التيمورية, العشر, خنساء, عائشة
[align=right]خنساء العصر الحديث هكذا اسماها شعراء وأدباء القرن العشرين اتحفت الادب العربي بأشعار رائعة و منها ماكان رثاء ومنها ماكان في الاخلاق والتزكية والستر والعفاف ، قدمت الكثير من الاعمال الادبية ملأت مكتبات العالم العربي وذكرها الشعراء والادباء في كتبهم . فمن هي التيمورية التي بكت وابكت؟ قالوا عنها انها من دعاة التحرر الذين نادوا بالسفور وخروج المرأة من عفتها ، ولكن كيف لهم ان يدعوا ذلك وهي بأشعارها وكتاباتها تدعوا إلى العفة والالتزام بالحجاب والتخلق بأخلاق القرآن ؟ كيف لهم ان يدعوا ذلك وهي الفتاة التي عاشت في كنف عائلة مسلمة ملتزمة بشرع الله ؟ عائشة او كماسماها والدها ( عصمت ) ولدت في القاهرة عام 1835م ، ابوها تركي الاصل وأمها من اصل شركسي ، لم تتعلم النساء في زمانها ولم يدخلن المدارس ، وانما يتعلمن تدبير المنزل والتطريز والحياكة ويتعلمن القرآن وحفظه في الكتاتيب . الا ان عائشة كرهت عمل المنزل وكانت رغبتها في التعليم والكتابة والقراءة ، وهذا الامر اوجد صراعا ًدائماً بينها وبين والدتها ، ولما كانت الفتاة ( حبيبة ابيها المدلله ) تميل إلى التعلم ومال والدها إلى رغبتها لما وجد فيها من الذكاء والفطنة فأحضرلها اساتذة ليدرسوها في البيت ، فأحدهم كان يعلمها القرآن وعلومه ، والفقة واصوله ، والخط العربي ، واخر كان يعلمها النحو والصرف واللغة الفارسية. وظهر نجاح عائشة في هذا المضمار وبدأت تكتب الشعر وعكفت على قراءة الشعر ودواوينة والادب وفنونة حتى اصبحت ذات ملكة ادبية عالية وكانت ماتزال في الثالثة عشرة من عمرها وكانت تقرأ ماتكتبه على ابيها لانه لم يأذن لها بالخروج إلى مجالس الرجال ، ومع صغر سنها كانت تكتب الشعر والنشر بالعربية والفارسية والتركية ولما بلغت الخامسة عشرة ، تروجت من محمود الاسلومبولي وعاشت معه في الاستانة عاصمة الخلافة العثمانية ورزقت بالبنين والبنات وكانت لابنتها الكبرى ( توحيدة ) منزله خاصة في قلبها ، كانت تنظر اليها كيف تقضي وقتها في اولى النهار بين الاقلام والمحابر تكتب خواطرها وتمضي بقية اليوم بالتطريز والحياكة والنسيج تبدع وتصنع ، تنظر اليها عائشة بعين الاعتبار والاحترام وتتذكر ايام كانت تنفرمن امها وترفض الابرة والتطريز وتلوم نفسها على ذلك ، وتصبح ( توحيد ) مديرة المنزل وتتفرغ الام لادبها وشعرها . وتمتحن عائشة في صبرها فيموت والدها وبعد ثلاثة سنوات يموت زوجها وتعكف على الشعر والكتابة في الصحف لتملاً فراغها ، وبعد سنتين من موت الزوج تمرض مدبرة البيت ( توحيدة ) ولم يستطع الاطباء علاجها ، وتفشل كل المحاولات لشفائها ، وتموت توحيدة وهي في الثامنة عشرة في الشهر الذي كانت ستتزوج فيه ، وبموت الابنة الحبيبة تستسلم الام الشاعرة للاحزان وتعزف عن الشعر قتزحف العلل والامراض إلى جسدها الهزيل وتبكي حتى كاد البكاء ان يذهب بنور عينيها سبع سنوات وهي على هذا الحال حتى اقلعت عن حزنها لكثرة الناصحين حولها ، ومع ذلك حيث كل احزانها في رثاء ابنتها : طافت بشهر الصوم فتغيرت جنات خدشانها