الأخير, الزائر
هل تعلم من هو الزائر الأخير؟
وهل تعلم ماذا يريد من زيارتك ولقائك؟
وأي شيء يطلب منك؟
إنه لم يأت طمعاً في شيء من مالك أو لمشاركتك طعامك وشرابك
أو للاستعانة بك على قضاء دين أو شفاعة لدى أحد
أو تمرير معاملة عجز عنها.
لقد جاء هذا الزائر إليك في مهمة محدودة وقضية معينة
لا تستطيع أنت ولا أهلك وعشيرتك، بل ولا أهل الأرض جميعاً أن يردوه
دون إنجازها وتحقيقها.
ثم إنك وإن سكنت القصور العالية، وتحصنت بالحصون المنيعة والبروج
المشيدة وتمتعت بالحراس والحجاب، لا تستطيع منعه من الدخول إليك،
والاجتماع بك، وتصفية حسابه معك!!
إنه لا يحتاج - كي يدخل عليك
- إلى أبواب أو استئذان ولا إلى أخذ موعد
مسبق قبل المجيء والإتيان، بل يأتي إليك في أي وقت وعلى أي حال؛ حال
شغلك أو فراغك صحتك أو مرضك غناك أو فقرك سفرك أو إقامتك.
وهذا الزائر - أخي الحبيب - ليس له قلب يرق بحيث تؤثر فيه كلماتك وبكاؤك،
أو ربما صراخك وتوسلاتك، وليس في مقدوره أن يمهلك مهلة تراجع فيها
حساباتك، وتنظر في أمرك!!
وهو كذلك لا يقبل هدية ولا رشوة، لأن أموال الدنيا كلها لا تساوي
عنده شيئاً، ولا ترده عما جاء من أجله.
إنه يريدك أنت لا شيء غيرك يريدك كلك لا بعضك
يريد إفناءك والقضاء عليك يريد مصرعك وقبض روحك
وإهلاك نفسك وإماتة بدنك.
إنه ملك موت!!
قال تعالى: قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [السجدة:11].
وقال تعالى: حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ
[الأنعام:61].
قطار العمر
أخي الحبيب: ألا تعلم أن زيارة ملك الموت شيء محتوم، وقدر سابق معلوم،
مهما طال بك العمر أو قصر؟
ألا تعلم أننا جميعاً مسافرون في هذه الدار ويوشك المسافر أن يصل إلى
غايته ويحط رحله؟
ألا تعلم أن دورة الحياة أوشكت على التوقف وأن قطار العمر قد قرب من مرحلته الأخيرة؟
سمع بعض الصالحين بكاء على ميت فقال: يا عجباً من قوم مسافرين يبكون على مسافر قد بلغ منزله!!
أخي
ما زلت مذ صورت في سفر . . . وستنقغمي وسينقضي السفر!
ماذا تقول وأنت في غصص . . . ماذا تقول وأنت تحتضر؟
ماذا تقول وقد وضعت على . . . ظهر السرير وأنت تبتدر؟
أعيذك - أخي الحبيب
- (أن تكون من الذين: إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ) [محمد:27]
أخي الحبيب
أما تعلم أن بزيارة ملك الموت لك ينتهي عمرك، وينقطع عملك، وتطوى صحائف أعمالك؟
أما تعلم أنك لا تستطيع بعد زيارته اكتساب حسنة واحدة لا تستطيع صلاة
ركعتين لا تستطيع قراءة آية واحدة من كتاب الله لا تستطيع التسبيح أو
التحميد أو التهليل أو التكبير أو الاستغفار ولو مرة واحدة لا تستطيع صيام
يوم أو التصدق بشيء ولو كان يسيرا لا تستطيع الحج أو الاعتمار ولا بذل
معروف بسيط للقريب أو الجار فقد مضى زمن العمل، وبقي الحساب
والمجازاة على الإحسان والزلل حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ
قال تعالى (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ )
فيا أخي
أين استعدادك للقاء ملك الموت؟ أين استعدادك لما بعده من أهوال في القبر
وعند السؤال وعند الحشر والنشر والحساب والميزان وعند تطاير الصحف
والمرور على الصراط والوقوف بين يدي الجبار جل وعلا؟!.
((( hg.hzv KKKKKKKKK hgHodv ))))