عرّف "تشنج المهبل" Vaginismus بأنه حالة نفسية تتمثل بتقلص لاإرادي لعضلات الثلث الخارجي للمهبل (إضافة إلى تقلص عضلات قاع الحوض المحيطة بالفتحة التناسلية والشرج) أثناء محاولة الإيلاج، ما يؤدي إلى استحالته، وبالتالي عدم المقدرة على تحقيق الجماع الجنسي. وعندما نقول إن تشنج المهبل هو عبارة عن حالة نفسية، فإننا نستثني من ذلك عسر الإيلاج أو تشنج المهبل الناتجان عن مرض أو آفة عضوية. كذلك يجب أن لا يكون تشنج المهبل نتيجة معاناة المرأة من مرض أو اضطراب نفسي، مثل: الاكتئاب، الفصام

وقد أشارت دراسات غربية عدة، إلى أن تشنج المهبل يصيب النساء المثقفات، ونساء الطبقة الراقية اجتماعياً ومرتفعة الدخل، أكثر من باقي النساء.
ويلاحظ أن النساء اللواتي يعانين من هذه الحالة يرغبن (بشكل واع) في الجماع، غير أنهن بصورة غير مقصودة (لا واعية) يتجنبن الإيلاج. وبتعبير آخر يمكن القول إن بعض النساء يستمتعن بالحصول على النشوة (الرعشة) الجنسية Orgasm بطريقة أو بأخرى، غير أنهن لا يرغبن في الوصول إليها عن طريق الإيلاج.
وقد لوحظ أيضاً أن البعض من النساء يفقدن الرغبة الجنسية والاستمتاع بالجنس، ويعانين من القلق والخوف من عملية الإيلاج (رهاب الإيلاج Penetration Phobia) بحد ذاتها، أو الخوف من أن تكون مؤلمة.
وتبلغ النسبة الانتشارية لتشنج المهبل نحو 8-9 في المئة من النساء اللواتي يترددن على عيادات الأمراض النسائية. وأما في المجتمع بشكل عام فتبلغ هذه النسبة في الولايات المتحدة الأمريكية أقل من 2 في المئة، في حين تكاد أن تصل هذه النسبة في المجتمعات العربية المحافظة الى 5 في المئة. (كيفوركيان 2012)
وحسب زمن حدوث أو إصابة المرأة بتشنج المهبل نستطيع أن نقسم تشنج المهبل الى نوعان هما:

• أولي Primary: في هذه الحالة تعاني المرأة من تشنج المهبل طوال حياتها، بحيث لم يدخل مهبلها أي جسم غريب (العضو الذكري، أجهزة الفحص النسائية أو حشوة Tampon)، أي يتبين أنها تعاني من تشنج المهبل في تجربتها الأولى.
ثانوي Secondary: هنا تكون المرأة قبل إصابتها بتشنج المهبل قادرة على تحقيق الإيلاج دون مشاكل تذكر.
وفي كلتا الحالتين فإنه قد يكون للتشنج المهبلي تأثير سلبي على حياة المرأة الجنسية والزوجية. فإضافة إلى عدم التمتع بالحياة الجنسية، فإن عدم المقدرة على الإنجاب الطبيعي (وخاصة في النوع الأولي) يجعل من الصعب تكوين عائلة، وبالتالي قد يؤدي الأمر الى الانفصال.

