[gdwl]
كلما مررت على هذا البحر , أشفق عليه , بحر مهجور , لا تمخره سوى مراكب عجائز تطارد حظها العاثر , أو توخزه سنارات لاتملّ من دفن رأسها في الأسفل بحر مسكين , بلا حكايات , وبلا أساطير بلا عشّاق فالعشّاق وحدهم يعيدون صياغة مشاوير البحر , ويجلسونه بينهم , ولايخجلون من ممارسة الشوق بين يديه , ولايترددون في البوح بأسرارهم لديه يتواعدون عنده ويسبقهم إلى الموعد حاملاً جوهره وأصدافه مهيئاً للحب أجمل وقت , مستمتعاً باللحظات التي لاتشنه إلا بفنها

ومسكينة هذه الحدائق المهجورة , هي أيضاً بلا أحبة , لم تسكنها دهشة اللهفة , ولم يلمسها سحر اللقاء ولم تسكن وجنات ورودها قبلات ولم تغفُ على أكمام زهورها همسات ولم تُنحت على جذوع أشجارها أية ذكريات

(ممنوع الحب ) هكذا علّقت هذه اللوحة غير المرئية , عند عتبات البحر , وعند مداخل الحدائق (ممنوع الحب ) وتظل القلوب حبيسة تحلم أن تمارس طقسها في الهواء , تحلم أن تُشرك البحر معها , هواجسها وخواطرها , وأشجانها , تحلم أن تطلع البحر على صورة الحبيب , وعلى اسمه , وعلى ملامحه أن تدس الرسائل في جيبه , وأن تهمس في أذنه بأشهى الكلمات

خجل هذا البحر وهو يطالع منك (البحار ) الضّاجة بالكلمات الحلوة , والقصص الحلوة , المزدحمة بالمواعيد , خجل هذا البحر الذي يدفقون في عروقه مياههم الوسخة , وقاذوراتهم , وسعال بطونهم المتكّرسة , خجل هذا البحر ينعى حظه , وهو يطالع تلك البحار التي وهبتها الحسناوات فتنتها كلها وسحرها كله , ولم تتردد في اطلاعها على سلالها وأطباقها الشهية , لم تتردد في أن تدفق عطرها في عروقها , ولا أن تسكب ماء جنونها في جراب قلبها .

خجل هذا البحر , الذي يأتيه العشّاق (خلسة ) بعيداً عن (العيون ) و(الأنوف ) و(الأرجل ) العفريتة يهرّبون الحب تحت أجنحة قلوبهم الغضّة , التي لاتقوى على مقاومة تلك النظرات الشيطانية التي تغرس خناجرها جهة صدورهم وليعلم البحر وليعلم الورد ولتعلم كل الأشياء الجميلة أنه ماخلا رجل وامرأة عاشقان إلا وكان ثالثهما الحب , والدفء , والشوق , والطهر , الشيطان لايتسرب إلى العاشقين , لأن قلوبهم تنبض بالحب , الشيطان يتسلل إلى صدور الحاقدين الكاذبين ما خلا رجل وامرأة عاشقان إلا وكان ثالثهما حقلاً من الفل والياسمين والورد البلدي ماخلا رجل وامرأة إلا وكان ثالثهما الشعر والفن والدهشة وموسم مجاله من الربيع [/gdwl]

rwi hgpf hglivf