الجزء الثاني
--------------
ابتسم الدكتور عادل لتلك المريضة العجوز مودعا
كنت أنا اجلس صامتة في كرسي بقرب مكتبه
حالما انغلق الباب خلف تلك المريضة حتى التفت إلي الدكتور عادل غاضبا
الدكتور عادل: لزمك كل هذا الوقت لتجدي غرفة التشخيص.!
التقطت أنفاسي خائفة و متفاجئه من هذا الهجوم المباغت!
أمل: كنتكنت أظنك لا تحتاجني
قاطعني
الدكتور عادل: لست من يحتاج إليك بل أنتِ من يحتاج إلي!
هربت عيني من عيناه خجلة من غلطتي الغير مقصودة
أمل: نعمنعم طبعاكنت اقصدبأنك لم تستدعني
الدكتور عادل: لن اكرر قولي مرة أخرى إذا كنت تريدين أن تتدربي جيداعليك أن تلحقي بي كظلي ولا تفارقيني !
طأطأت رأسي خجلة
في أول يوم لي أتعرض للتوبيخ!
وكررت ما قلته مرارا اليوم. ليست بالبداية الجيدة!
أمل: حسنا آسفة دكتور عادل لن يتكرر ذلك
الدكتور عادل: آمل ذلك
نهضت من الكرسيتوجهت إلى البابواشعر بنظراته تخترق ظهري
حسنا ليفعل ما يشاءوليقل ما يشاء. و لكن الباب لن يبقى مقفلا علينا هكذا
فتحته.
نظر إلي هو باستغراب.
الدكتور عادل: دعيه مقفلا
أمل: لا يجوز ذلك
الدكتور عادل: لماذا؟
أمل: ذلك مدعاة للشبهات والكلام دكتور عادل و أنا فتاة!
نظر إلي هو باستهزاء بآرائي المتشددة
الدكتور عادل: أرى انك فتاة ولكن بربك نحن في مكان عمل هنا
أمل: لا فرق عندي الباب لن يبقى مقفلا واعذرني دكتور عادل ولكن إن كنت منزعجا من إشرافك على تدريبي بإمكانك إحالتي إلى طبيب آخر
طال صمتهينظر إلي متحديا. و أنظر إليه أنا بهدوء
قد يكون افضل لو أشرف علي طبيبٌ آخر
الدكتور عادل: لن أمنحك تلك السعادة أنا موقن من أن هذا ما تريدينهلكنه لن يحصللذا عودي للجلوس لنراجع معلوماتك قبل المريضة التالية!
كان هذا اليوم مثالا بسيطا مصغرا جدا عن الأيام التي تلت ذلك اليوم
فكل ساعة تمر مع الدكتور عادل زاخرة بالمعلومات
كان هو حيويكثير الحركة. سريع البديهة وذكي جدا
في نطاق العمل. علمت انه الأفضل والأطباء يحترمونه ويثقون به
والجميع يرى أن توفقي في دراستي هو الذي شفع لي بالحصول على إشراف الدكتور عادل
وأن حظّـي. يفلق الصخر!
ولكنني كنت أعود إلى المنزل مرهقة ومتعبة لا أريد سوى النوم
وقد خسرت بعض الوزن وبات هذا ملحوظا
من الناحية الأخرى فقد كنت في غاية الرضى فكنت اشعر بالاستفادة في كل دقيقة تمر علي معه
كنت انفذ كل أوامره أحرك عقلي بسرعة كبيرة كي لا يخيب امله بي
لا اخفي عليكم بأنه وبخني عدة مرات وكنت أنا قد تصرفت بغباء عدة مرات أيضا
ولكن ماذا يتوقع! من المفترض أن أخطئ كي أتعلم من تلك الأخطاء
أما هوفيرى الخطأ البسيط من الكبائر التي لا تغتفر
بصراحة أراه متغطرسامتسلطا. سريع الغضب
فقد رآني في إحدى الممرات اسلم على زميل دراسة لي
فاتهمني بالتلكؤ وتضييع الوقت!!!
