هناك الكثير من المشكلات المتعلقة بالنمو الانفعالي للطفل ، والتي تظهر عنده خلال مراحل نموه ، بحيث تستمر وتتعقد مما يستدعي الاهتمام وعلاجها ، ومن تلك ، الغضب ، والغيرة ، والخوف والخجل 0 وسوف نذكرها هنا 0


المشاكل الانفعالية الاطفال 2013 21323.jpg


1ـ الغضب :

عند الأطفال يظهر الغضب بمظاهر عدة ، والغضب في السنة الأولى يأخذ نشاطا غير موجه ، مثل :

الصراخ ، والارتماء على الأرض ، والرفس ، والعض ، أما في السنة الرابعة ، فيتمثل في الاجتجاج اللفظي ، والتهديد ، والقذف ، أما في التاسعة والعاشرة فيعبر الطفل عن غضبه بالمقاومة السلبية مع التمتمة ببعض الألفاظ والثورة 0

والأسباب المؤدية للغضب عند الأطفال هي :

فقد الطفل للعبه ، وعدم اهتمام الوالدين به ، وعدم تحقيق حاجاته ، واللوم له أو إغاظته ، أو تكليفه بأعمال فوق طاقته ، أو التدخل الزائد في شؤونه 0


وتعتبر ثورات الغضب شيئا شائعا بين الأطفال ، إلا أننا نجد بعض الأطفال إذا غضبوا لازمتهم الكآبة والعبوس ، وهذه الفئة من الأطفال يتعرضون لاختلال في صحتهم النفسية ، حيث يبقى غضبهم بشكل مكبوت دون ثورة أو تعبير ، ويبقى على شكل هواجس مرضية قد تدفعه للإنطواء والضيق ، والانحرافات السلوكية 0



2ـ الغيرة :

الغيـرة هي العامل المشترك فى الكثير من المشاكل النفسية عند الأطفال ويقصد بذلك الغيرة المرضية التي تكون مدمرة للطفل والتي قد تكون سبباً في إحباطه وتعرضه للكثير من المشاكل النفسية. والغيرة أحد المشاعر الطبيعية الموجودة عند الإنسان كالحب ، ويجب أن تقبلها الأسرة كحقيقة واقعة ولا تسمح في نفس الوقت بنموها ، فالقليل من الغيرة يفيد الإنسان ، فهي حافز على التفوق ، ولكن الكثير منها يفسد الحياة ، ويصيب الشخصية بضرر بالغ ، وما السلوك العدائي والأنانية والارتباك والانزواء إلا أثراً من آثار الغيرة على سلوك الأطفال .


ولا يخلو تصرف طفل من إظهار الغيرة بين الحين والحين ، وهذا لا يسبب إشكالا إذا فهمنا الموقف وعالجناه علاجاً سليماً. أما إذا أصبحت الغيرة عادة من عادات السلوك وتظهر بصور مستمرة فإنها تصبح مشكلة ، ولاسيما حين يكون التعبير عنها بطرق متعددة والغيرة من أهم العوامل التي تؤدى إلى ضعف ثقة الطفل بنفسه ، أو إلى نزوعه للعدوان والتخريب والغضب.

والغيرة شعور مؤلم يظهر في حالات كثيرة مثل ميلاد طفل جديد للأسرة ، أو شعور الطفل بخيبة أمل في الحصول على رغباته ، ونجاح طفل آخر في الحصول على تلك الرغبات ، أو الشعور بالنقص الناتج عن الإخفاق والفشل .

والواقع أن انفعال الغيرة انفعال مركب ، يجمع بين حب التملك والشعور بالغضب ، وقد يصاحب الشعور بالغيرة إحساس الشخص بالغضب من نفسه ومن إخوانه الذين تمكنوا من تحقيق مآربهم التي لم يستطع هو تحقيقها .

وقد يصحب الغيرة كثير من مظاهر أخرى كالثورة أو التشهير أو المضايقة أو التخريب أو العناد والعصيان ، وقد يصاحبها مظاهر تشبه تلك التي تصحب انفعال الغضب في حالة كبته ، كاللامبالاة أو الشعور بالخجل ، أو شدة الحساسية أو الإحساس بالعجز ، أو فقد الشهية أو فقد الرغبة في الكلام 0

المشاكل الانفعالية الاطفال 2013 21324.gif

الغيرة والحسد :

ومع أن هاتين الكلمتين تستخدمان غالبا بصورة متبادلة ، فهما لا يعنيان الشيء نفسه على الإطلاق ، فالحسد هو أمر بسيط يميل نسبياً إلى التطلع إلى الخارج ، يتمنى فيه المرء أن يمتلك ما يملكه غيره ، فقد يحسد الطفل صديقه على دراجته وتحسد الفتاة المراهقة صديقتها على طلعتها البهية.

