التغلب على الخجل عند الاطفال

من المعروف أن الخجل هو سمة شخصية وليس عيباً خلقياً. إلا أن كثيرين لا يفهمون أسباب خجل الطفل فيعتقدون أن الطفل يعاني مشكلة ما. قد يشعر الأهل بالقلق مثلاً، عندما يصمت طفلهم أثناء وجوده بين حشد من الناس، ويعتقدون أن سلوك طفلهم هذا يعود إلى عدم تقديره ذاته تقديراً عالياً. وهذا غير صحيح لأن معظم الأطفال الخجولين يقدّرون ذواتهم عالياً، ويملكون سلاماً داخلياً. إن الطفل الخجول الذي يقدّر ذاته عالياً ويستطيع أن يضع عينه في أعين الآخرين، هو في الحقيقة طفل مهذب وهادىء ويشعر الناس بالراحة في وجوده. ويتّصف بعض الأطفال الخجولين بالحذر والتفكير العميق، إلا أن هذا لا يعوقهم عن التفاعل مع الآخرين، خاصة إذا شعروا بالارتياح نحوهم.
قد يكون الخجل في بعض الحالات دليلاً على وجود مشكلة لدى الطفل. ومن المعروف أن الطفل الذي يعاني مشاكل داخلية، هو أكثر من خجول. فهو كثير التحفّظ ومنغلق على ذاته ويتجنب أن تلتقي عيناه أعين الآخرين، ولا يشعر الناس بالراحة في وجوده. وإذا حاول أحد سبر أغواره، يكتشف أن تصرفاته ناجمة عن غضب أو خوف وليس عن سلام وثقة.
ويلجأ بعض الأطفال إلى الإختباء وراء الخجل ليخفوا ذواتهم التي لا يحبونها، فيشعرون بالأمان إذا أخفوا حقيقتهم. ويمكن أيضاً أن يتخذ الطفل من الخجل عذراً لكي لا يطور مهاراته الاجتماعية، وسبباً لعدم ممارسته أي أنشطة اجتماعية. كما يمكن أن يستخدم الطفل، الذي يفتقر إلى الدافع إلى التواصُل مع الآخرين، الخجل للدفاع عن عدم محاولته بذل المزيد من الجهد في هذا الاتجاه. ويشكل الخجل لمثل هذا الطفل عائقاً أمام تعزيز ثقته بنفسه. إنّ الطفل الذي يحب الابتسام في وجه الغرباء، والتلويح بيديه لهم وهو في عمر السنتين، يمكن أن يتحول إلى طفل صامت عندما يصبح في عمرالثلاث أو الأربع سنوات. ويعود السبب في ذلك، إلى أن الطفل في عمر السنتين يكون أكثر انفتاحاً ويتصرف تلقائياً من دون التفكير في تبعات العلاقات الاجتماعية. فالأطفال بين عمر السنتين والأربع سنوات يمرون في العادة بمرحلة تتصف بالقلق من الغرباء، والخوف من الأشخاص الذين لا يعرفونهم.
يعتقد التربويون، أن الخجل يزداد عند الأطفال مع تقدم العمر. فبينما تكون نسبة الأطفال الخجولين في عمر أربع سنوات لا تزيد على 20%، فإنها ترتفع إلى 50% عندما يصبحون في سن المراهقة. وبما أنه من المستحيل على الأم معرفة ما إذا كان خجل طفلها فطرياً، أو أنه مجرد تصرف طفولي عادي، فأن عليها البحث عن «علاج» لخجله. وبدلاً من القلق عليه، عليها إيجاد الحلول التي تساعده على تكوين مشاعر جيدة نحو ذاته ونحو الأخرين، وعلى التواصل بإيجابية مع الأطفال الخجولون، حتى أولئك الخجولون بالفطرة، من الممكن أن يصبحوا ودودين وواثقين بأنفسهم عندما يكبرون. وتستطيع الأم مساعدة طفلها على الوصول إلى هذه الغاية إذا عملت على اتّباع ما يلي:
تقبُّل خجل طفلها: من الصعب على الأم تَقبُّل خجل طفلها إذا كانت هي نفسها اجتماعية بطبعها. ولكن، من المهم أن تقبل الأم خجله. فالطفل شخص مستقل وليس صورة مصغرة عن أمه. لذا، عليها ألا تتوقع أن يكون مثلها، أو يتصرف وفقاً لطريقتها عندما يكون في عمر السنتين أو الثلاث سنوات. فإذا اعتبرت الأم أن خجل طفلها معيب، أو إذا عبّرت عن قلقها، ولو بطريقة لطيفة، بسبب افتقاره إلى الشجاعة الاجتماعية، أو إذا لّمحت أمامه إلى أن تصرفاته تسبب لها الإحراج، فقد يتسبب ذلك كله في زيادة خجل طفلها. من المهم جداً أن تبيّن الأم حبها لطفلها، سواء أكان خجولاً أم لا، فحبها له يكسبه الثقة بالنفس، والقدرة على التغلب على خجله إذا كان خجولاً.
عدم إطلاق صفة معينة عليه: أن إطلاق صفة «الخجل» على الطفل عند التحدث إليه، أو التكلم عن خجله أمام الآخرين في وجوده، سيرسّخ هذه الصفة في ذهنه ويتقبّلها على أنها حقيقة ثابتة. إن هذا التصرف من قِبل الأم، قد يؤدي إلى تأييد صفة الخجل عند طفلها حتى لو لم يكن خجله فطرياً. وقد يستخدم الطفل هذه الصفة كمبرر لتجنب القيام بأمور لا تعجبه أو تُشعره بعدم الراحة. فيردد في نفسه: «أنا خجول، لذا لست مضطراً إلى فعل هذا الأمر». ومن المهم أن تتجنب الأم الإشارة إلى الأطفال الاجتماعين والمنفتحين أو مدحهم أمام طفلها الخجول، وألّا تقارن بين أدائهم الاجتماعي وأداء طفلها. لأنّها بذلك تخاطر بإيذاء شعوره وتؤثر في اعتزازه بنفسه. فمن المعروف أن افتقار الطفل إلى الاعتزاز بالنفس يمكن أن يزيد من خجله.

hgjygf ugn hgo[g uk] hgh'thg