آدم و مكائد ابليس
لله تعالى : أخبارًا عن عدوه إبليس ،
لما سأله عن امتناعه عن السجود لآدم واحتجاجه بأنه خير منه واخراجه من الجنة أنه سأله أن ينظره ،
فأنظره ثم قال عدو الله :
(فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)
وصح عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال :
ولم يقل من فوقهم لأنه علم أن الله من فوقهم .
قال الشعبى : فالله عز وجل أنزل الرحمة عليهم من فوقهم .
وقال قتادة : أتاك الشيطان يا ابن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك ، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله .
وقال الزمخشرى :
ثم لآتينهم من الجهات الأربع التى يأتى منها العدو فى الغالب ,
وهذا مثل لوسوسته اليهم وتسويله ما أمكنه وقدر عليه كقوله :
(وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا ) -
الإسراء
وقوله تعالى : (إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117)
لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118)
وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119)
يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا (120) -
النساء
ومن كيده للإنسان : -
1 – أنه يورده الموارد التى يخيل إليه أن فيها منفعته ,
ثم بصدره المصادر التى فيها عطبه ،
ويتخلى عنه ويسلمه ويقف يشمت به ويضحك منه فيأمره بالسرقة والزنا والقتل ويدل عليه ويفضحه ،
قال تعالى : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) -
الأنفال
2 – أنه يُخوف المُؤمنِين مِن جُندهِ وأوليائهِ فلا يُجاهدونهم ولا يأمرونهم بالمعروف ،
ولا ينهونهم عن المنكر وهذا من أعظم كيده بأهل الإيمان وقد أخبرنا الله تعالى سبحانه عنه بهذا فقال :
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (175) –
آل عمران
3 – وأول كيده ومكره أنه كاد الأبوين بالإيمان الكاذبة , أنه ناصح لهما وأنه انما يريد خلودهما فى الجنة ، قال تعالى : فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) –
(الأعراف)
4 – الكلام الباطل والآراء المتهافتة والخيالات المتناقضة التى هى زبالة الأذهان ونحاتة الأفكار والزبد الذى يقذف به القلوب المظلمة المتحيرة التى تعدل الحق بالباطل والخطأ بالصواب , قد تقاذفت بها أمواج الشبهات ورانت عليها غيوم الخيالات , فمركبها القيل والقال والشك والتشكيك وكثرة الجدال , ليس لها حاصل من اليقين يعول عليه ولا معتقد مطابق للحق يرجع اليه و يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا فقد اتخذوا لأجل ذلك القرآن مهجورًا ، وقالوا من عند أنفسهم فقالوا منكرًا من القول وزورًا فهم فى شكهم يعمهون ، واتبعوا ما تلته الشياطين على ألسنة أسلافهم من أهل الضلال فهُم إليه يحاكمون وبه يخاصمون فارقوا الدليل واتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل .
5 – أنه يأمرك أن تلقى المساكين وذوى الحاجات بوجه عبوس ولا تريهم بشرًا ولا طلاقة فيطمعوا فيك ويتجرأوا عليك وتسقط هيبتك من قلوبهم فيحرمك صالح أدعيتهم وميل قلوبهم إليك ومحبتهم لك فيأمرك بسوء الخلق ومنع البشر والطلاقة مع هؤلاء وبحسن الخلق والبشر مع أولئك ليفتح لك باب الشر ويغلق عنك باب الخير .
6 – أنه يأمرك باعزاز نفسك وصونها حيث يكون رضا الرب تعالى فى اذلالها وابتذالها كجهاد الكفار والمنافقين وأمر الفجار والظلمة بالمعروف ونهيهم عن المنكر فيخيل إليك أن ذلك تعريض لنفسك إلى مواطن الذل ،
وتسليط الأعداء وطعنهم فيهم فيزول جاهك فلا يقبل منك بعد ذلك ولا يسمع منك .
7 – أنه يأمر الرجل بانقطاعه فى مسجد أو رباط أو زاوية أو تربة ويحبسه هناك وينهاه عن الخروج
ويقول له :
متى خرجت تبذلت للناس وسقطت من أعينهم وذهبت هيبتك من قلوبهم وربما ترى فى طريقك منكرًا وللعدو فى ذلك مقاصد خفية يُريدهَا منه :
منها الكِبر واحتقار الناس وحفظ الناموس وقيام الرياسة ومخالطة الناس تذهب ذلك وهو يُريد أن يُزار ولا يَزُور ويقصدهُ الناس ولا يقصدهم ويفرح بمجئ الأمراء اليه واجتماع الناس عنده وتقبيل يده فيترك من الواجبات والمستحبات والقربات ما يقربه الى الله ويتعوض عنه بما يقرب الناس اليه .
8 – ومن كيده الذى بلغ به من الجهال ما بلغ :
الوسواس الذى كادهم به فى أمر الطهارة والصلاة عند عقد النية ,
حتى ألقاهم فى الآصار والأغلال وأخرجهم عن اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
وخيل إلى أحدهم أن ما جاءت به السنة لا يكفى حتى يضم إليه غيره ,
فجمع لهم بين هذا الظن الفاسد والتعب الحاضر وبطلان الأجر أو تنقيصه .
أما بعد : فإن الله سبحانه جعل الشيطان عدوًا للإنسان يقعد له الصِراط المستقيم ,
ويأتيهِ مِن كل جهة وسبيل و كما أخبر الله تعالى عنه أنه قال : (الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ) –
(6- فاطر )
N]l , l;hz] hfgds