التسايم, رسالة, قيد

رسالة قيد التسليم ؛


الإهداء :

للفقراء النائمين بلا وسائد
للجوع ! يدق أبوابهم لا يمل ولا يتعب
للجرحى بلا دواء أو ماء
للألم ! كالسوس ينخر في أجسادهم ؛
للأسقف ! ترتاح على أعناق أبريائهم ؛
للقنابل بترت أحلامهم وبعثرت أشلائهم
للقبر ؛ وحده صدرا مفتوحا ! يتحضن أجزائهم ؛
للدمعة الخجولة النائمة في أحداقهم
للعشب ! يرفض الإخضرار في ساحاتهم ؛
للقمر المتعب! والنجوم المعتمة ! والشمس التي تشرق لتجدد صباحاتهم !
للحب! سنبلة تنبت فقط بمساماتهم !
للأنظمة ! تستعرض علات حكامهم !!!
للكتب ! تهذي كيدا وغيظا
للأفواه الصامتة أمام مأساتهم !
لضمير بلادي الأسير !
لليأس نمشي معاً منذ آلاف السنين .
للطبيعة واليباس ! للخبز والشعر والقصائد الملطخة بالكذب !
للتاريخ لا يزوره إلا المتآمرون ؛
لنا نحن ! لانتظارنا
لرياحيننا في أرض الصواعق
لمجدنا في نهضة الغد .
لصوتنا
ص و ت ن ا !!!!
أين صوتنا













نص الرسالة
(قصة)

سقفٌ واطئ وأرضية غارقة بالمياة قبو تحت الحياة هاهم يمرون، أسمع وقع خطواتهم "هذه الخطوات لرجل يكاد يفجر بكل ضربة قدم بركاناً !! وهذه لرجلٍ مسنّ وهذا وقعٌ خفيف لسيدة "


قلت لهم أني مريض ولا تناسبني الرطوبة جاءوا بخرطوم المياه فتحوه في وجهي صرخ الحارس قائلا: إن لم تخرس؛ أغرقت حتى أنفك !!



لا أدري كيف مرت ثلاث ليال دون أن أعرف للنوم طريقا ولا أدري لما لم يخطر ببالي أن أرمي بنفسي على هذا الصندوق رطب، لكنه أرحم المياة تحت قدميّ باردة !



رجعت من آخر حفلة أقيمت لي على شرف الضابط الذي لم يحلُ له أن يطفىء سجائره إلا على جسدي العاري أمامه!!

.

.

كان صوت السياط مزعجاً، تناوب اثنان على رسم خرائط وجعي، بدأت تضاريس جسدي تتمزق والحدود تشتعل، آخر رنة للسياط كانت على عنقي، أغمي عليّ ولم أستيقظ إلا عندما أحسستُ بحرقة الماء البارد الممزوج بالملح ينسكب على جروحي!! أذكر أنني بقيت عدة أيام معلقا بسقف السجن لتجف دمائي !!



"هذا القبو أرحم من سياطهم"!!

.

.

جئت أحمل على كتفي سبع سنوات بلا ذنب قلتُ بنفسي يومان وتنتهي المدة لن أعمل بالسياسة بعد الآن، سأخرج من هنا مرفوع الرأس متفاخراً أنت لا تعرف قدرة جسدك العظيمة وقوة إرادتك إلا إذا جرّبت السجن السياسي !!



يكون العذاب أكبر إن ظللت صامتا!!

.

.



يوم وتنتهي المدة لم أنم طيلة الليل ظللت أحلم بالعالم الخارجي سأزور أمي أختي أطفالي زوجتي إشتقت لعناقهم



ساعة مرت، مابال هذه الليلة تمر متثاقلة بطيئة؟ لا يهم !! الأهم أن يأتي الصباح !!

تأخر الضوء تأخرت خطواتهم !! كم الساعة الآن !!

.

.



كادت سوداوية الأفكار تجتاحني بسرعة عارمة كخيول السباق !! لولا أن سمعت صوت الحارس وهو يحاول فتح الباب كان يفتحه ويغلقه كل مرة بأسرع من ذلك لو أني سحبت المفتاح منه لصرت بالخارج الآن !



شدني عبر السرداب طريق طويلنفد صبري . لم أعد أحتمل لا بأس

ساعة وينتهي كل شيء!!



