الملاحظات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: القران و العقل

بقلم أحمد عبد الرحيم السايح

  1. #1 القران و العقل 
    المشاركات
    59
    العقل, القران

    بقلم أحمد عبد الرحيم السايح
    من علماء الأزهر
    2 - القرآن والعقل:
    من أوضح سمات القرآن الكريم، التي لفتت نظر الباحثين في القرآن من المسلمين وغير المسلمين، إشادة القرآن بالعقل وتوجيه النظر إلى استخدامه للوصول إلى الحقيقة، فقد دعا القرآن بطريق مباشر وغير مباشر، وصراحة وضمنا، وجملة وتفصيلا، إلى تعظيم العقل والرجوع إليه.
    ويحرص القرآن على تأكيد هذا المعنى، حتى أنه ليكرر هذه الدعوة بشكل يلفت النظر ويثير الاهتمام.

    ويشير القرآن إلى العقل بمعانيه المختلفة، مستخدما لذلك كل الألفاظ التي تدل عليه أوتشير إليه من قريب أوبعيد، من التفكر والقلب والفؤاد واللب والنظر والعلم والتذكر والرشد والحكمة والفقه والرأي، إلى غير ذلك من الألفاظ التي تدور حول الوظائف العقلية على اختلاف معانيها وخصائصها وظلالها، مما يعتبر إيحاءات قوية بدور العقل الإنساني وأهميته في الحياة. وهذه الألفاظ في مجموعها تكوّن دائرة واحدة يتصل معناها جميعا بالعقل ووظائفه في أوسع معانيه.
    هذا وكلمة العلم التي وردت في القرآن في أربعين وخمسمائة آية ليس المقصود بها في القرآن علم الدين وحسب، وإنما يقصد بها كل علم نافع يرفع من قدر الإنسان وينمي مواهبه العقلية، ويجعله أكثر خبرة ومعرفة بأمور الدنيا واستفادة منها وإفادة بها .
    أثر القرآن في تنمية القوى العقلية:
    نزل القرآن بين العرب وباللغة العربية، وكان العرب عند نزول القرآن مختلفين في عقائدهم ومعتقداتهم اختلافا كبيرا، منهم المشركون عبدة الأصنام، ومنهم من كان يعتنق النصرانية أو اليهودية، ومنهم الأحناف الذين ترجع عقيدتهم إلى ملة سيدنا إبراهيم عليه السلام، ومن هؤلاء وأولئك من كان يتطلع إلى دين جديد ونبي جديد، ولكن لا يدرون من أي قبيلة سيكون ذلك النبي وبأي دين سيأتي.
    غير أن رأيا عاما كان منتشرا بينهم وهو قرب مقدم النبي الذي تحدثت عنه الكتب السماوية وملأ خبره أرجاء الجزيرة العربية.
    وقد حدثنا القرآن عن هذه الأنماط المختلفة من العرب وذوي العقائد المتباينة وخاطبهم جميعا ومنهم من كان ينكر الخالق ويقول: {مَا هِيَ إلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ}.
    ومنهم من كان يعترف بوجود الخالق ولكنه ينكر البعث ويقول: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}. وكان معتنقو الأديان الكتابية على خلاف فيما بينهم {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}.
    وعلى الرغم من وجود هذه المعتقدات والآراء، إلا أن التاريخ لم يثبت أن هذه المعتقدات والآراء كانت تقوم على منهج عقلي أو فلسفي واضح ولم يتح للعرب أن يبلوروا هذه المعتقدات في فلسفة فكرية ذات قواعد ومنهج محددين، بل كانت قاعدتهم الفكرية هي قولهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}. وهذه القاعدة من شأنها أن تحجر على الفكر: النظر والبحث والتأمل، وبالتالي توقف النمو العقلي عن الوصول إلى الحقائق المتصلة بالإنسان والكون والحياة ماديا وروحيا.
    ويمكن أن نقول: إن العالم الإنساني كان مغمورا بموجة طاغية من فساد الاعتقاد. بعضه يهيم في عماء الجهل والتقليد الأعمى، وعبادة الأهواء؛ لأن الوثنية التي كانت من مواريث الجهل والتبعية العمياء استحوذت على العقول والأفهام وبعضه يرسف في أغلال الحجر العقلي ومضلته، ويقي هذا الفساد مستحكما في هؤلاء وهؤلاء، حتى جاء الإسلام لإصلاح هذه الأوضاع الفاسدة، وتحرير الإنسان من هذه الأغلال الجاثمة على عقله وفكره. كانت مهمة القرآن هي العمل على إبطال القاعدة الخاطئة {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ}. وتحرير الإنسان من أغلال الحجر العقلي، وسيطرة التبعية العمياء، وتربيته على حرية الفكر واستقلال الإرادة، ليكمل بذلك عقله ويستقيم تفكيره وتتهذب قواه.
    فوجَّه القرآن الفكر إلى كل ما من شأنه أن يدعو إلى استعمال العقل والتدبر والتأمل حتى تزول تلك الحجب الكثيفة التي تحول بين العقل والرؤيا الصحيحة للأشياء، وليخلق أمة جديدة هي أمة القرآن العاقلة المفكرة الباحثة الدارسة التي تعلي من شأن العقل وتستخدمه في مختلف شؤونها، وتفتح أمامه آفاقا غير محدودة لاستكناه حقائق الوجود في هذا العالم الكبير.
    ولقد اشتملت توجيهات القرآن العقلية على أصول ومبادئ عامة صلحت لأن تكون منهجا فكريا سليما حدد المسلمون موقفهم من مشاكل الكون والحياة، وبالتالي مكنت هذه المبادئ والتوجيهات المسلمين من الاستفادة من تلك الدرة الإلهية التي منحها الله للإنسان وهي: ((العقل)) فنمته وجعلته يمارس الوظيفة الأساسية التي خلق من أجلها.
    طالَب القرآن كل ذي عقل بالنظر في عوالم السموات والأرض وما فيهما من الدلائل الواضحة كما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَّرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّه}، {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض}، {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}، {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}، {وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون}.
