دول الخليج تنقلب على بوش وتسعى لتحالف مع إيران
10/01/2008
--------------------------------------------------------------------------------
محيط ـ محمد الهادي عواصم:
رغم سعى الرئيس الأمريكي جورج بوش للحصول على تأييد زعماء دول الخليج العربية لكبح جماح إيران، الإ أن حلفاءه التقليديين باتوا أكثر ميلاً للتقارب مع إيران والتحالف معها بسبب إحباطهم من
سياساته، خاصةً بعد أن بثت طهران اليوم الخميس شريطاً ينفي الإدعاءات الأمريكية حول مهاجمة زوارق إيرانية لبارجة أمريكية في مياه الخليج، مما أشعرهم بأن شرارة صغيرة قادرة على توليد الحرب بالمنطقة ستصب في صالح إسرائيل وسيكونون في حالة نشوبها الخاسر الوحيد.
قلق عربي
ومن جانبه يقول جيرد نونمان الأستاذ في مجال دراسات الخليج بجامعة اكستر:" الكويت والبحرين والامارات والسعودية شهدوا انزلاق العراق ولبنان والاراضي الفلسطينية الى أزمات كما شهدت تنامي نفوذ ايران بدلا من تراجعه خلال الاعوام السبعة التي قضاها بوش في الحكم، والعائلات الحاكمة في الخليج تتطلع لزيارة بوش بنوع من الاستسلام والضجر وربما بأمل عبثي في توضيح أنهم يريدون بشكل قاطع نجاح عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وقضية ايران."
وأضاف:"من ناحية يريدون استراتيجية دبلوماسية مشتركة لتفادي ظهور ايران مسلحة نوويا لكنهم يقولون أيضا نعتقد أن بامكاننا التعامل مع ايران بشكل أكثر فعالية. نعتقد أننا نستطيع نزع فتيل الازمة بالتعامل مع ايران."
تقارب إيراني
ومنذ فترة طويلة تنظر دول الخليج العربية التي يحكمها السنة بقلق الى جارتها الشيعية الطموحة لكنها بدأت تتعامل مع ايران بشكل علني العام الماضي, وزار الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد العاهل السعودي الملك عبد الله في مارس/اذار، وأصبح أول رئيس ايراني يدعى رسميا لاداء شعائر الحج في ديسمبر/كانون الاول الماضي.
وفي وقت سابق من ذلك الشهر دعت قطر أحمدي نجاد لحضور قمة لدول مجلس التعاون الخليجي. وكان أول زعيم ايراني يحضر قمة المجلس الذي تهيمن عليه دول سنية رغم أن تصريحاته لم تخفف من قلق الحاضرين. كما زار أيضا البحرين، وأثارت هذه التعاملات الرفيعة المستوى دهشة البعض في واشنطن. لكن محللين يقولون انه بالنسبة لدول الخليج العربية المجاورة لايران والتي لبعضها مثل الامارات علاقات تجارية وثيقة مع الجمهورية الاسلامية فان الحوار أمر منطقي الى حد ما.
غياب العلاقات
ويرون أن زيارة بوش لدول الخليج وجميعها متحالفة عسكريا واقتصاديا وسياسيا مع بلاده للمرة الاولى خلال عامه الاخير في الحكم يبرز عدم وجود تعاملات أكثر نشاطا، وقال نونمان:" كان هناك منظور بأن الولايات المتحدة ليست مسيطرة على الوضع وأنها في بعض الاحيان كانت تزيد الامور سوءا أو لا تطبق سياسة متماسكة. عزز ذلك احساس (دول الخليج) بأن عليها أن تتحرك من تلقاء نفسها."
وتنامى نفوذ ايران في العراق منذ أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بالرئيس السابق صدام حسين ووضع حكومة يهيمن عليها الشيعة في بغداد تجمع كثيرا من أعضائها علاقات وثيقة بالجمهورية الاسلامية حيث كانوا يعيشون في المنفى لسنوات.
وتضررت البنية الاساسية للبنان نتيجة الحرب مع اسرائيل عام 2006 لكن جماعة حزب الله اللبنانية المؤيدة لايران خرجت من الحرب قوية سياسيا. وسقط لبنان منذ ذلك الحين من أزمة الى أخرى في الوقت الذي تتصارع فيه الحكومة المدعومة من واشنطن والمعارضة المدعومة من ايران على السلطة.
إستياء الرأي العام
وخاطرت دول الخليج العربية بإثارة استياء الرأي العام بمشاركتها في مؤتمر سلام الشرق الاوسط الذي استضافته الولايات المتحدة في مدينة أنابوليس بولاية ماريلاند لتجد بعد ذلك أن أنشطة الاستيطان الاسرائيلي مستمرة دون كلل، ومما زاد من الحيرة رفض بوش استبعاد الخيار العسكري للحد من طموحات ايران النووية رغم أن تقرير المخابرات الوطنية الاميركية ذكر أن الجمهورية الاسلامية أوقفت برنامجها للتسلح النووي في عام 2003.
ورغم أن لطهران علاقات عدائية مع واشنطن منذ 29 عاما فان حلفاء واشنطن العرب هم الذين يواجهون غضب الرأي العام بسبب السياسات الاميركية وهي حالة غضب ربما ساعدت تنظيم القاعدة على ضم مجندين جدد.
وقال عماد حرب الباحث بمركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية:" سيكون الرئيس بوش على الرحب والسعة في العالم العربي ولكنه يجب أن يتوقع شكاوى العرب بشأن مغامرته في العراق وكيف أدت بشكل غير مقصود الى تقوية ايران في بغداد واضعاف الجبهة العربية ضد أي تمدد ايراني محتمل."