سأقرأ الفاتحة على قبر والدي وأبكي

لا لن أبكي

كنت طيلة هذه المدة وأنا أشتهي البكاء من الآلم وأقاومه !!



بل سأتفجر بكاءً تفيض منه دجلة !! سأصرخ . !!

"حلمان هما الأقرب إلى نفسي" !!



.

كان مكتب الضابط مليئاً بالحرس ! الضابط نفسه ملامحه تغيرت

هو أكثر فرحا اليوم ! ألأني سأغادر ؟!!



ورقة صفراء ينظر إليها وبيده السوط ذاته !!

اقترب أيّها الوغد.(صرخ)

لم أخطُ إلا خطوة واحدة للأمام وبداخلي يركض كل شيء للعالم الخارجي !

" قالت لي زوجتي قبل فراقي لها بيومين إنها حامل؛ هل أنجبت؟ ما اسم طفلي الجديد !!

عندما أخرج سيكون أول درس أعلمه إياه؛ كيف يتحدّى الحياة والمرض. والألم !!"

.

.



قال: أعطوه إياها ليقرأها لا يزال عنيدا.!!

قرّبوها مني.! لم أعد كسابق عهدي بالقراءة عيناي مغلقتان بعض الشيء، بعين واحدة كيف أقرأ!!



هل تحتمل عيني اليسرى الضوء خارجا وفيها جرح! مذ فقأت يدا هذا الحقير عيني اليمنى وأنا أنظر بالمقلوب لكل شيء قلب موازيني !



حتى ورقته الصفراء الكتابة عليها بأسلوب مختلف الحروف كبيرة ولا شيء مكتوب إلا سطر واحد !



لم أقرأها، ظل يتأملني لثوانٍ

وهو يقول أقرأ بصوت مرتفع ! إقرأ يا ابن .!!

لا تريد ؟ . إسمع وركّز معي !!





"نظراً لسلوك السجين غير اللبق ! وعدم إلتزامه بالتعليمات !! قررنا ما يلي:

يحكم على "صابر" ثلاث سنوات أخرى قابلة للتمديد!

على أن يكون سجنه انفراديا ولا يسمح لأحد بزيارته .و و



على ذلك نوقع!

.

.

أحسست أن جسدي إنهار أصبح عبئا عليّ ، ماتت إرادتي !! كجثة هامدة بلا حراك لا بل كبناية تسقط بالعتمة تهتز ثم تسقط !! محدثة الغبار واللعنة !! والحقد .!



بصقت بوجه الضابط لأطفئ نيران جسدي أحسست برغبة في الحياة تجتاحني، وأنا أرى البصقة تسيل على وجهه حتى أوسمته !! فعلتها أخيرا !!

"ألا يحق لي بعد كل هذا أن أفعل شيئا واحداً "!!



رأيته وهو يشتعل خاطبني بحذائه والسوط بدا لي أكثر قساوة داس على عنقي وضعني أمام جدار حديدي وأمامي باب لكمني بعنف . ارتجت الارض تحتي وفوقي

أصبحت للنهاية أقرب تمنيت الموت لعنت الحياة .



سحبني مثل كلب، من شعر رأسي وبعصاهُ ضربني على (.) أصبح كلّ شيء فيّ مستعدا للألم .كدت أنتزع أمعاءه، تفجرت براكين غضبي ، كل حممي المنصهرة فرّت هاربة بعدما أتعبها الاختناق

حاول كل حراسه الوقوف أمامها . لكنها كاللعنة دمّرت كلّ شيء اقتلعت الأخضر واليابس . غزتني الآلام من جديد كالجراد يغزو الحقول كانت ضربات الكهرباء مؤلمة وجسدي يستعد للموت !! صرخت . ولا جدوى!!

.

.



ها أنا الآن في مستشفى للأمراض النفسية سخروا مني عندما طلبت قلما وورقةً يوما ما سأخرج من هنا وأقدم هذه الوثيقة للصليب الاحمر سأكتب لهم الكثير عما يجري في السراديب .!



لكن رجاءً إن كنت من سيئي الحظ ومات جسدي لا تقتلوا مذكراتي أنشروها . وحاولوا أن تفعلوا شيئا لبقايا البشر المشوهين تحت الحياة !




















