[frame="2 80"]~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~مراحل تعليم الدين الإسلامي~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~* "
هناك ثلاث مراحل يمر بها المتعلم خلال تعلمه لمبادىء وأحكام الدين الإسلامي. ولكل مرحلة خصائصها المتميزة، وبقدر إدراك واضعي مناهج التربية الدينية لحقيقة وطبيعة كل مرحلة يكون نجاحهم في تخطيط المنهج.
المرحلة الأولى هي مرحلة العقيدة: وفيها ينبغي على واضعي المناهج أن يعرضوا القضايا الإيمانية التي تستقر في النفس ولا تطفو إلى العقل لتناقش من جديد؛ ولذلك كان الاسم معبراً. فمعنى "عقيدة" أن الأمر عقد وانتهى منه. وما دام عقد وانتهى منه فيجب ألا يعقد إلا عن بصر به واقتناع أكيد؛ لأنه ستبنى عليه كل توجيهات حركة الحياة.
ولسلامة هذا المعتقد وضمان بقائه دون زلزلة في الكيان النفسي طالب الشاعر أن يكون تكوين المعتقد بحرية الشخص لا تتأثر ذاتيته بأي لون من ألوان الإكراه عليه؛ لأن الإكراه لا نفوذ له على منطقة الاعتقاد، فهو يكره القالب فقط، ولا يكره القلب، فلضمان ذلك يجب أن نفهم قول الله تعالى:
(لا إكراهَ في الدّين).
بحيث لا نستشهد به على غير موضوعه، فحمل المسلم على صلاة أو حكم من أحكام الدين لا يدخل في دائرة الإكراه، وإنما يدخل في دائرة الوفاء بما التزم به هذا الشخص بحريته حين اختار الإسلام ديناً له.
أما المرحلة الثانية فهي مرحلة حمل النفس على مطلوب العقيدة: ويتطلب هذا علماً بالمطلوب، وبعد العلم يطلب حمل النفس على ما علم. ومن هنا نشأت مسألة نجاح المنهج الديني أو إخفاقه ليس لمجرد العلم بمطلوب الدين. ولكن الفشل يأتي من حمل النفس على مطلوب هذا العلم، وهذا ما يميز به علم الدين من سائر العلوم الأخرى؛ لأن سائر العلوم تتطلب نقل العلوم إلى ذهن المتعلم، ولا تتطلب منه حمل نفسه على سلوك خاص، أما الدين فغير ذلك، فلا يكتفي به العلم كشأن العلوم الأخرى، ولكن مجاله هو حمل النفس على مطلوب هذا العلم "افعل أو لا تفعل" لأن العلوم الأخرى حظ النفس فيها هو الذي يحمل الإنسان على أن يفعل، لأنها ستحقق له متعاً في الحياة، وتخفف عنه متاعب الحركة فيها، فتؤدي له العمل المثمر بجهد قليل، أما علم الدين فيقف أمام شهوات النفس، فيطلب منها فعلاً قد يصعب عليها، وينهاها عن فعل ترغب فيه.
وإذا كانت المناهج توفر ناحية العلم بالإسلام، فيجب ان نلاحظ أن الأسوة هي التي ترسخ حركة الإنسان فإن وجد العلم، ولم توجد الأسوة، أدرك الناشىء أن هناك علماً يحرر، وحركة تحرر.
والمرحلة الثالثة هي التي ينظر خلالها في المطلوب من علم الإسلام، فيفرق فيه بين ولاية الإنسان على نفسه ولا دخل للحكم به، وهذا لون سهل على النفس، يجب ألا يتعلل الإنسان فيه بأنه محكوم بغير الإسلام؛ ذلك لأن دوافعه إيجابية، والالتزام به شخصي، فمن تعلل في ترك أمر يتطلبه دينه بأنه محكوم بنظام غير إسلامي نقول له: إنك تريد أن تبرر التحلل وتقنن الانحراف، فالدولة _وإن لم تحتم عليك أن تعمل _ لا تجرمك إن عملت، وبهذا تكون الولاية لك، والحكم لذاتك لا لشخصية خارجة عنك.
والأمور التي تخرج عن ولاية الإنسان على نفسه، يجب أن ينبه إليها، ويطلب ممن يملكها أن ينفذها، فإن عز عليه ذلك، فليتحمل المالك لها وزرها، وعليه أن يجادل الله فيها يوم القيامة.