وأضاف:" وسيريد القادة العرب لاسيما في منطقة الخليج العربي سماع ايضاحات الرئيس بوش عن المنطق وراء اصراره على التشدد والتلويح بالخيار العسكري لحل أزمة الملف النووي الايراني بدل العمل الدبلوماسي الجاد"، وبذلت السعودية مساعيها الدبلوماسية الخاصة في السنوات الاخيرة للتوسط بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة المقاومة الاسلامية "حماس"، كما تدخلت بثقلها لمنع تصعيد الاوضاع في لبنان.
دعوات الفيصل
وأوضح وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل أن المصلحة الوطنية ستأتي في المقام الاول فيما يتعلق بالتعامل مع ايران، وقال:" نحن لنا علاقات بايران ونتحدث معهم واذا شعرنا بأي خطر لا يمنعنا أبدا العلاقات التي بيننا ان نتحدث عنها معهم وبالتالي نحن نرحب بأي موضوع سيطرحة فخامة الرئيس بوش وسنناقش المواضيع التي يطرحها من وجهة نظرنا."
ويقول محللون إن الحادث الذي وقع هذا الاسبوع حيث قالت واشنطن أن زوارق ايرانية اقتربت من ثلاث سفن حربية أميركية أظهر كيف يمكن أن يتفاقم التوتر بسرعة في منطقة الخليج, وقال نيل باتريك وهو محلل كبير بمجموعة معالجة الازمات الدولية "دول مجلس التعاون الخليجي ستسعى للحصول على تأكيدات من واشنطن بشأن استمرار الموقف الحازم من ايران.لكنها ستريد تأكيدات أيضا بأنه لن تكون هناك مبالغة في رد الفعل مثلما حدث في هذه الواقعة."
وقال الفيصل:" هذه منطقة حساسة جدا وحساسة للاقتصاد العالمي بشكل رئيسي وكما ذكرت مجرد اشتباه في اشتباك أدى إلى رفع الأسعار وهذا يؤكد خطورة أي عمل غير مدروس ولا يؤدي إلى هدوء في المنطقة نأمل ألا تتكرر هذه الحادثة نحن في خطر مستمر من تصاعد الأمور وضبط النفس ضروري لكل اللاعبين في المنطقة".
وحول موقف السعودية من تصريح الرئيس الأمريكي جورج بوش بأنه سيطلب من الدول التي سيزورها المساعدة في مواجهة الخطر الإيراني على المنطقة، قال الفيصل "سنستمع باهتمام لكل موضوع يطرحه الرئيس الأمريكي ويمكنه أن يطرح أي موضوع يشاء خلال الزيارة وسنناقش المواضيع المطروحة من وجهة نظرنا، ونحن بلد جار لإيران ومنطقة الخليج بحيرة صغيرة وبالتالي نحن حريصون على أن يسود الوئام والسلام بين دول المنطقة ونأمل ألا يكون هناك أي شعور بالعدوانية في المنطقة ونحن لنا علاقات في إيران ونتحدث معها وإذا شعرنا بأي خطر لا تمنعنا العلاقات معها عن أن نتحدث معها عن ذلك".
شريط جديد
ومن جانبه بث التلفزيون الإيراني الحكومي فيلماً يصور وقائع المحادثة اللاسلكية بين قوارب الحرس الثوري الإيراني وبوارج أميركية في مضيق هرمز، وظهر في الشريط الذي بثته إيران بحار إيراني يقترب من سفينة أميركية، هي البارجة "سي جي 73"، ويطالبها مرارا بتحديد هويتها.
وكانت السفينة ترد على الطلب كلما سئلت، لكنها وردا على سؤال حول وجهتها وسرعتها، أجابت أنها تبحر في المياه الدولية, وأظهرت المشاهد التي عرضت من على متن خمس قوارب سريعة أن إحداها اقترب من ثلاث سفن أمريكية.
كما ظهر في الفيلم الإيراني طائرة مروحية تحلق فوق البارجات الأميركية، إلا أن التقارير لم تشر الأميركية أو الإيرانية إلى هذه المروحية، وعلق وكيل قائد القوة البحرية للحرس الثوري العميد علي فدوي على الشريط، مؤكدا أن الفيلم الذي وزعته البحرية الأميركية عار عن الصحة.
وقال فدوي إن الحديث المسجل على الفيلم غير معقول وغير مقبول ولم يحصل بين القوارب الإيرانية والبوارج الأميركية, ويأتي ذلك ردا على شريط فيديو وتسجيل صوتي بثه البنتاجون الثلاثاء الماضي، ووصفه مصدر عسكري إيراني بأنه مجموعة صور من الأرشيف ومفبرك.
تهديدات إسرائيلية
على صعيد آخر، أكد سفير إسرائيل لدى واشنطن سالاي ميريدور اليوم الخميس أن بلاده تعتبر أن كافة الخيارات واردة لمنع إيران من المضي في برنامجها النووي, قائلاً:" عند تقويمنا التهديد الآتي من إيران، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل تدركان جدية التهديد وانعكاساته في حال تفاقمه".
وأضاف ميريدو:" وفي الوقت نفسه تفضل الولايات المتحدة وإسرائيل رؤية هذا الخطر يزول من خلال عقوبات دبلوماسية واقتصادية، دون الاضطرار إلى القيام بالمزيد"، ورداً على سؤال بشأن واقعية هجوم عسكري على إيران، قال ميريدو:" الولايات المتحدة وإسرائيل لم تستبعدا حتى الآن أي خيار"، مشيراً الى أن كل الخيارات واردة وليس فقط بالنسبة إلى المستقبل. وهي مطروحة في حال بلغنا نقطة تفشل معها الخيارات الدبلوماسية والاقتصادية التي نفضلها."