" عندما يصبح الأذى سلوكاً!!
بقلم: آصف قزموز*
منذ قديم الزمان، وحاضر العصر والأوان. مع غياب الانسان الانسان، وانهيار منظومة المثل والاخلاق الحسان، على ايدي الجنود الاميركان. قيل ان ابو لاطع العقرب وابو فايك الضفدع، قد جمعتهما جيرة وغيرة من دون طول سيرة على الضفة الغربية من النهر. وشتان ما بين العقرب العقّار والضفدع الثرثار.
وفي احد الايام قرر العقرب الانتقال الى الضفة الاخرى من النهر. ففكر بطلب العون والمساعدة من جاره الاخر ابو خليل التمساح، وما اكثر المتمسحين هذه الايام في وطننا العربي. لكن التمساح كان شكله مخيفاً الى الحد الذي حال دون تجرؤ العقرب على طلب المساعدة منه. ولان الاسماك الوادعة بطبيعتها لا يمكن ان ترسو على الشط من اجل عقرب ولا تتعامل مع كائن كريه مثله. فهو الذي اعتاد بطبعه وطبيعته ان يعقر الآخرين واقرب الناس اليه وحتى نفسه ان لم يجد ما يعقره. فالمعروف عن العقرب انه من الكائنات التي تمارس الانتحار الذاتي، ونحن في زمن الحكم الذاتي المحدود والسلام المفقود والكيان المهدود. فعقر الناس الآمنين وايذاؤهم في كل حين هو الشيء الوحيد الذي يتمتع به العقرب في العلاقة مع الذات والآخرين.
ولما ضاقت في وجهه الخيارات، وانحسرت السبل والامكانات توجه الى جاره الضفدع الفدائي ابو فايك البرمائي. وهو ضفدع غلبان اصابه الذل والهوان، ونعقت في سمائه البوم والغربان، بعد ان لفحته رياح الحرية العاتية وديمقراطية الاميركان، من سخريات القدر وعبث العابثين بحياة الانسان وهذا الزمان.
فأبو فايك الضفدع. الممتاز بطيبة قلبه، وكاظم الغيظ الصابر ابداً على مرارة غُلبه اصبح كثير النقيق والجعجعة، عديم الطحن والمنفعة لم يستعد في حياته احداً، ولم يمدده القربى بأي عون او مدد، فزاده الغم والكمد. فهو لا يملك انياباً ولا اسناناً، وفي بلاده بات غريب الوجه واليد واللسان. يحمل في قلبه حب الانسان للانسان. وعافانا الله من ديمقراطيات العرب وحريات الاميركان.
فتقدم العقرب وقال: السلام على صديقي ابو فايك الحقيقي. (وأي سلام يرتجى من عقرب ؟!)
الضفدع: وعليك السلام يا اللي عمره ما اجا من وراك خير ولا سلام.
العقرب: ترا اسمع يا ابو فايك. انا وقعت من السما وانت تلقيتني.
الضفدع: يا فتاح يا عليم، الله يسترنا من هاليوم. شوفي؟ هات نشوف.
العقرب: انت بتعرف يا جار اني متزوج ثنتين، واحدة على الشط الغربي اللهم عافينا ويحمينا بحمايته. والثانية على الشط الشرقي اللهم احفظنا واستر على عبادك. قاعده بتولد، وامبارح يا حفيظ السلامة اهلها دقولي تلفون، وبيقولو لي تعال بسرعة. المرة في الاصبطار. وزي ما انت عارف ياخوي الحمد لله بطلوا هالايام يطلبوا عدم ممانعة ولا غيره، والسفر صار سهل وحواجزه قليلة ما عدا نتفت هالجدار اللي منكد علينا ومخربط مصارين بلادنا واراضينا. لكن ما خفاك الحال لا بعرف اسبح ولا اتلطم وبغرق بشبر مية. وعلشان هيك قلت لازم نلاقيلنا زلمة آدمي شرواك يا ابو فايك، يخدمنا هالخدمة ويوصلنا على الجهة الشرقية من النهر. وقلت بصراحة ما إلي غير حبيبي وجاري ابو فايك يحملني على ظهره يعبر فيّ النهر ويقطعني المية. وامانة الله والامانة غالية يا ابو فايك إني عمري ما قصرت مع هالمرة، وكل يوم بظل داير على هالحواجز وبين رجوم لحجار ولبيوت المدمرة وفي ذيال هالجدار بلطع الها ثلاث اربعة هاللي الله بيبعثه وبوديلها جثثهم عالحارك. وبعدين ترا هاي خدمة عمري ما بنسالك اياها في حياتي (وهنا لا يمكن التكهن بمعرفة ما اذا كان هذا تهديداً ولا وعد بحفظ الجميل).