ولابد أن نعدل عن الأساليب القديمة التي لم تعد تشفي غليل الفكر المعاصر، ونعدل في طريقة عرضها تعديلاً يجعل العقيدة أمراً ضرورياً من ضرورات الحياة: ضرورة عقلية، وضرورة اجتماعية، إن الوجود بدون هذه العقيدة لا يؤدي إلا إلى شقاء.
وبعرض نماذج الحضارات التي ازدهرت في غير حضن الدين وما انتهت إليه، ومقارنتها بالحضارات التي ازدهرت في حضن الدين، وبقاء الخير فيها إلى الآن بالرغم من انحسار سيادة الإسلام السياسية _يتضح أن وجود هذه الحضارات دليل على أنها حضارات ارتبطت بقيم من إله دائم الوجود قيوم على كل عناصر الخير. وسيجد الباحث في القرآن الكريم الآيات التي لا نذهب إليها أولاً، ولكن بعد أن نؤكدها واقعاً بدون نقل، ثم نلفت إلى أن الله تعالى ذكرها في كذا كذا؛ لأننا إن أخذناها أولاً من الكتاب ربما زهد الناس فيها، وعلموا أننا نخدم فكراً ارتضيناه، ولكننا يجب أن نفهمهم أنها نتيجة لفكر انتهينا إليه، ولم نبدأ به، والشيء نفسه سيجده الباحث في السنّة المطهرة كما سيجده في آثار الصالحين والعارفين.
حين نجتاز هذه المرحلة نكون قد ربينا في الناشىء قداسة من يأمر، وحكمة من يأمر، ورحمة من ينهى، فحين يتبعه يتبعه اتباعاً بصيراً، لا اتباعاً أعمى؛ وذلك لأن الإسلام ما دام أوامر ونواهي، فيجب قبول هذا النهي، ومن الصعب عليّ أن أربي في الناشىء حكمة الأمر دون رحمة الناهي.
وفي الوقت الذي أربي فيه العقيدة يجب أن يشيع في الناشئة بدون تلقى الالتزام المكون لهذه العقيدة بمنهج مستقيم قبل أن ألقنه هذا المنهج قولاً يجب أن ارسخه فيه فعلاً، بحيث إذا انتقل إلى مرحلة حمل النفس على مطلوب العلم، يكون سلوك المعلم أمام الناشىء أوضح منه على التزامي أنا بما علمت قبل أن أطلب من المتعلم أن يلتزم بما أعلمه، وحينئذ لا يجد المتعلم فرصة لاستدراك علم معلم ليبرر له الخروج عن منهج ما علم.
ويجب الا يغيب عن البال أن السلوك هو الذي ربى الدين عند غير المتعلمين جميعاً، وما أكثرهم في أمتنا، وقد رأينا سلوكاً من أميين بغير مفهومنا الشائع في الأمية عند مستوى من القيم لا نجده عند كثير من المتعلمين.
وحتى تؤتى مناهج التربية الدينية أُكُلَها يجب أن نلفت إلى كل ما يصادم هذه المناهج من قنوات التأثير، خصوصاً التأثير الإعلامي، وبذلك نضمن تكامل الأجهزة كلها في تربية الناشىء تربية متساوية ومتعاضدة، لا متعارضة، ويجب أن تتجنب مناهج التربية الدينية تبرير كل نظام غير إسلامي، بل يجب ان نقرر حكم الله أولاً، وأن نلفت إلى قسوة الضرورة التي تلقى علينا أن نستمسك بشيء ما غير منهج الله، حتى نؤازر الحكم الإسلامي في أننا لا نترك المنهج، ولكننا لا نقدر على تطبيقه سائلين الله استكمالاً يغطي كل جوانب الحياة، فبهذا نؤكد للناشىء أن هناك في النظام ضرورة غير مقتنع بها وضرورة نحاول أن نصل اليها.
منقـــــــول لكن مفيد للغاية
د. حسن شحاتة"
والسلام خير ختام[/frame]
Z*¤ô§ô¤*Z*¤ô§ô¤*Zlvhpg jugdl hg]dk hgYsghldZ*¤ô§ô¤*Z*¤ô§ô¤*Z* "