أغضبني ذلكفتشاجرت معه لدرجة إنني شتمته بشكل غير مباشرقلت له بأنني إنسان ولي أخطائي ولست كمبيوتر لا يخطئ!
أغضبه ذلك وقام بصرفي
نعم قام بصرفي طلب مني أن أغيب عن وجهه بقية اليوم فهو لن يتحمل رؤيتي
هكذا عدت إلى المنزل أجرجر أذيال الخيبة
أوقفت سيارتي في موقف المنزل ودخلت المنزل بكسل وأنا اخلع حجاب رأسي
رأيت أمي في غرفة المعيشة. فسلمت عليها
أم أمل: يوم مرهق آخر؟
أمل: لا بأس به
أم أمل: أراك عدت مبكرا على غير العادة
نظرت إليها تلك الحنونة لم أشأ أن أخيب أملها بي واخبرها بأنني تشاجرت مع المشرف علي بعد ثلاثة أسابيع من التدريب
أمل: نعم أمي فقد اضطر الدكتور عادل للمغادرة لظرف طارئ فلم يعد لدي شيء أفعله
أم أمل: هل تناولت الغداء؟
أمل: لا فلم أجد الوقت لذلك
أم أمل: سأقول للخادمة بأن تضع لك بعض الطعام
أمل: لا أمي لا رغبة لي بتناول الطعام الآن سأنتظر العشاء سأذهب للاستحمام عن إذنك
تركت أمي لوحدها وذهبت إلى غرفة شقيقتي الصغرى سعاد التي ما تزال في المرحة الثانوية
طرقت بابها
سعاد: تفضل
فتحت الباب ودخلت إليها كعادتي عندما أعود من المستشفى
أمل: مرحبا حبيبتي.أتذاكرين دروسك؟
سعاد: مرحبا أمل نعم إنني أراجع بعض الدروسعدت مبكرا
جلست إلى جوارها فأحطت كتفيها بيدي
أمل: أخبرك سرا؟
أومأت شقيقتي التي تحب أن تسمع مغامراتي الطبية بشدة فرحة ومرحبة بقدوم سر جديد لا يعلم عنه والديّ شيئا!
أمل: لقد تشاجرت مع الدكتور عادل!
قالت سعاد متفاجئة
سعاد: لماذا أيتها الغبية!!
أمل: أغضبني
سعاد: لا بد انك فهمت دورك بالعكس يا عزيزتيفأنت هي الطالبة وهو المسؤول عنك
أمل: اعرف ذلكلكن لا يحق له أن يتهمني بالتلكؤ والتسكع وتضييع الوقت فأنا أكاد ألهث من فرط التعب لألحق به من مكان لآخر أنني ابذل كل جهدي لمسايرته فعلا!
سعاد: ياله من غبيألم تسحره عيناك بعد؟
ضحكت على سخافة الفكرةضحكت عاليا وبعدها
أمل: ليس بعد صغيرتيليس بعد
سعاد: بحق الله ماذا كنتِ تفعلين ليغضب منك هكذا!
كانت شقيقتي تحب سماع قصصهفقد كنت يوميا اخبرها بما يفعل الدكتاتور اقصد الدكتور
أمل: صادفت زميل دراسة لي استوقفني ليسال عن الأحوال وسير الأمور لم يدم وقوفي معه ثلاث دقائق ولكنه انفجر بي صائحا وموبخاوحين رددت عليه صرفني إلى منزلي قائلا انه لا يريد أن يراني بقية اليوم!!
قلت هذا مدافعة عن موقفي أمام شقيقتي الصغرى
كنت أتوقع أن توبخني هي الأخرىولكنها ابتسمت بخبث وقالت بنعومة
سعاد: لعله يغار!!
فاجئني ما قالته. فأبقيت عيناي مفتوحتين .
