مبشرات الثورة
بسم الله الرحمن الرحيم
يظن كثير من الناس أن ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011م في مصر لم تبدأ إلا في هذا التاريخ , وأنها لم تكن متوقعة , وأنها قد فاجأت العالم في زمانها ومكانها ؛ لكن المتأمل في الأحداث والمبشرات التي سبقت هذه الثورة المباركة يتبين له أنها لم تكن مفاجأة , ربما كانت المفاجأة الوحيدة في سرعتها وقلة الخسائر التي نجمت عنها مقارنة بالثورات الأخرى التي راح في سبيلها آلاف الشهداء , وظل اشتعالها شهوراً طويلة .
فهذه الثورة قد سبقتها أحداث ومؤشرات كانت تؤذن بقرب حدوثها وأن هناك شيئا ما سيحدث في مصر قريبا , ومن هذه المبشرات :
أولاَ : انتشار الظلم واستفحال الفساد , والوصول إلى قمة الاستبداد والاستعباد ,وما حدث في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ( الشورى والشعب ) ليس ببعيد فقد تم عن عمد تزوير إرادة شعب بأكمله والبدء في تنفيذ مخطط التوريث رغم أنف الجميع , ولقد نسي هؤلاء أن سنن الله تعالى في الكون لا تتبدل ولا تتغير والتي تؤكد أن الأمر إذا تم بدأ في النقصان وأنه ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع .
ثانياً : الأصوات العالية التي تنذر بنهاية الفساد وتطالب بالحرية والعدالة والمساواة , فقد بدأت تتعالى أصوات وصرخات الشرفاء من الدعاة والكتاب وغيرهم تكشف ملفات الفساد وتطالب بمحاسبة الفاسدين , ولكن من كانوا في سدة الحكم قد أصيبوا جميعا بالصمم , فلم يعودوا يسمعوا إلا أصواتهم , ولا يروا إلا ما فيه مصلحتهم.
ثالثاً : النكت السياسية :فقد انتشرت في الآونة الأخيرة النكت السياسة التي تمس شخص الرئيس المخلوع مبارك وأولاده وصار الناس علناً وفي جميع منتدياتهم يتناقلون هذه النكات , ولربما وصلت هذه النكات إلى أذان هؤلاء وضحكوا لها , واعتبروها نوعاً من التنفيس الغير مضر , ولم يدركوا أنها كانت بداية الثورة من داخل النفوس على الظلم والاستبداد حتى تحولت الثورة الداخلية إلى ثورة علنية .
رابعاً : تنامي المظاهرات والإضرابات والاعتصامات الفئوية : فقد تنامت في الفترة الأخيرة التي سبقت ثورة 25 يناير 2011م ظاهرة الإضرابات والاعتصامات الفئوية وصارت الدولة عاجزة عن تلبية مطالب هؤلاء الثائرين , بل ورأينا ضعف الدولة في اتخاذها بعض القرارات ثم رجوعها عن هذه القرارات أمام الاعتصامات والإضرابات , ولقد كان الناس يتساءلون : هل فقدت الدولة سطوتها وهيبتها أمام بعض الفئات المضربة وإلى متى ستظل هيبة الدولة تتراجع .
خامساً : ظاهرة التدين وإقبال الشباب خاصة على التدين والالتزام : فقد زادت ظاهرة التدين والالتزام لدى الشباب , وأضرب مثالا على ذلك , فقد كنت شديد الحرص على زيارة معرض القاهرة الدولي للكتاب كل عام منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً ولقد لاحظت في السنوات الأخيرة إقبال الشباب على الكتب الدينية بصفة خاصة , كما لاحظت كثرة الفتيات المحجبات على عكس السنوات السابقة , ولقد كانت هذه الصحوة الدينية لدى الشباب دليلاً على الوعي والفهم لحقائق الدين التي تؤكد مبادئ العدالة والتكافل , ومقاومة الظلم والاستبداد.
lfavhj hge,vm