الأسباب
هنالك أسباب عدة قد تؤدي إلى الإصابة بتشنج المهبل (علماً أنه في بعض الحالات لا يكون هنالك سبب واضح للتشنج)، شريطة أن لا يكون هنالك سبب عضوي يقف وراء ذلك. ويمكن تقسيم هذه الأسباب إلى ثلاث مجموعات، هي:
تجربة سابقة مؤلمة: في حال كانت أول تجربة في ممارسة الجنس مصحوبة بألم نتيجة عدم لباقة شريك الحياة، فإن المرأة قد تعاني منتشنج المهبل في اللقاء الجنسي الذي يليه.
وقد تصاب المرأة بتشنج المهبل في حال تعرضها في الصغر أو الكبر لإيذاء جنسي بجميع أشكاله (اغتصاب، سفاح قربى).
قضايا أو مسائل شخصية: قد تنشأ الفتاة في مجتمع أو محيط أو عائلة محافظة، تعتبر التفكير بالمسائل والرغبات الجنسية شيئاً قذر ومليء بالخطايا والمعاصي.
وقد يعتقد بعض النساء (نتيجة تلقيهن معلومات خاطئة) أن الإيلاج شيء مؤلم. وقد يصل الأمر الى اعتقاد المرأة أن المهبل خاصتها صغير جداً ومن المستحيل أن يستوعب قضيب زوجها، أو أن قضيب الرجل عبارة عن قطعة سلاح أو قطعة من الحديد ستدخل جسدها. ومن هذا المنطلق يفضل كاتب هذا المقال (د. جابي كيفوركيان) استخدام تعبير العضو الذكري بدلاً من "القضيب". علماً أن عدداً من اللغات غير العربية، تستخدم مصطلح العضو الذكري، ولا تستخدم كلمة "قضيب".
العلاقة الزوجية: في حال عدم وجود انسجام عائلي، أو في حال قيام الرجل بإيذاء زوجته كلامياً أو جسدياً، أو في حال إجبار الفتاة على الزواج من الرجل الذي اغتصبها وذلك للحفاظ على شرف العائلة، فإن المرأة قد تقوم بالاحتجاج أو الرد على الإهانات بوسيلة غير كلامية ولا شعورية، وذلك بتشنج المهبل التلقائي أثناء اللقاء، وبذلك تمنع زوجها من الاستمتاع، من جهة، وتحافظ على كرامتها من جهة أخرى، كونها تعتبر عملية الإيلاج اغتصاباً.

المضاعفات
يشعر الزوجان بالإحراج والانزعاج، والإحباط والتقصير، وقد تعاني المرأة من تقريع الذات والشعور بالذنب وفقدان الثقة بالنفس. كل ذلك نتيجة إحساسها بأنها حجر أمام إنجاح عملية الإيلاج، في حين قد يعتقد الرجل خطأ بأنه هو المسؤول عن عدم نجاح العملية، كونه يعاني من القذف السريع في حال انتهت محاولات الإيلاج بالقذف المسبق.

وكما ذكرت سابقاً، يحتمل أن ينتهي الزواج بالانفصال أو الطلاق (علماً بأنه سُجلت بعض الحالات تم فيها الحمل بواسطة قذف السائل المنوي على الجهاز التناسلي الخارجي للزوجة، وهذا يعرف بالحمل العذري، حيث تأخذ الحيوانات المنوية طريقها إلى داخل المهبل وقد ينجح إحداها بالوصول الى البويضة وتلقيحها، وكان الحب بين الزوج وزوجته قوياً لدرجة أن الرجل اكتفى بهذا النوع من اللقاء، وبذلك حافظ على عش الزوجية).

العلاج

التشنج المهبلي قابل للشفاء، ويتم ذلك بالقضاء على الأسباب المؤدية له، أو بواسطة العلاج النفسي Psychotherapy (العلاج بواسطة الكلام) والعلاج السلوك – معرفي Behavioural – Cognitive Therapy حيث يقوم المعالج النفساني بشرح الوضع والحالة التي تعاني منها المريضة، ويعالجها عبر التعرض التدريجي للإيلاج Exposure.

وهنالك العلاج الزوج – جنسي Dual – Sex Therapy عبر تقديم نصائح وإرشادات للزوج عن كيفية اللقاء السليم واللبق وأهمية المداعبة ما قبل اللقاء.
وقد يستوجب الأمر تناول بعض الأدوية المضادة للقلق (وخصوصاً رُهاب الجماع) والاكتئاب.







hsfhf jak[ hglifg