المختار, الرياضية, السياسية, زيدان, نشرة
المواقع الأصولية تحيي «زيزو» على تصرفه العنيف
جدة: محمد جزائري
اللقطة لمن لم يشاهدها: مذيع قناة «العربية» يجلس مقابل مراسل القناة في باريس ويسأله عن أسباب «نطحة» زيدان الشهيرة في نهائي كأس العالم، ويستفسر منه حول ما اذا كان زيدان بطبيعته شخصية عنيفة؟ فيجيبه المراسل: «على العكس» فزيدان شخصية طيبة جداً وما زال على تواصل باصدقائه من الجاليات العربية في الأحياء الفقيرة التي تربى فيها.
ويعود المذيع ليسأله حول التفسير لتصرف زيدان، فهل هو بسبب شتيمة عنصرية له كعربي ومسلم أو تعرض اللاعب الايطالي لـ«إله» زيدان وما الى ذلك؟ فيهز رأسه المراسل مرجحاً الأسباب التي وردت في السؤال. ولكن المذيع يعود ليذكر أن «نطحة» زيدان ليست جديدة، فقد اقترف ذات السلوك عندما كان يلعب لصالح فريق «جوفينتوس الايطالي»! فيرد المذيع أنه يجب أن «لا ننسى ان زيدان قادم من ضواحي فقيرة ومضطهدة، وجميعنا شاهدنا حالات الشغب التي ارتكبتها بعض الأقليات في فرنسا قبل فترة بسيطة».
قضية اللاعب زين الدين زيدان أخذت بعداً دراماتيكياً في الاعلام العربي المقروء والمرئي، ما جعل اخبار «زيزو» تنافس أخبار العراق وفلسطين في قائمة أهم الانباء الأسبوع الماضي خصوصا قبل بداية التوتر بين لبنان واسرائيل الأربعاء الماضي، المجمع عليه أن المساحة التي حازت عليها أخبار زيدان فاقت في قيمتها تحقيق ايطاليا لاغلى كأس في العالم. ولكن الأسئلة المشروعة تظل حول نزاهة الاعلام العربي في التعامل مع القضية. الدكتور أنمار مطاوع استاذ الاعلام في جامعة الملك عبد العزيز رأى أن الاعلام تعامل مع القضية على طريقة «ما يطلبه القراء والمشاهدون». واضاف «التعامل الظاهر من قبل الاعلام العربي هو المتجه نحو إثارة الناس وعدم اطفاء حماستهم. فكان يتعامل مع القضية بمراحل متجاوزة اطارها الطبيعي. فمن الواضح أن طريقة الرصد محاولة لاستغلال العواطف. وأخذ المعركة باتجاه العروبة والاسلام والارهاب. فكان أول ما تبناه الاعلام العربي هو احتمالية أن يكون زيدان شتم بلفظ «إرهابي قذر» وبدأوا التبرير لفعلته، اذا كان بالفعل تلقى هذه الشتيمة. وبطبيعة الحال، هذا الطرح بلا رؤية، ولم يحسب حساب أن زيدان سيتحدث مفنداً الحقائق فليس من فائدة في التمادي في الادعاء، وهذا ما حدث عندما نفى زيدان لاحقاً أن يكون اللاعب الايطالي هاجمه بصفة الارهابي».
اللافت في هذا السياق، ان تصريح زيدان جاء في لقاء خص به قناة «كانال بلاس» الفرنسية موضحاً أن الشتائم التي تلقاها كانت شخصية للغاية بخصوص والدته وشقيقته. وبحسب الوكالة الفرنسية التي نقلت الخبر لم يتم سؤال زيدان حول ما اذا كان هناك نبرة عنصرية في الاهانات، فيما ذكرت وكالة رويترز ان زيدان نفى ان تكون الاهانات ذات صبغة عنصرية، غير أن بعض الصحف العربية ذكرت على لسان زيدان في ذات البرنامج أن اللاعب الايطالي قال له «يا ابن العاهرة الارهابية».
ويختم مطاوع مداخلته بتأكيده أن الاعلام العربي «لم يستطع ايجاد آلية للتعامل مع قصة زيدان وظل يراوح مكانه في ردود أفعاله التي تنم عن الإحساس العام بالدونية والانهزامية، وهذا ما نحاول أن نعوضه في كل مناسبة مشابهة، والأمثلة كثيرة».
يذكر أن المواقع الاصولية التي لطالما كان لها موقف مناهض من فكرة كرة القدم من اساساها، تعاطفت مع تصرف زيدان العنيف ورأوا فيه «قبساً نورانياً من الاسلام» وانتصاراً للكرامة، كما وصفه أحدهم. واشادوا في محادثاتهم بغيرته على دينه وشرفه، من دون التثبت مما اذا كان زيدان تلقى شتائم من هذا النوع.
ما يشرحه الكاتب السعودي صالح الطريقي على أنه «اصرار عربي على أن الصراع بيننا والغرب هو صراع ديني وعقدي ، أو لا نريد أن نراه خارج هذا الإطار. ومثل هذا الطرح يؤكد نظرية المؤامرة ، يؤكد أن الصراع بيننا عقديا وليس معرفيا. نحن لا نريد أن ندخل صراعا معرفيا وثقافيا وتقنيا واقتصاديا مع الغرب ، لأننا نعرف أن هذا مستحيل ، لأن الجهل يعشش في الرؤوس ، لهذا نريد الحرب عقديا ، لأنه يمكن لك أن تختطف السماء لمصلحتك بسهولة ويسر».
ويضيف «وبسبب هذا، ولأجل مصالح البعض ما زالوا يجيرون كل خلاف بشري وعادي لخلاف عقدي ليستمر الوضع على ما هو عليه».
الطريقي، وهو كابتن المنتخب السعودي لكرة اليد في فترات سابقة، يؤكد على أن «جل الإعلام العربي بطبعه يلعب على المشاعر، والإنسان العربي تحركه وتتحكم به مشاعره ، لهذا ومن أجل أن يسوق الإعلام العربي لنفسه ، يتعاطى مع الأمور بعيدا عن المنطق والواقع ، وأظن لو سألت كل نجوم العرب الرياضيين عن الذي يحدث لهم في الملاعب العربية ، لقالوا لك إن ما حدث لزيدان أمام إيطاليا يحدث لنا دائما ولم تثر هذه القضية بهذه الطريقة ، لأن الإنسان العربي لا يريد ولا يحب نقد ذاته ، ويبحث عن شيطان ليحمله خطاياه».
الأكيد أن زيدان أو «زيزو» كما يحب مشجعوه تسميته كان أشهر ما في كأس العالم الأخير، والاكيد أيضاً ان الأمة العربية والاسلامية حملته اعباء قضايا، لا نعلم ما اذا كانت تعني زيدان من أساسها، أو يشعر بانتمائها له.
.d]hk lk kavm hgHofhv hgvdhqdm Ygn hgsdhsdm