التعامل مع اكتئاب الزوج ، كيف تتعاملين مع اكتئاب زوجك ، التغلب علي الاكتئاب





طريقة التعامل الزوج المكتئب 1303050436171V9c.gif
حين يغرق أحد الزوجين في حالة من الاكتئاب، تتعرّض العلاقة الزوجية لتقلّبات كثيرة. كيف يمكن مساعدة الشريك الذي يبدو فجأةً بعيداً جداً عنّا؟ إنها مشكلة صعبة لكن يمكن مقاومتها بالصبر والحب ومساعدة علماء النفس.
تروي منيرة سلام، (27 عاما)ً، تجربتها حين أصيب زوجها بحالة اكتئاب: «شعرتُ بأنه مفصول عن الحياة! لم يعد يساعدني في الأعمال اليومية ولا يأخذ أيّ مبادرة، ولم يعد يرغب في أيّ شيء ولا حتى فيّ». من العلامات التي تدلّ على حالة الاكتئاب، غياب الرغبة في القيام بأيّ شيء، الخمول، وعدم القدرة على تنفيذ المشاريع. غالباً ما تترافق هذه العوارض مع الأرق وفقدان الشهيّة. نلاحظ تدريجاً أن الشريك يعزل نفسه عن العالم ولا نعود قادرين في هذه الحالة على التواصل معه بشكل طبيعيّ لأننا نواجه حاجزاً من الحزن والإحباط. كيف يمكن التعامل مع هذا التغيّر الجذري في حياة الشريك وفي الحياة الزوجية عموماً؟
غالباً ما يقع سوء تفاهم في المرحلة الأولى. في الواقع، الاكتئاب حالة شائعة جداً في مجتمعاتنا، لكننا لا نتعرف عليها بالضرورة إذا أصابت شخصاً مقرّباً منّا.
ما الذي يجب فعله؟
لمواجهة الحزن الشديد الذي يعاني منه الشريك، يميل الطرف الآخر إلى الشعور بالذنب متسائلاً: «ماذا فعلتُ له؟ هل توقّف عن حبّي؟» قد تخطر هذه الأسئلة تلقائياً على بال هذا الأخير الذي يشعر بأنه وحيد في مواجهة وضع مؤلم أقوى منه. غالباً ما يُفسَّر تراجع الرغبة الجنسية لدى الشخص المصاب بالاكتئاب برفض حبّ الآخر. تتذمّر المرأة مثلاً من رفض زوجها لها في كلّ مرّة تتقرب فيها منه، فتشعر بأنه أسير عالمه الخاص وتحسّ بالغضب والحزن كونها تتعرّض للرفض. نتيجةً للامبالاة الزوج، تتراجع ثقتها بنفسها وتعيش حالة صعبة للغاية! في الواقع، تُعتبر العدائية والرغبة في «تعنيف» الشريك لإيقاظه من حالته من أسوء الوسائل لترميم التوازن المفقود في حياته. لا شك في أننا سنرغب في حثّه على التحرّك والتوقف عن الإصغاء إلى نفسه والتفكير قليلاً بالآخرين. تدلّ هذه السلوكيّات كلّها على أننا نبتعد أكثر عن الشريك وأننا نريد تجنّب الاقتراب منه في معاناته. كذلك تدلّ على آليّاتنا الدفاعية تجاه الاكتئاب. على الرغم من مشاعر الغضب والانزعاج، نرغب في غالبية الأحيان بمساعدة الشريك المصاب بالاكتئاب للتخلّص من حالته. لكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟
استعادة الشعور بمتعة الأمور
وفقاً لعلماء النفس، الاكتئاب حالة مرضيّة تقلب حياة الشخص جذريّاً. لا يجب التعامل مع هذا الأخير وكأنه لا يزال يتمتّع بقدراته الاعتيادية، بل ينبغي التحلّي بالصبر وعدم إظهار ضعفنا الخاص أمام الشريك. لا بدّ إذاً من التعامل معه بلطف وحذر. يمكننا أحياناً دعوته للخروج مثلاً. حتى لو كان الشخص الكئيب لا يرغب في القيام بأيّ شيء في البداية، قد يشعر بتحسّن ما إن يبدأ بممارسة نشاط معيّن. يمكن أن نعرض عليه تذاكر لحضور عرض معيّن، أو تناول العشاء في مطعم مع أفضل أصدقائه.
تُعتبر استعادة الشعور بمتعة الأمور استراتيجيّة جيّدة لمساعدته على الاحتكاك مجدداً بالحياة. وإذا استعاد الابتسامة أو أحرز أيّ تقدّم، يجب أن يسمع ملاحظات إيجابيّة عن تحسّن وضعه حتى لو كان التقدم بسيطاً.
تجنّب عزل الشريك
الاكتئاب مرض يمكن معالجته، سواء عبر تناول أدوية يصفها المعالج النفسي أو عبر الخضوع لعلاج نفسي، أو اعتماد الطريقتين معاً. بعد مقابلة المحلل النفسي أو اتّباع العلاج النفسي، يفهم المريض حالة الاكتئاب التي يعيشها، وبالتالي يتقبّلها بشكل أفضل. يمكن أن تحصل الجلسة على انفراد مع المعالج النفسي أو بوجود الشريك الآخر. تروي إحدى السيّدات أنها شعرت بالارتياح بعد موعدها مع المعالج النفسي الذي يعالج زوجها، فقد تمكّنت من التعبير عن الانزعاج الذي تشعر به وحصلت على أجوبة وافية حول حالة زوجها، ما ساهم في طمأنتها. للاكتئاب نزعة قويّة الى غزو حياة جميع الأشخاص في محيط المريض. إذ ينطوي هذا الأخير على نفسه ويصبح شريكه بدوره منعزلاً عن الحياة الاجتماعية. لتفادي انتقال هذه «العدوى» إلى الطرف الآخر من العلاقة، لا بدّ من التفكير بالنفس وعدم إهمالها. تخبر امرأة عانت من التجربة نفسها أنّ ما أنقذها من الوقوع ضحيّة للاكتئاب هو المحافظة على حياتها الخاصّة، بمعزل عن حياة زوجها: « تابعتُ مقابلة أصدقائي وحياتي المهنيّة، فنجحت باستعادة التوازن.» يؤكّد علماء النفس ضرورة المحافظة على هذه الاستقلاليّة. بالتالي، لا يجب بناء الحياة حول اكتئاب الشريك، بل ينبغي ممارسة نشاطات فرديّة، ما يساعد في تشجيع المريض على التنشّط.
خطوة نحو العلاج
الاكتئاب أنواع عدّة ولكلّ حالة خصائصها. تتوقف الفترة اللازمة لمعالجة الحالة على الأسباب التي أدّت إليها: حدث مؤلم (حداد، بطالة، صدمة نفسيّة) أو عامل بيولوجي. كذلك ترتبط مخاطر انتكاس الوضع على كلّ حالة. أهمّ ما يجب فعله هو استشارة طبيب مختصّ قادر على إيجاد الحلول المناسبة. بالنسبة إلى الشريك، لا بدّ من التحلّي بالصبر والكثير من الحب! يحتاج الشخص الكئيب إلى عاطفة قوية لمساندته، لكن من دون الشعور بالشفقة عليه. الأمر أبسط مما نتصوّر! علينا أن نحاول مساعدته بجميع الطرق من دون الاستسلام. ببساطة، من المهمّ طمأنته والتعبير عن الحب تجاهه ومساندته حتى النهاية.
رأي المحلّلين النفسيّين
- حين يعاني أحد طرفي العلاقة الزوجية من الاكتئاب، هل يمكن للطرف الآخر مساعدته؟
الأمر ممكن جداً، حتى لو كان الاكتئاب مشقّة يعاني منها الطرفان. لا يشعر الشخص الكئيب بالمتعة تجاه أيّ نشاط، ولا شيء يرضيه. فيتساءل دوماً: «هل يستحقّ ذلك العناء؟» لا يجب الإصرار عليه لتخطّي حالته، فقد يحبط ذلك من معنويّاته. يجب تذكيره بالأمور التي كان يستمتع بها سابقاً، ودعوة أصدقاء قدماء له مثلاً، أو الخروج معه إلى المطعم. من المهمّ ملاحظة التغيّرات التي تطرأ على حالته ومناقشة الأمر معه.
- كيف نحتمي من انتقال اكتئاب الشريك إلينا؟
علينا أن نخصص وقتاً لأنفسنا، لتفادي انتقال «عدوى» الاكتئاب إلينا. إنها وسيلة لنكون حاضرين فعلياً لمساندة الشريك. لا فائدة أبداً من تكريس النفس كلياً لمساعدة المريض، وقد يؤدي ذلك إلى نتائج معاكسة مثل النزعة إلى جعل الآخر يدفع ثمن تنازلاتنا. من المفيد مرافقة الشريك إلى المعالج النفسي لتقبّل الاكتئاب بشكل أفضل وللاستماع إلى تفسير الحالة الطبيّ. حين نمرّ بمرحلة صعبة، نتحلّى بشجاعة أكبر، لاسيّما إذا تحضّرنا كما يجب للمرحلة التي تنتظرنا.
- هل يمكن الشفاء من الاكتئاب؟
قد تصبح حالات الاكتئاب التي تعود إلى أسباب بيولوجية ووراثية وضعاً مزمناً، لكن ظهرت أدوية حديثة لتحسين العوارض بشكل ملحوظ. أما حالات الاكتئاب التي تحدث كردّة فعل على حدث معيّن (بطالة، وفاة، فشل كبير)، فيمكن الشفاء منها. في المقابل، يصبح الشخص الذي يتغلّب على الاكتئاب قادراً على تغيير نظرته إلى الوجود ويتحصّن ضدّ المشاعر السلبيّة.
ليلى، 30 عاماً: «شعرتُ بالسوء والكآبة والغضب!»
«أصيب زوجي بالاكتئاب حين صُرف من عمله. فجأةً، اختفى كلّ ما كان يعجبني في شخصيّته. لم أعد أعرفه! فَقَدَ الرغبة في كلّ شيء. كلّما حاولت إثارة اهتمامه بأمر معيّن، كان يظهر لي عدم اكتراثه. في البداية، شعرت بالحيرة بعض الشيء. ظننتُ أنها مرحلة عابرة وأنه بحاجة إلى الراحة. لكن خلال بضعة أشهر، لاحظتُ أنّ حالته لم تتبدّل، فحاولت تنشيطه عبر دعوته للخروج. حاولتُ إيجاد أفلام وكتب لمؤلّفين يحبّهم. أردت إثارة اهتمامه من خلال أمور ونشاطات تعيده إلى الحياة الطبيعية، لكنّ ذلك لم ينفع. بما أنني استنفدت طاقتي كلّها في محاولة مساعدته، لكن من دون جدوى، شعرتُ بالسوء والكآبة والغضب! فبدأتُ أهتمّ قليلاً بنفسي، لكني قلتُ له أنه سيجدني دوماً إلى جانبه في اليوم الذي يحتاج فيه إليّ. كان هذا كلّ ما يمكنني فعله! اليوم، وجد زوجي عملاً صغيراً يساعده في استعادة حياته تدريجياً. لا نزال في البداية طبعاً، لكنه بدأ يتغيّر نحو الأفضل، ولم يعد يشعر بالمرارة التي كان يعاني منها. صحيح أنه يتذمّر طوال الوقت، لكنه يؤكد أنه سيخرج من هذه المحنة!»












'vdrm hgjuhlg lu hg.,[ hgl;jzf