قصيدة تُحْفَةُ الإخلاصِ  
 
قصيدةٌ فِي مَدْحِ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ و لوم ومحاسبة النفس
 
يَا رَبِّ صَلِّ عَلَى الْمَوْصُوفِ بِالْكَرَمِ 
مُحَمَّـدٍ وَعَلـَى الآلِ أُولـِي الْهِمـَمِ
يَا نَفْسُ كَمْ ذَا التَّوَانِي فِيقِي وَانْسَجِمِي 
وَاسْتَيْقِظِي وَاتْرُكِي الْعِصْيَانَ لَا تَسُمِي
كَأَنَّكِ تَبْتَغِي الْخُلْدَ وَلَسْتِ تَرِي 
كِسْرَى وَأَضْرَابَهُ فِي حَيِّزِ الْعَدَمِ
إِلَى مَتَى أَنْتِ فِي اللَّذَّاتِ غَارِقَةٌ 
وَالنُّذُرُ لِلْمَوْتِ وَافَتْ لا كَمَا تَرُمِي
تَنَبَّهِي قَبْلَ أَنْ يَدْنُو الْحِمَامُ فَلَمْ 
يَبْقَ سِوَاهُ فَلاشَى الذَّنْبَ بِالنَّدَمِ
وَكُونِي عَنْ كُلِّ مَا سَوَّفْتِ مُعْرِضَةً 
وَاسْتَغْفِرِي اللهَ إِنَّ اللهَ ذو كـَرَمِ
وَلا تَعُودِي فَإِنْ عُدْتِ فَوَا أَسَفَاً 
فَازَ الْمُطِيعُ وَقَلْبِي بِالْبُعَادِ رُمِي
يَا نَفْسُ قَدْ طَالَ مَا أَْوسَقْتِ مِنْ سُفُنٍ 
صَنِيعَ شَرٍّ فَلا يُحْصَى لِذِي قَلَمِ
هَلْ تَبْتَغِي بِصَنِيعِ السُّوءِ مَكْرَمَةً 
مَاذَا وَإِلا تَرُومِي زَلَّــةَ الْقــَدَمِ
جِسْمِي مَلَكْتِيهِ حَتَّى صَارَ مُنْهَمِكَاً 
فِي الْمُوبِقَاتِ وَفِي نَوْعٍ مِنَ اللُّؤُمِ
نُوحِي فَقَدْ فَاتَكِ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ وَقَدْ 
فَازَ الْمُجِدُّونَ بِالطَّاعَاتِ فِي الْقِسَمِ
ضَيَّعْتِ أَوْقَاتِكِ فِي اللَّهْوِ وَاشْتَهَرَتْ 
أَفْعَالُكِ السُّوءُ فِي الأَقْطَارِ كَالْعَلَمِ
مَاذَا تَقُولِي إِذَا وَافَى الْمِيعَادُ وَقَدْ 
صَارَ السُّؤَالُ وَمَا تُبْدِي مِنَ الْكَلِمِ
وَاضَيْعَتِي مِنْ عِتَابِ اللهِ وَاخَجَلِي 
وَاوَقْفَتِي عِنْدَ ذَاكَ الْمَشْهَدِ الْعَمِمِ
مَاذَا أَقوُلُ وَمَا قَدَّمْتُ مِنْ عَمَلٍ 
سِوَى اقْتِرَافِي عَظِيمَ الذَّنْبِ وَاللَّمَمِ
وَاخَيْبَتِي أَنْ أَرَى يَوْمَ الْقِيَامَةَ مَنْ 
يُعْطِي السُّرُورَ وَدَمْعِي غَارِقٌ بِدَمِي
جَاوَزْتِ يَا نَفْسُ لِلْخَمْسِينَ لَمْ تَفِقِي 
هَذَا لَعَمْـرِيَ تَنْقِيـصٌ بِـكُلِّ فَـمِ
يَا نَفْسُ لا تَبْتَغِي اللَّذَاتِ وَارْتَدِعِي 
وَارْضَيْ بِمَا قَدَّرَ الرَّحْمَنُ وَاسْتَقِمِي
يَا قَلْبُ اَنْصِفْ وَسَاعِدْنِي فَلَسْتُ أَرَى 
فِيكَ النُّهُوضَ فَبَادِرْ وَارْعَوِي وَلُمِ
وَقُمْ عَلَى سَاقِ جِدٍّ فِي مَحَبَّةِ مَنْ 
لَولاهُ مَا أُنْزِلَ التَّنْزِيلُ بِالْحِكَمِ