التغيير وتقول : جاء الطبيب ضحى وبشر بالشفاء ان الطبيب بطبه مغرور ولكنها تنقل الجواب على لسان ابنتها : اماه قدعز اللقاء وفي غدسترين نعشي كالعروس يطير وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي هو منزلي وله الجموع تعير أماه قد سلفت لنا منية ياحسنها لو ساقها التيسير اماه لاتنسى بحق بنوتي قبري لئلا يحزن المقبور فترد قائلة : بنتاه ياكبدي ولوعة مهجتي قد زال صفو شأنه التكدير والله لا اسلو التلاوة والدعاء ماغردت فوق الغصون طيور ابكيك حتى نلتقي في جنة برياض خلد زينتها الحور . هذا الشعر وغيره الكثير فيه من الحزن مافيه ، ولكن الشاعرة تستسلم لقضاء الله وترضى بما كتبه الله لهم . كانت عائشة التيمورية - كما وصفها الشعراء - رائدة العفاف حيث كانت تدعو في اشعارها إلى الحجاب والخمار لان فيه عزة المرأة المسلمة فتقول : بيد العفاف اصون عز حجابي وبعصمتي اسمو على اترابي وبفكرة وقادة وقريحة نفاذة قد كلمت آدابي فجعلت مرآتي جبين دفا تري وجعلت من نقش المداد خطابي ما ساءني خدري وعقد عصابتي وطراز ثوبي واعتزاز رحابي ماعاقني حجلي عن العليا ولاسدل الخمار بلمتي ونقابي ولم تكتف الشاعرة بالدعوة إلى الحجاب رمز العزة والعفة بل دعت إلى مكارم الاخلاق التي نادى بها القرآن الكريم ورفع اسسها النبي صلى الله عليه وسلم لما قال ( انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق ) ، وتقول ما الحظ الا امتلاك المرء عفته وما السعادة الاحسن اخلاق ، توجهت إلى الله متضرعة متذلله : أتيت لبابك العالي بذلي فإن لم تعف عني فمن لي ؟ مقرا بالجناية وامتتالي لامر النفس في عقدي وحلي وكانت تنادي ربها في شعر يظهر فيه مدى معرفتها بأمور دينها ، من ذلك: ياكاشف الضر عن ايوب مرحمة حين استغاثك من مس المضرات وصاحب الحوت قد اتيته كرما لما دعا بابتهال في الضراعات ويوسف السيد الصديق حين دعا في ظلمة السجن من بعد الغيابات وتعتبر الشاعرة القرآن الكريم جنة تلجأ اليه اذا المت بها المصائب : اذا ضاقت بي الدنيا وشاب عزيمتي ضعف وضجت وحدة روحى وروع أمنه الخوف الوذ بجنة القرآن فهو الفيء والالف تفيض حروفه نورا ويشفي علتي حرف ومدحت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: طه الذي كسا اشراق بعثته وجه الوجود سنا الرشد والكرم طه الذي كللت انوار سفينته تيجان امته فضلا على الامم الشاعرة كانت مثقفة ، استمرت ثقافتها من القرآن الكريم والسنة النبوية وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وكان المامها بعلوم النحو والصرف والعروض والبلاغة والبيان ، وقرأت دواوين كثيرة للشعراء العرب وفوق كل ذلك كانت تعرف في امور الفلك والنبات وغير ذلك ، ومع رصانة شعرها وجديته كانت سريعة البديهة ، تخاطب ابناءها بالشعر لتعودهم على حسن البيان وتذوق النظم ، وكانت بجانب اشعارها ناثرة ادبية فتكتب المقالات في تربية البنات حتى تصلح العائلات ، وتعيب على النساء اللواتي يسرفن في الزينة ولاينتبهن لما هو اعظم من زينة مستعارة لاظهار الجمال إلاَّ وهو التربية . [/align]
uhzam hgjdl,vdm okshx hguwv