يثير البعض من جهلة النصارى هذه الشبهة حول صفة المكر لله سبحانه وتعالى ويقولون كيف يمكن ان تكون هذه الصفة المذمومة لله سبحانه وتعالى ؟
وللرد عليهم وتبيان جهلهم ننقل لكم - بتصرف - ما جاء في مفردات الراغب الأصفهانى أن المكر هو صرف الغير عما يقصده بحيلة ، وذلك ضربان :
مكر محمود ، وذلك أن يتحرى بذلك فعل جميل ، وعلى ذلك قال سبحانه وتعالى :{ والله خير الماكرين } فلا يكون مكره إلا خيرا
ومكر مذموم ، وهو أن يتحرى به فعل قبيح ، قال تعالى : { ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله } فاطر: 43.
ان وجود المكر السيىء بحسب نص الآية يعني بالضرورة أن هناك مكراً آخر غير سيء. فالمكر يكون في موضع مدحاً ويكون في موضع ذماً : فإن كان في مقابلة من يمكر ، فهو مدح ، لأنه يقتضي أنك أنت أقوى منه . وإن كان في غير ذلك ، فهو ذم ويسمى خيانة .
ولهذا لم يصف الله نفسه بصفة المكر على سبيل الإطلاق وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها أي على سبيل المقابلة والتقييد فيقال : يمكر بأعدائه، أو يمكر بمن يمكر برسله والمؤمنين ، وما أشبه هذا كما قال الله تعالى :{ ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون } وقال تعالى { ومكرواً ومكر الله والله خير الماكرين } آل عمران : 45 وقوله تعالى :{ وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } الأنفال : 30 ، وقوله تعالى :{ فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين } النمل : 51
وكذلك قوله سبحانه وتعالى : { وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعاً } أي برسلهم ، وبالحق الذي جاءت به الرسل ، فلم يغن عنهم مكرهم ولم يصنعوا شيئاً ، وقوله : " فلله المكر جميعاً " أي : لا يقدر أحد أن يمكر مكراً إلا بإذنه ، وتحت قضائه وقدره ومشيئته سبحانه وتعالى . فلا عبرة بمكرهم ولا قيمة له ولا يلتفت إليه ، فلله أسباب المكر جميعاً , وبيده وإليه, لا يضر مكر من مكر منهم أحداً إلا من أراد ضُرّه به ، فلا يضر الماكرون بمكرهم إلا من شاء الله أن يَضُرّهُ ذلك.
ومن هنا نعرف أن المكر هو التدبير، فإن كان في شر فهو مذموم ، وإن كان فى خير فهو محمود .