( 50 )

Subjectنصيحة من ذهب : خذي اللي يحبك ، ولا تاخذين اللي تحبينه : انقر هنا للاستماع إلى الأغنية وش أخباري ؟ وش أخباري! شِ الطاري ؟ من اللي شاغل الي شاغلك عني عسى ما شر وش خلالك تذكرني ؟ بعد ما اعتدت هجراني ليه تجدد أشجاني بعدها تروح وتنساني وترجع لي بعمر ثاني تسألني عن أخباري وش أخباري أبد ! على حطة يدك لو كان هذا يسعدك ما شَي تغير للأسف لليوم كلي في دبرتك صدقني لو كان بيدي أنا تركتك من زمان تسألني شِ اللي حدني شِ اللي جبرني أني أحبك ياللي خذاني مني حبك رجعني لي أرجوك حلفتك بربك ! وش أخباري ؟ هاذي أخباري ! لكن با سألك بالله شِ الطاري ؟ ذكرى أعترف بأن انغماسي في قصص صديقاتي طوال عام كامل جعلني من أولئك الفتيات اللواتي يعرفن تماماً ماذا يردنَ : أريد حباً يملؤ القلب أبداً مثل حب فيصل وميشيل . أريد رجلاً يحنو علي ويرعاني مثل رعاية فراس لسديم . أريد أن تكون علاقتنابعد الزواج غنية وقوية مثل علاقة نزار بلميس ، وأن أرزق منه أطفالاً أصحاء مثل طفل قمرة من راشد ، أحبهم كما أحبه ، ليس لمجرد كونهم أطفالي ، بل لأنهم جزء منه .

** بعد حفل التخرج بيومين ، عادت سديم إلى الخبر ودعت طارق ليشرب فنجاناً من القهوة معها في بيته ، في ليلة تذرعت فيها بالمرض حتى لا تذهب مع خالتها وزوج خالتها وبناتهما إلى حفل عشاء في منزل أحد الأقارب ، ولأول مرة تجد نفسها محتارة فيما ترتديه أمامه ! وقفت أمام مرآتها لساعات وغيرت ما ترتديه ورفعت شعرها وأطلقته عشرين مرة وهي ما تزال تفكر فيما تقوله . كان قد أمضى أكثر من أسبوعين في الرياض بانتظار ردها بخصوص ارتباطهما ، وبدأت هي تشعر بالخجل لترردها فطلبت منه العودة دون أن تفصح له عن كونها لم تصل حتى الآن إلى نتيجة حاسمة . تتذكر سديم نصيحة قمرة التي لا تنفك عن تكرارها كلما اجتمعت بها : (خذي اللي يحبتس ولا تاخذين اللي تحبينه) . اللي يحبتس يحطتس بعيونه ويسعدتس ، لكن اللي انتِ تحبينه يمرمطتس ويلوعتس ويخليتس تركضين وراه ، ثم يخطر ببالها حديث ميشيل عن الحب الحقيقي والذي لا يعوض بحب (أي كلام) ، وتر إلى مخيلتها صورة لميس وهي تضحك في زفتها فتزداد حيرة فوق حيرتها . ترن دعوة أم نوير في أذنيها (الله يعطيج على قد نيتج) فتطمئن قليلاً ويهدأ اضطرابها . عندما صافحته أبقى كفها في كفه أكثر من المعتاد ، وهو يحاول قراءة ردها على طلبهفي عينيها . قادته نحو غرفة الضيوف وهي تضحك من شكله وراءها وهو يحاول (تصريف) أخيه الصغير فهد ، الذي يُصرُ على الهرب من أيدي المربية والدخول معهما إلى الحجرة . لم تكن جلستهما هذه المرة كجلساتهما السابقة قبل سنوات . لم يلعبا المنوبولي ولا الأونو ، ولم يتشاجرا حول من يحق له الإمساك بالريموت كونترول أمام التلفاز ، حتى شكلاهما كان مختلفين عما تعودا عليه ، كانت سديم ترتدي تنورة بنية من الشامواه تصل إلى الركبة مع قميس حريري بلون الزهر الفاتح بلا أكمام ، وفي قدميها التي تتزين إحداهما بخلخال فضي كانت ترتدي كعبين زهريين يكشفان عن أصابعا لتبدو أظافرها المقصوصة بعناية والمصبوغة أطرافها على طريقة الفرينش مانيكير ، بينما ارتدى هو شماغاً مع الثوب