الضفدع: والله يا ابو لاطع انا طول عمري كافي خيري وشري، لا جربتك ولا تعاملت معك. وهذا خافا الله انو رضى والدين وهداية من الله. بعدين ما انت معروف للكل انو لسعتك والقبر، وما بيجي للناس من وراك غير الأذى والمصايب. وبصراحة العمر مش بعزقة، صحيح هالشباب قاعدة بتدحدل قدام عنينا كل يوم عالحامية وعالباردة لكن الروح عزيزة، انا زلمة وراي عيلة حطمه ومسؤولية وولاد بدهم يعيشوا. وصحيح انو هالايام الشغل قليل والبطالة عامة وطامة والبلاد خامة ولامة والحاله ما بيعلم فيها الا الله. لكن البعد عنك وعن امثالك غنيمة والرزاق هو ربك.
العقرب: يا زلمة دشرك من كلام الناس والخراف الفاضي. ما انت عارف انو الناس ما بدشر حدا بحاله. والحكي كثير وقليل بينحكي عالمليح وعالعاطل، ومفروض انك اتدقق في اللي بتسمعه عني. وانا زلمه حقاني وعمري ما لطيت واحد من فوق لتحت وبدون سبب. انا كل اللي قرصتهم الله وكيلك كنت في حالة دفاع عن النفس وعمري ما كنت في حالة اعتداء او هجوم على حدا (سادق يا بعيد) وعلشان هيك اعتبر نفسك بحمايتي وانا تحت تصرفك وبخدمتك، ومن اليوم وحياتك ما راح يتعرض لك الا اللي خالص عمره، واللي بيرشك بالمي راح ارشه بالسم والدم. وعسا الله يكون كلامي هذا ضمانة كافية الك يا خوي يا ابو فايك. لانه يشهد الله انو بيهمني يظل بابك دايماً مفتوح للجميع ولعمل الخير لكل الناس مش بس الي.
الضفدع: (في حيرة من امره بين الافعال والاقوال وما يسمعه ويعرفه عن ابو لاطع من سوء الخصال)، الحقيقة كلامك حيرني وقلب راسي، لكن خليني اشاور ام فايك بها المشوار اللي الله يسترنا منه. الله يقدم اللي فيه الخير.
الضفدع: ابو فايك مخاطباً زوجته ام فايك قائلاً: بعدما سمعتي الخراف اللي دار بيني وبين جارنا ابو لاطع. بدي تشوري عليّ يا مرة وتقولي لي شو اعمل. انا متحير ومش عارف شو بدي اقول له. ولك الزلمة ملزق فيّه لزقت حمحم، ولا لزقت كوكس، يا الله اعدمه اهله شو هالعلقة لازم ارد له خبر اليوم، لانو بيقول مرته في الصبيطار قاعدة بتطلق ما بين الحياة والموت.
أم فايك: الشور والقول الك يا ابو فايك، ومافيش كلام بعد كلامك، بس انت الله يصلحك هيك حطيتنا بموقف صعب ومصيري، واحنا بصراحة مش مستغنيين عنك، ومن غيرك رايحين نضيع ونتشرشح وما حدا هاليام بتطلع عاحدا. ومش رايح يهون عليك انو ولادك يدوروا بعدك يتشحودوا في الشوارع، هاي ما احنا شاحدين الملح بوجودك، على هالغلا وقلة الرواتب وقلة القيمة والبهدلة اللي صرنا فيها الحمد الله لا ملحقين على دفع اقساط الاولاد ولا فواتير الكهربة ولا البلفون الله يهونها ويفك عسيرك. لو انو حياة ابوي الله يرحمه علمني في المدرسة، كان عالقليلة في عندي شهادة اشتغل فيها واستر على حالي وعلى اولادي لو جرالك مجرى لا سمح الله.
