|
إحفر لأربعة !!
قالت الجدة عندما اجتمع عندها الأطفال إنني سوف أقص عليكم في هذه الليلة سالفة تتعلق بالشرف وكيف يندفع من أهين في شرفه
إلى تصرفات قاسية عنيفة قد تذهب حياته ثمنآ لها .
فقال الأطفال نعم قصي علينا هذه السالفة.
فا عتدلت الجدة في جلستها و شرعت في سالفتها قائلة :
هنا هاك الواحد الله سبحانة في سماه العالي وإلى هنا هاك البدوي الذي قد جاء ببعض مواشيه إلى المدينة المنورة
ليبيعها فيها ويشتري بثمنها قوتا وكسوة له ولعياله وباع هذ البدوي جميع مواشيه . ماعدا خروف واحد بقي معه لأنه
طيب وهو يريد فيه ثمنآطيبآ
وبينما كان في السوق جاء إليه رجل . ودفع إليه في خروفه ثمنآأكثر مما طلب . ولكنه اشترط عليه أن يذبحه وأن يسلخه
وأن يهيء لحمه للطبخ ووعده الحضري بأجر مغر مقابل عمله هذا ففرح البدوي بهذا العرض وقاد الخروف مع مشتريه
حتى أدخله في أحد البيوت
وأشار إلى البدوي بأن يذبح الخروف في وسط البيت . ففعل الأعرابي ماقيل له وذبح الخروف وسلخه وقطع لحمه
وأعطاه جارية مملوكة .كانت قد هيأت أواني الطبخ أما الرجل الذي اشترى الخروف فإنه صعد إلى الطابق
الأعلى من المنزل وقال للأعرابي إذا انهيت عملك فنادني لأعطيك ثمن خروفك وأجرة الذبح والسلخ !!
وعندما انتهى الأعرابي من عمله وهم بأن ينادي المشتري ليعطيه ما اتفقا عليه وإذا بيد قوية تفتح باب الدار
وإذا برجل يدخل ومعه سيف مسلول من قرابه
وقال صاحب السيف للأعرابي آمرآ احفر لأربعة ولم يفهم الأعرابي شيئآ مما أراده صاحب السيف وإنما وقف مشدوهآ
فغرآ فاه لايدري من الأمر شيئآ.!!
وصعد صاحب السيف المسلول إلى الطابق العلوي الذي صعد إليه مشتري الخروف ولم يكن في استطاعة الأعرابي أن
يهرب لأنه لم يقبض ثمن خروفه ولم يقبض أجره على سلخه وتقطيعه ولهذا فقد بقي منتظرآ ماسوف يحدث
ولم يشعر الأعرابي في أثناء انتظاره إلا برأس رجل مقطوع يسيل الدم على جوانبه يتدحرج عليه من الدرجة!!
وانتظر قليلآ وإذا برأس آخر مقطوع يتدحرج عليه أيضآ وإذا هو رأس امرأة
وعندما استقرت الرؤوس في أسفل البيت نزل الرجل صاحب السيف وهو يجر كل واحد من القتيلين برجله
وألقى صاحب السيف بالجثتين أمام الأعرابي وأعاد قوله السابق احفر لآربعة ولكن الأعرابي جمد في مكانه لايستطيع حراكآ
وفي هذه الاثناء انطلق صاحب السيف إلى المطبخ حيث توجد الجارية فضرب رأسها بالسيف وقطعة وجاء بالرأس والجثة
إلى الأعرابي وألقاهما مع الجثتين السابقتين وكرر القول على الأعرابي بأن يحفر لأربعة !!
ولم يفهم الأعرابي شيئآ مما أمره به ولاعرف شيئآ من الأسرار التي تختفي وراء ماحدث .!! ولو كان مهرب لهرب
ولترك الخروف وثمنه وتكاليف ذبحه ولكنه لامهرب له فقد أقفل صاحب السيف الباب وأخذ المفتاح معه ثم كيف يهرب أو لماذا يهرب .؟!
هل هو مجرم هل هو مذنب لاشيء من ذالك وإذآ فلماذا الهرب وتجلد الأعرابي وصبر واقفآ في مكانه كالتمثال منتظرآ الفرج.!!
أما صاحب السيف فإنه ذهب إلى المطبخ وجعل يأكل من لحم الخروف ويشرب من مرقه حتى شبع وروي وهدأت أعصابه بعض الشيء وبعد ذلك جاء
إلى الأعرابي وهو لا يزال متجمدآ في مكانه لم يحفر لأربعة من هو الرابع ؟! إنه الأعرابي نفسه وإذآ فكيف يحفر لنفسه ليدفن في تلك الحفرة.؟!