فالغيرة هي ليست الرغبة في الحصول على شيء يملكه الشخص الأخر ، بل هي أن ينتاب المرء القلق بسبب عدم حصوله على شيء ما 0 فإذا كان ذلك الطفل يغار من صديقه الذي يملك الدراجة ، فذلك لا يعود فقط إلى كونه يريد دراجة كتلك لنفسه بل وإلى شعوره بأن تلك الدراجة توفر الحب رمزاً لنوع من الحب والطمأنينة اللذين يتمتع بهما الطفل الأخر بينما هو محروم منهما، وإذا كانت تلك الفتاة تغار من صديقتها تلك ذات الطلعة البهية فيعود ذلك إلى أن قوام هذه الصديقة يمثل الشعور بالسعادة والقبول الذاتي اللذين يتمتع بهما المراهق والتي حرمت منه تلك الفتاة.

فالغيرة تدور إذا حول عدم القدرة على أن نمنح الآخرين حبنا ويحبنا الآخرون بما فيه الكفاية ، وبالتالي فهي تدور حول الشعور بعدم الطمأنينة والقلق تجاه العلاقة القائمة مع الأشخاص الذين يهمنا أمرهم 0

والغيرة في الطفولة المبكرة تعتبر شيئاً طبيعيا حيث يتصف صغار الأطفال بالأنانية وحب التملك وحب الظهور ، لرغبتهم في إشباع حاجاتهم ، دون مبالاة بغيرهم ، أو بالظروف الخارجية ، وقمة الشعور بالغيرة تحدث فيما بين 3 – 4 سنوات ، وتكثر نسبتها بين البنات عنها بين البنين 0

والشعور بالغيرة أمر خطير يؤثر على حياة الفرد ويسبب له صراعات نفسية متعددة ، وهى تمثل خطراً داهما على توافقه الشخصي والاجتماعي ، بمظاهر سلوكية مختلفة منها التبول اللا إرادي أو مص الأصابع أو قضم الأظافر ، أو الرغبة في شد انتباه الآخرين ، وجلب عطفهم بشتى الطرق ، أو التظاهر بالمرض ، أو الخوف والقلق ، أو بمظاهر العدوان السافر 0


ولعلاج الغيرة أو للوقاية من آثارها السلبية يجب عمل الآتي :

1ـ التعرف على الأسباب وعلاجها 0

2ـ إشعار الطفل بقيمته ومكانته فى الأسرة والمدرسة وبين الزملاء 0

3ـ تعويد الطفل على أن يشاركه غيره فى حب الآخرين 0

4ـ تعليم الطفل على أن الحياة أخذ وعطاء منذ الصغر وأنه يجب على الإنسان أن يحترم حقوق الآخرين 0

5ـ تعويد الطفل على المنافسة الشريفة بروح رياضية تجاه الآخرين 0

6ـ بعث الثقة في نفس الطفل وتخفيف حدة الشعور بالنقص أو العجز عنده 0

7ـ توفير العلاقات القائمة على أساس المساواة والعدل ، دون تميز أو تفضيل على آخر ، مهما كان جنسه أو سنه أو قدراته ، فلا تحيز ولا امتيازات بل معاملة على قدم المساواة 0

8ـ تعويد الطفل على تقبل التفوق ، وتقبل الهزيمة ، بحيث يعمل على تحقيق النجاح ببذل الجهد المناسب ، دون غيرة من تفوق الآخرين عليه ، بالصورة التي تدفعه لفقد الثقة بنفسه0

9ـ تعويد الطفل الأناني على احترام وتقدير الجماعة ، ومشاطرتها الوجدانية، ومشاركة الأطفال في اللعب وفيما يملكه من أدوات 0

10ـ يجب على الآباء الحزم فيما يتعلق بمشاعر الغيرة لدى الطفل ، فلا يجوز إظهار القلق والاهتمام الزائد بتلك المشاعر ، كما أنه لا ينبغي إغفال الطفل الذي لا ينفعل ، ولا تظهر عليه مشاعر الغيرة مطلقاً 0