وهو الذي لا يرتدي الشماغ إلا في الأعياد ، وفاحت منه رائحة البخور الطيبة . شيء واحد لم يتغير ، لم ينس طارق أن يجلب لها معه وجبة البرجر كنق التي تحبها . راحا يتناولان عشاءهما في غرفة الضيوف بصمت ، وكل منهما غارق في أفكاره. كانت سديم تحاور نفسها بحسرة :ليس هذا ما كنت أحلم به طوال عمري . طارق ليس بالشخصي الذي سأبكي فرحاً يوم عقد قراني عليه ! إنه إنسان لطيف ، إنسان عادي . زواجي من طارق لا يستلزم سوى ثوب زفاف مبهر وجهاز مرتب وحفل زواج في قاعة فخمة . لن يكون هناك فرح ولا حزن ، سيكون كل شيء عادياً مثل حبي له . مسكين يا طارق . لن أشكر ربي كل صباح عندما أجدك إلى جانبي في السرير . لن أشعر بفراشات في معدتي كلما نظرت إلي . يا للحزن . يا للاشيء !! . بعد انتهائهما من تناول العشاء حاولت ترطيب الجو المتوتر بينهما : - أجيب لك حاجة تشربها يا طارق ؟ شاي ؟ قهوة ؟ حاجة سقعة ! رهن هاتفها الجوال الموضوع أمامهما فوق المنضدة الرخامية . اتسعت عينا سديم من الدهشة وشعرت بقلبها ينحشر في حلقها عندما قرأت رقم المتصل الظاهر على الشاشة! كان رقم جوال فراس الذي محت اسمه من جهازها منذ انفصالهما (الأخير)! نهضت مسرعة وغادرت الغرفة لترد على هذه المكالمة المفاجئة في هذا الوقت بالذات ! هل علم فراس بأمر طارق فاتصل ليؤثر على قرارها ؟ ما هذا الفراس الذي يعرف كل شيء ويأتي دائماً في أوقات مؤثرة !؟ - سدومة . وش أخبارك ؟ - وش أخباري ؟! سمعت صوته الذي لم تسمعه منذ زمن فغار قلبها . توقعت أن يسألها عن طارق لكنه لم يفعل ، بل راح يصف لها رؤيته إياها قبل يومين في أحد الفنادق مع صديقاتها . سألته بنفاذ صبر وهي تراقب طارق من مكانها في غرفة المعيشة وهو يفرُك كفيه بقلق بانتظارها : - الحين أنت متصل عشان تعلمني إنك شفتني ؟ - لا . أنا بصراحة متصل عشان أقول لك ، إني اكتشفت . إني حاس - بسرعة ترا ماني فاضية ! - سديم ! متعتي خلال مكالمة واحدة لك أكبر من المتع اللي عشتها مع زوجتي من يوم ما تزوجنا ! - بعد قليل من الصمت : أنا حذرتك ، بس انت اللي قلت إنك تقدر تعيش هالنوع من الحياة ، لأنك قوي ، ولأنك رجال ! - سدّومة حبيبتي ، أنا مشتاق لك ، ومحتاج لك ! محتاج لحبك . - محتاج لي كيف يعني ؟ هل تعتقد إني راح أقبل أرجع لك مثل أول بعد ما تزوجت؟ - أنا عارف أن هذا مستحيل . علشان كذا . أنا متصل أسألك . تتزوجيني ؟ أقفلت سديم الخط في وجه فراس للمرة الثالثة في حياتها . كان يتحدث إليها وكأنه واثق من أنها لن تصدق عرضه السخي وستخر أمامه بموافقتها في ثوانٍ ! التفتت نحو طارق فوجدته قد رمى شماغه وعقاله على ذراع الأريكة وراح يفرك شعر رأسه بكلتا يديه بتوتر واضح . ابتسمت ودخلت المطبخ لتحضر له المفاجأة الأجمل في حياته . دخلت عليه وهي تحمل صينية عليها كأسان من عصير الفيمتو المخفف بالكثير من الماء حتى أصبح لونه أحمراً مثل الشربات . رفع رأسه إلهيا فوجدها مطأطأة رأسها وهي تبتسم بخجل مصطنع كما في أفلام الأبيض والأسود . وضعت الشربات أمامه وهو مستغرق في الضحك ، وراح هو يقبل يديها والهاتف الذي تمسك به وهو يردد فرحاً : ليتك داق من زمان يا شيخ !
