نحن ورمضان والزمن تأملات مسلم معاصر
هاهو رمضان قد بداء من جديدوهاهو داعي الرحمن قد نادي (ياباغي الخير أقبلويا باغي الشر أقصر)والناس في غفلتهم يتعجبون: ما أسرع ماجاء! وسرعان ما سيتعجبون أيضاً: ما أسرع ما انقضى!
الناس في زماننا لا ينتبهون عادة لشهور الله إلا ورمضان يدقُّ على أبوابهمفشأنهم مع أشهر العام الهجري، هو شأن !وقد كان السلف ينتظرون رمضان منذ رمضانفإذا أقبل رجب شهر الله ازدادوا استعداداًوإذا أقبل شعبان جعلوه عتبة لرمضانوأما حالهم في رمضان فذلك شأن آخر.
تلك قضيتنا مع الزمنغفلة مطلقةغفلة عن مسيره وهو يقطع بنا فيافي أعمارنافينطوي العام دون أن ندريولكن مشكلتنا الكبرى أن حضارة الغرب ساقتنا في زمن ليس زمنناأعوام ليست أعوامناوأشهر ليست أشهرنافالصبي في سنواته الأولى من الدراسة يحسب يسرد لك أشهر العام سرداً: يناير، فبراير، مارس، أبريل.ديسمبر، ويجيبك على الفور حين تسأله عن تاريخ ميلاده 2000م!ولكنك أنت نفسك تتلعثم حين يسألك أحدهم عن تاريخ اليوم في التقويم الهجري! فتلتفت إلى المفكرة باحثاً عن التاريخوفي أحسن الأحوال أنت تعلم في أي شهر أنت من أشهر العام الهجري، ولكن الكثيرين لا يعرفونبل ويتلعثمون كالطالب المهمل إذا سألتهم عن ترتيب الأشهر الهجريةولن ينجح إلا القليل حين تطلب منهم أن يسردوا الأشهر الحرم!.
إنها واحدة من المشاكل التي تتسبب في غفلتنا عن الزمن واعتنائنا به، فنحن نحسب أعمارنا خطأفعدة الشهور عند الله (اثنا عشر شهراً في كتاب يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم)والشهر عند الله تسع وعشرون فإن غمَّ علينا فهو ثلاثون!وهذا هو فرق العدّة بين أشهر الله وبين أشهر الرومان التي نحسب بها أعمارنا. فعدة أيام الشهر في أشهر الرومان ثلاثون و واحد وثلاثون.فانظر إلى فرق الأعوام الخطأ في أعمارنا.
والمشكلة الثانية هي أننا حين نحسب الزمان بغير تقويم الله تعالى، فإننا نغفل بالضرورة عن مواسم الخير.حيث (إن لله في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها)وتلك هدايا من الله تضاعف في بركة الأيام والعمر، فنحن نضيعها سدىًإلا حين يذكرنا بها الذاكرون.
ولهذا لا تستغرب أيها الفاضل حين تجد أكثر الناس عن الاستعداد لرمضان غافلينحتى إذا أعلنته لهم مجالس الافتاء، انتبهواوهذا هو نفسه الذي يجعلهم يدخلونه وقلوبهم خالية منهفهم لم يعدوا أنفسهم لاغنتام نفحاتهبل كل أكثر ما يشغلهم هو كيف يقتلون نهارهويقضون على ليله أكلاً وشرباً، لهواً على شاشات التلفاز!.
فطائفة من الناس في رمضان – مع كونهم صائمين- يأكلون أكثر ما يأكلون في أشهر الله الأخرىوينامون أكثر ما ينامون في أشهر الله الأخرىويسحقون الوقت سحقاً كأن لهم معه ثأر أدركوه في رمضان فإذا انقضى رمضان حمدوا الله على انصرامه، وجعلوه نسياً منسياً.
وطائفة ينتبهون في رمضان، فيجتهدون فيه ماشاء الله لهم الاجتهادفيصومون، ويقرأون القرآن حال صيامهم، فإذا أفطروا سعوا إلى المساجد يطلبون القيام بالجزء من القرآن أو قريباً منه، ومنهم من يحيي ليله تهجداًولكنهم ما ينقضي رمضان، وتمضي ست شوال حتى يعودوا إلى سابق عدهم من الغفلةحتى يفاجئهم رمضان المقبل إن كان في أعمارهم بقية.
القليل القليل من عباد الله، من جعل همه تتبع أيام الله ونفحاته، فهو من نفحة إلى نفحة، ومن منحة إلى منحة، حتى إذا جاء رمضان كان أدرك الكنز فعبَّ منه ما شاء الله له أن يعبذلك الفضل من الله يؤتيه من يشاء
kpk ,vlqhk ,hg.lk jHlghj lsgl luhwv