كررت مؤكدة
سعاد: نعمانه يغارنحن نحرز تقدما يا حبيبتي
بعدها ضحكت وعدت للتنفس مجددا
أمل: كم أنتِ غبية وذات تفكير مراهق فقد قلت لك مرارا وتكرارا إنني لا أسعى للإيقاع به. ولا أستطيع تخيل نفسي معه فكفي عن هذا بربك!
سعاد: سترين.
أمل: لالن أرى ذلك. لا تجعلي من مسالة تدريبي تلك مسالة قصة عاطفية فهي جحيم لا يطاق تحت إشراف ذاك الدكتاتور ليتك تعلمينفأنا ارزح تحت ضغط دائم معهانه يختبرني على الدوام وينتقدني عند اقل خطأ أقع فيه
هبت شقيقتي مدافعة عن بطل قصتها
سعاد: بالطبع سينتقدك.انه يريدك أن تكوني الأفضللم أنتِ عمياء لهذه الدرجة كي لا تري ذلك!
تأففت وأنا أسمع تلك الكلمات مجددا من شقيقتي فهي لا تنفك تدخل في رأسي مسالة الارتباط بذلك الدكتور
فجأة اخذ هاتفي النقال بالرنين نظرت إلى شاشته فكان هو من يتصل بي
ماذا يريد الآن.!!
كان الدكتور قد احتفظ برقمي ليستدعيني كلما غبت عن نظره ولكنه أبدا، أبدا لا يتصل بي في وقت خارج وقت العمل!!
أمل: أنه هو
قفزت سعاد من ذلك الكرسي بسعادة غامرة
سعاد: دعيني أسمع صوته أرجوكِ.أرجوكِ
أمل: أنتِ مجنونة.
سعاد: أرجــــــوكِ أمل
أمل: حسناالتزمي الصمت التام.
رددت على المكالمة تحت نظام الصوت الخارجي كي تسمع شقيقتي صوت ذلك المتكبر.
أمل: السلام عليكم.
الدكتور عادل: أين أنتِ!!!
قالها بصوت عالٍ. لدرجه أن سعاد ابتعدت قليلا خوفا أما أنافقد اعتدت على ذلك
أمل: ماذا تقصد بسؤالك؟
الدكتور عادل: ماذا تعنين أنتِ بسؤالك!أين أنتِ بحق الله لا املك الوقت كله.!
أمل: في المنزل
الدكتور عادل: ماذا!!في المنــ ماذا تفعلين في المنزل فلم ننهي عملنا بعد!
أمل: ولكنك صرفتني، دكتور أتذكر؟
الدكتور عادل: وبعد؟ أتهرعين إلى المنزل حالما يقع شجار مالقد صرفتك من مكتبي وليس من المستشفى!!
وضعت شقيقتي يدها على شفتيها، خائفة من نتيجة هذا النقاش!!
هي محقةفأنا في مأزق.
لقد صرفني من المكتبوليس من المستشفى
كيف لي أن اعرف بربكم!!!
أمل: حسناأنت لم تقل لي ذلك سابقا!!
الدكتور عادل: أيفترض بي أن أثرثر على الدوام لتفهميآنسه أمل أنتِ معي الآن منذ ثلاثة أسابيع ومازلت لا تفهمين شيئا مما اعني
آلمني ما قاله!!
كيف يفترض بي أن افهم انه يقصد المكتب لا المستشفى.!!!
أمل: هل تحتاج إلى شيء دكتور؟
الدكتور عادل: احتاج لان تكوني هنا.الآنوفورا
أمل: ماذا هناك؟
الدكتور عادل: لدي عملية قيصرية بعد قليل وهناك نقص في الممرضات عليك أن تكوني هنا الآنفالحالة مستعجلة
أمل: أتعنى الآن.!
الدكتور عادل: وهل تظنينني امزح؟لديك عشر دقائق للوصول
أنهى المكالمة
سعاد: أنتِ في مأزقٍ كبير.
أمل: أنا دائما في مأزق مع هذا الكمبيوتر!!
عقدت شقيقتي أصابع يديها مع بعضهما وقالت بحركة مسرحية سخيفة
سعاد: أوه ياله من صوت جذاب!!.
