من اجل نوم مريح وعميق



يعد المنزل مملكة كل شخص، إذ يشعر فيها بالخصوصية والراحة، لكن ماذا إذا كان ساكنوا المنزل لا يشعرون بالراحة حتى وقت النوم، على الرغم من عدم المعاناة من مرض ما أو عدم وجود ضوضاء أو أي مصدر إزعاج آخر؟
قليلون هم من يخطر في ذهنهم وقت سماع هذا التساؤل أن الإجابة تكمن في عوامل عدة يجب مراعاتها وقت تجهيز المنزل تمنح الراحة لساكنيه وتقيهم الامراض والحساسية، مثل المواد المستخدمة في عملية البناء ودهانات الجدران والرطوبة والإشعاعات الأرضية والاصطناعية وموقع الفراش. وينصح الخبير في الجيوبيولوجيا (البيولوجيا الأرضية)، ماريانو بوينو، بالنوم على محور الشمال ـ الجنوب من المجال المغناطيسي للأرض، بحيث يكون الرأس في اتجاه الشمال، إذ إن الجسد يعد مجالاً مغناطيسياً أيضاً.
منذ عقود تهتم عملية بناء المنازل بشكل عام بالنفقات على حساب مصدر المواد المستخدمة في أعمال التشييد ومكوناتها، لكن بداخل منزلنا يمكننا اجراء تغييرات تقضي على عوامل غير صحية تتسبب على المدى الطويل في الإصابة بأمراض وحساسية.
ويفيد بوينو بأن العوامل التقليدية لتلوث المنزل تكمن في الجراثيم والبكتيريا والقذارة والعث. ويعد العاملان الاخيران تقليديين عندما لا يوجد مجال صحي، وينتشران في العديد من المنازل الحديثة بسبب زيادة الرطوبة، لانه كما يؤكد الخبير «يتم استخدام دهانات بلاستيكية للجدران ومواد عازلة، هذا بجانب الرطوبة التي يحدثها النشاط البشري، والتي يمكن أن تسبب الحساسية وأمراضاً أخرى».
كما يشير إلى وجود مشكلات مرتبطة بالمواد الكيميائية لبعض مواد البناء مثل البينزول التي يمكن ان تكون سامة أو تؤدي للإصابة بحساسية، فوفقاً للخبير، تسبب التعرض لهذه المواد لسنوات عدة في زيادة انتشار حالات الإصابة بـ«الحساسية الكيميائية المتعددة، أي فرط الحساسية تجاه الأوساط الكيميائية».
ويوصي بوينو بتقليل الاعتماد على المواد الكيميائية وغير الطبيعية في البناء ودهانات الجدران، والاستعاضة عنها بأخرى صديقة للبيئة بقدر الإمكان.
لكن ما مواصفات المنزل الصحي في نظر الخبير؟


