اسرائيليين؟, جامعتنا
أصحى كل صباح لأذهب إلى جامعتي ، جامعة الملك سعود بالرياض ، وأدعو الله عز وجل قبل ذهابي وأنا لا أدعوه بأن يوفقني ويعطيني من العلم ما ينفع ولا أسأله من خير هذا اليوم ! بل أطلب منه سبحانه بأن لا أهان اليوم من قبل الموظفات في الجامعة،فقط ادعوه وحده بأن يحفظني من الذل والهوان والاضطهاد هناك
لكن الله دائماً يبتلي عبده المؤمن ، فما من ادخل بوابة الجامعة إلاّ ويبدأ الابتزاز . يجب أن أقوم بخلع عباءتي أمام الموظفة وأدور أمامها لتتفقد الزي ، وإن كانت في مزاج طيب أدخلتني ولكن إذا كان مزاجها سيّء تمنعني من الدخول و تأخد البطاقة وأكتب التعهدات والمخالفات التي لا أصل لها ، لا يريدون إلا اللون الأبيض والأسود لأننا في سجون لا تريد بهجة الحياة وألوانها ، وإذا دخلنا ذلك السجن السقيم لا نخرج منه قبل الساعة الثانية عشر ، فنظل ننتظر في جو سام مميت ، أحياناً أضطر للانتظار لمدة ثلاث ساعات ونصف ، وتشتكي أمي من لون بشرتي وتقول : " لماذا أصبحت كالفحمة السوداء ؟ " ورغم ذلك أتقبل كل هذا لأنني أريد الشهادة وأنا مستعدة لأكافح من أجلها
لكني للأسف صبري قد نفذ اليوم ولا توجد كلمات تعبر عن مدى ألمي وحزني لما حدث لي اليوم ، كابوس أسود لم أستيقظ منه بعد ، نعم ولأول مرّة في حياتي أذوق طعم الذل والإهانة الحقيقية ، لأول مرة في حياتي أشعر بالمظلومين المضطهدين لدرجة أني شعرت بإخواني في فلسطين بذلك اللحظة وأنا لا ألومهم إذا فضلوا الموت على الإهانة ، وأنا طالبة ضعيفة لا أستطيع سوى أن أبكي وأشكو ضعفي وقلة حيلتي لله
اليوم كان اليوم المفتوح لكليتي ، كلية الآداب (قسم اللغة الإنجليزية) ، وأنا كنت من الطالبات المتبرعات بالأطباق الخيرية لجمع المال ، وقمت طوال الليل بطبخ الحلوى كي أبيعها غداً ، أحضرت الزهور وصورت أوراقا بمقادير هذا الطبق ، ذهبت إلى الجامعة بكل حيويه وحماس لهذا اليوم ، ودخلت القاعة المخصصة للحفل في مبنى الأدب الإنجليزي ، لم أجد طاولة لأضع طبقي عليها ، فحملوا بعض البنات طاولة ووضعوها في مكان خالي ، فوضعت ما معي عليها إلا فوجئت بأحد الأستاذات تصرخ علينا بحجة أن الطاولة ليست في موقع مناسب وأخذت أغراضي و رمتها على الأرض جميعها فأصبحت أصرخ : لماذا ؟ لماذا ؟.
نحن لم نعارض رأيها أبدا ولم تعط الطالبة التي حملت الطاولة فرصة للإعتذار بل ظلت تصرخ وتسب بلهجتها العربية وكأن أحدا قد اعتدى عليها وحتى لو كانت تحت أشد الضغوط هذا لا يعني أن لها حقا في معاملتها القاسية والهجومية، أنا لا أعرفها وفي تلك اللحظة تمنيت أن تبتلعني الأرض ، وقفت أمام الجميع بصمت . وبدأت دموعي الساكنة تتساقط ونزلت على الأرض لأجمع ما رمته ، حتى أن هاتفي النقال قد انكسر غطائه ، وأوراق المقادير تبعثرت في كل مكان ، الجميع كان ينظر إلي برحمة وأنا أجمعها ، حتى أني لما رفعت رأسي رأيت إحدى زميلاتي حزينة جداً من أجلي وعيناها ملئت بالدموع ولما ذهبت تلك الشرسة ، قام الجميع بمساعدتي وجدت نفسي بأحضان من أعرف ومن لا أعرف ، ومن هنا بدأت أبكي بصوت عالي ، كالطفلة المضروبة ، فأخذوني الطالبات إلى المسؤولة ولما حكيت لها ما حصل لي وأنا أبكي قالت : " يا ابنتي هذه الحياة !! ويجب أن تتعلمي على هذه المواقف ولا تكوني حساسة !! .
الحياة ليست أن تعامل طالبة مجتهدة مشاركة للنشاطات بإهانة وذل ! بدلاً من أن يقدرونا ويشكرونا على ما نقدمه من نشاطات ، يكسروننا و يحطموننا ويجرحوننا ، الحياة ليست أن يجرح ويذل المرء لعمل خير يقوم به !! فكيف ندعوا إلى الإنسانية والأسلوب الحضاري ونحن في بيئة التعليم العالي نجد أسوأ المعاملات والاحتقار والأسلوب البذيء ، الآن فقط أحسست بمعاناة العنصرية والظلم والاحتقار التي يواجهها كثير من الشعوب حول العالم
هذه الأستاذة ليست سعودية ولكني لا أستغرب من تصرفها لأنها ترى كيف يعاملون طالبات الجامعة بكل استهتار واستبداد ، الطالبة عندنا لا تحترم إلاّ إذا كان معها " واسطة" قوية من أبيها ويكون عند الموظفة خلفية عن الطالبة واسمها ، أملى كان أن أصبح مصلحة اجتماعية لكن بعد موقفي هذا آمالي كلها تحطمت ومالي إلاّ أن أدعو الله أن يصبرني على هذا الذل ولن أسامح كل موظفة أهانتني في هذه الجامعة حتي في يوم القيامة لأن المرء ليس لديه سوى كرامته ، وكرامتي وكرامة كثير غيري تلاشت في جامعة الملك سعود.
وبعد هذا اليوم المفتوح الذي أصبح اليوم المشئوم ، عدت إلى المنزل مخذولة و مقهورة ، لا حول لي ولا قوة ، بكيت وأنا أقول لأهلي ما جرى لي ، حتى أن الخادمات شعروا بي و سألوني متى أتخرج وأترك هذه الجامعة المرعبة
والغريب في الموضوع كله أني وأنا أبكي وأشكي لأهلي سمعتني أختي الصغيرة فأتت إلي وسألتني : " هل في جامعتكم إسرائيليين ؟ " .
ن.خ - الرياض - جامعه الملك سعود
منقول من الايميل
__._,_.___
ig td [hlujkh hsvhzdgddk?)