نظرت اليها وقلت ساخرة
أمل: وياله من ولاءٍ كبير لي يا حبيبتي علي أن انصرفوداعا
لملمت أغراضي ووضعت حجابي مره أخرى على رأسي.وانصرفت.
قلت لأمي بأن الدكتور عادل قد عاد وبحاجة إلي في عملية قيصرية مستعجلةوعلي أن انصرف
فما كان لها إلا أن دعت لي بالتوفيق الدائم
عليها هي وأبى أن يتحملا جدول دراستي وعملي كطبيبةفهما من أرادا ذلك المستقبل لي
كما خططا لسعاد مستقبل المهندسة اللامعة
وكلانا أنا وسعاد نسير على تلك الخطى المرسومة مسبقاً
وصلت إلى المستشفى متأخرة دقيقتين.
فواجهني الدكتور عادل غاضبا ومهددا.
الدكتور عادل: إياكِ أن تغادري المستشفى قبل أن تخبريني مرة أخرى.إياكِ
التزمت الصمت التام
لم اعتذر
لأنني لم أخطئفهو يتعمد إثارة غيظي يتعمد التقليل في الشرح كي أخطئ الفهم ويعاقبني بعدها
وكانت تلك العملية ناجحة أيضا والمولود كان فتاةوكلاهما سالمان
لم اشهد حتى الآن عملية فاشلة للدكتور عادل فهو بارع بما يفعل
بارع جدا إلى حد السخط
قد أكون فرحة إذا اخطأ بتشخيص ما واصلح له أحدهم الخطأ
سأقتنع حينها بأنه إنسان ولكنه لا يتيح المجال للخطأ
غادرت غرفة العمليات ودخلنا إلى غرفة أخرى
لم استطع البقاء صامتة اكثر من ذلك
أمل: بربك دكتور عادل لقد صرفتني وكنت واضحا بذلك
قام الدكتور عادل بغسل يديه وتجفيفها.
الدكتور عادل: إذا صادفتني غاضبافابتعدي عن طريقيوإذا سمعت شيئا مما أقولفلا توصليه لعقلكأفهمت ما اعني؟
نعم لقد فهمت انه اعتذار بشكل غير مباشر
لكنني لم اترك الأمر
أمل: ولماذا تغضب؟ ألا يحصل معك أن تصادف زميلا فتقف لمجاملته قليلا؟!
الدكتور عادل: ما رأيت لم يكن مجاملة !
أمل: ماذا إذن!!
الدكتور عادل: كان ضحكا وتبادل أحاديث تافهة في وقت عمل
أمل: لم يكن كذلك أبدا
صرف الموضوع غير مبالٍ
الدكتور عادل: لا يهم!
وخرج من غرفة التعقيم سريعافلحقت به غاضبة
أمل: بل يهم.لم افعل سوى تبادل التحيات والسؤال عن الأحوال هذا كل شي وليس جريمة!
الدكتور عادل: هل رأيتني سابقا أتبادل الأحاديث والسؤال عن الأحوال والمجاملة مع أي شخص هنا!!
أخذت في التفتيش سريعا.ولكنني لم أجدلم أجد فعلا حدثا واحدا أتمسك به
أمل: لا
الدكتور عادل: هذا لا يعني بأنني لا احب مخالطة الناسبل يعني أنني احترم وقت عمليوفي وقت عملي لا أتبادل الأحاديث والمجاملات فهمتِ؟
أومأت برأسي خجلة.
عاد هو للمشي بخطوات سريعة لكنه ما لبث أن عاد وقال بصوت منخفض
الدكتور عادل: شيء آخر آنسة أمل. لا تجيبي على اتصالاتي بواسطة الصوت الخارجي مرة أخرى
بهذه الصفعة الكلامية تركني وانصرف
وبقيت أنا وسط ذهولي وخجلي الكبير من انكشاف أمري
ياله من شيطان خبيث.
كيف علم بذلك.؟!


LinkBack URL
About LinkBacks





