حديث مع النفس 
 تقبل القلوب في رمضان . إلى علام الغيوب  
 وتقبل الأفئدة . إلى من يعلم خافية الصدور .
 وتقبل النفوس . إلى من يعلم سرها وعلانيتها . 
 يا نفس إقبالك في هذا الشهر الكريم  لابد أن يُفاد منه 
 لا يكن شهر رمضان المبارك . كبقية شهور العام . 
 فالمنافسة . والمسابقة . والمداومة .
 راجع صاحبنا نفسه . تأمل في حاله . تحسر على ضعفه
 . وتقصيره في حق الله تعالى .
 عزم على أن يكون شهر رمضان هذا . شهر تحول ،
 وتغير ، وتبدل ، وتحسن .
 أخذ على نفسه العهد والميثاق . ودعى الله أن يعينه 
 وييسر له ما قد أقبل عليه . أو ما يعزم الإقبال عليه .
 أراد في هذا الشهر الكريم . أن يغسل الران الذي غطى قلبه . 
 الران الذي حرمه لذة العبادة .
 الران الذي منعه نعيم الطاعة .
 أراد أن يحيا حياة جديدة . طيبة . هانئة . 
 نقية . مع توبة صادقة . لله تعالى .
 بحث صاحبنا عن إمام يصلي معه . 
 ويكون ممن يقف مع الآيات . ويحرك القلوب بها . 
 وجده . !
 
 ثم ذهب إلى صلاة التراويح مبكرا . 
 اقترب صاحبنا من الإمام . ثم صلى تحية المسجد .
 وأكثر من الدعاء بأن يصلح الله له قلبه . 
 أن يرزقه دمعة حرّى صادقة . لا رياء فيها ولا سمعة . 
 يتمنى أن يبكي من خشية الله . 
 ومن منا لا يتمنى ذلك ؟ّ.
 سلّم صاحبنا من النافلة . ثم قرأ ما تيسر من كتاب الله . 
 مع مجاهدة النفس في التدبر ، والتأمل ، والتخشع . مع كتاب الله .
 دخل الإمام . ثم صلى الفريضة  ثم أعقبها بصلاة التراويح .
 وقف الإمام مع آيات من كتاب الله . تدبرها . 
 وتأملها . ثم خشع معها . ثم بكى . 
 تأمل صاحبنا . لماذا يبكي الإمام ؟!.
 حاول أن يقف مع الآيات كما وقف إمامه . فلم يقدر ، ولم يستطع .
 وفي أثناء ذلك . بكى من عن يمينه !
 مما بثّ فيه الحماس ، وجعله يجاهد نفسه للبكاء بإصرار .
 ومع هذا . لم يستطع . !!
 ثم أحسّ بمن عن شماله يهز كتفيه . تأثرا . وبكاءً 
 . وخشوعا .
 سبحان الله . 
 لماذا يبكي الناس؟! . لماذا لا أبكي ؟!.
  لماذا لا أتأثر ؟!.
 لماذا . لا تخرج الدمعة ؟!.
 حاول . وجاهد . واشتد تأمله . وتدبره . فلم يقدر
  ولم يستطع .!!.
 كثُر صوت البكاء في المسجد . 
 من في يمينه يبكي ! . ومن على شماله يبكي ! 
 . ومن خلفه يبكي ! . وفي أرجاء المسجد 
 . الناس تبكي .
 وتخشع . وتتأمل .!!.
 رثى لحال نفسه . فدعى الله .
 يارب . يارب . يارب . دمعة !  
 يارب . دمعة واحدة .!
 يارب . دمعة . 
 ركع الإمام . 
 وصاحبنا يؤنب نفسه . ويوبخها . ويعاتبها . 
 ويدعو الله في سجوده . فيقول : ( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ،
 ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها )
 ألهذا الحد بلغ الران مبلغه . ؟!
 الآن عرفت أثر تلك 
 المعاصي الخفية . والتي أخفيتها عن الناس .
 فوجدتُ مغبَّتها . وأثرها . في قلبي . 
 عرفتُ أثرها . فحُرمت من نعمة البكاء من خشية الله .
 يانفس . البكّائون كُثُر . أليس فيكِ من الخير ما يجعلكِ منهم ؟! .
 الناس تبكي . وتتأثر . وتخشع . وتتدبر 
 وأنتِ في موقف المتفرج . المشاهِد . المتحسِر .
 أليس هذا من الحرمان .؟!.
 جاهدت نفسي في البحث عن دمعة . واحدة 
 ولا زال البحث عنها . وبقي من رمضان أكثر من مضى .
 فأسأل الله أن يذيقنا طعمها . ولذتها . وحلاوتها .
 
 منقوله للفائده/
  
 .