كَلا وَلَا سَطَعَ الإِيجَادُ مِنْ أَحَدٍ 
كَلا وَلا أُرْسِلَتْ رُسُلٌ إِلَى أُمَمِ
قَالُوا تَمَدَّحْ فَمَدْحِي فِي جَلَالَتِهِ 
عَيْنُ الْقُصُورِ بِخَيْرِ الْعُرْبِ وَالْعَجَمِ
مَاذَا اِمْتِدَاحِي بِمَنْ لَولاهُ مَا خُلِقَتْ 
عَـوَالِمٌ بَلْ وَلا قَوْرٌ مَعَ الأُكُمِ
وَلا سَمَاءٌ وَلا أَرْضٌ وَلا مَلَكٌ 
وَلا رَسُولٌ وَكَانَ الْكُلُّ فِي عَدَمِ
مِنَ الْجَمَالِ الْإِلَهِي كَانَ مَظْهَرُهُ 
وَمِنْهُ بَدْرُ الْوُجُودِ الْمُطْلَقِ الْفَخِمِ
فَالْعَرْشُ وَالْفَرْشُ وَالأَفلاكُ أَجْمَعُهَا 
مِنْ نُورِ طَلْعَتِهِ هَلَّتْ بِذِي الْعِظَمِ
وَالأَنْبِيَا وَجَمِيعُ الرُّسْلِ قَاطِبَةً 
كُلٌّ لَدَيْهِ مَعَ الأَملاكِ كَالْخَدَمِ
وَالْكُتْبُ أَضْحَتْ بِهَذَا الشَّأْنِ نَاطِقَةً 
فَـدَعْ مَقَالَةَ غُمْرٍ ظَالِمْ أَثِـمِ
فَهُوَ السَّفِيرُ لَنَا فِي دَفْعِ نَازِلَةٍ 
وَهُوَ الْعِيَاذُ لَنَا فِي كُلِّ مُزْدَحَمِ
وَهُوَ الْغِيَاثُ الَّذِي تُهْدَى نَوَائِلُهُ 
لِلْقَاصِدِينَ كَذاكَ الْبَابُ لِلْحِكَمِ
فَامْدَحْ كَمَا شِئْتَ فَهُوَ الْفَذُّ مَرْتَبَةً 
وَلَيْسَ فَوْقَهُ إَِلا اللهُ فَأَفْتَهِـمِ
يَا قَلْبُ فَاجْنَحْ لَهُ كَيْ تَهْتَدِي وَتَفُزْ 
يَا صَبُّ أَخْلِصْ وَلُذ بِالْمُصْطَفَى وَهِمِ
وَاخْلَعْ عِذَارَكَ وَافْنَى فِي مَحَبَّتِهِ 
وَأَرْسِلْ دُمُوعَكَ مِمَّا فَاتَ فِي الْقِدَمِ
وَخَالِفِ النَّفْسَ وَالْزَمْ بَابَ رَأْفَتِهِ 
عَسَاهُ يُسْدِيكَ مَا تَرْجُو مِنَ النِّعَمِ
وَقُلْ بِذُلِّكَ يَا خَيْرَ الْخَلائِقِ يَا 
مَنْ خَصَّهُ اللهُ بِالتَّعْطِيفِ وَالْكَرَمِ
عُجْتُ الْحِمَى أَحْتَمِي مِنْ سُوءِ مَعْصِيَةٍ 
جَنَتْهَا نَفْسِيَ جَوْفَ الأَلْيلِ الدُّهُمِ
وَيَا لَهَا مِنْ ذُنُوبٍ سَوَّدَتْ صُحُفِي 
وَأَوْرَدَتْنِي حِيَاضَ الْفَوْتِ وَالنِّقَمِ
إِنْ لَمْ تَكُنْ لِي فَمَنْ لِلْعَبْدِ يُنْقِذُهُ 
مِنْ حَرِّ نَارٍ تُذِيبُ الْجِسْمَ بِالضَّرَمِ
ضَيَّعْتُ أَيَّامِي بِالتَّسْوِيفِ فَانْصَرَمَتْ 
مِنِّي الْمَحَاسِنُ حَتَّى صِرْتُ فِي هَرَمِ
وَلَيْسَ لِي عَمَلٌ أَرْجُو بِهِ مِنَحَاً 
سِوَى مَحَبَّتِكُمْ مَمْزُوجَةً بِدَمِي
يَا سَيَّدِي يَا رَسُولَ اللهِ خُذْ بِيَدِي 
يَا مَلْجَئِي وَاحْبُنِي مِنْ فَيْضِكَ الْعَمِمِ
وَمِنْ عَوَائِدِ آبَائِي بِآلِكَ لا 
تَحْرِمْنِي عِنْدَ احْتِيَاجِي أَنْتَ مُعْتَصَمِي
