بناء أخلاق الطفل المسلم

نحن ننظر إلى أبنائنا ونتمنى أن يكون هناك مصمم للسلوك البشرى يقوم بتفصيل ألوان من السلوك الراقي لهم، أو أن يكون هناك قطع غيار لسلوك لا يعجبنا في أبنائنا فنستبدله بسلوك آخر نراه مناسبًا!
ولكن هيهات، ليس هناك مصمم سلوك بشري كمصمم الأزياء, وليس لنا الاختيار السهل لما نريد من سلوكيات أن نختاره لأبنائنا كما نختار أقمشة ملابسنا، وإنما هو الجهد البشري الذي نقوم به بأنفسنا، فيغير الله ما بأبنائنا من سلوكيات لا نقبلها.
وفي كل الأحوال، لابد أن نوقن أن مهمة التربية ليس تفصيل إنسان على مزاجنا، ولكن تنمية استعدادات إنسان وتهيئة ليعيش بكامل قواه المعنوية والمادية في هذه الحياة، على نحو يحقق عبوديته لله تعالى، ويقدم قدوة السلوك الإنساني لكل الناس في كل الأرض.
أخلاقيات الطفل الصالح:
· الصبر:
الصبر معلم بارز من معالم السوك الحضاري، وخط متين من خطوط الشخصية المحضرة ذلك أن الصبر يضبط الإنفعالات،فيفكر المسلم بهدوء، ويتحمل الآلام التى تقتضيها طبيعة المعرك مع أعداء الله:{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران: 146]، فالمسلم يصبر وهو يحارب، ويصبر وهو يسالم، ويصبر قبل العمل، ويصبر أثناء العمل، يصبر ويتروى للدراسة والتحقيق، وليس للخوف والتردد، قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]، والمسلم يصبر (الصبر الإيجابي الذي وصف الله في اقرآن بالصبر الجميل، صبر يعقول - عليه السلام الذي استخدمه وهو يعيش الأمل المشرق البسّام في لقاء ابنه يسوف - عليه السلام - فكان الصبر الجميل عنده أقوى البواعث على لقائه به.
بالصبر الجميل واجه المتآمرين{بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، وبالصبر الجميل أمر أولاده بالبحث عن أخويهم: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} [يوسف: 83]، والصبر الجميل هو ما استخدمه محمد - صلى الله عليه وسلم في مواجهة تكذيب قومه، فكان دافعًا إلا مزيد من الدعوة والجهد والنشاط حتى تحققت آماله، وانتصرت دعوته {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا} [المعارج: 5].
إن الصبر الجميل ضياء لأبنائنا، يضيء لهم طريقهم في هذه الحياة، كما قال - صلى الله عليه وسلم - (والصبر ضياء) [حديث صحيح]) [ثوابت للمسلم المعاصر، د/ صلاح بعد الفتاح الخالدي، ص(63-62)].
وليس الصبر أن يستسلم الإنسان للذل والهوان والاستعبدا، كما لو كان لا سبيل إلى تغييره، أو زحزحته والتمرد عليه.
بل الصبر، هو مواجهة التحديات، ومقاومة الشر، وثبات على المبدأ ورفض العبودية إلا لله رب العالمين.
· الصلاة:
فالصلاة تغرس في نفس الابن تناقضًا "مطلوبًا" بينه وبين كل مجتمع لا يقيم الصلاة، وهو تناقض مطلوب لأنه يخرج الولد من تناقض آخر بين أمه المحجة و"أبله" المتبرجة، مثلًا.
(لابد أن يفهم الصغير التناقض الموجود في المجتمع، بل وأحيانًا داخل العائلة، بين الأم المحجبة، وبين المذيعة أو المعلمة المتبرجة!
بين الأب الذي لا يدخن، والخال الذي يدخن مثلًا، ذلك أن هذا الإرشاد هو الذي يخرج الأبناء من الصراع الداخلي حول القيم، ويحفظ - بتوفيق الله - من ضرر الأصحاب في العمل أو المدرسة، فهو يحاول دائمًا الخروج بأفضل ما فيها، وإذا استطاع الإختيار، أحسن هذا الإختيار وفق استقامة الصديق من خلال صلاته) [اللمسة الإنسانية، محمد محمد بدري].

fkhx Hoghr hg'tg hglsgl