أنا بقول انو الاحسن تتحايد هالزلمة وتتوباه. ما بقدينا اللي فينا يا زلمة؟! لوين بدك توصلنا يعني؟! انت ما سمعتش قديش في برقبته ناس ومظاليم؟! ما هو طول عمره قتال قتله، وقتلت الزلمة عنده مثل شربت السيجارة. ام ابراهيم يا ويلي عليها دايره طول النهار مثل كلاب الشوارع من مطرح لمطرح اتدور اللقمة عشان تربي ولادها بعدما قتل جوزها قطيعت ابو لاطع. ولاّ ام صدقي اللي قتل الها ابنها البكر وهو قاعد كشيل امه بيبني في السنسلة بارض ابوه اللي صادرولوا نصها "اولاد عمنا" والنص الثاني أكل ثلينها الجدار، يا زلمة مالطو الا هو لا من ثمو ولا كمو. وام صالح اللي قتلها يا حصيرتي عليها وهي قاعده بتلم الباميات من جنب المستوطنة اللي بنوها على ارضها، على ذمة اللي خرفوا انو ما لطشها الا هي أمس ما طلعت الشمس، ما لبطتش يا زلمه!!
بقا يا رجال الله يرحم والديك اتدشرنا من ابو لاطع وجماعته خليه يدور له على حدا غيرك يعني سبحان الله ما لقيش الا انت!؟ ليش ما راحش لابو خليل التمساح؟! ولا مش قادر يحط عينه بعينه؟! أنا خايفه يا ابو فايك انها طيبتك الزايدة وحنية قلبك تقتلك مع هالأمة الحوش اللي لا ذمة ولا ضمير. (خرج ابو فايك الضفدع وذهب الى ابو لاطع العقرب الذي كان في انتظار الجواب على أحر من الجمر، وقال له: اسمع يا ابو لاطع ليش مثلاً ما تشوف ابو خليل التمساح، فهو اسرع لك واريح لك.
العقرب: يا عمي ابو خليل ما بيعمل شي لله. وبصراحة طلب مني مبلغ انا مش قدرتي عليه. يعني ابو زيد خالي اذا اقدرت ألملم حالي وأجمع أجرة الصبيطار اذا ما لقيتليش حدا يدبر لنا تحويله للمستشفى. وبعدين يا خوي هذا زلمه فاسد ولص وما عندو ضمير عبّاد قرش والمال معمي عينيه. أنا بصراحة ما الي حدا غيرك بعد الله. واذا كان بعدك خايف مني ومش متطمن لي بعد كل اللي حكيناه. معناتو انا الي الله، وخلي هالمرة تموت في المستشفى ولولاد بتولاهم رب العالمين. (وهنا ضرب ابو لاطع على الوتر الحساس في ابو فايك ليصيب منه مقتلاً).
الضفدع: طيب شو اللي بيضمن لي وانا ماشي فيك بنص الميّه وحاملك على ظهري انك ما تغدرني وتروح لاطعني واروح فيها بشربت ميّ فطيس وخرا سمك؟
العقرب: شو هالحكي يا ابو فايك؟! كيف بتسمح لنفسك تفكر هيك تفكير؟! هو انا اذا بدي اغدرك لا سمح الله واحنا في الميّ، ما بروح فيها انا قبلك يا زلمة، لأنو ببساطة أنا ما بعرف اسبح بغرق بشبر ميّ الله وكيلك.
الضفدع: (متجاهلاً تحذيرات أم فايك وتوسلاتها، ومتأثراً بدغدغة ابو لاطع لمشاعره الانسانية الطيبة. قال ابو فايك: والله إنك حشرتني بزاوية صعبه واحرجتني. يا سيدي الستار هو ربك . خلصني ونط على ظهري خليني ألحق أقلطك وارجع لمرتي وولادي قبل تغيب الشمس ونتبهدل.
وفي لمح البصر كان ابو لاطع العقرباوي متشبثاً على ظهر الضفدع المسكين ابو فايك وكأنه كان جاهزاً لتلك اللحظة وواثقاً من قدرته على اقناع ابو فايك بلكي يشد أوتار التودد ولا يترك مجالاً للتردد.
وعند الغروب. لما كان أبو فايك قد أبطأ في العودة إلى البيت وبدأ الشك والقلق ينهش قلب أم فايك، وهي تضرب أخماساً بأسداس. انطلقت مسرعة نحو ضفة النهر، علها تفلح باللحاق به قبل فوات الأوان. ونظرت نحو النهر لتجد أبو لاطع العقرباوي راكباً ظهر أبو فايك الضفدعاوي وأخذت تناديه بأعلى صوتها: إرجع يا أبو فايك واخزي الشيطان (ولكن لا حياة لمن تنادي).
وفجأة صرخ أبو فايك الذي كان سائراً نحو حتفه برجليه، مكبلاً بأوتار العواطف الساميه وردود الأفعال البريئة التي دغدغها واستثارها أبو لاطع بمنتهى المكر والخبث، قائلاً: أخ ولك شو اللي عملته يا مجرم يا عديم الضمير؟! الحق مش عليك، الحق عليّ اللي صدقتك وأمنت لك وانسيت كل اللي قالته أم فايك وكل الناس عنّك. الله لا يسامحك ولا يوجّه لك خير.<







خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، شخصية نشطة وفاعلة، وتحركاته تعكس مركز الثقل الذي يشغله داخل البناء الحقيقي للحركة، لكن تصريحاته الأخيرة في مخيم اليرموك بدمشق، الجمعة الماضية، جاءت خارج كل أقواس اللباقة السياسية لتهشم جسور الصمت بينه وبين الآخرين داخل حماس وخارجها، فلقد استخدم مشعل في تصريحاته لغة خشبية حملت مفردات متفجرة مثل: «أذناب، منافقين، عملاء، خونة وطابور خامس»، مستعينا بكل «بلاغة» خمسينات الزمن العربي وستيناته، وهو الخطاب الذي تدرك حماس (الداخل) خطورة تداعياته عليها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها. فخطاب مشعل الفج خطاب افتراق أكثر منه خطاب التقاء، وخطاب شتات أكثر منه خطاب تقارب، فهو يدعو إلى مسيرات في المخيمات الفلسطينية، لماذا؟ لستُ أدري وهو يقول: «لن نخسر في قضية الرواتب، فحماس لديها برنامج يتعلق بالهموم الوطنية؛ ومنها حق العودة وهدم الجدار وتفكيك المستوطنات والإفراج عن 9 آلاف أسير وأسيرة في سجون الاحتلال». وأتخيل أن المتلقي الفلسطيني سئم هذه اللغة الكارتونية التي تتجاوز الممكن والواقع والمتاح وتأتي هذه التصريحات لتضيف المزيد من المسافة بين حماس والمجتمع الدولي في وقت يسعى فيه حكماء حماس إلى استحداث ثقوب في جدار الحصار الدولي المفروض على حكومتهم.
والحقيقة أن تصريحات مشعل تعكس عثرات التحول النفسي من سيكولوجية المقاوم إلى سيكولوجية الحاكم، فالتحولات السريعة التي مرت بها الحركة ربما أصابت مشعل بشيء من الدوار أعجزه عن دخول أجواء المرحلة الانتقالية الجديدة التي تعيشها حماس بكل متطلباتها، لذا لا غرابة أن يستشعر الجميع بما فيهم حماس خطورة هذا الخطاب المتهور الذي تبناه مشعل، فيسارع ناصر الدين الشاعر نائب رئيس الوزراء الفلسطيني وعضو حركة حماس إلى النأي بالحركة عن كل ما يترتب عن كلام مشعل من مسؤوليات، مشيرا إلى أن للحركة ناطقا رسميا واحدا تكون حكومة حماس مسؤولة عن تصريحاته، أي أن تصريحات مشعل لا تعبر إلا عن ذاته. كما لم يتردد المجلس الثوري لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس من وصف خطاب مشعل بأنه خطاب فتنة يمكن أن يقود البلاد إلى حرب أهلية.
وتبقى هناك كلمة في حق مشعل لا بد من قولها فهو أكثر وجوه الحركة قبولاً وحضوراً وتمثيلاً، ولم يكن بمقدور أحد أن يراهن على أن تُقْدِمَ هذه الشخصية على محاولة الانتحار السياسي بهذا القدر من السرعة والتهور وفِقدان التوازن.

vshgm rd] hgjshdl