رداً على هذا السؤال يجيب «انه المنزل الذي يساعد على الاستمتاع بالحياة والصحة، ويجمع سلسلة من الظروف والعوامل التي تعزز رفاهية سكانه».
وأضاف أنه دائماً ما نوفر النقود في دهانات الجدران وبدلاً من اختيار الصديقة للبيئة أو دهانات السيليكات التي ليست مولدة للحساسية، نقوم بشراء الدهانات البلاستيكية التي يمكن أن تؤدي للإصابة بالحساسية، كما انها لا تجعل الجدران تتنفس.
وأشار ماريانو بوينو «الأولوية بالنسبة إلينا هي الصحة والرفاهية داخل المنزل. توجد قاعدة ظهرت بداية القرن الماضي وكانت أساسية، لكننا ننساها الآن وهي تتلخص في العبارة التالية: «المكان الذي تدخله الشمس لا يدخله الطبيب».
وأوضح في هذا الصدد أن المنزل يجب أن يكون معرضا للشمس، لان دخول أشعة شمسية لمكان يصبح معقماً، والهواء الذي تتخله أشعة الشمس يكون مطهراً.
وينصح الخبير بأن يكون الفراش موجهاً ناحية الشمال، مبرزاً أن 90٪ من الحيوانات الطليقة حين تنام تميل إلى وضع اجسادها على محور الشمال ـ الجنوب من المجال المغناطيسي للأرض، واجسادنا هي الأخرى تعد مجالاً مغناطيسياً يستغل المجال المغناطيسي للأرض خلال النوم مع الرأس في اتجاه الشمال».
الحرارة والرطوبة
تعد الرطوبة والجفاف عاملين يتعين الحفاظ على توازنهما من اجل عدم تغيير ظروف الراحة، ويرى الخبير بوينو، انه عادة لا نأخذ في الاعتبار عامل درجات الحرارة والرطوبة، مشيرا إلى انه في الحالات التي تكون فيها معدلات الرطوبة النسبية منخفضة، خصوصاً في المكاتب، تتولد الكثير من الكهرباء الساكنة التي تثير ألما في الرأس وتهيجاً في العينين، ما يتحول إلى عامل من عوامل الإصابة بالتوتر.
على العكس، فعندما يتجاوز معدل رطوبة الجو 70٪ أو 80٪، فإن التأثير يكون عكسيا وتصبح درجات الحرارة اكثر سخونة ويصعب التنفس. وأوضح أن الرطوبة أو الجفاف يتم علاجهما من خلال تهوية المنزل، لكن في الطوابق المنخفضة حيث يوجد معدل رطوبة اكبر فإن المطلوب هو مجفف مزيل للرطوبة، وفي المناطق التي يكون فيها الهواء جافاً تكون الحاجة لجهاز مرطب للجو، مشيرا إلى انه دائما ما يوصى بوضع مقياس للرطوبة لمعرفة ما إذا كانت نسبتها أعلى أو اقل من التي ينصح بها».
أشعة
يرى ماريانو بوينو ان العوامل التي تدرس بشكل اكبر في الجيوبيولوجيا هي المخاطر المرتبطة بالاشعة سواء الطبيعية مثل النشاط الإشعاعي لبعض المواد تحت سطح الأرض أو الاصطناعية.
ويوضح ان هناك بعض الأشخاص الذين يصعب عليهم التنفس بسبب الأشعة الناجمة عن بعض المواد، مشيراً إلى انه «عندما يتعرض الشخص لهذه الحالات، فإن النصيحة تكمن في تغيير المواد السامة بأحجار جيرية أو رخام أو أخشاب ومواد عضوية لا تنجم عنها اشعاعات».
وأضاف ان «هناك اشعة اخرى تنجم عن تحت سطح الارض عندما يبنى المنزل على شقوق في الطبقة الجيولوجية، حيث يمكن ان تخرج اشعة غاما التي تتوغل في مناطق معينة، وفي حال توافقها مع وضع فراش او مكان نظل فيه ساعات عدة، ثبت أنها تزيد حالات الإصابة بالأمراض بجميع انواعها وأحيانا الخطيرة منها».
وأضاف «نصيحتنا تكمن في ضرورة البحث عن الاماكن في المنزل الذي تقل فيه الإشعاعات الأرضية لتغيير موقع الأسرة».
ويؤكد الخبير انه «احيانا الاشعاع لا يكون طبيعياً ولا يأتي من الأرض، بل يكون اصطناعياً، وهو ما تنتجه التكنولوجيا الحديثة، ويمكن ان ينجم من خارج المنزل أو داخله، وينتج عندما تكون المساكن قريبة من خطوط الضغط العالي أو محركات كهربائية. ولتفادي اضرار هذه الإشعاعات يتعين علينا اتخاذ اجراءات بسيطة مثلما نصح ماريانو بوينو بأنه بعد تحديد انها تصدر من الخارج، يجب الابتعاد عنها بأكبر قدر ممكن، لأن شدة الاشعاع تنخفض بالمسافة، كما يجب البحث عن غرف تكون أكثر بعداً من بؤرة الاشعاع، لكن في معظم الحالات ما نجده هو أن مصدر الاشعة يوجد بداخل المنزل.
ويوضح الخبير «المحول الكهربائي وشاحن الهاتف المحمول والمنبه الذي نضعه فوق الفراش، كلها أجهزة تولد مجالاً كهرومغناطيسياً يحول دون النوم بشكل مريح وعميق». وحول الحلول، يشير بوينو إلى ان الخطوات التي يجب اتباعها بسيطة للغاية، فعلى سبيل المثال الأشخاص الذين يستيقظون في الصباح وهم يشعرون بالإرهاق يمكنهم ببساطة فصل التيار الكهربائي عن الغرف خلال الليل. وسيلاحظون تحسناً ملموساً.
وتكمن الخطوة الثانية بعد فصل التيار الكهربائي في تغيير موقع الفراش أو تغيير الغرفة.
ساعات الفجر
في حال ارتباط هذه الاختلالات بأشعة طبيعية، فإن الخبير يوصي بملاحظة اذا ما كان الشخص يستيقظ بين الساعة الثانية والرابعة فجراً عندما توجد مزيد من الاشعة وتصدر الارض اشعتها، بشعور الإرهاق نفسه، فحينها يمكننا الاشتباه في أن الفراش موضوع في منطقة فيها إشعاع، وإذا قام بنقل مكانه فإنه سيشعر بتحسن، ما يقود إلى استنتاج أن الخلل كان مرتبطا بإشعاعات أرضية.
وأضاف «اننا ننصح بأن تستمر فترة التغيير 21 يوماً، لانه عندما يكون الشخص قد نام لفترة كبيرة في منطقة توجد بها إشعاعات، فإن هذه الإشعاعات قد تكون تراكمت في جسده، ما يجعله يحتاج وقتا لتفريغها».

lk h[g k,l lvdp ,uldr