمواقع الإباحية، من أدوات إيقاع الشيطان الضحية في شباكه! تلك الشباك التي من وقع فيها لا يخرج منها إلا بندامة -لو تاب- أو بخزي أبدي فيما لو استغرق في التوغل في عالم المعصية إن الذي ينظر إلى المذكورات على أنها مصائد إبليس، فإنه سيستوحش من عواقبها، بدلا من الالتذاذ الوقتي الذي لا دوام له سوى وخز الضمير، وعذاب الوجدان.



    يذكر القرآن الكريم عينة من أعلى درجات الانتكاس التى تجعل المؤمن المتفوق في إيمانه، يعيش أعلى درجات الخوف والوجل، عندما يستحضر هذه العينة المخيفة التى استحوذ عليها الشيطان، وذلك هو الذي آتاه الله تعالى آياته، والتى فسرت بـ (الكرامات الباطنية والفتوحات الأنفسية) ولكنه خلد إلى الأرض، واتبع هواه، وانسلخ مما كان فيه، ليتحول إلى من يشبهه القرآن بالكلب، الذي إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث أو ليس في ذلك منتهى التحذير لعدم الركون إلى ما عليه الإنسان من الصلاح والسداد، فإن الأيام هي التي تكشف عن ثبات الجوهر، ومدى أصالته.



    يذكر القرآن الكريم (الربا) كوسيلة من وسائل التصرف الشيطاني في الإنسان، فيقلبه إلى مجنون لا عقل له! فتأل قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} إن المرابي عندما يستلقي على قفاه -فرحا بما اكتسبه من المال الحرام- عليه أن يعلم أن ملكوت فعله هي هذه الصورة المقيتة، التي سيكشف الغطاء عنها يوما ما، حيث بصره حديد، ولكن بعد فوات الآوان! وقس عليه ملكوت كل فعل قبيح عند المولى الباقي، وإن كان جميلا عند العبد الفاني.




    إن من المخيف حقا اصطلاح شركة الشيطان فى مال البعض وأولادهم، وقد فسر ذلك بطائفتين: الأولى: أولاد الزنا الذين انعقدت نطفهم، فى جو شيطاني من الهوى والرذيلة والثاني: أولاد الحلال الذين لم يحسن الآباء تربيتهم، فكانوا كالطائفة الأولى ممن أصبح الشيطان له سهم فيهم! ومن الواضح أن الشريك يطالب بمال الشركة دائما، وخاصة إذا كان خبيثا حريصا، كالشيطان الرجيم.



    إن للشياطين على الأرض مواطن يجول فيها ويصول، ومنها: الأسواق، وبلاد الكفر، ومواطن غلبة المعاصي كاختلاط الجنسين وعليه، فعلى المؤمن أن يتدرع بأقوى الأسلحة قبل النزول إلى تلك المواطن، لئلا تطمع فيه الشياطين وليعلم أن من تلك المواطن: مجالس الغافلين المسترسلين في الباطل الذين قال عنهم القرآن الكريم: { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.


    إن الذى قلناه بمجموعة، لا ينبغي أن يوجب اليأس أبدا وإنما ذكرنا هذا الجو الموحش لأمور فإما أولا: ليسعى الإنسان أن يلقن نفسه عداوة هذا الموجود الذي لا يترك الإنسان بحال ولو تركه الإنسان وثانيا: ليستكشف مواطن الضعف في نفسه، إذ أن لكل إنسان نقطة ضعف ينفذ من خلالها الشيطان، ومن تلك المنافذ: النساء، والغضب، والمال، والشهرة وثالثا: ليشتد التجاؤه إلى المولى الذي لم يخرج الشيطان من دائرة العبودية التكوينية له، إذ ناصيته بيده على كفره وعناده، ولو شاء لأبعده عن وليه، كما أبعد الشياطين عن السماء التي {مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} كما ذكره القرآن الكريم، فهل تعوذنا -مع صدق وتضرع- بالاستعاذات اليومية، كما كان يفعلها النبي الاعظم (ص)؟





    رد مع اقتباس  

صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

عرض سحابة الكلمة الدلالية

المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •