تخيل نفسك مكانها
جردوها من ملابسها بل من كل شي ثم حملوها إلى مكان مظلم

شدوا وثاقها وحرموها حواسها . وشعرت بأنها موضوعة على ما يشبه الهودج في ارتفاعه وحركته

سمعت صوت حبيبها وسطهم . ماله لا يعنفهم . ماله لا يمنعهم من أخذها

صوت الخطوات الرتيبة تمشي على تراب خشن . ونسائم فجرية باردة تلامس ثيابها البيضاء . ورغم أنها لا ترى الا أنها تخيلت الجو من حولها ضبابيا . وتخيلت الأرض التي هي فيها الآن أرضا خواء مقفرة

أخيرا توقفت الخطوات دفعة واحدة وأحست بأنها توضع على الأرض وسمعت الى جوارها حجارة ترفع وأخرى توضع ثم حملت ثانية وشاع السكون من حولها . وأحست بالظلام ينخر عظامها

ومن أعلى تناهى لسمعها صوت نشيج . انه ابنها نعم هو لعله آت لانقاذها

لكن . ماذا تسمع انه يناديها بصوت خفيض : أمي .

ومن بين الدموع يتحدث زوجها اليه قائلا :

تماسك انما الصبر عند الصدمة الأولى . ادع لها يا بني . هيا بنا .

غلبته غصة وألقى نظرة أخيرة على الجسد المسجى . فلم يتمالك نفسه أن قال بصوت يقطر ألما : لا اله الا الله . لا اله الا لله انا لله وانا اليه راجعون .

كان هذا آخر ما سمعته منه ثم دوى صوت حجر رخامي يسقط من أعلى ليسد الفتحة الوحيدة التي كانت مصدر الصوت والنور . والحياة .

صوت الخطوات تبتعد . الى أين أين تتركوني كيف تتخلوا عني في هذه الوحدة وهذه الظلمة

نظرت حولها فاذا هي ترى . ترى

أي شيء تستطيع أن تراه في هذا السرداب الأسود

ان ظلمته ليست كظلمة الليل الذي اعتادته . فذاك يرافقه ضوء القمر وشعاع النجوم

فينعكس على الأشياء والأشخاص

أما هنا فانها لا تكاد ترى يدها . بل انها تشعر بأنها مغمضة العينين تماما .

تذكرت أحبتها وسمعت الخطوات قد ابتعدت تماما فسرت رعدة في أوصالها ونهضت تبغي اللحاق بهم كيف يتركونها وهم يعلمون أنها تهاب الظلام والوحدة

لكن يدا ثقيلة أجلستها بعنف .

حدقت فيما خلفها برعب هائل . فرأت ما لم تره من قبل . رأت الهول قد تجسد في صورة كائن . لكن كيف تراه رغم الحلكة

قالت بصوت مرتعش : من أنت

فسمعت صوتا عن يمينها يدوي مجلجلا : جئنا نسألك

rwi [v],ih lk lghfsih