11ـ في حالة ولادة طفل جديد لا يجوز إهمال الطفل الكبير وإعطاء الصغير عناية أكثر مما يلزمه ، فلا يعط المولود من العناية إلا بقدر حاجته ، وهو لا يحتاج إلى الكثير ، والذي يضايق الطفل الأكبر عادة كثرة حمل المولود وكثرة الالتصاق الجسمي الذي يضر المولود أكثر مما يفيده. وواجب الآباء كذلك أن يهيئوا الطفل إلى حادث الولادة مع مراعاة فطامه وجدانياً تدريجياً بقدر الامكان، فلا يحرم حرماناً مفاجئاً من الامتياز الذي كان يتمتع به 0

12ـ يجب على الآباء والأمهات أن يقلعوا عن المقارنة الصريحة واعتبار كل طفل شخصية مستقلة لها استعداداتها ومزاياها الخاصة بها 0

13ـ تنمية الهوايات المختلفة بين الأخوة كالموسيقى والتصوير وجمع الطوابع والقراءة وألعاب الكمبيوتر وغير ذلك 0 وبذلك يتفوق كل في ناحيته ، ويصبح تقيمه وتقديره بلا مقارنة مع الآخرين 0

المساواة فى المعاملة بين الابن والابنة ، لآن التفرقة في المعاملة تؤدى إلى شعور الأولاد بالغرور وتنمو عند البنات غيرة تكبت وتظهر أعراضها في صور أخرى في مستقبل حياتهن مثل كراهية الرجال وعدم الثقة بهم وغير ذلك من المظاهر الضارة لحياتهن 0

14ـ عدم إغداق امتيازات كثيرة على الطفل المريض ، فأن هذا يثير الغيرة بين الأخوة الأصحاء ، وتبدو مظاهرها فى تمنى وكراهية الطفل المريض أو غير ذلك من مظاهر الغيرة الظاهرة أو المستترة 0

3ـ الخوف وضعف الثقة بالنفس : والخوف منه ما يكون طبيعيا ( عاديا ) ، ومنه ما يكون مرضيا ( الرهاب ) ، وقد ذكرت المخاوف في أثناء كلامي عن الأعصبة 0

والمخاوف تقسم حسب واقعيتها ومثيراتها إلى قسمين :

أ ـ مخاوف حسية واقعية 0
ب ـ مخاوف وهمية ذاتية 0

والمخاوف عند الأطفال مرتبطة بمثيرات محددة ، والأقسى والأشد أن يخاف الابن من والده عندما يجلس أمامه ، والابن يصرخ ، والوالد يضحك مما يترك آثارا سيئة في علاقة الأب بالإبن 0 ومما يقوي ويدعم الخوف في نفس الطفل استثارته لحفظ النظام أو لدفعه للقيام بعمل ما أو منعه من القيام باللعب والركون للهدوء ، وهذا يدفع الطفل للإقلاع عن ذلك خوفا من العقاب 0

ويظهر عند الأطفال الخوف من الموت ، ويحدث هذا عندما يعيش الطفل من كبار يخافون أو يخاف أحدهم من الموت بشكل ملفت 0 وقد يكون سببه موت طفل قريب أو صديق له ، فمثل هذا الموت يترك أثرا في نفسه ويهز ثقته بنفسه ، إضافة إلى ذلك فهناك أيضا الخوف من الظلام ، والقلق العام 0 ويرتبط بموضوع الخوف ، ضعف الثقة بالنفس عند الأطفال ، وضعف الروح الاستقلالية ، ومن مظاهرها :

التردد ، واضطراب الكلام ، والانكماش والخجل ، والعزلة 0

وينتج ضعف الثقة بالنفس وما يرتبط به من صفات نفسية ، بسبب أساليب التربية القاسية ، والأوامر والنواهي ، أو كلما قام بعمل ونشاط ما ، فلا يلاقي إلا الرفض ، فعندما يلمس أو يفحص شيء ما يجد المعارضة من الكبار ، فالمنع والزجر ، والضرب ، والتقييد تجعله في حالة قلق دائم وتفقده ثقته بنفسه 0




المشاكل الانفعالية الاطفال 2013 21325.jpg



4ـ الخجل :

وهو شكل من أشكال الخوف الاجتماعي Social Phobia ، وتتكون بداية الخجل عند الطفل نتيجة مبالغة الأهل في تقريع الطفل وزجره ، فيعتاد الطفل بصورة لا شعورية الانزواء والإنطواء والحد من التفاعل والتواصل مع الآخرين حتى يبتعد عن التنديد واللوم 0
إن الطفل الذي لا تتاح له فرصة التفاعل الاجتماعي ، لا يكتسب المهارات الاجتماعية اللازمة مع الآخرين ، ويصبح ضعيف الثقة في علاقته بالأفراد خارج منزله حتى يتجنب القلق الناتج عن السلوك الاجتماعي بالانسحاب من تلك المواقف 0

• أسباب الخجل :
من العوامل المسببة للخجل ما يلي :

أ ـ التقليد : حيث يكتسب الطفل الخجل عن طريق تقليده للأم 0
ب ـ التعليم المباشر والمقصود للأباء : وهذا يحدث بسبب الدلال ومنع الطفل من الانخراط والتفاعل مع المواقف الاجتماعية 0
ج ـ قد يكون الخجل أسلوبا شاذا حتى يتخلص الطفل من قلق يعانيه هو0

• عناد الأطفال :

العناد ظاهرة شائعة لدى الأطفال و هي تعبير عن الرفض للقيام بعمل ما ولو كان مفيداً أو الانتهاء عن عمل ما و إن كان خاطئا ، و يتميز العناد بالإصرار و عدم التراجع حتى في حالة الإكراه و القسر يبقى الطفل محتفظاً برأيه و موقفه و لو داخلياً. و يعتبر العناد من النزعات العدوانية و هو سلوك سلبي و تمرد ضد الوالدين و انتهاكاً لحقوق الآخرين و هو محصلة للتصادم بين رغبات الطفل و طموحاته و أوامر الكبار و نواهيهم .

من الجدير بالذكر أن العناد قد يظهر و يختفي تحت ظروف معينة و في مواقف معينة. فقد يظهر في البيت و يختفي في المدرسة و العكس صحيح 0 و هنا يكون الطفل واعياً و مرد كاص لسلوكه العنادي و لكنه يفعل ذلك لتحقيق رغبة أو هدف ما ، وحالما يحقق ما يريد فإنه يتخلى عن عناده 0

و عندما يكون العناد مستشرياً و سمة قوية للطفل فإن ذلك قد يكون نواة لاضطراب في الشخصية و هو ما نسميه اضطراب الشخصية السلبية العدوانية 0

الطفل قبل السنتين لا يملك الاستقلالية الكافية فهو يعتمد على والديه بشكل كبير جداً ، لذلك لا تظهر عليه السلوكيات العنادية بشكل واضح ، فيما عدا بعض الممانعة ،و لكن ذلك لا يعد عناداص لأن العناد موقف و سلوك ينبني على الإحساس بالاستقلالية الجزئية من جانب الطفل و نمو تصوراته الذهنية. فيقوم بممارسة هذه الاستقلالية بالرفض و الاحتجاج و الممانعة و إبداء الرأي المخالف 0


و بالرغم من أنم العناد قد يأخذ مكانه عند سن الثالثة إلا أنه قد يلازم بعض الأطفال حتى سن المراهقة 0 و في الغالب لا يتم ظهوره بعد سن المراهقة إن لم يظهر قبل ذلك. و قد وجدت الدراسات أنه ينتشر بنسبة 15-22% بين أطفال المرحلة الابتدائية و هو في هذه السن أكثر انتشاراً بسن الذكور منه بين الإناث و لكن النسبة تتساوى بعد ذلك 0

و لعل العناد يظهر بشكل جلي عند مرحلتي الانفصال (حوالي عمر سنتين و عند بلوغ سن المراهقة) 0

أشكال العناد :

أشكال العناد عبارة عن درجات غير منفصلة تظهر عند تعامل الطفل مع الكبار أو رفاقه و لكنها قد لا تظهر في جلسات التقويم النفسي و المقابلة الشخصية 0

عناد التصميم و الإرادة يعتبر نوع محمود يجب تشجيعه و دعمه و مثال ذلك عندما يحاول الطفل على إصلاح لعبته مثلاً و يصر على ذلك مهما منعه الكبار 0
لكن عندما يكون العناد ضرب من الرعونة كأن يصر الطفل على الذهاب لشراء جزمة صباح الجمعة أو يصر على زيارة صديق في وقت غير مناسب أو مشاهدة فلم تلفزيوني و قد حان وقت نومه فإن ذلك يعتبر على النقيض عناد يفتقد لتقدير الأمور و الوعي الكافي لإدراك الصح و الخطأ و لا يجب الاستسلام له 0


و قد تزيد درجة العناد لدى الطفل فيعاند نفسه لغيظه من أمه فيرفض الطعام و هو جائع و يرفض لعبة و هو يريدها و ما إلى ذلك . هذه المكابرة تولد صراعاً بين رغبتي الطفل في الاستمرار في موقفه و بين اشتياقه لما عرض عليه 0 و هذا الصراع ينتهي بالتنازل عند محاولة الكبار في حله 0 أما حين يعتاد الطفل العناد كسلوك راسخ و صفة ثابتة في شخصيته ، فإن ذلك قد يؤدي إلى اضطراب شديد في السلوك و الانفعالات و العلاقة مع الآخرين بسبب النزوع للمشاكسة و الخلاف مع الناس من حوله بسبب او بدون سبب.


هذا الشكل من العناد درجة مرضية و تحتاج لاستشارة المختصين لعلاجها 0 و أيضاً فقد يكون سبب العناد خللاً فسيولوجيا مثل إصابات الدماغ و التخلف العقلي 0

أسباب العناد:

عندما تكون توقعات الكبار و طلباتهم من الطفل بعيدة عن الواقع و غير مناسبة لقدراته و امكاناته ينتج عن ذلك شعور بالفشل. و عندما يصر الكبار على قناعاتهم و توقعاتهم يبدأ الطفل بالرفض كسلوك عنادي. وهو في الحقيقة لا يعاند الكبار و لكنه يرفض الوقوع في الفشل الذي يصر الكبار من حوله على الوقوع فيه غير آبهين بمشاعر الخوف و الإحباط عنده. و هو في هذه الحالة أفضل منهم في تقدير إمكاناته و ما يمكنه فعله 0

و ليس من الغريب أن تختلط الحقيقة بالخيال عند الأطفال ، فيتشبث الطفل بموقف غير واقعي ضرباً عرض الحائط برأي الكبار مما ينشا عنه نوع من العناد نتيجة لهذا التصادم 0 وقد يقلد الطفل أمه أو أباه في الإصرار على رأيهم و عدم التنازل مهما حاول معهما أسلوب الإقناع و الحوار الهادئ عندما يطلبان منه شيئاً ما و ذلك ما يعرف بأسلوب التعلم بالمحاكاة 0 و هذا يستلزم منا كآباء و أمهات أن لا نعتمد الحدة و العنت على حساب الحوار المنطقي و النقاش المقنع 0

و لعل الطفل أحياناً يحاول ممارسة توكيد ذاته بالإصرار على موقفه و العناد 0 و إذا كان هذا القدر من الفعل أو رد الفعل غير مبالغ فيه فلا بأس من التساهل معه و تشجيعه لتعليم الطفل كيف يكون قوي الإرادة 0 و هناك متسع من الوقت ليتعلم الطفل أن العناد و التحدي ليس الطريقة المثلى لتحقيق المكاسب و هذه مرحلة نمائية تالية 0 و هكذا يتعلم الطفل من خلال سلسلة من المراحل الإطار الواقعي للتعامل مع النفس و مع الآخرين 0 و لعلنا نحن من يدفع الطفل للعناد أحياناً بانتهاج الأسلوب الصارم الجاف من الأوامر و النواهي 0

و هذا أسلوب ترفضه الفطرة التي تحب الرجاء و الاحترام 0 لذلك فإن الطفل يتذمر من التضييق عليه فترة من الزمن ثم ينتقل بعد ذلك إلى الرفض و التحدي كرد فعل لهذا الأسلوب من التعامل 0 و الحماية الزائدة من جهة تجعل الطفل يشعر بالعجز و الاعتمادية على والديه معطلاً قدراته هو 0 و قد يرفض ذلك بنوع من العناد للخروج من دائرة الحماية و الوصاية و الحصول على قدر أكبر من الحرية 0 وهذا الشعور بالعجز قد يكون حقيقياً نتيجة إعاقة معينة أو خبرات طفلية مر بها خلال حياته مما يولد لديه رغبة في العناد و تحدي الواقع أو الذات أو الآخرين 0 و أخيراً فإننا قد نعزز السلوك العنادي بلا إذعان له و تشجيعه بالمكاسب التي يمي لها الطفل ، إما خوفاً عليه أو لإنهاء الموقف ، و هنا يتعلم الطفل أن مزيداً من الإصرار سيجبل له التنازلات و المكاسب 0


علاج العناد:

الأطفال يتسمون بالاختلاف أكثر من الكبار ، ولذلك لا بد من تقويم كل حالة على حدة و فهم الأسباب و ما عساه قد يكون مساهماً في نشوء هذا السلوك العنادي 0 ومن الأساليب المفيدة توقيع العقاب المناسب على الطفل فور عناده لأن ما يناسب طفلاً قد لا يناسب آخر و ما سيفيد في وقت ما قد لا يفيد في وقت آخر 0 المهم عدم تأجيل العقاب بهدف إعطاء فرصة يراجع فيها الطرفان نفسيهما ، ليستأنف الحوار بعد ذلك بأسلوب أكثر هدوءاً و إقناعا 0

