المآذن, العربية, القدم, حظر, سويسرا
بسم الله الرحمن الرحيم
حظر المآذن في سويسرا توديع لمنظومة القيم الغربية
لقد جاء تصويت الشعب السويسري على حظر بناء المآذن واضحا جليا، بحيث دفع المروجين للقيم الغربية الأكثر شهرة من مثل حرية الاعتقاد والتسامح إلى توضيح موقفهم. وبتعبير آخر، لقد كانوا في أشد الحرج من نتائج هذا التصويت.
إن استفتاء الأحد الماضي يظهر للعيان مرة أخرى إلى أي مدى بات الناس في البلاد الغربية في حالة من الهيجان ضد الإسلام، بسبب الترويج الإعلامي السلبي الممنهج. كما يظهر أيضا عمق تجذر النفور من الإسلام والرموز الإسلامية في الشعوب الأوروبية. وهكذا يصير المرء مستعدا للتخلي عن مفاهيم عقيدته العلمانية التي هي من المفروض أنها راسخة غير قابلة للتغيير، والتي منها حرية العقيدة التي تعتبر ركناً أساسيا؛ يفعل المرء كل ذلك في سبيل التنفيس عن الرفض الكامن بالأعماق لتعاليم دين معين.
وصدق الله العظيم القائل: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}.
إنّ نتيجة الاستفتاء هذه هي شهادة إفلاس، تثبت أن المبادئ العلمانية الرئيسية من حيث الأساس أقل رسوخا مما كان مفترضا حتى الآن. واللافت للنظر أيضا أنه ليس فقط غالبية الخمسة ملايين ممن لهم حق التصويت هم الذين أيدوا الحظر، بل كذلك الغالبية المطلوبة من 26 مقاطعة سويسرية.
من الواضح أن هذا القرار سيصبح مثالا يحتذى، وأن الضغط على المسلمين في أوروبا والتضييق عليهم في ممارسة شعائرهم الإسلامية سيصير إلى تزايد. فقد لاحظنا بشكل متصاعد نمو سياسة تضييق الخناق على المسلمين؛ ففي البدء كان حظر خمار المسلمات في المدارس العامة، وتبعه حظر بناء المساجد المقببة والمآذن في "كيرتن" النمساوية، ثم أعقب ذلك النقاش حول النقاب في الحياة العامة والآن الاستفتاء على حظر المآذن في سويسرا.
إننا نقول للمسلمين: لو كانت الخلافة التي ترعى مصالح المسلمين في العالم كله قائمة في العالم الإسلامي، لأخذ النقاش حول الإسلام في أوروبا منحى آخر، بل لما قدر له أن ينشأ أصلا. فقد رأينا أن بلداً عربيا واحدا هو ليبيا، تمكن من خلال الضغط الاقتصادي والسياسي، من إجبار سويسرا بالذات على إطلاق سراح هنيبال القذافي على الرغم من أن هذا قد ارتكب -وفق الرواية السويسرية- جرما واضحا. فإذا كانت الدول الغربية، ولأسباب اقتصادية، مستعدة للتخلي عن متابعة الجرائم، أفلا تكون من باب أولى مستعدة للاعتراف بحقوق المسلمين، فيما لو كان الضغط اللازم من قبل الدولة الإسلامية موجودا؟ وهذا المثال بالذات يدل مرة أخرى على مدى ضرورة الخلافة في العالم الإسلامي حتى بالنسبة للمسلمين المقيمين في أوروبا.
أما فيما يخص الأنظمة الفاسدة العميلة في العالم الإسلامي، فإنهم وإن كانوا لا يدخرون جهدا في سبيل ستر جرائم أبناء الزعماء، إلا أنهم في سبيل الإسلام والمسلمين غير مستعدين لتحريك ساكن. لقد بات واضحا للعميان أن هذه الأنظمة قد استهلكت وآن وقت إزالتها. وهذا الأمر يشكل لنا نحن المسلمين في هذا الوقت الأولوية القصوى.
إن هذا القرار يدعونا للتوقف. فمن ناحية أظهر لنا خوار وتأرجح ما يروج له في كل مكان من تسامح قيم النظام الغربي العلماني. وهذا يجب أن يكون صدمة للمضبوعين، تدفعهم للعودة إلى الإسلام، كما يمكننا من الدخول في نقاش فكري مع الناس هنا تخضع فيه العلمانية إلى التمحيص العقلي الناقد.
ومن ناحية أخرى يثبت هذا التصويت، أن عقلية التأقلم والاستسلام والتنازل عن القيم الإسلامية التي يمثلها بعض المسلمين في أوروبا، وبالأخص من توجوا أنفسهم قيادات، قد أثبتت فشلها، وأنها لم تجر عليهم إلا المزيد من التنازلات، لذا كان من الواجب علينا، أن نطالب بحقوقنا بحزم وعزة نفس وعزم مع توحد كلمتنا على ذلك، وساعتها سننجح في ذلك.
{وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}.
p/v hglN`k td s,dsvh j,]du glk/,lm hgrdl hgyvfdm