ورأى صاحب السيف آثار الدهشة والخوف والرهبة في وجه الأعرابي كما علم صاحب السيف أن الأعرابي سليم النية نقي الطويلة لايعرف شيئآ عن الرجل
المقتول ولا عن المرأتين الخائنتين ولذالك فقد رأى صاحب السيف أن لا يمس هذا الأعرابي بسوء وإنما عليه أن يشرح الأسباب والمسببات لتلك
الأحداث التي جرت أمام سمعه وبصره.!! ودعا صاحب السيف الأعرابي فجاء إليه وطلب منه الجلوس فجلس وقال الحضري للبدوي
لقد كنت أريد قتلك فإنت رابع الأربعة ولكنني فكرت أخيرآ في أنه لا ذنب لك وأنك لاتدري بما كان يجري حولك في البيت
كما أن هدفك الوحيد هو بيع خروفك وأخذ ثمنه وأخذ أجرك على ذبح الخروف وسلخه فقال الأعرابي إن هذا هو كل مرادي وأنا حقيقة
لاأدري بما يجري حولي .!! فقال الحضري أنني سوف أقص عليك قصتي مع هؤلاءالخونة الأنذال ولكن عليك أن تكتم الخبر وأن لاتذيع شيئآ
مما رأيت أو سمعت وأنا لن أتركك تخرج من هنا حتى تعاهدني على الكتمان فعاهده الأعرابي على كتمان الأمر كتمانآ تامآ
وأقسم له بأغلظ الأيمان بأن يفي بهذا العهد ولكن على شرط فقال الحضري وماهو الشرط.؟!!
فقال الأعرابي أنه أعطائي حقي الذي لم آخذ منه شيئآ فأنا أريد ثمن الخروف الذي اتفقنا عليه وأريد أجر ذبحه وسلخه
وسأل الحضري صاحب الخروف عن ثمنه وعن أتعابه فأخبره بذالك فنقد له الحضري ذلك بالوفاء والتمام ثم قال له اجلس الآن لأقص عليك الدوافع والأسباب
لما حدث فلا شك أنك الآن قد اتهمتني بالقسوة أو الوحشية أو غلظ القلب أو فقدان العواطف الأنسانية .
ولهذا فإنني أريد أن أقص عليك قصتي وأشرح لك أسبابها وبعد ذلك لمني أو فدع
وجلس الأعرابي أمامه وقد هدأت أعصابه وزال الخوف الذي كان يسيطر على كل حاسة من حواسه وشرع الحضري في سرد قصته المثيره فقال :
إن المرأة التي كانت مع الرجل ابنة عمي وقد كانت تزوجت ثم طلقت وقد تزوجتها بعد زواجها الأول الفاشل لأنها من لحمي ودمي
وهي من محارمي التي يجب علي أن أحميها وأن أرعى حقوقها وأن أصون شرفها وسمعتها .!!
وقد عشت مع ابنة عمي هذه بعض الوقت لم ألاحظ عليها أي شيء يمس شرفها وكنت رجلآ تاجرآ كثير الأسفار في شؤون تجارتي
ولم أدر في يوم من الأيام إلا بكتاب يصل إلى وعندما فتحته وجدته بدون توقيع وقرأته فإذا هوىيتعلق بزوجتي وسلوكها وإذا هذا الخطاب يتهم زوجتي بالخيانة
وينصحني بأن أتدبر أمري وأن أتصرف تجاه هذا الأمر تصرفآ حكيمآ لايثير ضجة ولا يسبب فضيحة وألح علي الخطاب بأن أضبط أعصابي لأن الأمر
يحتاج إلى تعقل وتريث وتفكير طويل وتعكر مزاجي من هذه الأخبار السيئة وحاولت أن أضبط أعصابي وأن أظهر أمام ابنة عمي طبيعيآ حتى أفكر في أمري
وأهتدي إلى طريقة أخراج بها من هذه المشكلة مخرجآ مستورآ شريفآ ولكن كيف أستطيع أن أسيطر على مشاعري إن النار تلتهب في داخلي
وكلما حاولت أن أتناسى ما قيل عن ابنة عمي عاد فتجددت جذوته وتعاظم أواره.
ومع هذا العذاب المتواصل فأنا لاأزال أبدو أمام ابنة عمي طبيعيآ في جميع تصرفاتي
أما في أعمالي أما في تجارتي أما في نومي أما في أكلي وشربي وتفكيري فقد اضطرب هذا كله وصرت في حالة من الارتباك والفوضى
والقلق لايكاد يحيط بها الوصف وكلما حاولت أ أطفي هذه النار ازداد لهبها وامتدت إلى ما حولها أكثر من ذي قبل
وحاولت أن أقنع نفسي بأن هذا الخطاب قد يكون من حاسد لي على وفاقي مع إبنة عميوقد يكون من حاسدة لابنة عمي على وفاقها معي ولكنني لم أستطع أن
أقنع نفسي بهذا الرأي وبقيت في حيرة من أمر
وصرت أدور في حلقة مفرغة من الهواجس والأفكار التي لاأصل بها إلى نتيجة حاسمة أطمئن إليها وأسعى لتحقيقها وأجعلها هدفآ أسعى للوصول إليه .!!