و معاملة الطفل العنيد ليست أمراً سهلاً لذلك لا بد من التحلي بالصبر و عدم اليأس و الاستسلام للأمر الواقع بحجة أن الطفل عنيد و رأسه ناشفة 0 كذلك لا بد من الثبات في المعاملة فالاستسلام أحياناً يعلم الطفل فنيات الإصرار و العناد 0




و من المعتاد أن يقال للطفل أو يذكر أمامه انه طفل عنيد أو أن فلان شاطر فهو ليس عنيد 0 هذا النوع من القول يؤكد للطفل العناد و يرسخه فيه مهما قلنا له أن العناد سيئاً. كما انه من المهم عدم صياغة الطلب بأننا نتوقع الرفض لأن ذلك يعطيه خياراً بالرفض و يشجعه عليه 0 و على النقيض فإن إرغام الطفل على الطاعة العمياء بدلاً من دفء المعاملة و المرونة يجعله يلجأ للعناد للخلاص من العبودية والحصول على حريته. لذلك فمن المهم أن نغض الطرف عن الأمور البسيطة و نبدي التسامح أحياناً 0

و أخيراً فإن أسلوب الحوار و الإقناع بعد توقيع العقاب الناتج عن العناد أمر مهم لتعليم الطفل كيف يكون مقنعاً لا عنيداً أرعناً لا يمتلك القدرة على التعامل بهدوء و روية 0


العدوان

يعتبر السلوك العدواني أحد الخصائص التي يتصف بها كثير من الأطفال المضطربين سلوكيا وانفعاليا ، ومع أن العدوانية تعتبر سلوكا مألوفا في كل المجتمعات تقريبا ، إلا أن هناك درجات من العدوانية ، بعضها مقبول ومرغوب كالدفاع عن النفس ، والدفاع عن حقوق الآخرين وغير ذلك 0 وبعضها غير مقبول ويعتبر سلوكا هداما ومزعجا في كثير من الأحيان 0 من هذا المنطلق فقد انصب اهتمام الباحثين على دراسة هذا السلوك ، وذلك لأن النتائج المترتبة عليه تعد أكثر خطرا على المجتمع من النتائج المترتبة على نتائج السلوكيات الأخرى التي يتصف بها المضطربون سلوكيا وانفعاليا 0


تعريف السلوك العدواني :

هو أي سلوك يعبر عنه بأي رد فعل يهدف إلى إيقاع الأذى أو الألم بالذات أو بالآخرين ، أو إلى تخريب ممتلكات الذات أو ممتلكات الآخرين ، فالعدوان سلوك وليس انفعالا أو حاجة أو دافعا 0

أشار كل من ( ميلر ودنفر ) 1982 إلى أن هناك خمسة محكات أساسية نستطيع من خلالها تعريف العدوانية وتحديدها ، وهذه المحكات هي :ـ


1ـ نمط السلوك 0
2ـ شدة السلوك 0
3ـ درجة الألم أو التلف الحاصل 0
4ـ خصائص المعتدي 0
5ـ نوايا المعتدي 0


مظاهر السلوك العدواني :

يأخذ العدوان الأشكال الرئيسية التالية :

1ـ العدوان الجسدي :
ويقصد به السلوك الجسدي المؤذي الموجه نحو الذات أو الآخرين ، ويهدف إلى الإيذاء أو إلى خلق الشعور بالخوف ، ومن الأمثلة على ذلك : الضرب ، والدفع ، والركل ، وشد الشعر ، والعض 000 إلخ 0 وهذه السلوكيات ترافق غالبا نوبات الغضب الشديدة 0

2ـ العدوان اللفظي :
ويقف عند حدود الكلام الذي يرافق الغضب ، والشتم ، والسخرية ، والتهديد 000 إلخ 0 وذلك من أجل الإيذاء أو خلق جو من الخوف ، وهو كذلك يمكن أن يكون موجها للذات أو للآخرين 0

3ـ العدوان الرمزي :
ويشمل التعبير بطرق غير لفظية عن احتقار الأفراد لآخرين أو توجيه الإهانة لهم ، كالامتناع عن النظر إلى الشخص الذي يكن العداء له ، أو الامتناع عن تناول ما يقدمه له ، أو النظر بطريقة ازدراء وتحقير 0

وقد يأخذ العدوان شكلين آخرين وهما :

1ـ العدوان الاجتماعي :
ويشمل الأفعال المؤذية التي تهدف إلى ردع اعتداءات الآخرين 0

2ـ العدوان اللاجتماعي :
ويشمل الأفعال المؤذية التي يظلم بها الإنسان نفسه أو يظلم غيره 0
وقد يكون العدوان مباشر أو غير مباشر 00

فالعدوان المباشر هو : الفعل العدواني الموجه نحو الشخص الذي أغضب المعتدي فتسبب في سلوك العدوان 0

أما العدوان غير المباشر فيتضمن الاعتداء على شخص بديل ، وعدم توجيهه نحو الشخص الذي تسبب في غضب المعتدي ، وغالبا ما يطلق على هذا النوع من العدوان اسم العدوان البديل 0


وقد يكون العدوان متعمدا أو غير متعمد :

فالعدوان المتعمد :
يشير إلى الفعل الذي يقصد من ورائه إلحاق الأذى بالآخرين 0

أما العدوان غير المتعمد :
فيشير إلى الفعل الذي لم يكن الهدف منه إيقاع الأذى بالآخرين ، على الرغم من أنه قد انتهى عمليا بإيقاع الأذى أو إتلاف الممتلكات 0


ويميز علماء النفس كذلك بين نوعين من العدوان وهما :

1ـ العدوان المعادي 0
2ـ العدوان الوسيلي 0

فالعدوان المعادي :
موجه نحو الآخرين بهدف إلحاق الأذى والضرر بهم فقط 0

أما العدوان الوسيلي :
فيقوم به الطفل بدافع الحصول على شيء ما ، أو استرداد شيء ما ، وعادة ما يقوم الطفل بهذا النوع من العدوان عندما يشعر أن هناك ما يعترض سبيل تحقيقه لهدفه 0


كما يذكر البعض ثلاثة أنواع من العدوان تلاحظ لدى الطلبة وهي :ـ
1ـ عدوان ناتج عن استفزاز حيث يدافع الطالب عن نفسه ضد اعتداء أقرانه 0
2ـ عدوان ناتج عن غير استفزاز : حيث يهدف الطالب من خلاله إلى السيطرة على أقرانه أو إزعاجهم أو إغاظتهم أو التسلط عليهم 0
3ـ عدوان مصحوب بنوبة غضب ، ويلجأ الطالب من خلاله إلى تحطيم الأشياء من حوله ، ويبدو هنا كأنه لا يستطيع أن يضبط غضبه 0


وأخيرا ، لا بد أن هنا من الإشارة إلى العدوان السلبي ، وهو العدوان الناتج عن التمرد على السلطة من أهل ومعلمين ، حيث يشعر الطالب بأنهم ظالمون مستبدون ، وأنه قد أسيئت معاملته من قبل هؤلاء المتحكمين ، وهنا يخاف الطالب من الانتقام بشكل مباشر من مصادر السلطة ، فليجأ إلى إظهار هذا العدوان على شكل خداع مبطن ، كأن يتعمد إحضار الكتاب الخاطيء إلى الصف ، أو تجاهل الواجبات المدرسية ، إو إضاعة السطر أثناء القراءة ، أو مقاطعة المعلم بشكل متكرر من أجل الذهاب إلى دورة المياه 000 إلخ 0

أمّا ( باترسون وآخرون ) فقد وصفوا أشكال السلوك العدواني كالتالي :ـ

1ـ السب والاستهزاء ، كأن يذكر الفرد الوقائع أو المعلومات بلجهة سلبية 0

2ـ التحقير ، وهو إطلاق العبارات والشتائم التي تنتقص من قيمة الطرف الآخر وتجعله موضعا للسخرية والضحك 0

3ـ الاستفزاز بالحركات ، كالركض في الغرفة أو الخبط على الأرض بقوة 0

4ـ السلبية الجسدية ، كمهاجمة شخص لآخر لإلحاق الأذى به 0

5ـ التدمير ، وهو تدمير أشياء لآخرين وتخريبها 0

6ـ التزمت بالآراء وطلب الإذعان الفوري من شخص آخر دون مناقشة 0


أسباب العدوانية :

اهتم علماء النفس بالعدوان وحاولوا تفسيره رغم اختلاف مدارسهم واتجاهاتهم ، وعلى الرغم من هذا الاهتمام إلا أن تفسيرات علماء النفس حول هذا السلوك متباينة ، ويرجع هذا التباين إلى الأطر النظرية التي تعتمد عليها كل نظرية أو مدرسة من مدارس علم النفس 0

1ـ النظرية السلوكية :
تنظر إلى السلوك العدواني على أنه سلوك تتعلمه العضوية ، فإذا ضرب الولد شقيقه مثلا وحصل على ما يريد ، فإنه سوف يكرر سلوكه العدواني هذا مرة أخرى لكي يحقق هدفا جديدا 0 من هنا ، فالعدوان هو سلوك يتعلمه الطفل لكي يحصل على شيء ما 0

2ـ نظرية التحليل النفسي :
يرى فرويد صاحب هذه المدرسة ، أن سلوك العدوان ما هو إلا تعبير عن غريزة الموت ، حيث يسعى الفرد إلى التدمير سواء تجاه نفسه أو تجاه الآخرين ، حيث إن الطفل يولد بدافع عدواني ، وتتعامل هذه النظرية كذلك مع سلوك العدوان بأنه استجابة غريزية وطرق التعبير عنها متعلمة ، فهي تقول : بأنه لا يمكن إيقاف السلوك العدواني أو الحد منه من خلال الضوابط الاجتماعية أو تجنب الإحباط ، ولكن ما نستطيع عمله فقط هو تحويل العدوان وتوجيهه نحو أهداف بناءة بدلا من الأهداف التخريبية والهدامة 0


3ـ النظرية الفسيولوجية :

يعتبر ممثلو الاتجاه الفسيولوجي أن السلوك العدواني يظهر بدرجة أكبر عند الأفراد الذين لديهم تلف في الجهاز العصبي ( التلف الدماغي ) ، ويرى فريق آخر بأن هذا السلوك ناتج عن هرمون التستستيرون حيث وجدت الدراسات بأنه كلما زادت نسبة هذا الهرمون في الدم ، زادت نسبة حدوث السلوك العدواني 0

4ـ نظرية الإحباط :

ترى هذه النظرية أن سلوك العدوان ينتج عن الإحباط ، أي أن الإحباط هو السبب الذي يسبق أي سلوك عدواني ، فالإنسان عندما يريد تحقيق هدف معين ويواجه عائقا يحول دون تحقيق الهدف ، يتشكل لديه الإحباط الذي يدفعه إلى السلوك العدواني ، لكي يحاول الوصول إلى هدفه أو الهدف الذي سيخفف عنده من مقدار الإحباط ، وقد يكون هذا الإحباط ناتجا عن المعاقبة الشديدة غير الصحيحة للعدوان في المنزل ، مما يسبب ظهور خارج المنزل 0 مع هذا ، فقد تبين بشكل واضح أن هذه النظرية غير كافية لتفسير جميع السلوكيات العدوانية 0

5ـ نظرية التعلم الاجتماعي :

ترى هذه النظرية بأن الأطفال يتعلمون سلوك العدوان عن طريق ملاحظة نماذج العدوان عند والديهم ومدرسيهم ورفاقهم ، حتى النماذج التلفزيونية 00 ومن ثم يقومون بتقليدها ، وتزيد احتمالية ممارستهم للعدوان إذا توفرت لهم الفرص لذلك 0 فإذا عوقب الطفل على السلوك المقلد فإنه لا يميل إلى تقليده في المرات اللاحقة ، أما إذا كوفيء عليه فسوف يزداد عدد مرات تقليده لهذا السلوك العدواني ، هذه النظرية تعطي أهمية كبيرة لخبرات الطفل السابقة ولعوامل الدافعية المرتكزة على النتائج العدوانية المكتسبة ، والدراسات تؤيد هذه النظرية بشكل كبير ، مبينة أهمية التقليد والمحاكاة في اكتساب السلوك العدواني ، حتى وإن لم يسبق هذا السلوك أي نوع من الإحباط 0


العلاج المقترح للطفل العدواني :

1ـ اشتراكه في إحدى الرياضات التي ممكن أن تفرغ الطاقة الموجود فيه ولكن عليك اختيار مدرب يستطيع التعامل مع الأطفال ويعلمه أهمية الرياضة ومتى يستخدمها 0

2ـ حاولي أن توسعي له دائرة صداقاته ليشعر انه محبوب 0

3ـ دعيه يمارس هواياته كالرسم واستخدام الحاسوب 0

4ـ إعطاءه الوقت الكافي ليعبر عن ذاته 0

5ـ راقبي تصرفاته واعرفي الظروف التي يظهر بها العدوان 0

6ـ استخدام التدعيم الإيجابي المستمر ، لكل سلوك ليس فيه عدوان 0

7ـ افهميه على الآثار السلبية للسلوك العدواني عليه وعلى أخوته وأصحابه 0

hglah;g hghktuhgdm g]n hgh'thg 2013