بينــــي وبينكـــــم لميس (التي تحمل اسماً آخر في الحقيقة كبقية صديقاتي في هذه الرسائل) اتصلت بي بعد الإيميل الرابع من كندا ، وحيث تتلقى هي ونزار دراستهما العليا ، لتهنئني على فكرة الإيميلات الجريئة . ضحكت لميس كثيراً من الاسم الذي اخترته لأختها (تماضر) حيث أنني أعرف مسبقاً أن أختها تكره هذا الاسم وأن لميس تناديها به كلما حاولت إغاظتها! أخبرتني لمّوسة أنها سعيدة مع نزار باشا وأنها قد أنجبت طفلة جميلة أسمتها على إسمي . قالت لي سمسم : إن شاء الله بس ما تطلع البنت مجنونة زيك ! أعجبت مييل بالقصة كثيراً وأثنت على طريقتي في السرد وكانت تساعدني باستمرار على تذكر الأحداث التي تغيب عن ذهني وتصحح لي النقاط التي أذكرها بشكل خاطئ أو غير واضح ، مع أنها لم تكن تفهم بعض كلماتي الفصحى وتطلب مني أن أزيد من استخدامي للغة الإنجليزية على الأقل في الإيميلات التي تتحدث عنها حتى تتمكن من فهمها بشكل جيد ، وقد فعلت ذلك من أجلها . سديم لم تفصح لي عن مشاعرها الحقيقية في بداية الأمر ، حتى ظننت أنني قد خسرتها بعدما أوردت قصتها في إيميلاتي ، لكنها فاجأتني في أحد الأيام بعد إيميلي التاسع والثلاثون بهدية ثمينة ، هي دفترها السماوي الذي لم أكن لأعرف عنه لولا أن أهدتني إياه قبل عقد قرانها على ابن خالتها لأحتفظ به ، ولأنقل منه مشاعرها كما كانت تسطرها في تلك الحقبة المؤلمة من حياتها . أبدلها الله خيراً من فراس وجعل زواجها مباركاً وماحياً لكل ما سبقه من تعاسة وأحزان . قمرة سمعت عن الإيميلات من أختها التي عرفت أن أختها هي المقصودة بقمرة منذ بداية الإيميلات لكنها لم تعرف أياً من صديقاتها أكون . ثارت قمرة علي وهددتني بقطع علاقتها بي إن لم أنقطع عن التشهير بها . حاولت أن أقنعها أنا وميشيل لكنها كانت خائفة من أن يعرف الناس مالا تريد – أو ما لا يريد أهلها – للناس أن يعرفوه عنها . قالت لي كلاماً جارحاً في آخر اتصالاتها وأخبرتني بأنني قد ( قطعت رزقها ) وقطعت بعدها كل صلة لها بي رغم توسلاتي واعتذاراتي المتكررة . منزل أم نوري ما زال ملتقى للأحبة ، وقد كان الاجتماع الأخير للصديقات الأربع فيه في عطلة رأس السنة عندما عادت لميس من كندا وميشيل من دبي لحضور حف زفاف سديم إلى طارق ، الذي أصرت سديم على إقامته في منزل أبيها بالرياض ، والذي عملت على تنظيمه أم نوير بمساعدة قمرة . لقد قررت أخيراً أن أكشف لكم عن هويتي بعد أن يتم طبع هذه الرسائل كرواية مثلما اقترح الكثيرون ، لكنني أخشى مغبة تسميتها رواية ، فهي مجرّد جمع لهذه الإيميلات المكتوبة بعفوية وصدق . إنها مجرد تأريخ لجنون فتاة في بداية العشرينات ، ولن أقبل إخضاعها لقيود العمل الروائي الرزين أو إلباسها ثوباً يبديها أكبر مما هي عليه ! أريد أن أنشرها كما هي بلا تنقيح ، سمك لبن تمر هندي ! إنها طفلي الذي يعز عليّ فطامه بعد سنة من الرضاعة ، فأرجوكم ، كونوا لطفاء مع هذا الصغير ! ماذا تقترحون علي أن أسميه أو أسميها ؟ كنت أفكر في اسم مكون من كلمتين ثانيهما معرف بأل ، مثل أسماء مسلسلات رمضان الخليجية : غربة الأيام ، دروب الآه ، القدر المكتوب ، دنيا الحزن ، بعض الفتات ، جرح الندم ، أم هل أبحث عن اسم من نوع؟ هل أسميها : رسائل عن صديقاتي ؟ سيرة وانفضحت ؟ أربع بنات ؟ ذهبن مع الريح ؟ رسائل عابثة ؟ فتش عن صديقاتي ؟ ابحث عن فضولي ؟ أين المفر ؟ رسائل من صديقة ؟ أنا وبس والباقي خس ؟ ما شربش الشاي أشرب قازوزة أنا ؟ فوق هام السحب ؟ أعيدوا لي صديقاتي ؟ كيف تعيش صديقاتي ؟ قصة صديقاتي ؟

** كفارة المجلس أو ( دعاء الحش) كما تسميه صديقاتي : سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك



انتهت