هَبْ أَنَّنِي غَيْرُ فَرْعٍ عَبْدُكُمْ وَكَفَى 
وَالرِّفْقُ بِالرِّقِّ مِنْ مُسْتَظْرَفِ الشِّيَمِ
أَوْصَيْتُمُوا بِالضَّعِيفَيْنِ فَهَا أَنَاْ مَنْ 
عَبِيدُكُمْ فَارْحَمُوا ضَعْفِي وَمُقْتَحَمِي
وَعَامِلُونِي بِمَا تَدْرُوهُ مِنْ صِلَةٍ 
كَمَا أَمَرْتُمْ بِإِيصَالٍ لِذِي الرَّحِمِ
فِي الْحَالَتَيْنِ جَدِيرٌ بِالصِّلاتِ فَمَا 
أَنْفَكُّ عَنْ جُودِكُمْ إِلا بِمُنْتَظِمِ
وَلَسْتُ أَبْغِي مِنَ الْجَدِّ الشَّفُوقِ سِوَى 
التَّوْفِيقِ يَطْلُبُهُ مِنْ بَارِئِ النَّسَمِ
لِعَبْدِهِ الْعَاجِزِ الْمِسْكِينِ حَيْثُ لَكُمْ 
جَاهٌ رَفِيعٌ بِهِ نَنْجُو مِنْ النِّقَمِ
وَهَذِهَ تُحْفَةُ الْإِخلاصِ قَدْ نُسِجَتْ 
أَشْكُو بِهَا مَا عَرَى قَلْبِي مِنَ السِّقَمِ
حُسْنُ اعْتِقَادِي بِأَنَّ الْجَدَّ يَقْبَلُهَا 
لا شَكَّ بَلْ وَيَجُدْ كَوْنِي مِنَ الْخَدَمِ
وَلا يَدَعْنِي فَقِيرَ الْحَالِ مِنْ جِهَتَيْ 
دِينِي وَدُنْيَايَ وَهُوَ الْوَافِيُ الذِّمَمِ
أَيَتْرُكُ الْأَصْلُ فَرْعَاً قَدْ نَحَاهُ هَوَىً 
مِنْ غَيْرِ مَدٍّ لأَمْرٍ غَيْرٍ مُلْتَئِمِ
حَاشَا وَكَلا بِأَنْ يُقْلَى لِغَفْلَتِهِ 
وَاللهِ وَاللهِ هَذَا أَعْظَمُ الْقَسَمِ
يَا رَبِّ بِالسَّيِّدِ الَهَادِي الْبَشِيرِ كَذَا 
بِآلِهِ الْغُرِّ مَنْ هُمْ سَادَةُ الْحَرَمِ
هَبْ لِي مَرَامِي وَنَفِّذْ كُلَّ مَا طَلَبَتْ 
نفسي من الخير وانطق بالصواب فمى
وَاحْفَظْنِي مِنْ كَيْدِ كُلِّ الْحَاسِدِينَ وَلا 
تَجْعَلْ رَجَايَ إِلَهِي مُلْقَى فِي الْعَدَمِ
وَوَسِّعِ الرِّزْقَ وَالأَبْنَاءَ نَجِّهِمُ 
مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَأَعْلِنْ سَيِّدِي عَلَمِي
وَاغْفِرْ إِلَهِي لِتَالِيهَا وَنَاظِمِهَا 
نَجْلِ الْحُسَيْنِ الشَّرِيفِ الْعَاجِزِ السَّقِمِ
وَاسْتُرْ عُيُوبِي وَأَنْعِمْ لِي بِخَاتِمَةٍ 
حَسْنَاءَ تَمْحُو الَّذِي قَدْ كَانَ فِي الْقِدَمِ
وَاجْعَلْ صَلاتَكَ بِالتَّكْرِيمِ دَائِمَةً 
عَلَى الَّذِي سَادَ قَطْعَاً سَائِرَ الْأُمَمِ
وَالآلِ وَالصَّحْبِ وَالْأَتْبَاعِ قَاطِبَةً 
مَا غَرَّدَ الطَّيْرُ فِي أَرْجَائِي ذِي سَلَمِ
وَمَا شَذَا الْعَبْدُ لِلرَّحْمَنِ مُتَّعِظَاً 
يَا نَفْسُ كَمْ ذَا التَّوَانِي فِيقِي وَانْسَجِمِي
يَا رَبِّ صَلِّ عَلَى الْمَوْصُوفِ بِالْكَرَمِ 
مُحَمَّـدٍ وَعَلـَى الآلِ أُولـِي الْهِمـَمِ