    واستنهض العقول، ووجه الأفهام، وأيقظ الحواس، ونبه المشاعر، بالتعقيب على بيان الآيات الكونية والتشريعية بمثل قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِأُولِي النُّهَى}، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}، {وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}، {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ}، وبشر الذين يستمعون القول فينظرون إليه نظر البصير ويتبعون منه ما يدل على الحق ويرشد إلى طريق العلم والقوة.
    ولم يكتف القرآن بهذا، بل ذم الغافلين، ونعى عليهم غفلتهم وإعراضهم عن الآيات الكونية التي يشاهدونها في كل لحظة وتطالعهم بدلائلها في كل آونة كما في قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}، {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأََنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}، {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}.
    وعاب القرآن على أسرى التقليد إعراضهم عن الحق وجمودهم على ما وجدوا عليه آباءهم كما قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ}.
    فالتقليد الأعمى من شر ما تبتلى به الأفراد والجماعات لأنه يميت مواهب الفكر والنظر ويوجب ركودها وجمودها.
    والقرآن الكريم فوق هذا وذاك قرر حق الإنسان في حرية الفكر واستقلال الإرادة، وحرية الفكر التي جعلها الإسلام رائد للتفكير ونبراسا للعقول والأفهام؛ هي الحرية التي تطلق العقول الأفهام من أغلال الحجر العقلي والكبت الفكري، وتحررها من سيطرة التقليد والتبعية العمياء، وتجلي لها معالم الحقائق، وتجعل قيادة التوجيه قيادة بناء وإصلاح.
    وزاد الإنسان ذلك بأن قرر تحرير الإنسان من أصفاد الجهل وظلمته؛ لأن الجهل يقتل مواهب الفكر والنظر، ويطفئ نور القلوب، ويعمي البصائر، ويميت عناصر الحياة والحركة والقوة في الأمم، ويفسد على الناس مناهج حياتهم.
    فذم الجهل والجاهلين في مواطن كثيرة كما في قوله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّة}، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}، {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ}، {فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ}، {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}.
    وعاب الذين يتبعون الظنون والأوهام كما في قوله تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}، {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إلاَّ يَخْرُصُونَ}.
    وعظم شأن العلم وحثَّ على طلبه والسعي إليه كما في قوله تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}، {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً}، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من سلك طرقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة"، "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة".
    ونوه بفضل الحكمة وما فيها من السمو والتألق والارتفاع كما في قوله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً}، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل أتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس".
    ورفع منزلة العلماء وجعلهم أهل خشيته وقرن شهادتهم بشهادته تعالى وشهادة الملائكة كما في قوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ}، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ}.
    وجعلهم ينابيع العلم وموارد المعرفة ورواد الحق كما في قوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إلاَّ الْعَالِمُونَ}.

    hgrvhk , hgurg







    رد مع اقتباس  

  2. #2  
    المشاركات
    865
    مشكور اخوي

    نقل موفق





    رد مع اقتباس  

  3. #3  
    ضي الأمل غير متواجد حالياً T৵હ.¸ اللهم إغفر لها وتغمدها برحمتك "¸.હ৵
    المشاركات
    16,625
    لا فض فوك اخي
    بارك الله فيك





    رد مع اقتباس  

المواضيع المتشابهه

  1. شئ مايخش العقل؟
    بواسطة وقت الغروب في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 17-Feb-2009, 01:03 AM
  2. مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 11-Feb-2008, 11:28 PM
  3. القران الكريم كل يوم سوره من القران ارجو التثبيت للاستفاده
    بواسطة الولد الحلو في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 16-Jul-2007, 04:44 PM
  4. العقل الباطن
    بواسطة rambo of love في المنتدى محبرة شاعر - شعر - قصائد - POEMS
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17-May-2007, 02:04 PM
  5. افلا يتدبرون القران ( موسوعة الاعجاز العلمي في القران )
    بواسطة ضي الأمل في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 16-Sep-2006, 02:29 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

عرض سحابة الكلمة الدلالية

المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •