أهلاً بكم في منتديات مياسه






في قسم





روايات - قصص - حكايات






وضمن منتديات




•][• منتديات الملتقيات الأدبيــــــــه •][•




التابع لـ
منتديات مياسه






والذى يضم


محبرة شاعر - شعر - قصائد - poems

روايات - قصص - حكايات

خواطر - نثر - عذب الكلام


كعادة يتحسس جيوبه تائهاً ليبحث عن حلقة المفاتيح ليفتح الباب، دخل غرفته وأشعل الضوء، وضع حقيبته الشخصية على طاولة مكتبه، خطى عدة خطوات نحو زاوية الغرفة البعيدة ، أطال النظر إلى المدفئة التي وضعها في هذه الزاوية شتاء العام الماضي - وكأنه ينظر إلى جزء من روح شخص عزيزة عليه - أشعلها لتدفئ الجو البارد فهذه الأيام من السنة بداية فصل الشتاء، جلس على كرسيه الخاص بمكتبه بعد أن خلع معطفه وألقاه على المرتبة – عاد من عمله وقد أهلكه التعب الذي أصبح جزءاً من يومه المعتاد، فهو يعمل محامياً تحت التدريب وفي الفترة المسائية يعمل مصمماً في مجال الدعاية والإعلان– أخرج أوراقه المبعثرة من حقيبته فلم يدري أيهما جديدها من قديمها، أخرج منها ملفاً أزرق فيه أوراق وأوليات قضية كُلف بها، نظر إلى ساعته فقد كانت تشير إلى الحادية عشرة والربع مساءً.


.

حلقة المفاتيح 20692.jpg

.

بدأ بقراءة أوراق القضية أخذ قلمه ليُصيغ عريضة المرافعة حين سمع صوت طرق على الباب ، قال بصوت مرتفع : أدخل
أتى من ناحية الباب صوت رقيق عذب
- لقد جئت يا عزيزي ؟!
أجاب ولم يرفع ناظرة من على أوراقه – فقد كان يعلم أنها ستأتي في ميعادها
- نعم ، لم يمر على وجودي غير دقائق
وبصوت عليه نبره عتاب ملئُها حنان وهي ترفع معطفه ووضعته في مكانه المناسب
- إلى متى ستظل هكذا !! يجب عليك أن تغير عادتك الفوضوية
أبتسم من حديثها ، وهو يكتب بعض النقاط المهمة :
- تعلمين يا عزيزتي أن حياتي من دونك عبارة عن فوضى
- ابتسمت وقالت : لا أجد منك غير هذا الكلام الذي يصبرني عليك، هل أنت جائع؟
- لا يا عزيزتي ، فقد أكلت قبل أن آتي مع زميل لي بالعمل ، يا حبذا كوبً من الشاي أدفئ به جسمي
- سأحضره لك حالاً
- شكراً لكِ
مد بيده ليشعل جهازه المحمول - أعتاد حين يرجع للمنزل أن يتصفح صفحات منتديات حزن فقد كان مهتم بقسم الخواطر ومتابعة أعضاء يحملون أقلام بليغة ومبدعة ، فهو هاويً للكتابة – تفقد صندوق رسائله الواردة وجد إعلان عن مسابقة أفضل قصة يكتبها الأعضاء انتهى من قراءتها وهو يحدث نفسه – من أين أجد الوقت لكتابة قصة أشارك بها إضافة إلى أني لم أكتب قصه من قبل وليست القصة من نوع كتاباتي المفضلة – قطع حديثه صوت كوب الشاي حين وضعته على الطاولة
- تفضل يا عزيزي، أما زلت تتابع هذا المنتدى ؟!
- نعم يا عزيزتي ، لما سؤالك ؟!
- لأني أراه أشغلك عن عملك وأراه مجرد مضيعةً للوقت
- لكن به خواطر ومقالات رائعة تستحق المتابعة
- لا أدري ما الذي يعجبك بما تسمية خواطر، أراها كلمات وعبارات لا أفهمها، ما علينا أخبرني كيف كان يومك ؟
- كما تعلمين مابين المحاكم والمطابع وضجيج المكائن وأنتِ كيف كان يومك؟
- أبداً يا عزيزي لا جديد سوى أنني خرجت مع والدتك للسوق لقضاء بعض حاجيات المنزل ، أتعلم يا عزيزي ؟

.

حلقة المفاتيح 20693.jpg
.

- ما هو !!
- لما لا تأخذ إجازة من عملك نسافر فيها ، وتبتعد عن روتين يومك الشاق
قلب أوراقه باحثاً عن مستند هام يفيد ملف القضية وضع يده عليه ثم قال :
- وإلى أين نسافر ؟
- إلى أي مكان تريد الذهاب إليه فالغرض من السفر تأخذ فترة نقاهة وتجدد نشاطك
- لا أظنهم سيمنحونني إجازة فنحن على آخر العام ويجب أن ننهي أعمال العملاء، لكن سأفكر بالأمر
عم الصمت أرجاء الغرفة لدقائق ، وقالت بصوت شجي دافئ وهي تنظر إلى تفاصيل ملامح وجهه الوقور، وقد غزت بضعة شعيرات بيضاء شعره الأسود، وحجب لون عيناه ضوء منعكس من نظارته
- أتعلم أني احبك !!
- بلى أعلم يا عزيزتي، وأنا كذلك أحبك ومتيماً بكِ
- إلى أي قدر تُحبني ؟!
- أحبك إلى حد الجنون ، فأنا من دونك رجلاً مجنون
- لا تبالغ في وصفك لحبك لي يا عزيزي
- لم أبالغ فهذه هي الحقيقة
سكتت لبضع ثواني وقالت بنبره حادة وقد عقدت حاجبيها
- أتعلم أني ما عدت أتذكر ما لون عيناك فهما إما بين أوراقك وأما على جهازك!!
ارتفعت قهقه ضحكاته وهو يضع قلمه على أوراقه ، حين رفع نظره الذي فجأة أخترق الفراغ ، تجمدت الدماء في عروقه، تسمرت عيناه تجاه مصدر الصوت الذي كان يحدثه، اتسعت حدقتاه، ارتجفت شفتاه، تحولت الضحكة إلى حشرجات اختنقت في جوفه، أطبق صمت مخيف زوايا الغرفة الأربعة، لا يُسمع سوى دقات قلبه المتسارعه، مرت الثواني كالساعات والدقائق كالسنين، شق دفئ الغرفة برد قارس ارتجفت أطرافه، حاول إمعان النظر بأرجاء الغرفة باحثاً عنها، ركض من مكانه مسرعاً ناحية الباب فتحه كالمجنون نظر يمنة ويسرى، عاد بخطوات مثقله حاول أن يفسر ما حدث، تجمعت تعجبات كثيرة حملت معها أسئلة واستفهامات عجز فكره عن استيعابها لحظتها ظل واقفاً ، وقفت عيناه على كوب الشاي تقدم نظر إلى الكوب فلم يجد فيه سوى بقايا آثار شاي الأمس قد جفت.
.

حلقة المفاتيح 20694.jpg

.

جلس على حافة مرتبته أحنى ظهره ووضع رأسه بين كفيه ألتفت ناحية زاوية الغرفة البعيدة وأطال النظر، مرت الساعة تلو الساعة ولم يشح بنظره – فقد كان ينظر إلى المدفئة – عاد دفئ جسمه تدريجياً ذبلت جفنا عينيه أبتسم ابتسامة مرتعب، حاول جاهداً أن يلملم أشلاء روحه أخذ معطفه الذي ألقاه ووضعه في مكانه المناسب، بدل ملابسه وكأنه وضع من عليه قيوداً وسلاسل قيدته وضيقت صدره فاختلفت معها عظام أضلاعه، ألقى بجسده المنهك على مرتبته كمحارب انتهى من معركته الأخيرة، أحس وكأن طلقات نارية فجرت رأسه، وضع رأسه على الوسادة وهو يتمتم بكلمات خرجت حروفها حارة من شفتيه اللتان اكتستا بلون الشمع كمجنون .
- الجمادات لا تتكلم . الجمادات لا تتكلم . الجمادات لا تتكلم
نعم فالجمادات لا تتكلم، فقد زارته هذا العام وستزوره العام المقبل ، ستزوره كل ما أتى الشتاء، لأنها ذات يوم في فصل الشتاء الماضي وقبل أن تتركه وترحل، أهدت له مدفئة.

rwm pgrm hglthjdp