يقول أحدهم كان لي صديق أحبه لفضله وأدبه، وكان يروقني منظره، ويؤنسني محضره، قضيت في صحبته عهدا طويلا، ما أنكر من أمره ولا ينكر من أمري شيئا حتى سافرت وتراسلنا حينا ثم انقطعت بيننا العلاقات.
ورجعت وجعلت أكبر همي أن أراه لما بيني وبينه من صلة، وطلبته في جميع المواطن التي كنت ألقاه فيها أجدله أثرا، وذهبت إلى منزله فحدثني جيرانه أنه نقل منذ عهد بعيد.
ووقفت بين اليأس والرجاء بغالب ظني أني لن أراه بعد ذلك اليوم، وأني قد فقدت ذلك الرجل.
وبينما أنا عائد إلى منزلي في ليلة من الليالي دفعني جهلي بالطريق في الظلام إلى سلوك طريق موحش مهجور يخيل للناظر فيه أنه مسكن للجان إذ لا وجود للإنس فيه.
فشعرت كأني أخوض في بحر، وكأن أمواجه تقبل بي وتدبر، فما توسطت الشارع حتى سمعت في منزل من تلك المنازل أنة تتردد في جوف الليل، ثم تلتها أختها.
فأثر في نفس هذا الأنين وقلت في نفسي يا للعجب كم يكتم هذا الليل من أسرار؟
وكنت قد عاهدت الله أن لا أرى حزينا إلا وساعدته، فتلمست الطريق إلى ذلك المنزل، وطرقت الباب طرقا خفيفا، ثم طرقته طرقا أكثر قوة، وإذا بالباب يفتح من قبل فتاة صغيرة.
فتأملتها وإذا في يدها مصباح، وعليها ثياب ممزقة، وقلت لها هل عندكم مريض ؟
فزفرت زفرة كادت تقطع نياط قلبها، قالت نعم، افزع فإن أبي يحتضر.
والدها، ثم مشت أمامي وتبعتها حتى وصلت إلى غرفت ذات باب قصير، ودخلتها فخيل إلى أني أدخل إلى قبر وليس إلى غرفة، وإلى ميت وليس إلى مريض.
utht hgtjhm 2013