وضقت بالمدينة التي أعيش فيها وضقت بأهلها وخرجت ذات يوم أهيم على وجهي في ضواحي المدينة مهمومآ مغمومآ أفكر في أمري وأمر ابنة عمي
التي أرى لي عليها من الحقوق مالا أرى لغيرها فكيف إذا ثبت أنها تخوننيإن هذا أمر لاأكاد أتصور وقوعه وإذا وقع فإنها الا ساءة
تأتيك من حيث تنتظر الإحسان والعقوبة تأتيك من حيث تنتظر البر والشر يأتيك من حيث تنتظر الخير!!
واندفعت في هذه الافكار السوداء ,التي لاتؤدي إلى نتيجة وحاولت أن أصرف تفكيري إلى أمر مجد وهو البحث عن طريقة أكتشف بها جلية الأمر
وأعرف بها مدى صحة ما نسب إلى إبنة عمي
ورأيت أن خير طريقة هي أن أتظاهر بالسفر إلى بلدة بعيدة وأن أخبر إبنة عمي بأن غيابي قد يمتد إلى عدة أيام لأن مهمتي تتطلب التريث .!!
وأعددت عدة السفر وغادرت منزلي مساءآ وجئت إلى بعض أصدقائي في المدينة فنمت عنده
وكان الذي كتب لي خطاب الخيانة قد وصف لي بتفصيل صفة الرجل والأوقات التي يأتي فيها إلى بيتي
ولهذا فقد قمت في الصباح الباكر في اليوم التالي وصرت أراقب هذا الرجل وأتبع حركاته وسكناته .!!
ورأيته عندما خرج من بيته ثم جاء إلى السوق وساومك في خروفك وبعته عليه ومشيت به معه إلى بيتي ودق الباب ففتحت له زوجتي وإبنة عمي
ودخلت أنت وهو ومعكما الخروف وعندما رأيت ذلك كله لم يبق عندي أي شك في صدق كلام أخبرت به في ذلك الخطاب المشؤم الذي هدم بيتي
وقصم ظهري وشتت أسرتي .!! وبعد أن رأيت ذهبت إلى صديق أعرف بأنه يملك أنواعآ من الأسلحة الحقيقية فأخذت منه هذا السيف الذي تراه
بين يدي وسألني صاحبي صاحب الأسلحة عما أريد بهذا السيف فراوغت في الجواب ولم أخبره بحقيقة الأمر لأن ذلك يمس سمعتي وسمعة أسرتي
ويسئ إلينا في الحاضر والمستقبل .!! ثم وقع ما رأيته بعينيك .!!
وكان الأعرابي في هذه الأثناء ينصت إلى صاحب البيت وكأنه حلم مزعج وقد امتزجت في نفسه مشاعر الخوف والغضب والعجب مما سمع ومما رأى.!!
وتابع صاحب البيت حديثه قائلآ:
لقد قتلت الرجل المعتدي على شرفي وقتلت زوجتي الخائنة الغادرة التي دنست شرفي وأباحت فراشي لشخص غريب أما الثالثة فهي الجارية التي أملكها والتي
كانت متواطئة معهما فإن هذه الأمور تحدث في بيتي ولم تحاول أن تنبهني إلى مايحدث ولذالك فهي تعتبر راضية بما حدث والراضي كالفاعل
لهذا فقد قررت أن يكون مصيرها كمصيرهما ولكنني في نيتي أن ألحقك بهم فتكون أنت رابعهم ولكنني فكرت أخيرآ فإذا أنت لاتعرف شيئآ عما يجري
حولك وقد دخلت في هذا البيت وقمت بعملك بسلامة نية وحسن طوية .!!
ولهذا فإنني أطلق سراحك لتذهب إلى حيث تشاء ولكن على شرط.!!فقال الأعرابي وما هو الشرط .؟!
فقال صاحب البيت إنه أن تكتم هذا الخبر فلا تتحدث عنه بحديث ولاتشير إليه بإشارة مادمت في هذه المدينة فإذا خرجت منها وأردت أن تتحدث عنه
بين أهلك وعشيرتك على أنه حدث منذ أزمان بعيدة فلا مانع عندي ذلك فقال الأعرابي إنني أعدك بل أعاهدك على أن لا أتحدث عن هذا الأمر مادمت في مدينتك
وسوف لا أتحدث عنه إلا بعد خروجي وعلى أساس أنه حادث قديم لايتصل بأسرة معروفة معاصرة .!!
وبعد هذا الوعد والعهد أعطى التاجر هذا الأعرابي مبلغآ من المال كتعويض له عما أصابه من خوف وذعر وعما كان عرضه له من قتل وتعذيب.!!
rwm Yptv gHvfum
« قصة البدوي مع زوجة السلطان | قصة في أن الزوجة سر نجاح زوجها » |